المَولِدِ النَّبَوِيِّ مِنْ مُحْدَثَاتُ الْأُمُورِ

محمد البدر
1441/03/10 - 2019/11/07 01:08AM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللهِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ﴾. وَ قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِن كُنتُم تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُوني يُحبِبْكُمُ اللهُ وَيَغفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُم وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم :« بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْبِلاَدِ, وَالنَّصْرِ وَالرِّفْعَةِ فِي الدِّينِ, وَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعَمَلِ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا فَلَيْسَ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ » رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
ويقول الإمام مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ: وَمِنْ أَحْدَثَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَلَفُهَا فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ الدِّينَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾. [المائدة: 3] فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، لَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا.
عِبَادَ اللهِ: الاحتفال بالمولد لم يفعله النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يأمر به ولم يحتفل به أحب الخلق من الرجال إليه وأحب الخلق من النساء إليه ذالكما أبو بكر وابنته عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كذلك لم يحتفل الصحابة رضي الله عن الجميع فَإِنَّهُم كَانُوا أَشَدَّ مِنَّا مَحَبَّةً لِلنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعظِيمًا لَهُ، وَهُم عَلَى الخَيرِ أَحرَصُ وَإِلى البِرِّ أَسبَقُ، وَلَكِنَّهُم عَلِمُوا أَنَّ مَحَبَّتَهُ عليه الصلاةُ والسلامُ وَتَعظِيمَهُ في مُتَابَعَتِهِ وَطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمرِهِ وَإِحيَاءِ سُنَّتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَنَشْرِ مَا بُعِثَ بِهِ وَالجِهَادِ عَلَى ذَلِكَ بِالقَلبِ وَاليَدِ وَاللِّسَانِ، فَعَمِلُوا بِذَلِكَ وَسَارُوا عَلَيهِ و لم يحتفل التابعين ولا القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية ونعلم علم اليقين أن النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاء بالدين كاملا وافيا تاما، أما ما أحدثه الناس بعد وفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فهي من محدثات الأمور و النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن ليحتفل في حياته بولادته ذلك لأن الاحتفال بولادة إنسان ما إنما هي طريقة نصرانية كذلك عيسى عليه الصلاة والسلام نفسه لم يحتفل بولادته مع أنها ولادة خارقة للعادة وإنما الاحتفال بولادته من البدع التي ابتدعها النصارى في دينهم وهي كما قَالَ تَعَالَى: ﴿ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ والله عز وجل أمرنا بالاقتداءبالأنبياء قَالَ تَعَالَى: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾فلا يصح لإنسان يخشى الله ويقف عند حدود الله ويتعظ بقول الله عز وجل ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾فمن الذي أحدث هذا الاحتفال من بعد هؤلاء الرجال الذين هم أفضل الرجال ولن تلد النساء أمثالهم ،وليعلم الجميع أن احتفال الناس بالمولد ليس حباً للنَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما زعموا وانما هو اتباعاً للعواطف وحبا للهوى والشهوات و جهلاً أو تجاهلاً للحدود المشروعة قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِن كُنتُم تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُوني يُحبِبْكُمُ اللهُ وَيَغفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُم وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
 عِبَادَ اللهِ: إن تاريخ مولد النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يثبت فيه شيء لا تاريخياً ولا شرعيا وإنما ثبت تاريخ وفاته فهل نفرح بذلك ونحتفل،ومن العجائب في هذا الزمان أن كل الفرق الضالة والتي تخالف كل ما جاء به النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،تحرص وتهتم وتستعد لإحياء هذا المولد المحدث ،أمثال الرافضة الذين يتهمون عائشة رضي الله عنها بالزنا ويلعنون الشيخين أبا بكر وعمر، ويكفرون الصحابة، كذلك يحتفل بالمولد النصيرية و البهائية والصوفية عباد القبور والأضرحة وغيرهم من الفرق الضالة والمنحرفة قَالَ تَعَالَى: ﴿فَليَحذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصِيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصِيبَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم :« لا تُطرُوني كَمَا أَطرَتِ النَّصَارَى ابنَ مَريم، فَإِنما أَنَا عَبدٌ، فَقُولُوا: عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ»  رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُل يَا أَهلَ الكِتَابِ لاَ تَغلُوا في دِينِكُم غَيرَ الحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهوَاءَ قَومٍ قَد ضَلُّوا مِن قَبلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾.
 
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا.......
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَاعلَمُوا أَنَّ مَا يَفعَلُهُ بَعضُ الرَّافِضَةِ المَخذُولِينَ أَوِ الصُّوفِيَّةِ المُخَرِّفِينَ مِن غُلُوٍّ في أَهلِ البَيتِ عَامَّةً أَو في رَسُولِ اللهِ خَاصَّةً - إِنما هُوَ أَمرٌ مُحدَثٌ مُبتَدَعٌ مُختَرَعٌ، لم يَأذَنْ بِهِ اللهُ وَلم يَرضَهُ رَسُولُهُ، وَلم يَفعَلْهُ مَن أُمِرنَا بِاتِّبَاعِهِم وَالأَخذِ بِسُنَّتِهِم مِنَ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهدِيِّينَ وَالصَّحَابَةِ المَرضِيِّينَ، وَلم يَصنَعْهُ أَحَدٌ مِن أَهلِ القُرُونِ المُفَضَّلَةِ، وَإِنما هُوَ أَمرٌ جَاءَت بِهِ دَولَةُ العُبَيدِيِّينَ المُسَمَّاةُ زُورًا وَبُهتَانًا بِالدَّولَةِ الفَاطِمِيَّةِ، فَاحذَرُوا مِن ذَلِكَ وَكُونُوا مِنهُ عَلَى مَنَاعَةٍ، وَحَافِظُوا عَلَى عَقِيدَتِكُم، وَأَخلِصُوا للهِ تَوحِيدَكُم وَقَصدَكُم. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ﴾..الا وصلوا ...
المشاهدات 1094 | التعليقات 0