الواقع المر والحل

د مراد باخريصة
1436/03/17 - 2015/01/08 16:04PM
[font="]من العجائب والمدهشات التي تجري في واقعنا اليوم أن الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية للبلد لاتزال تنحدر انحداراً كبيراً نحو الهاوية السحيقة رغم كل الحلول الترقيعية والسياسات النمطية التي يقوم الساسة والكبراء المتخمون بفعلها سواء كان ذلك بتغيير الوجوه والرموز أو بتبديل القوانين والمناهج أو بغيرها من الأساليب والوسائل التي أثبتت فشلها وظهر عجزها وبان للجميع خورها وضعفها.[/font]
[font="]فكم من مسئول تغير وكم من حاكم تبدل وكم من قوانين تعدلت وكم من مؤتمرات وحوارات عقدت ورغم ذلك كله لم يتغير شيء بل تزداد الأمور سوء وتتفاقم الأوضاع تعقداً [/font]
[font="]والضحية هو الشعب المسكين المظلوم المغلوب على أمره الذي يزينون له السوء ويخدعونه باللافتات الكاذبة والدعايات الملفقة والأخبار المبشرة والمستقبل المزهر ثم لا يرى في الواقع إلا عكس هذا تماماً.[/font]
[font="]لاداعي لتبيين ما جرى ويجري في البلد من استهتار واستخفاف عقلي وانفلات أمني وتسلط فردي وفوضى عارمة وعدم وجود حكم شرعي يحكم الناس ويسوسهم وينصف بينهم بالعدل ويعطي كل ذي حق حقه.[/font]
[font="]يقول الله سبحانه وتعالى:[/font][font="] [/font][font="]{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء : 58]ويقول:[/font][font="] [/font][font="]{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص : 26] يقول النبي صلى الله عليه وسلم:[/font][font="] [/font][font="]«إِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ؟ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إِذَا تَوَسَّدَ الْأَمْرَ غَيْرُ أَهْلِهِ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ».[/font]
[font="]عباد الله: إلى متى سنبقى مكتوفي الأيدي تجاه هذه الأحداث العويصة والنوازل الخطيرة التي تنزل بنا وتحل علينا في بلدنا بأحداث متلاحقة وفي أوقات متسارعة ؟[/font]
[font="]إن السؤال الذي يجب على كل واحد منا أن يسأل نفسه إياه ماذا ننتظر؟ ماذا ننتظر؟ [/font]
[font="]هل نبقى نتفرج على أحوالنا المخزية وأوضاعنا المعقدة ونكتفي بالشجب والاستنكار ومجرد البكاء على الأطلال؟[/font]
[font="]ماذا ننتظر؟ هل ننتظر حتى يأتي وكيل إيران والفرس المجوس ليحكمنا ويتسلط على رقابنا بحجة سد الفراغ الأمني الذي يريد أن يملأه هو بطريقته الخاصة وسياسته العدوانية المغالطة ومنهجه الخبيث المغاير لمنهج أهل السنة والجماعة؟[/font]
[font="]هل ننتظر حتى تأتي أمريكا بعبيدها وأوباشها وجواسيسها لتفرضهم علينا فرضاً وتوجب على الشعب المسلم الأبي الحر طاعتهم والانقياد لهم بالقوة والسلطة والجبروت كما هو واقع حكامنا وساستنا اليوم؟[/font]
[font="]ماذا ننتظر؟ هل ننتظر الحرب والدماء والدمار أن يصل إلى مناطقنا وتكتوي بويلاته قبائلنا ومجتمعنا؟[/font]
[font="]هل ننتظر حتى يأتي السارق واللص والمتسلط ليسرقنا ويسطوا علينا ونحن لا نقوم حتى بمجرد الدفاع عن أنفسنا ونحرمها من حقها المشروع في الدفاع عن نفسها وعرضها ومالها؟[/font]
[font="]حتى وصلت الجرأة إلى النهب في وضح النهار وسرقة السيارات من الشوارع العامة وأخذ ما في أيدي الناس من ممتلكات وأموال في ظل تواجد الناس بلا خوف من الله ولا حياء من أحد وتهديد النساء بالقتل إن لم يضعن ذهبهن ومقتنياتهن وجوالاتهن.[/font]
[font="]ماذا ننتظر؟ وماذا سنفعل لو قدّر الله وحدث المكروه؟ وهل قمنا بشيء من الاستعداد لمواجهة هذه الظروف الخطيرة والأحوال المرة التي يوشك أن تقبل علينا بين لحظة وأخرى فلا نشعر إلا ونحن في أوساط معمعتها ومرارتها؟[/font]
[font="]هل انطبق علينا قول الله سبحانه وتعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً } [التوبة : 46] فلو أردنا فعلاً الخروج من أزماتنا هذه لاتخذنا لعلاجها حلولاً ولأعددنا العدة لمواجهة الأخطار والشرور فإذا لم نفعل شيء ولم نستعد بشيء فمعنى ذلك أننا سلمنا أنفسنا لأعدائنا وما علينا إلا أن ننتظر الذبح والإهانة والإذلال.[/font]
[font="]لماذا نتجاهل المخرج والحل لأزماتنا وقد بيّنه الله أعظم بيان ووضحه أكبر إيضاح وهدانا إلى الصراط المستقيم والمحجة البيضاء ونحن نصر على تنكبها والابتعاد عنها وهجرها وعدم المطالبة بتطبيقها وتحكيمها؟[/font]
[font="]لماذا ترفع كل الشعارات والرايات واللافتات والأعلام إلا راية الإسلام وحكم الرحمن الذي نبتعد عنه ولا نطالب به ولا نجرؤ حتى على مجرد ذكره والتذكير به [/font]
[font="]بل ربما يعتقد بعضنا أن من الخطأ أن نطالب به في مثل هذه الظروف حتى لا يتسلط الأعداء علينا وكأنهم غير متسلطين علينا..[/font]
