النزاهة وحفظ المال العام

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1446/06/04 - 2024/12/06 01:10AM
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الرحمنِ الرحيمِ مالكِ يومِ الدينِ والعاقبةُ للمتقينَ ولا عدوانَ إلا على الظالمينَ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه ﷺ وعلى آلِه وصحبِه أما بعدُ فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ (( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ))
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ احْفَظُوا دِينَكُمْ وَإِيَّاكُمْ وَالْخِيَانَةَ وَالظُّلْمَ وَاحْذَرُوا أَكْلَ الْمَالِ الْحَرَامِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ قَالَ اللهُ تَعَالَى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )) إنَّ الحفاظ على المال العام والممتلكات العامة من جملة الأمانات التي أمَر الله تعالى بأدائها قال تعالى (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )) وقال النبي ﷺ كما في الحديث ( أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ ) رواه الترمذي واعْلَمُوا أَنَّ في الحَلالِ غُنْيَةً عن الحرام فإِن الكَسْبَ الحرامَ مُفْسِدٌ للدِّينِ والخُلُقِ وضَرَرُه عامٌّ على الأفرادِ والمُجْتَمعاتِ ومن أعظم صور خيانة الأمانة السرقة والاعتداء على الأموال والممتلكات العامة والخاصة والاختلاس وقبول الرشوة واستغلال المنصب للمصلحة الشخصية وقد وبخ النبي ﷺ من يستغل منصبه وعمله في استجلاب منافعه الخاصة فقال ( مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا ) أخرجه البخاري
عِبَادَ اللهِ إِنَّ النزاهةَ والعدلَ أصلُ كلِّ خيرٍ وَصَلَاحٍ وَبِنَاءٍ وَتَطَورٍ والفسادَ والظلمَ أصلُ كلِّ شرٍّ وللفسادِ الماليّ صُوَرٌ كثيرةٌ ومتعددةٌ من ذلك الاختلاسُ والسَّرِقَةُ والرشوةُ والتزويرُ والخيانةُ
فلا يَجوزُ للمُوَظَّفِ أَنْ يَسْتَغِلَّ الوَظِيفَةَ لِنَفْعِهِ الخاصِّ سواءً كانَ مُوَظَّفاً صَغِيراً أو كَبيراً وأَنْ لا يَقْبَلَ الهَدِيَّةَ مِن أَحَدٍ فإنْ فَعَلَ فَهِيَ غُلُولٌ يأتِي به يومَ القيامة ويَشْتَدُّ الأَمْرُ عِنْدما تَكُونُ الهَدِيَّةُ في مُقابِلِ خِدْمَةٍ قَدَّمَها وهذا يَدُلُّ عَلى أَنَّ النَّزاهَةَ والأَمانَةَ في الأموالِ ومُحارَبَةَ الفسادِ في ذلك والحِفاظَ عَلى المالِ العامِّ وعَدَمَ الاعْتِداءِ عَلَيْهِ مُسْئُولِيَّةُ الجَمِيعِ ومِمَّا يُوجِبُ علينا التَعاوُنَ
وإنَّا لَنحمدُ اللهَ تعالى أن أصبحت بلادنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين مثالًا يُحتذى به في محارَبة الفساد بكل صوره وأشكاله فكونوا يدًا واحدةً مع وُلاة أَمركم (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) رزقنا الله النزاهةَ والأمانة وأعاذنا من الخيانة وتضييع الأمانة وحفظَ علينَا نعمةَ الإيمانِ والصلاحِ وجنِّبنَا الفسادِ والإفسادِ وأخذَ بأيدينا إلى طريقِ الرشادِ والفلاح إن ربي سميع الدعاء
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَأَسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيَكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واعلموا أنَّ على الجميعِ مُحاربةَ الفسادِ ومُكافحتَه فهي ليستْ مسؤوليةَ شخصٍ محددٍ أو جهةٍ مُعيَّنةٍ أو فِئةٍ خاصَّةٍ بلْ هي مسؤوليَّةُ الجميعِ فعلى كلِّ فردٍ أن يؤديَ واجبَه الشرعيَّ والوطنيَّ وذلكَ بغرسِ القيمِ الأخلاقيةِ في النفوسِ بدءًا من الناشئةِ وأفرادِ الأسرةِ والمجتمعِ وتربيتهِم على حبِّ الأمانةِ وبغضِ الخيانةِ. كذلكَ على الجميعِ التِزامُ الصلاحِ والإصلاحِ والنزاهةِ والشفافيةِ وغرسُ الثِّقةِ في أجهزةِ الدولة وأنظمتِها والمساهمةُ في محاربةِ الفسادِ بجميعِ أشكالِه وصُورِه إداريًّا وماليًّا وأخلاقيًّا هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ قَولاً كَرِيمًا (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ولِمَا فِيهِ خَيرٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِيْنَ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِيْنَ وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِيْنَ وَاشْفِ مَرْضَانَا وَمَرضَى الْمُسْلِمِيْنَ وارْحمْ مَوتَانَا وَمَوتَى الْمُسْلِمِيْنَ وَخُصَّ مِنْهُم الآبَاءَ والأُمَّهَاتِ اللَّهُمَّ الْطُفْ بِحَالِ إِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِيْنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ) عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))
المرفقات

1733436560_خطبة الجمعة الموافق5 جمادى االآخرة 1446هـ عن النزاهة وحفظ المال العام.pdf

1733436615_خطبة الجمعة الموافق5 جمادى االآخرة 1446هـ عن النزاهة وحفظ المال العام.docx

المشاهدات 681 | التعليقات 0