النداء الحق الأذان   1439/6/28هـ

عبد الله بن علي الطريف
1439/06/28 - 2018/03/16 00:49AM
النداء الحق الأذان   1439/6/28هـ
أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وعلى أله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.. أما بعد: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [سورة آل عمران آية 102]
 أيها الإخوة: اعلموا أن رَأْسَ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودَهُ الصَّلَاةُ، وهي أول ما أوجبه الله تعالى من العبادات، فقد فرضها الله على نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة المعراج، بغير واسطة؛ تعظيماً لشأنها.
ولما هاجر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة وقامت دولة الإسلام، وشيد مسجده، احتاجوا لما يشعرهم بوقت الصلاة.. حدّث عن ذلك ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما فقَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ، فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَوَاتِ أي: [يُقَدِّرُونَ حِينَهَا لِيَأْتُوا إِلَيْهَا فِيهِ] وَلَيْسَ يُنَادِي بِهَا أَحَدٌ، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَالَ: بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا قَرْنًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ: فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بِلَالُ، قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ" رواه البخاري مسلم.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِعْلَامٌ لَيْسَ عَلَى صِفَةِ الْأَذَانِ الشَّرْعِيِّ بَلْ إِخْبَارٌ بِحُضُورِ وَقْتِهَا" قال النووي: "وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحْتَمَلٌ أَوْ مُتَعَيَّنٌ" ثم قال رحمه الله: "فَقَدْ صَحَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ رَأَى الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُهُ بِهِ، فَجَاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، فَيَكُونُ الْوَاقِعُ الْإِعْلَامَ أَوَّلًا، ثُمَّ رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَذَانَ فَشَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ"
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى! قَالَ: فَقَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَتَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ فَقَالَ: "إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ" فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ.. قَالَ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ وَيَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى! فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَلِلَّهِ الْحَمْدُ!". رواه أبو داود والترمذي وأحمد وحسنه الألباني وكان هذا فِي السَّنَةِ الأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ عَلَى الأَصَحِّ.
أيها الأحبة: بالأذان يدعى لصلاة الجماعة، ويُعلمُ بدخول وقت الصلاة، ويُعْلى اسم الله تعالى بالتكبير.
وبالأذان يُظهرُ شرعُ الله، ويُرفعُ ذكرُ رسولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي الأذان نداء الناسِ إلى الفلاح والنجاح.. وهو على قلة ألفاظه مشتملٌ على مسائلِ العقيدة.
والأذان مِنْ خَصَائِصِ الإِسْلاَمِ وَشَعَائِرِهِ الظَّاهِرَةِ، وهو فرض كفاية للصلوات الخمس المكتوبة، ولَوِ اتَّفَقَ أَهْل بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهِ قُوتِلُوا.
وهو علامةُ بلاد الإسلام، فقد كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ. رواه البخاري.
والأذان أفضل من الإمامة، قال شيخنا محمد العثيمين رحمه الله: اختلف العلماء أيهم أفضل: الأذان أم الإقامة أم الإمامة؟ والصحيح أن الأذان أفضل؛ لورود الأحاديث الدالة على فضله.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ [أي: الأذان] وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ [من الفضيلة] ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا [أي: لاقترعوا] وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ [التبكير للصلاة] لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ [العشاء] وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا" [الحبو أن يمشي على يديه وركبتيه] رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ، وَالْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ، وَيُصَدِّقُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ" رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. أي: إنه يستكمل مغفرة الله تعالى إذا استوفى وسعه في رفع الصوت، فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية في الصوت.
ودعا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمؤذنين والأئمة فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ" رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الألباني. ومعنى أن الإمام ضامن أي: يحفظ على القوم صلاتَهم، والمؤذن أمينٌ على مواقيت صلاتهم.
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". رواه مسلم عَنِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قيل: المعنى: إذا ألجم الناسَ العرقُ يوم القيامة طالت أعناق المؤذنين لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق.ِ وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَذَّنَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ حَسَنَةً، وَلِكُلِّ إِقَامَةٍ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً" رواه ابن ماجة والبيهقي وصححه الألباني، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالنُّجُومَ وَالْأَظِلَّةَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه الطبراني في الدعاء، والحاكم، وقال الألباني: صحيح لغيره. عن عبد الله بن أبي أوفى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ والمعنى أن المؤذنين خيار عباد الله، فهم الذين يرقبون الوقت للأذان.
وَقَالَ رَسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ الرَّجُلُ بِأَرْضِ قِيٍّ [أي: قفر] فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَتَوَضَّأْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً فَلْيَتَيَمَّمْ، فَإِنْ أَقَامَ [أي: للصلاة] صَلَّى مَعَهُ مَلَكَاهُ، وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ مَا لَا يُرَى طَرَفَاهُ" رواه عبد الرزاق وصححه الألباني عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فهنيئاً لمن أمضى عقودا من السنين مؤذناً يبتغي بذلك وجه الله!.
اللهم وفقنا لسبل الخير، واغفر لنا ولوالدينا، وصلَّى الله وسلم على محمد…
الخطبة الثانية:
أما بعد: فاتقوا الله أيها الإخوة، وسابقوا إلى مسببات المغفرة والرضوان.
وإن من المسابقة للخيرات المسابقة إلى الأذان، وإن مما يؤسف له أنك ترى عدداً من المساجد بلا مؤذنين، مع ما أعده الله تعالى من الفضل للمؤذنين كما سمعتم.
وإن من الزهادة في الخير أن يحجم الناس عن الأذان حتى في رحلاتهم وأسفارهم، وتدافعوا الأذان، وربما صلوا بلا أذان، وحرموا أنفسهم ذلك الخير، وهذا من الحرمان العظيم.
أحبتي: انظروا كيف يوصي أَصْحَابُ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ عَلَى هَذِه السنةِ، وكيف يرغبونهم بها! فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْمَازِنِيِّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" قَالَ أَبُو سَعِيدٍ -رضي الله عنه-: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه البخاري وغيره.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَعْجَبُ رَبُّكُمْ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ [وهي القطعة المرتفعة من رأس الجبل] يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ يَخَافُ مِنِّي، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ" رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
أحبتي: كم أسعد ويسعد كل مسلم حين يرى الناس في الطرق بين المدن يقفون للصلاة، فما إن يدخل الوقت إلا وتجدهم قد وقفوا للصلاة زرافات ووحدنا.
وهنا تنبيهان:
الأول: احرصوا على الأذان والإقامة، ولو كنت وحدك؛ لتحصل على الفضل.
الثاني: تأكدوا من القبلة، وصلوا جماعة ولو كنت أنت وامرأة واحدة تقف خلفك؛ لتدركوا فضل الجماعة.
أما من لم يكن مؤذناً فلا يفوتنه أجر إجابة المؤذن؛ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قُلْ كَمَا يَقُولُونَ، فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ" رواه أبو داود والنسائي وابن حبان وصححه الألباني عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
وصح عن النبي أن من قال مثل قول المؤذن، ثم دعا بما ورد حلت له شفاعة النبي.
ومن قال بعد الشهادتين: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسولا غفر الله له ذنوبه. من قال مثل ما قال هذا أي: المؤذن يقينا دخل الجنة.
 
 
المشاهدات 1657 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا