الوطن وولاة الأمر والأمان
يحيى جبران جباري
الحمدلله منَّ على عباده بالأوطان ، أحمده سبحانه وأشكره على نعمة الأمن والأمان ، واستعينه تعالى وأستهديه ، وأطلبه العفو والغفران ، وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لاشريك له اعتقادا بقلب وقولا بلسان وعملا بجوارخ وأركان ، وأشهد ان محمدا عبدالله ورسوله ، أسس أمة الإسلام ، وهدى الناس إلى الإيمان ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ، ماتعاقبت الأزمان .
ثم أما بعد : فأوصيكم أهل الإسلام ونفسي المقصرة بتقوى الله ذي العزة والملكوت ، والقوة والجبروت ، الحي الذي لايموت ، قولا وعملا والحرص على ذلك قبل الفوات ، فما هذه الحياة الدنيا إلامدة ، وقد أفلح من أعد لآخرته فيها العدة ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ماقدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بماتعملون ١٨ (الحشر)
أيها الناس : إن النفس البشرية بطبعها وفطرتها ، كغيرها مما خلق الله ، لابد لها من مقر ومأواً تاوي إليه ، لتنعم بالامن وتطمئن فيه ، ولذلك كان التغريب والتيه ، نوعا من أنواع العقوبة، ومنه ماقاله سبحانه ( قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين ٢٦ (المائدة) ومن هنا عرف للاوطان قيمتها وأهميتها ، فالإنسان بلاوطن ، غريب تائه ، مهما اكتسب في غير داره ، ومهما تجاوز غيره في حنكته وعلمه ودهائه ، فللوطن في القلب حنين ولوبعد حين ،
أيها الأحبة : لاشك أن كل إنسان يكن لوطنه وأرضه كل محبة ولكنها خاصة ، إلا هذا الوطن (المملكة العربية السعودية) فمحبته في قلوب المسلمين عامة ، لأن فيه بيت الله الحرام ، وقبلة الإسلام ، ومنه وفيه سيد الأنام ، عليه الصلاة والسلام ، وإليه تشد الرحال من كل مكان ، والله اقسم بما فيه في القرآن ، فقال وهو الرحيم الرحمن ( لاأقسم بهذا البلد ١ وأنت حل بهذا البلد ٢ (البلد) وأنه مكان أمين ، قال رب العالمين( والتين والزيتون ١ وطور سينين ٢ وهذا البلد الأمين ٣ (التين) وضمن سبحانه الأمان في حرمه للداخلين ( ومن دخله كان آمنا ٩٧ (آل عمران) وغير ذلك مما يجبى إليه من الثمرات والارزاق، لمن أتاه ، ولمن فيه من المقيمين ، وقد قيض الله لهذا كله ، ولاة أمر في هذه البلاد ، أرخصوا الغالي والنفيس ، لخدمة الحرمين الشريفين ، ولخدمة ضيوف رب العالمين من الحجاج والمعتمرين ، وغيرهم من الزائرين ، وهم لقيادة هذه البلاد نحسبهم والله حسيبهم صالحين ، فمافعلوه ويفعلوه ليس بالأمر الهين ولا اليسير ، نسأل الله لهم العون والتوفيق لكل خير ، فأهل هذا الوطن ، ولله الحمد والمنة ، في أمن وأمان ، وطمأنينة وعيشة رضية، رغم ماهوكائن فيماجاورهم من أوطان، والله المستعان، والمقام ليس مقام سرد مناقب ولا لما فعله ويفعله لهذه الأرض المباركة قادتها والحكام ، إنما المقام ،مقام وعظ ، بلزوم الجماعة ، والسمع والطاعة ، والمحافظة على جمع الكلمة ، واللحمة ، ووحدة الصف ، طاعة لله جل وعلا ، ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وامتثالا لما كان عليه السلف (يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ٥٩ (النساء) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَن أطَاعَنِي فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَانِي فقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومَن يُطِعِ الأمِيرَ فقَدْ أطَاعَنِي، ومَن يَعْصِ الأمِيرَ فقَدْ عَصَانِي، وإنَّما الإمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِن ورَائِهِ ويُتَّقَى به، فإنْ أمَرَ بتَقْوَى اللَّهِ وعَدَلَ، فإنَّ له بذلكَ أجْرًا وإنْ قالَ بغَيْرِهِ فإنَّ عليه منه ) رواه البخاري . وهذا هوالحق ، الذي مخالفته لاتحق ، نعوذ بالله من الداعين للفرقة ومن أهل الزيغ والضلال والفسق ، أعوذبالله من الشيطان الرجيم (ياايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون ١٠٢ واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذكنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا١٠٣(آل عمران)
بارك الله لي ولكم فيما أقول ويسمع ، وجمعني بكم في مقام أعلا وأرفع ، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب كنا له نجمع ، فاستغفروه إنه هو الغغور الرحيم .
الحمدلله جعل الأوطان لأهلها سكن ، أحمده سبحانه وأشكره وأساله صرف الشرور والمحن ، وأشهد انه الإله الحق وحده،بيده سائرالمنن ، وأن محمدا رسوله ، أوصى أمته باتباع السنن ، صلى الله وسلم عليه مادامت الأرض للخلق وطن ، وبعد : يامن هو للحق أُذن ،
إتق الله ، فمن اتق الله عن السوء سُجن (ومن يتق الله يجعل له مخرجا٢ويرزقه من حيث لايحتسب٣(الطلاق)
عبادالله : من المراد ومايراد الكل فهم ، فمن المؤسف والمؤلم ، أن ترى شعبا يخرجون على ولي أمرهم الذي اختاره الله لهم ، فيضيعون أمنهم ، ويدمرون وطنهم ، وينتهكون أعراض بعضهم ، ويسلبون أموال أهلهم ، والدليل أمامكم ،فكل شعب انقلب على ولي أمره في وطن ، قدضاع أمنه ، واشتد فقره ، وتشرد أهله ، وأصبحوا يتمنون من انقلبوا عليه وأن يعود عهده ، فاحذروا يا أبناء دولة التوحيد ، خسارة الخير المجيد ، كونوا صفاواحدا يفل بقوته الحديد ، وكونوا لولي أمركم خادم الحرمين الشريفين نعم العون والعضيد، وإن أصابت شدة ، فقدضربت العالم كله ، وتذكروا ماكان لهذه الدولة يوم العسرة ، من كرامة ووقفة ،
والرزق بيدالله وحده ، ولايملكونه خلقه ، فأحسنوا الظن فيمن ولاهم ربكم ، وأطيعوه فيما أمركم ، وما أوصاكم به نبيكم إذقال لكم (وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا فإنماالمؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد )
تم كلامي في مقامي والمراد **ثم صلاة الله دوما في ازدياد ** على شفيع الخلق في يوم التناد .
اللهم صلي وسلم على رسولك محمد ....