النَّزَاهَةُ وَحِفْظُ المالِ العَامِّ 6 جُمَادَى الثَّانِي 1446هـ
محمد بن مبارك الشرافي
إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مِنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنَ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ.
أمَّا بَعد : فَاتَّقُوا اَللَّهَ أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ وَاحْفَظُوا دِينَكُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَالْخِيَانَةَ وَالظُّلْمَ، وَاحْذَرُوا أَكْلَ الْمَالِ الْحَرَامِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، إِنَّهُ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ) رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ، فَهَذِهِ الكَلِمَاتُ يُخْبِرُ فِيهَا اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ يَكُونُ فِي مُسْتَقْبَلِ اَلزَّمَانِ وَهُوَ مِنْ عَلَامَاتِ آخِرِ اَلزَّمَانِ أَنَّهُ يَأْتِي أَقْوَامٌ لَا يُبَالُونَ فِيمَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلْمَكَاسِبِ وَالْأَمْوَالِ أَمِنْ حَلَالٍ كَانَتْ أَمِّ مِنْ حَرَامٍ، أَمْ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ أَمْ مِنْ خَبِيثٍ، فَالْحَلَالُ عِنْدُهُمْ مِنْ اَلْمَالِ هُوَ مَا حَلَّ فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا تَمَكَّنُوا مِنْ أَخْذِهِ وَتَحْصِيلِهِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ.
وَهَذَا اَلْخَبَرُ اَلنَّبَوِيُّ تَحْذِيرٌ مِنْ أَنْ يَقَعَ اَلْإِنْسَانُ فِي هَذَا اَلْمَسْلَكِ اَلرَّدِيءِ؛ اَلَّذِي يُورِثُهُ هَلَاكًا عَاجِلاً وَآجِلاً، قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا ويُربي الصّدَقَات﴾، وَالرِّبَا فِي اَلْآيَةِ يُحْمَلُ عَلَى كُلِّ كَسْبٍ مُحَرَّمٍ مِنْ زِيَادَةٍ فِي اَلْقُرُوضِ، وَمِنْ اَلرَّشَاوَى، وَمِنْ أَكْلِ اَلْمَالِ بِالتَّدْلِيسِ وَمِنْ اَلِاخْتِلَاسِ وَمِنْ خِيَانَةِ اَلْأَمَانَةِ فِي اَلْمَالِ اَلْعَامِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَوْجُهِ اَلْكَسْبِ اَلْمُحَرَّمِ.
فَيُذْهِبُ اللهُ بَرَكَتَهُ وَيُزِيلُ نَفْعَهُ، وَلَا يَجْنِي مِنْهُ اَلْإِنْسَانُ إِلَّا خَسَارًا فِي اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَخَسَارُ اَلدُّنْيَا بِنَزْعِ اَلْبَرَكَةِ فَلَا يُحَقِّقُ مِنْ هَذِهِ اَلْأَمْوَالِ مَقْصُودَه وَلَا تَطِيبُ بِهَا نَفْسُهُ وَلَا تَقَرُّ بِهَا عَيْنُهُ، بَلْ يَكُونُ عَبْدًا لِلْمَالِ تَعِيسًا شَقِيًّا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ. فَهَذَا هُوَ حَالُ عَبْدِ اَلْمَالِ اَلَّذِي لَا يُبَالِي مِنْ أَيْنَ اِكْتَسَبَهُ وَلَا فِيمَا أَنْفَقَهُ فَلَا يَحْفَظُ حَقَّ اَللَّهِ تَعَالَى فِي كَسْبِهِ، وَلَا يَحْفَظُ حَقَّ اَللَّهِ تَعَالَى فِي صَرْفِهِ وَإِنْفَاقِهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ اَلْمَالَ اَلْعَامَّ وَهُوَ مَالُ اَلدَّوْلَةِ لَهُ حُرْمَةٌ يَجِبُ صِيَانَتُهَا، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عُمَيْرَةَ اَلْكِنْدِيَّ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُم عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة) رَوَاهُ مُسلم، وَالْمُرَادُ بِالاسْتِعْمَالِ هُنَا: الْوَظَائِفُ التِي يَجْعَلُ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَحَدًا فِيهَا، وَيَكُونُ مُتَمَكِّنًا مِنَ الْمَالِ، كَالْمُنَاقَصَاتِ فِي الْمَشَارِيعِ أَوِ التَّوْظِيفِ أَو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَالْوَاجِبُ الْحَذَرُ الشَّدِيدُ مِنَ الْخِيَانَةِ وَالْحِرْصُ التَّامُ عَلَى الأَمَانَةِ، وَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ اللهِ وَالسُّؤَالِ الْعَسِيرِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾.
فَاتَّقُوُا اَللَّهَ يَا مُسْلِمُونَ، وَاحْذَرُوا اَلْكَسْبَ اَلْحَرَامَ؛ فَإِنَّهُ وَبَالٌ وَسُحْتٌ وَهَلَاكٌ فِي اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَتَوقَّوْهُ وَابْتَعَدُوا عَنِ اَلْمُشْتَبِهِ مِنَ اَلمَالِ؛ فَمَنِ اتَّقَى اَلشُّبُهَاتِ فَقَدِ اِسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، فَضْلاً عَنْ اَلصَّرِيحِ مِنْ اَلْمُحَرَّمِ فَإِنَّ اِتِّقَاءَهُ وَاجِبٌ، وَتَأَمَّلُّوا هَذَا الْحَدِيثَ الْعَجِيبَ الذِي يُبِيِّنُ كَيْفَ تَتَعَامَلُ مَعَ الْمَالِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ فَقَالَ (لَوْلاَ أَنْ تَكُونَ مِنْ صَدَقَةٍ لَأَكَلْتُهَا)، وَذَلِكَ أَنَّ اَللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَلْأَكْلَ مِنَ اَلصَّدَقَةِ, فَهِيَ لَا تَحَلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ.
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّكُمْ مَوقُفُونَ بَيْنَ يَدَيْ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَسْؤُولُونَ عَنْ كُلِّ مَا دَخَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ اَلمَالِ وَفِيمَا أَنْفَقْتُمُوهُ وَصَرِّفْتُمُوهُ فَأَعِدُّوا لِلسُّؤَالِ جَوَابًا, عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ؟) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، فَاحْرِصُوا عَلَى طَيِّبِ اَلْكَسْبِ؛ فَإِنَّ طَيِّب اَلْكَسْبِ وَلَوْ كَانَ قَلِيلاً يُدْرِكُ بِهِ اَلْإِنْسَانُ مِنْ اَلْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَالنَّفْعِ مَا لَا يُدْرِكُهُ بِالْمَالِ اَلْكَثِيرِ، وَلَا يَغُرَّنْكُمْ كَثْرَةُ اَلهَالِكِينَ؛ فَإِنَّ مِنْ اَلنَّاسِ مَنْ إِذَا رَأَى كَثْرةَ مَنْ يَتَوَسَّعُ فِي اَلْأَمْوَالِ اَلْمُحَرَّمَةِ وَلَا يُبَالِي مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَ اَلْمَالَ قَالَ: اَلنَّاسُ عَلَى هَذِهِ اَلْحَال، وَهَذَا لَيْسَ عُذْرًا فَانْجُ بِنَفْسِكَ وَلا تَغْتَرَّ بِغَيْرِكَ, أَقُولُ هَذَا اَلْقَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ اَلْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ، حَمَدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، لَهُ اَلْحَمْدُ فِي اَلْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ اَلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنْ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ.
أما بعد: فاتقوا الله أيها اَلْمُؤْمِنُونَ وَاحْرِصُوا عَلَى تَرْبِيَةِ أَوْلادِكُمْ مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ عَلَى الْوَرَعِ وَالْحَذَرِ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ لَيْسَ لَهُمْ، وَهَكَذَا الْمُعَلِّمُونَ وَالْمُعَلِّمَاتُ فِي الْمَدَارِسِ التِي هِيَ مَحَاضِنُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ، فَالصِّغَارُ يَنْشَؤُونَ عَلَى مَا تَرَبَّوْا عَلَيْهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾، وَهَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ حَفِيدَهُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا الْوَرَعَ وَهُوَ صَغِيرٌ لا ذَنْبَ عَلَيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كِخْ كِخْ) لِيَطْرَحَهَا ثُمَّ قَالَ (أما شَعَرْتَ أَنا لَا نَأْكُل الصَّدَقَة؟) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اعلموا أَنَّهُ لَنْ يُحَاسَبَ أَحَدٌ عَلَى عَمَلِ غَيْرِهِ، ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾، فَسَتُسْأَلُ أَنْتَ عَمَّا اِكْتَسَبَتْهُ وَفِيمَا أَنْفَقَتْهُ، فَاحْرِصُوا عَلَى وِقَايَةِ أَنْفُسِكُمْ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنِ الْمَالِ اَلْحَرَامِ, سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِالِاخْتِلَاسِ أَوْ بِالسَّرِقَةِ أَوْ بِالِاغْتِصَابِ, أَوْ بِالْخِيَانَةِ أَوْ بِالرَّشْوَةِ أَوْ بِالرِّبَا أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اَلْمَكَاسِبِ، وَلَا فَرْق فِي حُرْمَةِ اَلْمَالِ بَيْنَ اَلْمَالِ اَلْخَاصِّ اَلْعَائِدِ لِلْأَفْرَادِ أَوْ اَلْمُؤَسَّسَاتِ أَوْ اَلْمَالِ اَلْعَامِّ اَلْعَائِدِ لِبَيْتِ اَلْمَالِ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ اَلحَرَامِ اَلَّذِي يَجِبُ تَوَقِّيهِ،
عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَالْمُرَادُ بِالْعُمَّالِ هُنَا: الْمُوَظَّفُونَ فِي الدَّوَائِرِ الْحُكُومِيَّةِ أَوِ الْمُؤَسَّسَاتِ، بَلْ حَتَّى الْمُدَرِّسُونَ وَالْمُدَرِّسَاتُ، فَالْإِهْدَاءُ لَهُمْ فِي مُقَابِلِ مَا يَعْمَلُونَ لا يَجُوزُ، وَهُوَ نَوْعُ رِشْوَةٍ، وَالرِّشْوَةُ مَلْعُونٌ آخِذُهَا وَ مَلْعُونٌ مُعْطِيهَا, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مَمَّا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنَّ نَتَعَاوَنَ عَلَيْهُ هُوَ قَطْعُ دَابِرِ أَولَئِكَ الذِينَ يَنْتَهِكُونَ حُرْمَةَ المالِ العَامِّ, وَيَسْتَأْثِرُونَ بِهِ بِطَرِيقٍ حَرَامٍ عَلَى غَيْرِهِمْ, وَذَلِكَ بَالتَّبْلِيغِ عَنْهُمْ لَدَى الجِهَاتِ الرَّسْمِيَّةِ بَعْدَ التَّثَبُّتِ وَالتَّأَكِّدِ, وَهَذَا مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى الخَيْرِ وَدَفْعِ الشَّرِّ.
فاَللَّهُمَّ طَهِّرْ مَكَاسِبَنَا مِنْ كُلِّ مَا يُغْضِبُكَ، وَأَغْنِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، اَللَّهُمَّ أمِّنا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلَحَ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اَللَّهُمَّ وَفِّق وَلِيِّ أَمْرِنَا خَادِمَ اَلْحَرَمَيْنِ اَلشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيِّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ إِلَى كُلِّ بِرٍّ وَتَقْوَى يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكُ اَلْهُدَى وَالْتُّقَىَ وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنَّ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرَحَمْنَا لِنَكُونِنَ مِنْ اَلْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ، رَبَّنَا اِغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا اَلَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ، وَلَا تَجْعَل فِي قُلُوبِنَا غَلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيم, اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ اَلْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ بِفَضْلِكَ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيَت عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيم َإِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
المرفقات
1733247277_النَّزَاهَةُ وَحِفْظُ المالِ العَامِّ 6 جُمَادَى الثَّانِي 1446هـ.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق