المَوَاقِيتِ -الأَنساكِّ ثَّلاثَةِ الإفرادِ،القِرانِ، التمَتُّعِ

محمد البدر
1444/11/19 - 2023/06/08 04:19AM

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾.وَقَالَﷺ:«بُنِيَ الإِسْلامُ عَلى خَمْسٍ:شَهادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.الحج ركن عظيم من أركان الإسلام العظيم، فبرغم المشقة التى يلقاها الحجاج لقضاء تلك الفريضة إلا أن الأمر قديمًا كان أكثر صعوبة، فكان الحجيج يسيرون على أقدامهم للوصول إلى الكعبة، ويستخدم بعضهم الجمال، بينما يستخدم القليل منهم السيارات من أجل السفر إلى الأراضى المقدسة،وجميع الحجاج كانوا يودعون أهلهم وأصدقائهم وجيرانهم وأبنائهم لأنهم قد لا يعودون أبداً وبالفعل البعض قد يعود بعد عدة أشهر والبعض قد لا يعود لشدة المشقة وفقدان الأمن ،الأمر الذى أصبح أكثر سهولة الآن بعد إرساء الأمن من قبل الدولة السعودية وبعد التقدم التكنولوجي الذى يشهده العالم، حيث الطائرات والبواخر والقطارات والسيارات ولله الحمد والمنة ، فمن استطاع الحج وتوفرت فيه شروط وجوبه، وجب عليه الحج على الفور، ولا يجوز له تأخيره.

عِبَادَ اللَّهِ:الإحرام لا يكون الا من  المواقيت التي وقتها النبيﷺفإذا وصل إلى الميقات أحرم منه أو اذا حاذاه سواءً كان في السيارة أو الطائرة أو الباخرة لبى بنية الدخول في النسك أو العمرة قبل أن يتجاوزه،وقبل ذلك عليه أن يغتسل كما يغتسل للجنابة، ويتطيب بأطيب ما يجد من دهن عود أو غيره في رأسه ولحيته، ثم بعد الاغتسال والتطيب يلبس ثياب الإحرام ولا يضره بقاء ذلك بعد الإحرام قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:«كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ، فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِﷺوَهُوَ مُحْرِمٌ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،قَالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّﷺأَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا، لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا»رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَبِيصَ الْمِسْكِ:بَرِيقُهُ،وَلَمَعَانُهُ.ومن كان خائفاً من عائق يعوقه فينبغي أن يشترط فَعَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَتَتِ النَّبِيَّﷺفَقَالَتْ:يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَكَيْفَ أَقُولُ قَالَ:«قُولِي، لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، وَمَحِلِّي مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ تَحْبِسُنِي، فَإِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ»قَالَ الأَلبَانيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، فإذا حصل له ما يمنعه فإنه يحل ولا شيء عليه.والمواقيت المكانية هي الأماكن التي حددها الشارع للإحرام منها فلا يجوز لمن يريد الحج أو العُمْرَة أن يتجاوزها إِلا بإِحرام، فَعَنِ ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:«وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِﷺلأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ.قَالَ:«فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَن كان دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حيثُ أنْشَأ، حتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّة»متفقٌ عَلَيْهِ. وَ عَنِ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مرفوعاً، يُسْأَلُ عَنِ الْمُهَلِّ فَقَالَ:سَمِعْتُ-أَحْسَبُهُ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّﷺفَقَالَ:«مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ الْجُحْفَةُ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺ«وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.والمواقيت هي ذو الحُلَيْفَة:وهو الآن في الجهة الجنوبية من المدينة النبوية،ويسمى(أبيار علي)وهو ميقات أهل المدينة.وَالجُحْفة:وهي قريبة من مدينة رابغ،وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب.وَيَلَمْلَم:وهو وادٍ كبير في طريق أهل اليَمَن إلى مَكَّةَ،ويسمى اليوم:السعدية،وهو ميقات أهل اليَمَن.وَميقات قَرْنُ المنازل:ويسمى الآن بالسيل الكبير، وهو ميقات أهل نجد والطائف، وأعلاه على طريق الطائف من جهة الهَدَى مكان يسمى:وادي محرم، وكلاهما ميقات لأهل نجد، ولمن يأتي عن طريق الطائف.وميقات ذاتُ عِرْق:سمي به لأن به عرقا والعرق هو الجبل الصغير وتسمى الآن (الضريبة أو الخريبات)وهي مكان شرق مكة ، وهي الآن مهجورة.وهي ميقات أهل المشرق(العراق وإيران وما وراءهما).

عِبَادَ اللَّهِ:الأَنساكِ ثَّلاثَةِ وهي:الإفرادِ،القِرانِ، التمَتُّعِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَة:والإجماعُ على ذلك.قَالَﷺ:«مَن أرادَ منكم أن يُهِلَّ بحَجٍّ وعُمْرَةٍ، فلْيَفْعَلْ، ومن أراد أن يُهِلَّ بحَجٍّ فلْيُهِلَّ، ومن أراد أن يُهِلَّ بعُمْرَةٍ فلْيُهِلَّ وَ قَالَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِﷺبِحَجٍّ وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ وَأَهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ وَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وصفة الأَنساكِ الثَّلاثَةِهي:

الإفرادِ هو أن يحرم بالحج مفردا، وبعد انتهاء الحج يأخذ عمرة من التنعيم إن شاء، ولا دم عليه.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:التمَتُّعِ:هو أن يحرم بالعمرة في أَشْهُرٌ الْحَجّ وَهِيَ:شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَتِسْعٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، أوَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّة- فإذا فرغ من أعمالها، وحل منها، أحرم بالحج في عامه من مكة أو من قريب منها، وعليه الهدي وأفضَلُ الأَنْساكِ التمتُّعُ لِمَن لم يَسُقِ الهَدْيَ قَالَ تَعَالَى:﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾.واما القِرانِ فهو أن يقرن بين الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ،فيحرم بهما جميعا،وله صورة ثانية:

وهي أن يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل أن يشرع في طوافها وعليه الهدي، كما تقدم في التمتع. ولا يجب الهدي على المتمتع والقارن إلا بشرط ألَّا يكونا من حاضري المسجد الحرام، أي:لا يكونا من سكان مكة أو الحرم، فإن كانوا من سكان مكة أو الحرم فلا هدي عليهم قَالَ تَعَالَى:﴿ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.ويلزم الهدي أهل جُدّة إذا أحرموا بتمتع أو قِران؛ لأنهم ليسوا من حاضري المسجد الحرام،ومتى عَدِمَ المتمتع والقارن الهدي أو ثمنه بحيث لا يكونُ معه من المال إلا ما يحتاجه لنفقته ورجوعه فإنه يسقط عنه الهدي، ويلزمه الصوم؛قَالَ تَعَالَى:﴿فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله  يجوز أن يصوم الأيام الثلاثة في أيام التشريق، وهي الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، ويجوز أن يصومها قبل ذلك بعد إحرام العمرة، ويجوز أن يصوم هذه الأيام الثلاثة متوالية ومتفرقة، لكن لا يؤخرها عن أيام التشريق. أما السبعة الباقية فيصومها إذا رجع إلى أهله، إن شاء صامها متوالية، وإن شاء متفرقة" انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (24/ 376). عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1686187147_المَوَاقِيتِ -الأَنساكِّ ثَّلاثَةِ الإفرادِ،القِرانِ، التمَتُّعِ.pdf

المشاهدات 474 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا