الوقاية من مرض كورونا في السنة النبوية

محمد بن خالد الخضير
1441/07/10 - 2020/03/05 17:36PM

الخطبة الأولى

 ان الْحَمْد لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"

أَمَّا بَعْدُ: عباد الله، لاشيء يطمئن القلب حين الملمات، والأخبار المفجعة؛ مثل ذكر الله -تعالى-، والتوكل عليه، والإيمان بقضائه وقدره، وقد قال تعالى:(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) [التغابن: 11].وقال تعالى:(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)[التغابن: 11]. يهدي قلبه للسكينة والرضا دون الفزع والسخط، قال عكرمة: "(وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) أي يسكن ويطمئن قلبه لقضاء الله وحكمه".

فالأمور كلها بيد الله، وطوع تدبيره وتسخيره، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا عاصم إلا الله: (قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً)[الأحزاب: 17].

وكما علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: في سنن الترمذي، قال: "كنت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما، فقال: "يَا غُلَامُ! إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ".

هذه النصوص تعنى بضبط القلب، حين الخوف والفزع، وتجعله يلجأ إلى خالقه، ويطمئن إلى قضاءه.

عباد الله، فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة؛ بل لا يرى إلا عبر مجهر إلكتروني يكبر آلافَ المرات، مات بسببه مئات الأشخاص، ذلكم هو فيروس كورونا، الذي أصبح حديث الإعلام، وحديث الناس هذه الأيامِ.

ولا تزال منظمة الصحة العالمية تصرح بأنه إلى الآن لا يوجد لقاح للحماية ضده، وأنه ليس هناك علاجات مثبتة لعلاج المصابين، وهذا يدل على ضعف البشر، وقلَّة حيلتهم، فمهما أُوتُوا من تقدم في الطب؛ ودقة في الفحص؛ فلم يؤتوا من العلم إلا قليلاً، وإلا فإن نبينا صلى الله عليه وسلم قال: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء) أخرجه البخاري ومسلم.

ومن رحمة الله بنا نحن المسلمين أن جعل في شرعنا ضمانات واقية، وأسباباً حافظة، من أخذ بها فإنه يسلم بإذن الله من البلاء والوباء، فإليكم بعضَ هذه الضمانات الشرعية مأخوذةً من السنة النبوية:

أولاًـ سؤال الله العافية، فقد جاء عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سؤال الله العافية في اليوم ثلاث مرات في الصباح والمساء وعند النوم، فأخرج أبو داود من حديث ابن عمر قال: (لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي، وآمن روعتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي)، ففي هذا الدعاء تطلب من الله سبحانه أن يحفظك في جهاتك الست؛ فما أعظمه من دعاء، وما أجله من حصن.

ثانياًـ قراءة المعوذات ثلاثاً في الصباح والمساء، فإنها تكفي من كل شيء، كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في جامع الترمذي.

ثالثاً ـ أن تقول هذا الذكرَ في الصباح والمساء،: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم ثلاث مرات، فيضره شيء).

رابعاًـ التحصن من الشيطان؛ فالشيطان سبب في الإصابة ببعض الأمراض، فقد أخرج أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطاعون وخز أعدائكم من الجن)، وإن من أفضل ما يتحصن به من الشيطان أن تقول في يومك: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة)، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من قالها كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، أخرجه البخاري ومسلم، وإذا أمسيت فقلها مئة مرة.

خامساًـ: أن تقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق عند المساء، وعند نزول المنزل؛ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من قالها لم يضره شيء حتى يرتحل، وحتى يصبح، كما جاء في صحيح مسلم.

سادساً: قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في الليل؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه). أي كفتاه من المكروه والشرور، وقيل: كفتاه من الشيطان.

سابعاً: تغطية الأواني عند المساء؛ فقد أخرج مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء، لا يمر بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاء ليس عليه وكاء، إلا نزل فيه من ذلك الوباء).

أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ من كلِّ ذَنبٍ فاستغفروهُ، إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه

 أَمَّا بَعْدُ: عباد الله: بذل الأسباب الموصى بها من قبل المتخصصين، والتي تعين على الوقاية من المرض، إن شريعة الإسلام جاءت ببذل الأسباب، والدعوة إلى التداوي، والتداوي والاستشفاء لا يتنافى مع التوكل على الله -تعالى-، بل إن بذل الأسباب من التوكل؛ لأن الله أمرنا باتخاذ الأسباب، وكل ما أمرنا الله به؛ امتثالا لأمره؛ توكلا عليه.

عباد الله، الحذر الحذر من التسرع في نشر الأخبار, وإشاعة الإشاعات, ونقل الرسائل التي تصلك دون التثبت منها, فكثير من تلك الرسائل والأخبار كذب محض لا أصل له, وفي نفس الوقت تبث الرعب في قلوب الناس, وتصيب المجتمع بالإرجاف، والعاقل اللبيب لا يتكلم في شيء إلا إذا تثبَّت من صحته؛ فإذا ثبت لديه ذلك نَظَرَ في جدوى نشره؛ فإن كان في نشره حفز للخير، واجتماعٌ عليه نَشَره، وإن كان خلاف ذلك أعرض عنه، وطواه، ولقد جاء النهي الصريح عن أن يحدث المرء بكل ما سمع, قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع"

 

أسأل الله أن يتولانا أجمعين بحفظه ورعايته ، وأن يمنَّ علينا بالعفو والعافية في ديننا ودنيانا وأهلينا ومالنا وان يحمينا والمسلمين جميعا من الأوباء والأمراض والأسقام إنه سميع قريب مجيب

اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولك محمّد صاحبِ الحوض المورودِ واللّواء المعقود، وأورِدنا حوضَه، واحشرنا تحت لِوائه، وارضَ اللهم عن صحابة نبيك أجمعين...اللهم أعز الإسلام والمسلمين  وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضَى، وخُذ به للبرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه ووليَّ العهد لما فيه صلاح البلاد والعباد، اللهم من أرادنا وأراد بلادنا بسوءٍ أو فُرقة فرُدَّ كيدَه في نحره، واجعل تدبيرَه دمارًا عليه، اللهم انصُر جنودَنا المُرابِطين على حُدود بلادِنا، اللهم كُن لهم مُؤيِّدًا ونصيرًا، ومُعينًا وظهيرًا،

 اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين شر الأمراض والأوبئة، ما ظهر منها وما بطن, اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ، اللهم اغفِر ذنوبَنا، واستُر عيوبَنا، ويسِّر أمورَنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالَنا، ربَّنا اغفِر لنا ولوالدِينا ،وارحَمهم كما ربَّونا صِغارًا،

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين

المرفقات

ضمانات-وقائية-في-السنة-النبوية-من-فيرو

ضمانات-وقائية-في-السنة-النبوية-من-فيرو

المشاهدات 918 | التعليقات 0