النظافة وإماطة الأذى

خالد الكناني
1444/05/04 - 2022/11/28 13:22PM

النظافة وإماطة الأذى

إن الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عبده ورسوله ،  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أما بعدُ : فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن من محاسن الدين الإسلامي ، أنه دين الطهارة والنظافة ، طهارة القلوب ، وطهارة الابدان وطهارة الثياب وطهارة الطرقات والمرافق العامة

أما طهارة القلوب : فقد أمر الله تعال بالتوحيد ونهى عن الشرك ، فلا شيء أنجس ولا أخبث من الشرك ، قال تعالى { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ } ... أي: الخبث القذر {مِنَ الأوْثَانِ} أي: الأنداد، التي جعلتموها آلهة مع الله، فإنها أكبر أنواع الرجس ، ونهى الله تعالى عن كل أعمال القلوب المستقذرة كالكبر ، والحسد ، والعجب والغرور وغيرها من الأعمال القلبية التي توسخه وتقذِّره .

وأما طهارة الأبدان فقد شرع الله الوضوء في الصلوات ، وشرع الغسل من الجنابة وبعد الحيض والنفاس ، ومثل وبين أن تكرار الغسل والنظافة والطهارة تزيل الاوساخ عن البدن .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟» قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ: «فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا» صحيح مسلم (1/ 462)

وأمر تعالى بطهارة الثياب ، قال تعالى : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ أَيِ اغْسِلْهَا بِالْمَاءِ

 كما أن نظافة الابدان وتحسينها وتجميلها والعناية بها من هدي الأنبياء

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ " قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ زَادَ قُتَيْبَةُ، قَالَ وَكِيعٌ: " انْتِقَاصُ الْمَاءِ: يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ } صحيح مسلم (1/ 223)

وكذلك علينا بنظافة البيوت والأفنية وساحاتها فهذا كله دليل على السلوك الحضاري الراقي والذي ينبغي أن يتمثله المسلم ويمارسه .

 

وما طهارة ونظافة الطرقات والحدائق والاماكن العامة ، فقد زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن تقذيرها بالنجاسات

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ»، قَالُوا: وَمَا اللَّاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ» سنن أبي داود (1/ 7)

 

هذا كله في مجال النظافة العامة والتي يشترك الناس فيها وعليهم أن يراعوها ويعتنوا بها .

 وفيما يخص كل فرد منا فقد أمر الله تعالى بالنظافة والتزين والتجمل بما أحل

قال تعالى : { يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } قال الشيخ بن باز رحمه الله : أنها تدل على أنه يشرع له مع ستر العورة أخذ الزينة ، وأن تكون عليه الملابس الحسنة الجميلة عند قيامه بين يدي الله سبحانه وتعالى  .

وقال تعالى :{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

وقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» صحيح مسلم (1/ 93)

فليحرص كلُّ مسلم على التنظف والتطهر ظاهرا وباطنا وعلى التجمل والتزين بما أحل الله دون إسراف ولا مخيلة .

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورَسُولُهُ الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّمَ تسليما كثيرا .

أما بعد : عباد الله اتقوا الله تعالى وتعاونوا عل أن يكون بلدنا ووطننا الغالي نظيفا في طرقاته وشوارعه وفي حدائقه ومتنزهاته وفي محطات السفر ودورات المياه في الطرقات وفي جميع المرافق العامة والخاصة

وذلك بعدم رمي النفايات والقاذورات والمخلفات في هذه الاماكن ، ووضعها في أماكنها الخاصة بها ، ولنلتزم بهذه القاعدة الجميلة [أترك المكان جميلا كما كان ]

ولنتعاون على إزالة الأذى من طرقات الناس وتجمعاتهم ولنعلم أن إزالة الأذى عبادة نتعبد الله تعالى بها راجين منه الثواب والأجر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ }

وكم من الاجور والمغفرة تنال من أزال الأذى من طرقات الناس

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ» صحيح البخاري (1/ 132)

بل أن إزالة الأذى عن طرق المسلمين من الاعمال التي ينتفع بها المسلم وقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك .

عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ أَنْتَفِعُ بِهِ، قَالَ: «اعْزِلِ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ»

وفي المقابل ورد النهي عما يؤذي الناس في طرقاتهم وخطورة من يفعل ذلك ،عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ , وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ )) الجامع الصحيح للسنن والمسانيد (6/ 205)

والنهي عن أذية المسلمين ورد في القرآن الكريم ، فاتقوا الله تعالى واحترموا حقوق المسلمين واجتنبوا أذيتهم والاضرار بهم

قال تعالى : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا  }الاحزاب 58، قال الشيخ السعدي رحمه في تفسيره ( وهذا يشمل كل أذية، قولية أو فعلية، من سب وشتم، أو تنقص له، أو لدينه، أو ما يعود إليه بالأذى ) هذا وصلوا على من أمركم الله تعالى

بالصلاة والسلام عليه قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

المشاهدات 396 | التعليقات 0