الوفاء ياأهل الوفاء
حسين بن حمزة حسين
1439/04/15 - 2018/01/02 08:59AM
الحمد لله رب العالمين .....
الوفاء خُلُق كريم ، وسمةٌ من سمات المتقين ، ففيه إسداء البرّ ، ونشر المودّة والرحمة بين الأفراد والمجتمعات ، فيه أداء للأمانة ، وصيانة للمودة ، وحفظ للحقوق ، الوفاء أخو الصدق والعدل ، والغدر أخو الكذب والجور ، وذلك أنَّ الوفاء صدق اللسان والفعل معًا، والغدر كذب بهما؛ لأنَّ فيه مع الكذب نقض العهد ، والوفاء يختصُّ بالإنسان ، فمن فُقِد فيه فقد انسلخ من إنسانيّته ، جعل الله تعالى الوفاء بالعهد من الإيمان ، وصيره قوامًا لأمور الناس ، فالناس مضطرون إلى التعاون بينهم ولا يتمُّ تعاونهم إلا بمراعاة العهد والوفاء ، ولولا ذلك لتنافرت القلوب ، وارتفع التعايش ، وفشت الخيانة وسوء الأخلاق ، لذلك عظَّم الله تعالى أمر الوفاء وأعلى منزلته ، ثماره تشمل الأفراد وتعم المجتمع ، بعضها في الحياة الدنيا ، وأخرى يوم القيامة ، به تُنال التقوى ومحبة الله ومحبة الخلق ، وكسْب الثواب العظيم في الدنيا والآخرة ، والوفاء في الوعد وفي العهد من صفات أهل الإيمان ، قال صلى الله عليه وسلم (وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ) ، والكذب فيهما من صفات المنافقين (إذا حدّث كذب ، وإذا عاهد غدر) ، قال تعالى ( فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ ) ، وصف القرآن أهل الوفاء بالعهد بأحسن الصفات ، قال تعالى ( بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) ، قال الله تعالى ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ ،
أخوة الإيمان : أعظم العهود والمواثيق التي يجب الوفاء بها العهد مع الله جل جلاله ، فهو تعالى الخالق المنعم المتكرم ، فالواجب الايمان بربوبيته وإلاهيته وتفرده بأسمائه وصفاته على وجه لا يليق إلا بجلاله وعظمته ، ووجوب إفراده تعالى بالعبادة والإكثار من حمده وشكره والثناء عليه بما يليق بجلاله وعظمته ، قال تعالى في كتابه ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ) ، فقد أخذ الله العهد على عباده جميعًا، أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال ابن عباس في قوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ يعنى العهود، ما احل الله وما حرم ، وما فرض وما حد في القران كله ولا تغدروا ولا تنكسوا ..إ هـ ، واعلم أنك لن تحقق الوفاء بعهد الله إلا إذا حققت الوفاء بعهد نبيه - صلى الله عليه وسلم - والوفاء بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بطاعته واتباعه والتمسك بسنته والعض عليها بالنواجذ يقول سبحانه وتعالى﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾، وقال تعالى﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾
إخوة الإيمان : ومن الوفاء ما يكون بين الناس وحقوقٌ معلومةٌ بالفطر والأعراف ، وأخرى يلتزم المسلم بما عاهد من قولٍ أو كتابة ونحوه ، فإذا أبرم المسلم عقداً فيجب أن يحترمه، وإذا أعطى عهداً يجب أن يلتزمه ، أعظم الوفاء وآكده ما يكون مع الوالدين؛ فقد أوصى الله بحقهما وجعله بعد حقه مباشرة فقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، فهما أحق الناس ببرّك ووفائك، وأولى الناس بحُسْن صحبتك ووفائك ، وخاصةً يا أهل الوفاء عند الكِبَر والضَّعْف ومظنّة الحاجة، فقد كنتَ في صغرك زينةَ حياتهم ، وريحانة قلوبهم ، يَسعدان لفرحك، ويبكيان لمصابك؛ فَبِرُّهما حق واجب وديْن لازم ، والوفاء معهما لا ينقطع في الدنيا وبعد موتهما؛ فالابن الوفي البارّ يُشرك والديه معه في صدقاته وبِرِّه وإحسانه، ولا ينساهما من دعائه واستغفاره؛ (ففي صحيح البخاري)، أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- تَصَدّق ببستان عن أمه وفاءً لحقها، فقال: يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، أينفعها شيءٌ إن تصدقتُ به عنها؟ قال: “نعم“، قال: فإني أُشهدك أن حائطي المخراف، صدقة عليها، وقال عامر بن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهم وأرضاهم-: مات أبي؛ فما سألتُ اللهَ -عز وجل- حولًا كاملًا إلا العفوَ عنه ، ومن الوفاء القيام بحق الرحم من الأهل والأقارب ، عقود الزواج ، حقوق الجوار ، أخوة الدّين ، الأمانة ، الوصيّة ، من أسدى إليك معروفا فكافئه فإن لم تستطع فادعوا له حتى تظن أنك كافأته ، كل ذلك من باب الوفاء ... وقد تتابعت آيات القرآن الكريم تحثّ على الوفاء ، وتحذر من الغدر ، قال تعالى ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ ، الوفاء بالدّيون ، فإنها من أحق ما يجب فيه الوفاء ، الدّائن أراد أن يكْسِبِكْ فآثرك بماله وأغلاك واستأمنك أراد أن يفرّج ضيقتك ، فلا يكن نصيبه منك الغدر والخذلان ، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، فإن سداد الديون من آكد الحقوق عند الله تعالى وعند الناس ، حتى إن الشهيد يغفر الله له كل شيء إلا قضاء الدين.الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين .....
قال الأحنف: (لا صديق لملولٍ، ولا وفاء لكذوبٍ، ولا راحة لحسودٍ، ولا مروءة لبخيلٍ، ولا سؤدد لسيئ الخلق) .
- وعن الأصمعي قال: (إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه، وتشوُّقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من زمانه)، وقال ابن حزم: (إنَّ من حميد الغرائز وكريم الشيم وفاضل الأخلاق... الوفاء؛ وإنَّه لمن أقوى الدلائل وأوضح البراهين على طيب الأصل وشرف العنصر، وهو يتفاضل بالتفاضل اللازم للمخلوقات... وأول مراتب الوفاء أن يفي الإنسان لمن يفي له، وهذا فرض لازم وحق واجب... لا يحول عنه إلا خبيث المحتد، لا خلاق له ولا خير عنده) ، أوصت أعرابية ابنًا لها، فقالت: يا بني، اعلم أنَّه من اعتقد الوفاء والسخاء، فقد استجاد الحُلّة بربطتها وسِرْبالها، وإياك والنمائم؛ فإنها تنبت السخائم، وتفرق بين المحبين، وتُحسِي أهلها الأمَرّين).
الوفاء خُلُق كريم ، وسمةٌ من سمات المتقين ، ففيه إسداء البرّ ، ونشر المودّة والرحمة بين الأفراد والمجتمعات ، فيه أداء للأمانة ، وصيانة للمودة ، وحفظ للحقوق ، الوفاء أخو الصدق والعدل ، والغدر أخو الكذب والجور ، وذلك أنَّ الوفاء صدق اللسان والفعل معًا، والغدر كذب بهما؛ لأنَّ فيه مع الكذب نقض العهد ، والوفاء يختصُّ بالإنسان ، فمن فُقِد فيه فقد انسلخ من إنسانيّته ، جعل الله تعالى الوفاء بالعهد من الإيمان ، وصيره قوامًا لأمور الناس ، فالناس مضطرون إلى التعاون بينهم ولا يتمُّ تعاونهم إلا بمراعاة العهد والوفاء ، ولولا ذلك لتنافرت القلوب ، وارتفع التعايش ، وفشت الخيانة وسوء الأخلاق ، لذلك عظَّم الله تعالى أمر الوفاء وأعلى منزلته ، ثماره تشمل الأفراد وتعم المجتمع ، بعضها في الحياة الدنيا ، وأخرى يوم القيامة ، به تُنال التقوى ومحبة الله ومحبة الخلق ، وكسْب الثواب العظيم في الدنيا والآخرة ، والوفاء في الوعد وفي العهد من صفات أهل الإيمان ، قال صلى الله عليه وسلم (وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ) ، والكذب فيهما من صفات المنافقين (إذا حدّث كذب ، وإذا عاهد غدر) ، قال تعالى ( فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ ) ، وصف القرآن أهل الوفاء بالعهد بأحسن الصفات ، قال تعالى ( بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) ، قال الله تعالى ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ ،
أخوة الإيمان : أعظم العهود والمواثيق التي يجب الوفاء بها العهد مع الله جل جلاله ، فهو تعالى الخالق المنعم المتكرم ، فالواجب الايمان بربوبيته وإلاهيته وتفرده بأسمائه وصفاته على وجه لا يليق إلا بجلاله وعظمته ، ووجوب إفراده تعالى بالعبادة والإكثار من حمده وشكره والثناء عليه بما يليق بجلاله وعظمته ، قال تعالى في كتابه ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ) ، فقد أخذ الله العهد على عباده جميعًا، أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال ابن عباس في قوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ يعنى العهود، ما احل الله وما حرم ، وما فرض وما حد في القران كله ولا تغدروا ولا تنكسوا ..إ هـ ، واعلم أنك لن تحقق الوفاء بعهد الله إلا إذا حققت الوفاء بعهد نبيه - صلى الله عليه وسلم - والوفاء بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بطاعته واتباعه والتمسك بسنته والعض عليها بالنواجذ يقول سبحانه وتعالى﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾، وقال تعالى﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾
