الناس كإبل مائة..!

HAMZAH HAMZAH
1440/06/16 - 2019/02/21 09:55AM

الناس كإبل مائة..!

د. حمزة فايع الفتحي

25/3/1425هـ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعـــد :
إيها الإخوة في الله: من روائع الكلم النبوي قوله (الناس كإبلٍ مائة لا تكاد تجد فيها راحلة) الأمة مليار وربع، لا تكاد يوجد فيها حملة النصر، ولا أرباب التمكين،! ومحبو الخير مئات الآلاف ولكن دول وجد واجتهاد، وطلاب العلم بالآلاف ، ولكن لاهم ولا دعوة ولا بلاغ .
ما هذا التقاعس؟! وما هذا الهزيمة ؟ ! ينشط أحدنا لدنياه، ويغضب لمصالحة، ولا يتحرك لدينه، ولا يشارك في قضايا أمته .
يملأ أحدهم بطنه، ويقول الدين بخير، والأمة إلى رشاد، ثم لا يزال جبانا منهزما متقاعساً .
أبُني إنّ من الرجال بهيمةً
في صوره الرجل السميع المبصرِ
فطنٌ بكل مصيبة في مالهِ
وإذا يُصابُ بدينه لم يَشـعرِ
أين حملة الشهادات، ورجال الفكر والثقافة، والمتعلمون ، لتبليغ هذا الدين ونشره في الناس؟!
الجهل مطبق، والتخلف طاغٍ !! هل العمل الارتخاء أم أن العمل طلب الراحة، والفرار من المسئولية ؟!
مناطق وجهات تعج بالجهل والجهالات ، والظلمة والظلمات ولا مبلّغ، ولا ناصح ولا مذكر!! .
تخرج الأمة الآفاً بل ملايين من حملة العلم ، وأرباب الفكر والتوجيه ، فأين دورهم؟!
إن هذا الدين لا يقوم يامسلمون، إلا بقيام أهله به، وأدائهم لرسالته كما قد قضى الله تبارك وتعالى :
قال تعالى (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ). ( محمد: 7).
وفي الحديث (احفظِ الله يحفظك) .
فأين من يشارك بالكلمة الصادقة ، والدعوة الناصحة، والموعظة المؤثرة، ويترك أسلوب النقد والتخذيل والتثبيط الذي لا يخدم الدعوة، بل يضر بها كثيراً .
يستطيعأبناء الثانويات ومن دونهم، المشاركة في تعليم الكبار والعجائز في القرى والمناطق النائية ، فكيف بالخريجين والمتأهلين ؟!
ذكروا في ترجمة أبي عبد الرحمن السلمي المقرئ المشهور رحمه الله، أنه مكث أربعين سنة في مسجد الكوفة يدرس الناس القرآن لما سمع حديث عثمان (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ويقول : هذا الذي أقعدني المقعد .
وعندنا حفاظ وقراء وجادون ، أين هم من هذا الفضل ؟!
إن أمتكم تبحث عن هذه الراحلة النجيبة التي تستشعر المسؤولية، وتمتطي صهوة العمل، وتحس بواجب الوقت والبيئة (ولينصرن الله من ينصره) الحج: 41).
لقد قدر الله تعالى، وحكم أن ديننا إنما يقوم به أهله، ويضطلع به حملته، ومتى ما تخلوا عنه استبدلهم بغيرهم.
ولذا وجب العمل ، وتعين التحرك.. ولكن هذا العمل يستوجب علينا تجديد اساليبنا واعادة بناء الانسان من جديد، وملامسة الواقع الشبابي، فإن الرهان كثيرا على العنصر الشبابي ذكورا وإناثا، وتأملوا كيف ربى رسول الله الشباب واعتنى بهم.
وليعلم بأن صلاحهم صلاح للأمة والأوطان.
انظر كيف اختار مصعبا رضي الله عنه لمهمة دعوية ضخمة، فانتج فيها وابدع، ورشح أسامة للقيادة، ولم يبال بطعونات الناس، وجعله رمزا للقيادة والشجاعة..! ولا تخلو مجتمعاتنا من شباب كاولئك لو توفرت المحاضن الحقيقية.
وبعضهم رؤيته تبهج القلب، فهو شعلة نشاط، وأداة تغيير، وسفينة لا تكدّرها العواصف، يقول ويفعل، ويعمل ويحشد، ويرسم ويُمتع، ومثله يُلتمس ويُعض عليه بالنواجذ، فإنه نسخة نادرة.!
فبرغم تأكيدنا على أهمية العمل الجماعي والحراك المؤسسي ، إلا إننا أحيانا ، نحتاج إلى عباقرة أفذاذ، يتحركون في كل اتجاه، ويضربون نحو كل أفق، يُدعون فيفعلون ، ويأمنون ويؤمنون ، ويُنتدَبون فيتقنون، وتُسند إليهم المهام، فيُبهرونك بالجودة، والطيب والإتقان ...والله يحب المحسنين. لديهم حزم وعزم، وعلم وعقل، وهمة وانطلاق.إذ ما تفرق في غيرهم ، اجتمع فيهم قولا وفعلا وتحملا..،وكما قيل في بعض هؤلاء.
لولا المشقة ساد الناس كلهمُ
الجود يُفقر والاقدام قتالُ
تشبّههم أحيانا بالفاروق عمر، أو بعلي الهمام، أو بعمرو الفذ، أو بسيد الأنصار سعد، رضي الله عنهم،،! وأستذكر هنا ثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي طلحة الأنصاري: لصوتُ أبي طلحة خير من فئة.
كما عند أحمد، وفي رواية (خير من ألف رجل) . كما عند الحاكم وصححه الألباني .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه,,
أقول قولي هذا وأستغفر الله............
الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ....
أيها الإخوة الفضلاء: إن دين الله يحتاج إلى رجال يخدمونه وأناس يحرصون عليه، ويضحون من أجله، وهذا يتطلب أن نعيد نظرتنا للعمل الدعوي، وأن نجدد مناهجنا التعليمية والتربوية، فيعتني المعلم والمربي بوسائل البناء الحديث، ويدنو من النشء، ويتفانى العالم في درسه، والواعظ في عظته، والطبيب في طبه، والمهني في مهنته، والإمام في صلاته، والعامل في عمله وكل يخدم الإسلام من ثغره وجهته، قال صلى الله عليه وسلم( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).
وهذا يتطلب من أمور:
أولاها: الإحلاص لله تعالى وتحسين النية على الدوام.
ثانيها: التفاني في العمل وإنجاز المهمة المطلوبة.
ثالثها: التعلم من هدي رسول الله وهمم السلف زكيف ضحوا وسارعوا
رابعا: نبذ الكسل والتراخي وكثرة الاعتذار.
خامسها: تشوق النجاح، وخدمة الآخرين واحتساب الأجر عند الله وذاك من أسباب السعادة.

المشاهدات 975 | التعليقات 0