النوم الملخبط
فلاح مخلد الحربي
الحمدُ للهِ جَعَلَ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا }وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{. أحمده وأشكره ،وأَشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرسولُهُ صَلّى الله وَسَلِّم وبارك عَليهِ، وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ والتَّابِعينَ إلى يومِ الدَّينِ. أمَّا بعدُ: فيا مسلمونَ، اتَّقوا اللهَ وأطيعوه } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{. النوم نعمة من الله وآية من آياته رحمة الله بعباده لينسوا آلامهم ويريحوا أجسادهم بالنوم تخمد الحركات ويغيب الإحساس ويصبح المرء في عداد الغائبين عمن حوله }وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ { وليس الحديث اليومَ عن النومِ وما فيه من الآيات والعبر ولكن عما يجلبه النوم من الويلات والحسرات على بني البشر .
عباد الله: يتحدث الناسُ بعد رمضان في المجالس وعبر وسائل الاتصال عما يسمونه بالنوم بالملخبط ويعنون به اضطراب أوقات النوم وعدم تعديلها وبعضهم يجده سلطان قاهرا وعذراً سائغاً لتضييع الصلوات وتأخيرها حتى خروج وقتها وبالمقابل تجد الآخر يجد له عذر في نومه وكأنه يسوغ له معصية الله فما الذي أصابنا ياعباد الله مساجد للمسلمين خلت من روادها وبيوت الله اشتكت هجرانها متى كان النوم عذرا عن الصلوات والله يقول }إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا{. آباء وأمهات يترددون على أبنائهم وكأنهم جثث هامدة أما والله لو علقت الصلاة بأذهانهم لانتبهوا لها ألم يعلموا أنها العهد بين الشرك والايمان ألم يعلموا أنها الفيصل بين الكفر والإسلام لقد لفظ النبي r نفسه الأخير وهو ينادي بها الصلاة الصلاة
إنها الصلاة ياعباد الله التي ما سقطت عن المسلمين ولمعان السيوف على الرقاب في المعارك إنها الصلاة التي ما عذر فيها أصحاب الأنات على السرر في البيوت والمستشفيات إنها الصلاة التي من ترك فرض واحداً منها بلا عذر فقد ارتد وكفر كما أفتى بذا العلماء، أم أنها الخُلُوف التي ذكرها الله في كتابه }فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا{ أي خساراً ودمارا وقيل غيٌ ودٍ في جهنم }إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا { عن أي نوم ملخبط يتحدثون وقد أضاعوا حقوق الآباء والأمهات الذي يتلمسون من يقضي حاجياتهم وآخرون مقعدون يعانون الوحدة وقلة المجالس يأملون من يواسيهم ويجلس إليهم
إن النوم عن الصلوات وعن الحقوق الواجبات لهو من الشر والبلاء وإن قلة الناصح والمذكر لهو مؤذن بعقاب من الله يعم الصالح والطالح ألا ترون ما أنتم فيه من وباء وغلا وتكالب الأعداء ألا ترون ما يحل اليوم بأخوننا في أكناف بيت المقدس من ارذلِ وأذلِ خلق الله أما والله ما حل بنا إلا بما جنته أيدينا ألا فلنراجع ديننا ولنقم أمر الصلاة ولنأمر بها }وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا{ بارك الله لي ولكم
الحمد الله خلق الخلق لعبادته والصلاة والسلام على من كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد عباد الله :فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سمرة بن جندب t قال :قال رسول الله r: "في رؤياه التي رآها في المعذبين في البرزخ قال وإنهما قالا لي انطلق وإني انطلقت معهما وإنا أتينا على رجلٍ مضطجع وإذا آخر قائمٌ عليه بصخرة ٍ وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر هاهنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى قال قلت لهما سبحان الله ما هذا قال قالا لي انطلق انطلق ثم قالا له أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر؛ فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة". ثم اعلموا أنها هيَ أَوَّلُ ما يُحاسَبُ عليه العبدُ يومَ القِيامَةِ: «فَإِنْ صَلُحَتْ صَلُحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ». هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا{
اللهمَّ اجعلنا وذُرِّيَاتِنَا مُقيمِي الصَّلاةِ، رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَنَا، اللهم اغفر لنا ولوالدينا اللهمَّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات, , اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ, وَوفِّق ولاتَنَا وَوُلاةَ المُسْلِمينَ لِمَا تُحبُّ وتَرضَى أعنهم على البرِّ والتَّقوى أصلح لهم البطانة وأعنهم على أداءِ الحقِّ والأمانة, رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ: }اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ{ .
المرفقات
1652374147_النوم الملخبط 9 شوال 1442 هـ بجامع قبة.pdf