إخوة الإيمان : ومن الوفاء ما يكون بين الناس وحقوقٌ معلومةٌ بالفطر والأعراف ، وأخرى يلتزم المسلم بما عاهد من قولٍ أو كتابة ونحوه ، فإذا أبرم المسلم عقداً فيجب أن يحترمه، وإذا أعطى عهداً يجب أن يلتزمه ، أعظم الوفاء وآكده ما يكون مع الوالدين؛ فقد أوصى الله بحقهما وجعله بعد حقه مباشرة فقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، فهما أحق الناس ببرّك ووفائك، وأولى الناس بحُسْن صحبتك ووفائك ، وخاصةً يا أهل الوفاء عند الكِبَر والضَّعْف ومظنّة الحاجة، فقد كنتَ في صغرك زينةَ حياتهم ، وريحانة قلوبهم ، يَسعدان لفرحك، ويبكيان لمصابك؛ فَبِرُّهما حق واجب وديْن لازم ، والوفاء معهما لا ينقطع في الدنيا وبعد موتهما؛ فالابن الوفي البارّ يُشرك والديه معه في صدقاته وبِرِّه وإحسانه، ولا ينساهما من دعائه واستغفاره؛ (ففي صحيح البخاري)، أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- تَصَدّق ببستان عن أمه وفاءً لحقها، فقال: يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، أينفعها شيءٌ إن تصدقتُ به عنها؟ قال: “نعم“، قال: فإني أُشهدك أن حائطي المخراف، صدقة عليها، وقال عامر بن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهم وأرضاهم-: مات أبي؛ فما سألتُ اللهَ -عز وجل- حولًا كاملًا إلا العفوَ عنه ، ومن الوفاء القيام بحق الرحم من الأهل والأقارب ، عقود الزواج ، حقوق الجوار ، أخوة الدّين ، الأمانة ، الوصيّة ، من أسدى إليك معروفا فكافئه فإن لم تستطع فادعوا له حتى تظن أنك كافأته ، كل ذلك من باب الوفاء ... وقد تتابعت آيات القرآن الكريم تحثّ على الوفاء ، وتحذر من الغدر ، قال تعالى ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ ، الوفاء بالدّيون ، فإنها من أحق ما يجب فيه الوفاء ، الدّائن أراد أن يكْسِبِكْ فآثرك بماله وأغلاك واستأمنك أراد أن يفرّج ضيقتك ، فلا يكن نصيبه منك الغدر والخذلان ، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، فإن سداد الديون من آكد الحقوق عند الله تعالى وعند الناس ، حتى إن الشهيد يغفر الله له كل شيء إلا قضاء الدين.الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين .....
قال الأحنف: (لا صديق لملولٍ، ولا وفاء لكذوبٍ، ولا راحة لحسودٍ، ولا مروءة لبخيلٍ، ولا سؤدد لسيئ الخلق) .
- وعن الأصمعي قال: (إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه، وتشوُّقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من زمانه)، وقال ابن حزم: (إنَّ من حميد الغرائز وكريم الشيم وفاضل الأخلاق... الوفاء؛ وإنَّه لمن أقوى الدلائل وأوضح البراهين على طيب الأصل وشرف العنصر، وهو يتفاضل بالتفاضل اللازم للمخلوقات... وأول مراتب الوفاء أن يفي الإنسان لمن يفي له، وهذا فرض لازم وحق واجب... لا يحول عنه إلا خبيث المحتد، لا خلاق له ولا خير عنده) ، أوصت أعرابية ابنًا لها، فقالت: يا بني، اعلم أنَّه من اعتقد الوفاء والسخاء، فقد استجاد الحُلّة بربطتها وسِرْبالها، وإياك والنمائم؛ فإنها تنبت السخائم، وتفرق بين المحبين، وتُحسِي أهلها الأمَرّين).