النزاهة والأمانة ومحاربة الفساد
الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله الهويمل
النزاهة والأمانة ومحاربة الفساد والمحافظة على المال العام
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مِنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنَ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ ، أمَّا بَعد :-
فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ و ﴿ لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ .
ألا وإنَّ من أعظم الأمانات : حفظ المال العام ، وخطورة الاعتداء عليه ، ويدخل في المال العام : كل ما يدخل في ميزانية الدولة ، وكل مال ليس له مالك إلى بيت المال . فما هو منهج الكتاب والسنة في الحفاظ على المال العام ، وجزاء المعتدي عليه ؟
عِبَادَ اَللَّهِ : جَاءَ فِي صحيح البخاري مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ ، أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ » . فاَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ عَنْ شَيْءٍ يَكُونُ فِي مُسْتَقْبَلِ اَلزَّمَانِ وَهُوَ مِنْ عَلَامَاتِ آخِرِ اَلزَّمَانِ أَنَّهُ يَأْتِي أَقْوَامٌ لَا يُبَالُونَ فِيمَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلْمَكَاسِبِ وَالْأَمْوَالِ أَمِنَ حَلَالٍ كَانَتْ وَمِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ، أَمْ مِنْ حَرَامٍ وَكَسْبٍ خَبِيثٍ . فَالْحَلَالُ عِنْدُهُمْ هُوَ مَا حَلَّ فِي أَيْدِيهِمْ ، وَالْحَلَالُ عِنْدَهُمْ هُوَ مَا تَمَكَّنُوا مِنْ أَخْذِهِ وَتَحْصِيلِهِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ . وعن خولة بنت عامرٍ الأنصارية رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن رجالًا يَتخوَّضونَ في مال الله بغير حقٍّ ، فلهم النار يوم القيامة ) رواه البخاري . يقول ابن حجر : " أي : يتصرفون في مال المسلمين بالباطل " .
عباد الله : إِنَّ اَلْمَالَ الْعَامُّ تَجِبُ حِمَايَتُهُ ، وَعَدَمُ أَخْذِهِ بِأَيِّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ الْأَخْذِ بغير حق ، لأن ذلك يعتبر من الغُلول ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : ﴿ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 161] ، وقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا جَاءَ فِي صحيح مسلم مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ اَلْكَنَدِيَّ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : « مَنِ استعْمَلْناهُ منكم علَى عملٍ ، فكتمَنَا مِخْيَطًا فما فوقَهُ ، كان غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يومَ القيامَةِ » ، { مِنْ اِسْتَعْمَلْنَاهُ - أَيْ مِنْ وَلَيِّنَاهُ وَكَلَّفْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا أَيْ كَتَمَنَا شَيْئًا وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا بِقَدْرِ اَلْإِبْرَةِ فَالْمِخْيَطُ هُوَ اَلْإِبْرَةُ ، كان ذَلِكَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يومَ القيامَةِ . فَكُلُّ مَا يَأْخُذُهُ الْمَسْؤُولُ أو الموظف مِنْ مَالِ الدَّوْلَةِ ، أَوْ عَنْ طَرِيقِ سُلْطَتِهِ ، إِنَّمَا هَذَا غُلُولٌ ، سَيُسْأَلُ عَنْهُ مَنْ غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَرَوَى الْإمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : فُلَانٌ شَهِيدٌ ، وَفُلَانٌ شَهِيدٌ ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ ، فَقَالُوا : فُلَانٌ شَهِيدٌ ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا ، أَوْ عَبَاءَةٍ غَلَّهَا » .
عِبَادَ اللهِ : إِنَّ الْمَالَ الْعَامَّ وَالْمُحَافَظَةَ عَلَيْهِ ليس النَّقْدَ فَقَطْ ، بَلْ حَتَّى الْأَشْيَاءَ الْعَيْنِيَّةَ ، فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ أَعْطَاهُ اللهُ سُلْطَةً ، أَنْ يَسْتَغِلَّ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ سُلْطَةٍ لِتَحْقِيقِ مَزَايَا شَخْصِيَّةٍ مِنْ دُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ ، كَاسْتِغْلَالِ الْمَرْكَبَاتِ وَالْمُنْشَآتِ لِمَصَالِحِهِ الشَّخْصِيَّةِ ، ومِنَ الِاعْتِدَاءِ عَلَى الْمَالَ الْعَامِّ : اسْتِغْلَالُ السُّلْطَةِ بِتَوْظِيفِ مَنْ لَهُمْ عَلَاقَاتٌ بِهِمْ ، وَتَقْدِيمِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ ، مُقَابِلَ مَصَالِحَ شَخْصِيَّةٍ ، أَوْ مَبَالِغَ مَالِيَّةٍ ، فَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِنَ الظُّلْمِ وَاسْتِغْلَالِ السُّلْطَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا . فالْمَالِ الْعَامِّ أمَانَةٌ عَظِيمَةٌ ، يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ أُنِيطَتْ بِهِ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ فِي نَفْسِهِ ، وأن يكون صاحب أمانة ونزاهة ، يتصف بسمو الأَخلاقِ والاستقامة على الحق وَالبعد عن السوء وترك المحرمات والشبهات ، وَأَنْ يَحْذَرَ تَبْدِيدَ المال العام أَوْ صَرْفَهُ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهِ ، أَوْ الاعْتِدَاءِ عَلَيْهِ ، اسْتِغْلَالًا لِلسُّلْطَةِ وَالنُّفُوذِ ، فَهَذَا مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَحَرَّمَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حتى أن الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ حَتَّى الإِهْدَاءَ لِأَصْحَابِ الْمَنَاصِبِ ، فعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ : اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَسْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي ، قَالَ : فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ : { مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي أَفَلا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لا ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ : ( اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ مَرَّتَيْنِ ) رواه البخاري ومسلم . فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله وَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً مَعَ وُلاَةِ أَمْرِكُمْ فِي صَدِّ هَذَا الْفَسَادِ ، لِيَسْلَمَ مِنْ شَرِّهِ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ والتقوى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [ المائدة: 2] . أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا ، أَمَّا بَعْدُ :-
فاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَاحْذَرُوا الْغُلُولَ ، وَهُوَ الأَخْذُ مِنَ الْمَالِ الْعَامِ وَالتَّعَدِّي عَلَيْهِ بِدُونِ حَقٍّ ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ بِأَبْسَطِ الطُّرُقِ ، وَأَدَقِّ الشُّبَهِ الَّتِي يَظُنُّهَا الْبَعْضُ أَنَّهَا جَائِزَةٌ وَمُبَاحَةٌ ، وَمِنْ ذَلِكَ الْهَدَايَا وَالإِكْرَامِيَّاتُ وَالتَّسْهِيلاَتُ الَّتِي تُمْنَحُ لِلْعَامِلِينَ فِي الدَّوْلَةِ بِدُونِ إِذْنِ وَلِيِّ الأَمْرِ ، وجَرِيمَةِ الْغُلُولِ وَالتَّعَدِّي عَلَى الْمَالِ الْعَامِ صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ ، يَقَعُ فِيهِ الْكَثِيرُونَ مِنَ النَّاسِ الْيَوْمَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ بِشُبَهٍ شَيْطَانِيَّةٍ ، أَوْ فَتَاوَى تَصْدُرُ مِمَّنْ قَلَّ عِلْمُهُ وَذَهَبَ وَرَعُهُ ، كَقَوْلِهِمْ : إِنَّ هَذَا الْمَالَ مَالٌ عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ لَهُ الْحَقُّ فِيهِ ، أَوْ قَوْلُهُمْ : نَأْخُذُ كَمَا يَأْخُذُ غَيْرُنَا لِحَاجَتِنَا لِذَلِكَ ، وَهَذِهِ الشُّبَهُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً ، لأَنَّ الْمَالَ الْعَامَ حَقٌّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دَوْلَتِهِمْ ، وَمِلْكٌ لَهُمْ ، وَالْقَائِمُونَ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُمْ أُمَنَاءُ فِي حِفْظِهِ وَتَحْصِيلِهِ ، وَصَرْفِهِ لأَهْلِهِ بِتَفْوِيضٍ مِنْ وَلِيِّ الأَمْرِ ، فَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَيْهِ ، أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا لاَ يَسْتَحِقُّ ، وَقَدْ حَرَّمَ اللهُ الاِعْتِدَاءَ عَلَى الْمَالِ الْعَامِ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الاِعْتِدَاءِ .
عِبَادَ اللهِ : إِنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْمَالِ الْعَامِّ لَيْسَتْ مَنُوطَةً بِالْمَسْؤُولِ عَنِ الْمُنْشَأَةِ فَقَطْ ، بَلْ بِجَمِيعِ مَنْسُوبِي هَذِهِ الْمُنْشَأَةِ ، وَقَدْ يَأْتِي الْخَلَلُ مِنَ الصِّغَارِ قَبْلَ الْكِبَارِ . فعلى الجميعِ مُحاربةَ الفسادِ ومُكافحتَه ، فهي ليستْ مسؤوليةَ شخصٍ محددٍ أو جهةٍ مُعيَّنةٍ أو فِئةٍ خاصَّةٍ ، بلْ هي مسؤوليَّةُ الجميعِ ، فعلى كلِّ فردٍ أن يؤديَ واجبَه الشرعيَّ والوطنيَّ ، وذلكَ بغرسِ القيمِ الأخلاقيةِ في النفوسِ ، بدءًا من الناشئةِ وأفرادِ الأسرةِ والمجتمعِ ، وتربيتهِم على حبِّ الأمانةِ وبغضِ الخيانةِ .
وكذلكَ على الجميعِ التِزامُ الصلاحِ والإصلاحِ ، والأمانة والنزاهةِ والشفافيةِ ، وغرسُ الثِّقةِ في أجهزةِ الدولة وأنظمتِها ، والمساهمةُ في محاربةِ الفسادِ بجميعِ أشكالِه وصُورِه ، إداريًّا وماليًّا وأخلاقيًّا ، والتعاونُ كلٌّ على قدرِ استطاعتِه ، كي نصلَ بإذنِ اللهِ تعالى إلى الخيرِ والتوفيقِ والفلاحِ والنجاحِ ، وانتشارِ الأمنِ والطمأنينةِ والعدالةِ . أسألُ اللهَ تعالى أن يحفظَ علينَا نعمةَ الإيمانِ والصلاحِ ، وأن يجنِّبنَا مظاهرَ الفسادِ والإفسادِ ، وأن يأخذَ بأيدينا جميعًا إلى طريقِ الفلاحِ والرشادِ .
وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَمْنِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُحَاسَبَ عَلَى عَمَلِ غَيْرِهِ ، قال تعالى : ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ فَسَتُسْأَلُ أَنْتَ عَمَّا اِكْتَسَبَتْهُ وَفِيمَا أَنْفَقَتْهُ ، فَلَا يَغُرَّنَّكَ كَثْرَةُ اَلهَالِكِينَ فَتَكُونَ مِنْهُمْ ، وَاحْرِصُوا عَلَى وِقَايَةِ أَنْفُسِكُمْ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكُمْ شَيْءُ مِنْ اَلْمَالِ اَلْحَرَامِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِالِاخْتِلَاسِ أَوْ بِالسَّرِقَةِ أَوْ بِالِاغْتِصَابِ أَوْ بِالْخِيَانَةِ أَوْ بِالرَّشْوَةِ أَوْ بِالرِّبَا أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اَلْمَكَاسِبِ ، وَلَا فَرْق فِي حُرْمَةِ اَلْمَالِ ، بَيْنَ اَلْمَالِ اَلْخَاصِّ اَلْعَائِدِ لِلْأَفْرَادِ أَوْ اَلْمُؤَسَّسَاتِ أَوْ اَلْمَالِ اَلْعَامِّ اَلْعَائِدِ لِبَيْتِ اَلْمَالِ . اَللَّهُمَّ طَهِّرْ مَكَاسِبَنَا مِنْ كُلِّ مَا يُغْضِبُكَ ، وأَغْنِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ .. هذا وصلُّوا وسلِّموا على نبيكم كما أمركم بذلك ربكم فقال : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين ، وعن سائر الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنَّا معهم بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ، وانصر عبادك المؤمنين ، اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم احفظ إمامنا وولي عهده بحفظك وأيدهم بتأييدك وأعز بهم دينك ياذا الجلال والإكرام . اللهم وفقْهُم لهُدَاكَ واجعلْ عمَلَهُم في رضاكَ ، اللهم وارزقْهُم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ التي تدلُهُم على الخيرِ وتعينهم عليه . اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين . اللهم أمّن حدودنا واحفظ جنودنا . اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين . ( اللهم أنت الله لا إله إلا أنت ، الغنيُّ ونحن الفقراء ، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا . اللهم أسقنا سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ، اللهم أسقِ عبادَك وبهائمك ، وانشُرْ رحمتك وأحيِ بلدَك الميتَ ، اللهم أغثنا غيثاً مغيثا ، هنيئاً مريئا ، نافعًا غير ضار ، عاجلاً غير آجل ، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالأمطار ) ، { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } . وأقم الصلاة .
( خطبة الجمعة 5/6/1446هـ . جمع وتنسيق خطيب جامع العمار بمحافظة الرين / عبد الرحمن عبد الله الهويمل للتواصل جوال و واتساب / 0504750883 ) .
المرفقات
1733167478_النزاهة والأمانة ومحاربة الفساد والمحافظة على المال العام.docx