المسجد الأقصى

محمد الخنفري
1438/10/26 - 2017/07/20 15:34PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

هذه أول مشاركة لي في هذه الملتقى الطيب النافع,

وهي خطبة عن المسجد الأقصى, مستفادة من خطبة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله,

نسأل الله أن يكبت اليهود, وينصر المسلمين.

وأسأله سبحانه أن يستعملنا في طاعته ومرضاته.

 

 

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين..أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله -, واستنزلوا رحمات الله وبركاته بالتقوى, { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}, رزقني الله وإياكم تقواه.

أيها المسلمون:

في الجمعة الماضية: صلى المسلمون صلاة الجمعة, وبقي مسجد عظيم وبيت من بيوت الله لم تؤد الصلاة فيه.

في الجمعة الماضية: صعد الخطباء منابرهم ووعظوا الناس وذكروهم, وبقي منبر ذلك المسجد لم يخطب عليه.

في الجمعة الماضية: تجددت صورة من صور عداوة اليهود للمسلمين, فأغلقوا المسجد الأقصى, وحالوا بين المسلمين و ذلك المسجد في حادثة لم تقع لهذا المسجد منذ عشرات السنين.

ذلك المسجد الذي أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ليعرج من هناك إلى السماوات العلى إلى الله جل وتقدس وعلا.

إنه لثاني مسجد وضع في الأرض لعبادة الله وتوحيده, ففي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله, أي مسجد وضع في الأرض أول؟, قال: (المسجد الحرام), قلت: ثم أي؟ قال: (المسجد الأقصى), قلت: كم بينهما؟ قال: (أربعون سنة).

إنه لثالث المساجد المعظمة في الإسلام التي تشد الرحال إليها لطاعة الله وطلب المزيد من فضله وكرمه, قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام, ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم, والمسجد الأقصى) .

إنه القبلة الأولى التي استقبلها المسلمون في صلاتهم قبل أن يوجهوا إلى الكعبة, وبقوا يصلون الصلوات الخمس إلى الأقصى ما يقارب الأربع سنوات.

إنه المسجد الذي يقع في الأرض المقدسة المباركة مقر أبي الأنبياء إبراهيم وبنيه سوى إسماعيل عليهم الصلاة والسلام.

أيها المسلمون:

كان المسجد الأقصى بيد النصارى من الروم من قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ثلثمائة سنة حتى أنقذه الله من أيديهم بالفتح الإسلامي على يد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في السنة الخامسة عشرة من الهجرة فصار المسجد الأقصى بيد أهله ووارثيه بحق وهم المسلمون : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }, وبقي في أيدي المسلمين حتى استولى عليه النصارى أيام الحروب الصليبية في الثالث والعشرين من شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمئة (492هـ), فدخلوا القدس في نحو مليون مقاتل وقتلوا من المسلمين نحو ستين ألفًا, ودخلوا المسجد واستولوا على ما كان فيه من الأموال, وكان يوما عصيبا على المسلمين, أظهر النصارى شعائرهم في المسجد الأقصى, فنصبوا الصليب وضربوا الناقوس, وبقي النصارى في احتلال المسجد الأقصى أكثر من تسعين سنة حتى استنقذه الله من أيديهم على يد صلاح الدين الأيوبي يوسف بن أيوب رحمه الله في السابع والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمئة (583هـ) ، وكان فتحاً مبيناً ويوماً عظيماً أعاد الله فيه إلى المسجد الأقصى كرامته, وكسرت الصلبان ونودي فيه بالأذان وأعلنت فيه عبادة الواحد الديان, ثم إن النصارى أعادوا الكرة على المسلمين وضيقوا على الملك الكامل ابن أخي صلاح الدين فصالحهم على أن يعيد إليهم بيت المقدس ويخلوا بينه وبين البلاد الأخرى وذلك في ربيع الآخر سنة ست وعشرين وستمئة (626هـ) ، فعادت دولة الصليب على المسجد الأقصى مرة أخرى وكان أمر الله مفعولا, واستمرت أيدي النصارى عليه حتى استنقذه الملك الصالح أيوب ابن أخي الكامل سنة اثنتين وأربعين وستمئة (642هـ) ، وبقي في أيدي المسلمين.

وفي ربيع الأول سنة ألف وثلاثمئة وسبعة وثمانين (1387هـ) , احتله اليهود أعداء اللهِ ورسولِه بمعونة أوليائهم من النصارى, ولا يزال تحت سيطرتهم, وهم جاهدون ومصممون على أن لا يتخلوا عنه, ولذا قد قال بعض زعمائهم: إن كان من الجائز أن تتنازل إسرائيل عن تل أبيب فليس من الجائز أن تتنازل عن أورشليم القدس.

نعم - أيها المسلمون -: لن تتنازل إسرائيل عن القدس إلا بالقوة, ولا قوة إلا بنصر من الله عز وجل, ولا نصر من الله إلا بعد أن ننصره, { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }, وإن نصرنا لله لا يكون بالأقوال البراقة والخطب الرنانة التي تحول القضية إلى قضية سياسية وهزيمة مادية ومشكلة إقليمية, بل إنها والله لمشكلة دينية إسلامية للعالم الإسلامي كله، إن نصر الله عز وجل لا يكون إلا بالإخلاص له والتمسك بدينه ظاهرا وباطنا والاستعانة به وإعداد القوة المعنوية والحسية بكل ما نستطيع لتكون كلمة الله هي العليا, وتطهر بيوته من رجس أعدائه .

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة, وجعلني وإياكم من صالحي هذه الأمة, وغفر لي ولكم بفضله وجوده ومنه.

 

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه. أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله -, واعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي محمد رسول الله, وشر الأمور محدثاتها, وكل بدعة ضلالة.

أيها المسلمون:

إن حادثة إغلاق المسجد الأقصى لتذكر المسلمين: بعداوة اليهود المتأصلة والمتجذرة في نفوسهم تجاه المسلمين, وقد أخبر الله عن ذلك وهو أصدق القائلين, فقال: { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}, وما ذاك إلا لأن كفر اليهود عناد وجحود ومباهتة للحق، وغَمْط للناس, وتَنَقص بحملة العلم, ولهذا قتلوا كثيرًا من الأنبياء حتى هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة وسحروه، وألَّبوا عليه أشباههم من المشركين, عليهم لعائن الله المتتابعة  إلى يوم القيامة.

وإنه لن يحصل مع اليهود أمن وأمان, فهم قومٌ أهلُ غدر وخيانة وبهتان, ولن يحصل رضا من اليهود على أهل الإسلام حتى يتبعوهم, وقد قال ربنا: { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}.

فنسأل الله أن يطهر المسجد الأقصى من اليهود والمنافقين, وأن يعيد للمسلمين عزهم ومجدهم.

هذا وصلوا وسلموا..

المرفقات

الأقصى-27-10-1438

الأقصى-27-10-1438

المشاهدات 796 | التعليقات 2

نرحب بك شيخ محمد ونسأل الله أن ينفع بك

وجزاك الله خيرا على الخطبة

موفقه ومختصرة

 

جعلها الله في ميزان حسناتك ونفع بها

 


مرحبا بالشيخ محمد ونسأل الله أن ينفع بك

وجزاك الله خيرا على الخطبة الموفقه

مختصره ومفيدة

جعلها الله في ميزان حسناتك وبارك فيك