النفيسي: يا خليجيون التغيير قادم... فالتاريخ ليس "حفلة شاي"

النفيسي: يا خليجيون التغيير قادم... فالتاريخ ليس "حفلة شاي"


محمود العوضي


أكد الكاتب السياسي الكويتي المثير للجدل الدكتور عبدالله النفيسي في حواره المثير مع "إيلاف" والذي عقد في مسجد المطير في العاصمة الكويت أنه لا مناص من تكوين كونفدرالية بين دول الخليج الست السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنه عمان بحيث يكون هناك جيش خليجي واحد ووزارة خارجية واحدة وذلك من أجل ردع الخطر الإيراني ووقف المد الشيعي الذي يجتاح دول الخليج العربي.
وأشار إلى أنه إذا تحقق ذلك الاتحاد الكونفدرالي بين الدول سالفة الذكر فإن سكان الخليج الشيعة سيصبحون أقلية قليلة جدا في دول الخليج بحيث لا تتجاوز نسبتهم 0.03% من جملة سكان الخليج. وبالتالي ينتفي الخطر الذي تشكله الأغلبية الشيعية في بعض دول مجلس التعاون الخليجي. كما تحدث النفيسي عن علاقته بإيران التي امتدت لسنوات طويلة وناقش الوضع في البحرين والكويت بصفة خاصة ومنطقة الخليج العربي بشكل عام.
ونرصد في السطور التالية الجزء الأول من أهم ما جاء في حوار إيلاف مع الدكتور عبدالله النفيسي الذي التقيناه في باحة مسجد المطير في الكويت، فعندما دخلنا الى المسجد وجدنا النفيسي يجلس في أحد الأركان منهمكا في قراءة بعض الكتب الدينية وخلفه مكتبة وبجواره منضدة تحتوي على مقعدين. وبعد أن رحب النفيسي بـ "إيلاف" بدأنا الأسئلة قائلين:
إيلاف: عند وصولي الى الكويت تفاجأت بأن هناك تظاهرات في الشارع تطالب برحيل رئيس الوزراء ناصر المحمد.. ما رأيك في ذلك؟!.
عبدالله النفيسي: الحياة السياسية عندنا في الكويت تختلف عن بقية بلدان الخليج. فمنذ عام 1921 والحياة السياسية موجودة في الكويت، حيث كان هناك صحافة ونادٍ ثقافي أدبي.
ولم تتوقف الحياة السياسية على ذلك انما كانت هناك مطالبات بتقليص صلاحيات الاسرة الحاكمة.. والآن أنا وغيري نطالب بتغيير رئيس الوزراء وأن يكون هناك رئيس وزراء شعبيا.. فلابد وأن يسقط رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد لأنه يرتبط بعلاقات ملتبسة مع ايران.
إيلاف: هل تعتقد أن الأنظمة الحاكمة في الخليج مدركة للخطر الايراني الذي يهدد المنطقة؟
عبدالله النفيسي: اعتقد أن العائلات الحاكمة في الخليج ليست قضيتنا سواء كانوا مدركين ومستوعبين لهذا الخطر او لا لأن هناك مجرى للتاريخ.. "آني دارس في كامبريدج وتعبان على نفسي اقعد اشوف العائلة الحاكمة ترضى ولا ما ترضى تقبل ولا ما تقبل تاريخيا عيب فهمت كيف".
هذا أول شيء والشيء الثاني أن هناك تغيرات جارفة في العالم.. فالاتحاد السوفيتي انفجر وتحول الى 25 جمهورية.."شنو الخليج ..نقطة في بحر" الكتل الكبيرة في العالم تفككت ألم ترى الجيش الاحمر الذي كان يرعب دولا كبيرة تفكك؟ الآن يقوم هؤلاء الروس بالبحث عن مشترٍ لأسلحتهم النووية في أفغانستان وغيرها "بالكيلو".. لقد تبدل حال الروس وتغير بعد أن كانوا يرعبون العالم.. فما بالك في الخليج؟
هذا تاريخ والتاريخ ليس حفلة شاي.. التاريخ نهر جارف تكون أو لا تكون فإما أن تفهم ما يدور من حولك من احداث جيدا أو تغرق ويجرفك التيار بعيدا.. "انا اقول ان دول مجلس التعاون الخليجي الآن وفي وضعها الحالي سفينة تغرق.. وعندما تغرق السفينة يقول قائدها اتركوا السفينة". ولذلك أؤكد أنه لابد من وجود خطة إنقاذ للسفينة وعدم تركها تغرق وخطة الانقاذ تكمن في تكوين الكونفدرالية بين دول الخليج بأسرع ما يمكن وقبل أن يفوت الأوان. فهي إنقاذ لنا جميعا "الشعوب والأسر الحاكمة وكذلك الكيان التاريخي".
إيلاف: لنعد للكويت، إذا حصل و تولى منصب رئيس الوزراء أحد أبناء الشعب الكويتي هل سيؤثر هذا في منطقة الخليج وهل ستنتقل تلك العدوى؟
عبدالله النفيسي: بالتأكيد سيكون هناك تأثير ايجابي على المنطقة اذا تولى أحد افراد الشعب الكويتي منصب رئيس الوزراء.. ويجب على الأسرة الحاكمة ان تتجاوب مع هذه النقلة.. وكنت قد طالبت في محاضرة سابقة ان يتم إقصاء الرموز المسيطرين على المناصب السيادية في وزارة ( الخارجية والداخلية والدفاع) وان يقصى من هم ثابتون في هذه الوزارات فينبغي تغييرهم لا محالة لأن المرحلة الحالية تتطلب التغيير وهي مرحلة الشعوب وعلى كل العائلات الحاكمة الست في الخليج أن تتجاوب مع التطور والتحول الحاصل في العالم العربي وإلا سيأتي يوم وستكرر مقولة الرئيس التونسي المخلوع بن علي "لقد فهمتكم".. ويذكرنا ذلك بقصة ماري انطوانيت حين قالوا لها لا يوجد خبز فقالت أعطوهم كيك.
إيلاف: دكتور لقد كان لديك بعد نظر منذ 6 سنوات تقريبا عندما قلت إن التغيير قادم لا محالة؟ .. هل تتوقع هبوب عاصفة من التغيير في منطقة الخليج ؟
عبدالله النفيسي: نعم صحيح وقلت ذلك في قناة الجزيرة وتوقعت حدوث التغيير في المنطقة العربية. فالتغيير قادم من دون أدنى شك لكن متى وكيف؟ هذا ما يختلف عليه الناس.. أنا أتمنى تغييرا تدريجيا أي تغييرا سلميا فيه شيء من التعقل وشيء من الحركة الأوزمازية.. كما أتمنى أن يكون هذا التغيير في حلقة تلاقح فكرى نأخذ من بعضنا البعض.. لأن التغيير اذا جاء بالطريقة نفسها التي حدثت في تونس ومصر فمن المحتمل أن يدخل علينا الفرس دخلة غريبة ومن ثم يفسدون علينا مشروع التغيير كله ويلخبطون أفكارنا وحياتنا.
إيلاف: كيف يكون دخول الفرس علينا.. وهل سيتم ذلك من خلال توزيع الخلايا مثلا؟
عبدالله النفيسي: نعم سيكون التدخل الإيراني في المنطقة تدخلا عسكريا من خلال خلاياهم.
إيلاف: لكن كيف يتدخلون عسكريا وهم منذ 1400 سنة لم يلجأوا إلى هذا الخيار؟
عبدالله النفيسي: لا هذا الكلام علميا غير صحيح لأن ايران تدخلت عسكريا في الخليج من قبل.
إيلاف: التدخل تم عن طريق الخلايا الإيرانية في دول الخليج وليس عن طريق غزو عسكري؟
عبدالله النفيسي: لقد دخل الإيرانيون على العراق عسكريا أكثر من مرة كما دخلوا كذلك سلطنة عمان.
إيلاف: هذا أيام نادر شاه تقصد الذي كان سنيا ويلقبه الخليجيون بنابليون الشرق؟
عبدالله النفيسي: أنا لا أنظر اليه على أنه سني انما الى كونه فارسيًا، ايضا احتلال جزر الامارات جاء بتدخل عسكري كامل في عام 1972 وكذلك ما حصل في البحرين مؤخرا كان سيتبعه إنزال عسكري ايراني لان الايرانيين كانوا ينوون الدخول عسكريا في مملكة البحرين وانا متأكد من ذلك... انا شخص كنت على اتصال بايران فترة طويلة من الزمن وانا أول من ايّد الثورة الايرانية في الكويت وكنت أدعو إلى مؤازرة الثورة الإيرانية.
إيلاف: اعتقد أن المد الشيعي في تلك الفترة لم يكن واضحا.. لم تكن تعرف هذا المد آنذاك أليس كذلك؟
عبدالله النفيسي: لا اسمح لي ان رسالة الدكتوراه الخاصة بي في جامعة كامبريدج كانت عن التشيع والشيعة شيعة العرب في العراق قدمتها عام 1972 والتقيت الخميني سنة 1968 في الصيف في النجف قبل الثورة الايرانية بعشر سنوات تقريبا.
إيلاف: الخميني كان مشهورًا وذا شعبية في ذلك الوقت وله حلقات ودروس دينية واسعة في المساجد؟
عبدالله النفيسي: نعم كان مشهورًا وذا شعبية على مستوى المتتبعين له ولكن ليس على مستوى الاعلام. كان لديه حلقات في مساجد النجف في العراق وقابلته وحضرت حلقاته من باب إعداد رسالتي في الدكتوراه "من خلال البحث الميداني" وكذلك قابلت مجموعة من العلماء الإيرانيين وكنت في ضيافة السيد محسن الحكيم والد باقر وعبدالعزيز ومهدي الحكيم لمدة ستة أشهر في النجف ولكن عندما التقيت الخميني وغيره من العلماء تبين لي ان هناك مشكلة قادمة وكان في اطروحتي للدكتوراه انه اذا لم تحل مشكلة الشيعة في الخليج ستفاجئنا أحداث بركانية وقد حصلت تلك الاحداث بالفعل بعد ذلك حيث وقع "الزلزال الايراني" في الخليج.
إيلاف: هل يمكن تسمية ما حدث في البحرين مؤخرا بحل "بنادولي" أي حل موقت للصداع الذي كان دائرا؟.. وماذا يمكن أن يحدث هناك بعد 10 سنوات؟.
عبدالله النفيسي: بالضبط الحل الذي حدث في أزمة البحرين الاخيرة عبارة عن مسكنات للصداع الذي كان قائما. و المشكلة الان ان كل الخيارات مفتوحة أمام البحرين فهناك خيار الكونفدرالية الخليجية وتكون البحرين جزءًا من كونفدرالية تضم ست دول خليجية بدايتها الكويت ونهايتها جيزان على الحدود اليمنية.. فهذه الكتلة الجغرافية التي يصطحبها كتلة بشرية لا تقل عن 30 مليون نسمة اذا صار لديها جيش موحد وقيادة موحدة واقتصاد موحد ووزارة نفط واحدة ووزارة خارجية واحدة.
إيلاف: هل تقصد أن البحرين تنضم في كونفيدرالية مع السعودية بالأساس لردع ايران؟
عبدالله النفيسي: أنا لا أقصد السعودية والبحرين فقط انا ادعو الى تكوين كونفدرالية لجميع دول مجلس التعاون الخليجي الست السعودية والامارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان ولما تشكل هذه الدول الست الكونفدرالية يتحول شيعة البحرين الى اقلية لا يتجاوز عددها 0.03% من جملة سكان دول مجلس التعاون الخليجي.



إيلاف تحاور المفكر الكويتي المثير للجدل (2-2)


النفيسي: من يرفض فكرة الكونفدرالية الخليجية إما غبي أو جاهل

محمود العوضي

استبعد الكاتب السياسي الكويتي عبدالله النفيسي قبول المغرب الإنضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، موضحًا أنه من أنصار فكرة الكونفدرالية بين دول المجلس الست، وأنه من المروّجين لتلك الفكرة، معتبرًا أن من يرفض فكرة الكونفدرالية الخليجية يكون غبيًا أو جاهلاً.



في الجزء الثاني والأخير من حواره مع "إيلاف" تطرق الكاتب السياسي الكويتي الدكتور عبدالله النفيسي إلى مسألة انضمام المغرب والأردن إلى دول مجلس التعاون الخليجي، لافتًا الى انه لا يعتقد أن المغرب ستقبل الانضمام إلى دول مجلس التعاون الخليجي، موضحًا أنه من أنصار فكرة الكونفدرالية بين دول مجلس التعاون الخليجي الست، وأنه من المروجين لتلك الفكرة، معتبرًا أن من يرفض فكرة الكونفدرالية الخليجية "يكون واحدًا من اثنين إما غبي أو جاهل".
وأشار النفيسي إلى أنه لا يميل الى فكر الإخوان المسلمين، مؤكدًا أنهم يعتبرون قوة لا يمكن أن يتم قهرها وكبتها على الإطلاق. وفي ما يلي نص الحلقة الأخيرة من الحوار:
إيلاف: هل كانت الكويت مرشحة للانضمام إلى الاتحاد التساعي الذي سعى القادة الخليجيون إلى إنشائه في الستينات ليصبح الاتحاد العشاري؟
عبدالله النفيسي: نعم كلامك صحيح، كانت الكويت مرشحة لذلك، ولكن لم يكتب لها الانضمام. وأؤكد أن أي شكل من أشكال الوحدة والكونفدرالية بيننا، نحن دول الخليج، ستحقق فوائد عظيمة للشعوب والحكومات الخليجية، كما سيردع ذلك أي تهديد خارجي.
إيلاف: هل تتوقع أن تكون هناك بوادر لإنشاء مثل هذه الكونفدرالية الآن؟
عبدالله النفيسي: والله أنا قدمت أفضل ما لديّ في الترويج والتبشير لهذه الفكرة، واشعر ان هناك نية لذلك، خاصة من وزير خارجيتنا الكويتي ووزير خارجية البحرين.. اعيد واكرر أن خيار الكونفدرالية مهم جدًا جدًا جدًا لدول الخليج، وهو حل مقبول دوليًا ومحليًا، ويجلب فوائد كبيرة للغاية... أنا اعتقد أن من يرفض تلك الفكرة سيكون واحدًا من اثنين... إما غبي أو جاهل، لأنه لن يفهم دلالات هذه المطالبات.. وما يؤكد أهمية تلك التحالفات الكونفدرالية هو أن ألمانيا ذات الثقل الكبير في العالم تقول دائما إنها جزء من الاتحاد الأوروبي.. وفرنسا تقول إنها مضطرة لأن تتصالح مع ألمانيا، وأنها لا تستطيع أن تواجه التحديات بمفردها.. فما بالك بالبحرين والإمارات والكويت، هذه تحالفات إقليمية لابد منها.
ايلاف: هل تفاجئت بقرار مجلس التعاون الخليجي بضم المغرب والأردن؟
عبدالله النفيسي: تفاجأت كثيرًا، واستنكرت هذا القرار.
ايلاف: الغريب أن نتيجة الاستفتاءات التي أجرتها بعض الصحف المغربية على الرأي العام المغربي كانت رافضة هذا الانضمام، بالرغم من أننا توقعنا عكس ذلك؟
عبدالله النفيسي: طبعًا كان المغاربة هم الرافضون للانضمام إلى دول مجلس التعاون الخليجي، لأن الشعب المغربي انتماؤه وولاؤه لمنطقة البحر المتوسط، وليس لمنطقة الخليج، كما إن المغاربة لديهم حياة سياسية ديمقراطية مزدهرة وقديمة وعريقة.. انني اعرف المغرب جيدًا، حتى العرش الملكي في المغرب يتصرف بذكاء شديد وخارق.. فالمغاربة لا يمكن ان يرضوا بهذه الهيكليات الكرتونية في الخليج، المغاربة متدربون في فرنسا، ولديهم واجهة مع أوروبا، ويرون أنفسهم أفضل من الخليج.

أنا شاركت عبدالرحمن اليوسفي في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في عام 1982 مع مجموعة من العرب، واطلعت من خلال اتصالي بهذا الرجل على الحياة في المغرب وسياسات المغرب، واتضح لي ان المغاربة متقدمون جدًا نتيجة لقرب موقعهم الجغرافي من الإرث الفرنسي.
وأريد ان أوضح ان الاستعمار الفرنسي الذي احتل المغرب يختلف عن الاستعمار البريطاني الذي احتل منطقة الخليج. حيث إن الاستعمار الفرنسي استعمار ثقافي يدمغ ثقافته هو في الدولة المستعمرة، ويدمر الثقافات الأصلية لتلك الدول، ويحل محلها، كما يعمل على إلحاق تلك الدول حضاريًا وتاريخيًا بفرنسا.
أما الاستعمار البريطاني فهو استعمار سياسي "يأخذ منك النفط ويتركك على حالك". ولذلك لا أتوقع ان يقبل المغاربة بالانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي. أما عن فكرة انضمام الأردن الى دول المجلس فإنني لا أعتبر أن الاردن دولة، انما اعتبرها شركة أميركية للخدمات الأمنية، حيث يوجد في الأردن سجون تابعة للمخابرات المركزية الأميركية "سي آي ايه"، وهناك مراكز اعتقال وتعذيب تخضع مباشرة لـ "سي آي ايه"، كما إن ضباط وعملاء السي اي ايه يدخلون إلى الأردن ويخرجون منها بدون تأشيرات أو أية إجراءات رقابية، ولديهم كذلك مطارات خاصة وطائرات خاصة. الانجليز أنشأوا الأردن ارضاء للشريف حسين، حيث قالوا له "سنقطتع لك جزءًا من فلسطين ونعطيها لك".
ايلاف: ماذا تعرف عن مقابلة الشريف لتشرشل عندما رغب الشريف في أن تكون له دولة ؟
عبدالله النفيسي: أنا ذهبت إلى مدينة اوكسفورد فى شارع بامبري رود، كانت هناك فيلا خاصة تجمع فيها كل الاوراق الخاصة بتشرشل، وأخذت تصريحًا لدخول هذه المكتبة، التي هي عبارة عن فيلا، فوجدت الكثير من الأوراق المهمة.. الأمر الغريب الذي اكتشفته من اطلاعي على مستندات تشرشل أنه كان يعيّن ويفصل من حكام العرب ما يشاء. انجلترا كانت تحكم منطقة الشرق الأوسط من خلال استخدام القوة الناعمة على خلاف فرنسا. وكما جاء في الكتاب الذي يحمل عنوان "القوه الناعمة"، فإن بريطانيا تستطيع أن نغزو العالم بالقوة الناعمة من خلال الثقافة والإعلام والبرغر وخطوط الأزياء والموضة بدلاً من الدخول في حروب طاحنة.

إيلاف: إلى من تميل أكثر.. الإخوان المسلمين أم السلفيين؟ وهل تعتقد أن الإخوان المسلمين يسعون الى السلطة؟
عبدالله النفيسي: لا أميل إلى الإخوان المسلمين، ولكنني أقول إن الإخوان لا يمكنك أن تكبتهم أو تقهرهم أو تنهي فكرهم على الإطلاق..لأن الفكر كلما قمعته كلما ازدهر. واعتقد أن الإخوان يغلبون المعيار السياسي على المعيار الشرعي، والسلفيين متمسكون بالمعيار الشرعي أكثر، كما إنهم أكثر أمانة في الانتماء الشرعي من الإخوان.. ولا أعتقد أن "الإخوان المسلمين" لديهم مشروع سلطة، ولكن يكمن نجاحهم في شعبيتهم الكبيرة وتنظيمهم القوي أكثر من السلفيين، فهم مثقفون، ولديهم قبول كبير في بعض الدول العربية، ومنها الجزائر والمغرب.
إيلاف: هل أنت ممنوع من دخول أي دولة خليجية أو عربية؟
عبدالله النفيسي: للأسف نعم، أنا ممنوع من دخول الإمارات، حيث دعتني وزارة الداخلية الإماراتية منذ عام ونصف عام تقريبًا الى ندوة حول علم القيادة وتطبيقاتها فى الخليج، وذهبت إلى أبوظبي، وتم استقبالي أنا وزوجتي غاية في الروعة، وتمت استضافتنا في قصر الإمارات.
وأتذكر أنني قلت في المحاضرة "أنه لدينا أزمة قيادة فى الخليج والجزيرة العربية، وهي أزمة الأسر الحاكمة، وأن الأوان قد آن حتى تعيد الأسر الحاكمة النظر في موضوعات عدة، ولابد وأن يعطوا للشعوب دورًا.. وضمن هذا الكلام ذكرت أن المشكلة الرئيسة في الإمارات ستكون دبي.
وقلت إن ماليزيا كانت دولة واحدة، وكانت سنغافورة جزءًا من ماليزيا، ولكن عندما رغب الانجليز في الخروج من سنغافورة، قاموا بفتح الهجرة الصينية إلى سنغافورة، ولكن عندما تضخمت تلك الهجرة قال لهم الانجليز طالبوا الأمم المتحدة بحق تقرير المصير، فقامت الامم المتحدة بعمل استفتاء، وأيّدت الغالبية الصينية في سنغافورة الانفصال عن ماليزيا، وانفصلت وشكلت دولة جديدة عام 1965 اسمها سنغابور.
المقارنة هنا أن دبي أيضًا فتحت باب الهجرة على مصراعيه، فالآن توجد في دبي مئات الجنسيات من أوروبيين وأميركيين وفلبينيين وهنود وغيرهم، وهم يشكلون نسبة اكبر من العرب في دبي، وسوف يأتي وقت من الأوقات تطالب فيه هذه الفئات بحق تقرير المصير.. ثم تأتي الأمم المتحدة، وتقول لهم ماذا تريدون، يقولون نريد الانفصال عن الإمارات، ومن ثم يشكلون دولة وحدهم تسمى دولة دبي، يحكم فيها الأميركي والانجليزي والكوري والهندي.
بعدما ذكرت هذا الكلام، وقف أحد الحضور برتبة لواء، وقال لى اجلس.. فقلت له من أنت؟.. قال انا وكيل وزارة الداخلية.. قلت له "انا جاي من الكويت لكي استمر فى حديثي ..أنا مدعو من الكويت كي أتحدث برأي حر".. ثم وقع شد وجذب بيني وبينه، فجلس، وأكملت الحديث. فقام مرة أخرى، وقال "هذا يرغب بالفتنة".. فقلت له أنتم أهلي، وأنا أخشى على الامارات كلها.. لا توجد فتنة بين أبوظبي ودبي". ولكن بعد المحاضرة أتى إليّ هذا الشخص، وطلب معرفة اسمي الرباعي، فأعطيته اسمي الخماسي، وقالى لي "سنضع اسمك في الحدود والمنافذ".


المصدر: إيلاف
المشاهدات 2018 | التعليقات 0