[font="]أين إيماننا بالله وتوحيدنا له وعدم خوفنا إلا منه وتضحيتنا من أجله والصبر على الشدائد والآواء والتحمل من أجل إعزاز دينه وإقامة شرعه حتى يرتفع عنا هذا الذل والهوان الذي أصابنا والذي لا مخرج لنا منه إلا بالعودة إلى شرع الله ومنهجه وتحكيم دينه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ".[/font]
[font="]ألم نجرب القومية والوطنية فمللنا منها؟ وجربنا الاشتراكية فمللنا منها؟ وجربنا الديمقراطية والعلمانية فمللنا منها؟ وفشل على أرض الواقع كل من حكم بها ولم يبقى لنا إلا حكم الله ومنهج الله {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} [الأنعام : 57][/font][font="] [/font][font="]{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف : 40][/font][font="] [/font][font="]{وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص : 70].[/font]
[font="]فمهما حاولنا التنصل والابتعاد والمواربة والمداهنة والتخفي والمجاملة والبعد عن منهج الله فإننا سنبقى نرتع في ها الواقع الأليم والمستنقعات الآسنة ولن يتغير شيء إلا نحو الأسوأ كما أخبر بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم فقال " وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ".[/font]
[font="]يقول الله سبحانه وتعالى:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد : 16] ألم يأني لنا أن نعود إلى ربنا ونتخلى عن كل الأفكار والمناهج والأحزاب التي تتنكر لدينه ولاتطالب بمنهجه ونتكاتف جميعاً على المطالبة بإقامة الدين وتحكيم الشريعة في الأرض وإقناع الجميع وأنه لا مخرج لنا إلا بها ولا منقذ لنا غيرها وإذا بقينا على خوفنا منها وتجاهلنا لها فلنبشر بالذل والهوان وبتسلط عبيد العبيد علينا {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج : 18].[/font]
[font="]الخطبة الثانية:[/font]
[font="]إن اليهود والنصارى في الغرب والشرق هم الذين يكيدون لكل المسلمين اليوم في كل البلدان العربية والإسلامية ويفتنونهم ويضربون بعضهم ببعض ويحاولون إيقاد الفتن وإشعال الحروب وإنتاج الفوضى وزرع المنافقين والجواسيس الموالين لهم ليقوموا بخدمتهم وتحقيق مآربهم وتفعيل خططهم حتى لا يقوم للحق قائمة ولا للشريعة وجود وزادوا من مكرهم على الأمة وتجبرهم عليها خاصة بعد ثورات الربيع العربي محاولين بكل جهودهم أن يفتتوا الأمة تفتيتاً ويفتنوها فتناً عمياء لتبقى مشغولة بنفسها مفكرة في وضعها لاتجرؤ على المطالبة بشريعة ربها وإقامة منهج الله في الأرض فبقيت كل دول مايسمى بالربيع العربي مهزوزة ومفتنونة بسبب فتن أكابر المجرمين في الأرض لهم.[/font]
[font="]{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [الأنعام : 123].[/font]
[font="]{فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان : 52]{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} [النساء : 101][/font]
[font="]ياأهل السنة إنكم اليوم في أشد المواقف وأحلك الظروف فالكل متآمر عليكم وسهامهم موجهة نحوكم وحربهم مسلطة عليكم فكونوا يداً واحدة واعتزوا بمنهج الله ودينه وإياكم من الهوان والتزحزح أو التراجع للوراء فإن ذلك كله لن يغنيكم شيئاً ولن يزيدكم إلا وهناً وذلاً.[/font]
[font="]فاستعينوا بالله واعتصموا به وتمسكوا بحبله وآووا إلى ركنه واعلموا أن العاقبة للمتقين وأن النصر حليف المؤمنين الصادقين { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف : 21].[/font]
[font="]يقول الله سبحانه وتعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف : 110] ويقول: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة : 214].[/font]
[font="]يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا ، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا, وَأُعْطِيت الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ".[/font]
[font="]وعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قال أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ مُوَلٍّ ظَهْرَهُ إِلَى الْيَمَنِ: «إِنِّي لَأَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ هَاهُنَا، .. وَالْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».[/font]
[font="]فإذا طال الليل وحلولك الظلام وتأخر الفجر واشتدت الكربة وانكتمت الأنفاس فإن البشرى بإذن الله قادمة من اليمن والخير قادم إلى الأمة من يمن الإيمان والحكمة كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال وَهُوَ مُوَلٍّ ظَهْرَهُ إِلَى الْيَمَنِ: " إِنِّي لَأَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ هَاهُنَا " فابشروا وبشروا [/font]
[font="]صلوا وسلموا ..[/font]
المشاهدات 1827 | التعليقات 0