الْمَسَاجِدَ بُيُوتُ اللهِ
محمد البدر
خُطْبَةُ عَن: الْمَسَاجِدَ بُيُوتُ اللهِ- محمد أحمد الذماري - جامع الشيخ صالح بن عبدالله العمودي رحمه الله - جدة التاريخية
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾.وَقَال تَعَالَى:﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾.وَقَال تَعَالَى:﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ وَقَالَﷺ:«مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ إِلاَّ تَبَشْبَشَ اللَّهُ لَهُ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ » رواه الترمذي وصححه الألباني. وَعَنْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْﷺوَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْﷺلَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ مُصَلٍّ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُهَادَى بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَﷺ:«أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ» قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.المسَاجِدُ هي بُيُوتُ اللهِ في أرْضِهِ، وهي أَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَى اللهِ،أُقيمة لتوحيد الله ،ولِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ،وهي التِي يشعُّ منْهَا نورُ الإيمانِ،وَيصدعُ بالحقِّ مِنْ مآذنِهَا،فالمساجِدُ تهدأُ فيها الروحُ وتسكُنُ وتطمأن،وهي الملاذ الآمن.
عِبَادَ اللهِ:قَالَﷺ:«مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الثُّومِ وَقَالَ مَرَّةً مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ »مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«مَنْ أَكَلَ ثُوماً أَوْ بَصَلاً، فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.مما يؤذي المصلين دخول بعض الناس وقد أكل طعاماً فيه ثوماً أو بصلاً ،أوتصدر منه روائح كريهة مثل السجائير والشيشة أو رائحة العرق وزيوت السيارت والشحوم وغيرها من الروائح المستقذرة،ويجب على كل المسلمين التعاون على صيانتِهَا وَالعنايةِ بعمارتِهَا والحفاظ على نظافتِهَا وتطيبها ولا بأس بإحضار الأطفال إلى المساجد لتعليمهم تعظيم هذه الشعيرة واحترام بيوت الله ومحبتها والحرص على هدوئها،وَعلَى نظافتِهَا وجمالِ مظهرِهَا.فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:«أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِﷺبِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ،وَأَنْ تُطَيَّبَ وَتُنَظَّفَ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
عِبَادَ اللهِ:لاَ يَجُوزُ البَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ.وَلاَ فِي ساحاته الخارجية،وَلاَ يَجُوزُ أخذ مصحف من المسجد إلى المنزل أو استعارة أي شيء مخصصة للمسجد مثل الكرسي والمكنسة والسُّلّمِ ونحوها قَالَﷺ:«إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ،أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُولُوا:لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ،وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ الضَّالَّةَ،فَقُولُوا:لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَتْ اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ لِلْإفَتْاء:مَا كَانَ دَاخِلَ أَسْوَارِ الْمَسَاجِدِ سَوَاءً كَانَ مَسْقُوفًا، أَوْ غَيْرَ مَسْقُوفٍ، وَأَسْطُحَهَا،وَمَنَارَاتِهَا،وَالسَّاحَاتِ الْمُهَيَّأَةَ لِلصَّلاَةِ بِجِوَارِهَا؛ لاَ يَنْبَغِي اسْتِغْلاَلُهَا فِي غَيْرِ الْعِبَادَةِ مِنْ صَلاَةٍ ،وَحَلَقَاتِ طَلَبِ عِلْمٍ أَوْ تَحْفِيظٍ لِلْقُرْآنِ.إلخ..
وَاعْلَمُوا أَنَّ أرض الْمَسَجِدِ وأَسْوَارِ الْمَسَجِدِ كلَّها وقف اللَّهَ تَعَالَى فَلاَ يَجُوزُ اسْتِخْدَامُهَا فِي غَيْرِ مَا خُصِّصَتْ لَهُ والله المستعان.
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-فقد سمعنا عن قيامَ بعض العمائر وبعض المدارسَ والمحلَّات والاستراحات بسرقةِ الْكَهْرَبَاءِ وَالْمِيَاهِ من بيوتِ اللهِ لسنواتٍ وهذا اِخْتِلاَس لمنافِعها يَجِبُ الإِبْلاَغُ عَنْهُ،وَبلّغوا عن أي عدوانٍ على أراضيها،فإنه من التعاون على البرِ والتقوى.
عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.
PDF:https://n9.cl/3gt0zb
المرفقات
1730995897_الْمَسَاجِدَ.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق