المران يصنع الإتقان.. عمر السبع .. مقال رائع
مازن النجاشي-عضو الفريق العلمي
1432/12/24 - 2011/11/20 08:37AM
المران يصنع الإتقان
عمر السبع
حين ترى مسيرة فرقة من الجنود خلال عرض عسكري, تذهلك صفوفها المستقيمة وخطواتها الرشيقة وسيرها الخالي من الأخطاء.....
فهل تعتقد أنهم يملكون مقدرة خاصة وبراعة فريدة تؤهلهم لذلك التناغم الحركي؟ أم أن الحثيثة أن هؤلاء الجنود حين بدأوا لم يكن لدى أحدهم من الرشاقة شئ, فقام من دربهم بصبر كبير على تدريبهم على كيفية أن يسيروا معًا بطريقة مناسبة وفي تناغم جميل؟
لقد قضوا الساعات يكررون نفس الخطوات مرارًا وتكرارًا, وربما صرخ بعض الجنود لكثرة التدريب, وربما صرغ بعض الجنود لكثرة التدريب, وربما ملّ بعضهم من التكرار.
ولكن النتيجة التى استطاع مدربهم تحصيلها من ذلك هي ذلك التناغم الجميل والعمل المتقن, الذى نتعجب نحن من كماله وجماله.
وبمثل هذه الطريقة يمكن أن تنجح مع أبنائك, فكيف يكون ذلك؟
مهارة البحث عن البدائل:
نحن نعيش في عالم أصبح الذكاء العاطفي أكثر أهمية من الذكاء العقلي, ذلك أن الذكاء العاطفي يدفع الإبن إلى أن يفهم مشاعره فهمًا يمكنه من اتخاذ قراراته وإدارة سلوكياته بطريقة أفضل - وخاصة خلال الأزمات - حين يتعين أن يحسن الطفل التصرف.
ومن هنا فقد مست الحاجة إلى تنمية هذا النوع من الذكاء لديهم لأن هذا الذكاء سيساعدهم فى علاقتهم المستقبلية بالآخرين.
وللوصول إلى هدف تنمية هذا اللون من الذكاء عند أبنائنا, فإنه يتعين علينا أن نشجعهم عندما يتمكنون من تحديد مشاعرهم ومشاعر الآخرين بدقة, وأن نثني عليهم حين يستقرئون تلك المشاعر, ونقدر ذلك فيهم، فتقول مثلًا: "لقد عرفت أنك تركت أخاك يلعب قبلك حين رأيته حزينًا .. كم أنا فخور بك".
كما ندفع أبنائنا إلى المران على اتخاذ القرارات فى مواجهة المواقف المختلفة, مع التحكم في المشاعر, بل وتقبل مشاعر الآخرين, والنظر إلى الإختلاف في الرأي مع الآخر على أنه ميزة, والتدريب على البحث الدائم عن بدائل لوسائل مواجهة الأزمات والمشاكل بطرق لا يشوبها الغضب..
المران الدائم:
(لاشك أن كل هذه المهارات فى حاجة للمران الدائم, والتدريب الجاد على فن التعامل مع ضغوط الحياة, وفن التعامل مع الآخر.. وبخاصة فى ظل طريقة التعليم الشائعة في الواقع, والتي تعتمد على"التلقين والحفظ والتكرار, فتقوي ملكة الحفظ والذاكرة لدى الطالب؛ لكنها فى غالب الأمر تؤدي إلى خمول قدرات الخيال والإبداع, بل إننا لا نبالغ حين نقول إن هذه الطريقة تقتل الإبداع لدى أبنائنا, فاليوم الدراسي يطول لساعات كثيرة, والواجبات الدراسية تستغرق بقية الوقت, فلا يبقى عند أبنائنا, أى وقت للتفكير الإبداعي) [نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي، د/ عبد الكريم بكار، ص(151)], فنجدهم عند مواجهة المشاكل التي تتطلب جهدًا عقليًا لحلها لا يملكون أدنى قدرة على حلها.
ومن هنا وجب علينا مساعدة أبنائنا على التفكير الإبداعي عبر تدريبهم على مهارة البحث عن البدائل على كل ما يواجهون من مشكلات أو أمور علمية أو عملية, وتغيير طريقة التلقين إلى طرق أكثر مشاركة وتفاعل, كل ذلك عبر التدريب والتوجيه والتزويد بالخبرات.
ولنا في رسول الله قدوة ذلك المربي - صلي الله عليه وسلم - الذي "كان يدرب أصحابه ويزودهم بالخبرات والتوجيهات اللازمة, والمعلومات, ويصحح أخطائهم, كل ذلك بطريقة علمية توجيهية, وبمواقف عملية تطبيقة".
(وخذ مثلًا على ذلك توجيهه صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن, فقال: (إنك تأتي قومًا أهل كتاب, فإذا جئتهم فادعهم لي أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله, فإن هم أطاعوا لك بذلك, فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات على كل يوم وليلة , فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تأخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم, فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم, واتق دعوة المظلوم, فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) [رواه البخاري][علم نفس الدعوى، د.عبد العزيز النغيمشي، ص(281 – 284)، بتصرف].
لا تتطوع لحل مشكلات ابنك:
إن هناك أوقاتًا , يحتاج فيها الإبن للتفكير قبل أن يتصرف, فلا تتطوع بحل مشكلاته بدلًا منه, ودعه يوجد البدائل الخاصة به, فقط يكون دورك هو تعليمهم أن التفكير قبل اتخاذ أية خطوة يمده بالخبرة الكافية للتغلب على المشكلة التي تواجهه، يمكنك أيضًا إعطائهم البدائل, ثم تتركهم يفكرون في القرار الصحيح، بل وبكل الحب, قدم له المساعدة في الإختيار بين البدائل التي تعرض عليهم, كما يمكنك تنمية مهارة البحث عن البدائل, والإختيار بينها من خلال التأكيد على مبدأ الشورى, تلك المنحة الإلهية للعقل البشري المحدود, والتي لا تنحصر في الأمور السياسي, وإنما تمتد إلى مشاورة الزوجة والأبناء, والتفكير معهم في الحلول البديلة لمشاكلنا.
إن المربي الفطن هو من يحاول تدريب أبنائه على هذا المبدأ العظيم "مبدأ الشورى", وتشجيعهم على التعبير عن رأيهم, وعدم استصغار مساهماتهم في الحلول للمشكلات.. كل ذلك بخططوات متأنية متدرجة, منها:
1- تحديد المشكلة بدقة.
2- تحديد الغاية التي يريد الابن الوصول إليها.
3- التمهل والتفكر قبل القيام بأي عمل.
4- استخلاص أكبر عدد من الحلول للمشكلة.
5- التفكير في ميزات كل حل وعيوبه.
6- بعد التوصل للحل لا بد من إخضاعه للتجربة.
هذه الخطوات تعلم الابن كيف يواجه المشكلة, [حلول أيها الأب والمربي أن تطبق ذلك مع أبنائك, وستدهش من الخير الكثير الذي ستحصل عليه, ولا تستصغر أبدًا مساهمات الأبناء, فإني أؤكد لك أنه ما من مرة استشرت فيها أبنائي إلا استفدت من هذه الاستشارة فائدة عظيمة.
خذ مثالًا:
(يأتي الابن إلى أبيه باكيًا لأن أخته قد ضربته, من أجل أن تأخذ لعبته..
فـ1- يحاول الأب التعرف على المشكلة
ثم2- تحديد الغاية التي كانت الأخت تريد الوصول إليها.. "أخذ لعبة أخيها".
ثم3- التمهل قبل ضربي أخيها, فربما أدى ذلك إلى تعقيد الأم.
ثم4- استخلاص عدد من الحلول المكنة . يمكن أن يلعبا معًا باللعبة, أو تلعب الأخت بلعبة أخرى.
ثم5- التفكير في نتائج هذه الحلول.
وأخيرًا, تجربة أحد هذه الحلول بعد التفكير في مميزاته التي ترجع على عيوبه), [فن تنشئة الأطفال، عكاشة عبد المنان الطيبي، ص(138, 139)].
تدريب عضلة المستقبل:
معظم الأطفال لا يفكرون طويلًا في المستقبل, إنهم يندفعون إلى ما يريدون دون التفكير في العواقب, إنهم يعيشون اللحظة, فإذا كانت سعادة اللحظة بالنسبة إليه أن يرمي بالإسطوانات المدمجة في الهواء وكأنها قرص رياضي فإنه يفعل, أو يفعل أى شىء آخر يسعده.
ولا يمكن تدريب عضلة المستقبل لدى أبنائنا إلا من خلال تدريب عقولهم على التفكير الإبداعي, وتدريب نفوسهم على التطلع إلى الأفضل, وعدم الخوف من الجديد.
ذلك الخوف الذي قد ملأ نقوس الكثيرين منا حتى صغناه أمثالًا تلوكها ألسنتنا "مثل قولنا" لا تعرف خيره حتى تجرب غيره" .. أو قولنا: "الذى تعرفه خير من الذي تتعرف عليه"
إننا كآباء وأمهات "في البيت مطالبون بتكوين عقلية الطفل نحو المتغيرات والأشياء الجديدة تكوينًا متوازنًا, فلا يستمسك بالقديم لقدمه, ولا يفرح بالجديد لجدته, ومما يساعد على هذا الأمر ما يلي:
1- جعل الطفل يعقد أن الحكمة ضالة المؤمن, فأنى وجدها فهو أولى بها – كما ورد في الحديث – وأن كلمة الحق قد تأتي من صالح, كما تأتي من طالح, وقد تأتي من صديق, وقد تأتي من عدو.
2- (تعويد الطفل على التجريب, فإذا كان مترددًا بين أسلوبين في عمل شىء ما – مثلًا – فإنه يحفّز على تجريب الأسلوبين حتى يرى أيها أنجح..
3- يفهم الطفل أن النظم والوسائل التي أخترعها الإنسان, فإنها اخترعها لفائدته وخدمته وتحقيق مصالحه, ومن الحكمة أن يتخلى عنها حين تفقد قدرتها على الخدمة, أو حين يجد ما هو أفضل منها أداءًَ أو أقل تكلفة) [دليل التربية الأسرية، أ.د/ عبد الكريم بكار، ص(48)].
ويمكن تأكيد ذلك عبر الذكر الدائم لمحاسن التغيير والتجديد, وأن بإمكاننا من خلال الاستفادة من الأشباء الجديدة أن نصبح أكثر التزامًا وأكثر نجاحًا.
ورقة عمل لتدريب ابنك على التفكير الإبداعي:
- توضع أمام الأبناء جهاز هاتف أو ساعة أو منبة, ثم يطلب منهم التفكير فيما يمكن إدخاله عليها من تحسينات.
- يقال للأبناء: فكّروا معنا في التصرف الذي يمكن أن تقوموا به حيال الموقف التالية:
- دخلت المطعم, وبعد أن أكلت لم تجد في جيبك نقودًا؟
- شخص لا تعرفه أقبل نحوك وادعى أنه يعرفك وشرع يدثك؟
- اكتشفت وأنت في المدرسة أن لوني نعلك مختلفان؟
- تشابهت وجوه البشر .. ماذا يحدث؟
وحتى من خلال اللعب, يمكن تدريب الأبناء على التفكير الإبداعي, ودفعهم لابتكار أكبر عدد ممكن من الحلول لمشكلة ما, ثم اختيار أفضل الحلول, [والمقصود هنا ليس الوصول إلى الحل الأمثل, وأنما التدريب على مواجهة المشكل بمرونة أكبر, واستعداد لابتكار الحلول.
المصادر:
· دليل التربية الأسرية، أ.د/ عبد الكريم بكار.
· فن تنشئة الأطفال، عكاشة عبد المنان الطيبي.
· نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي، د/ عبد الكريم بكار.
· علم نفس الدعوي، عبد العزيز النغيمشي.
المصدر: مفكرة الإسلام
عمر السبع
حين ترى مسيرة فرقة من الجنود خلال عرض عسكري, تذهلك صفوفها المستقيمة وخطواتها الرشيقة وسيرها الخالي من الأخطاء.....
فهل تعتقد أنهم يملكون مقدرة خاصة وبراعة فريدة تؤهلهم لذلك التناغم الحركي؟ أم أن الحثيثة أن هؤلاء الجنود حين بدأوا لم يكن لدى أحدهم من الرشاقة شئ, فقام من دربهم بصبر كبير على تدريبهم على كيفية أن يسيروا معًا بطريقة مناسبة وفي تناغم جميل؟
لقد قضوا الساعات يكررون نفس الخطوات مرارًا وتكرارًا, وربما صرخ بعض الجنود لكثرة التدريب, وربما صرغ بعض الجنود لكثرة التدريب, وربما ملّ بعضهم من التكرار.
ولكن النتيجة التى استطاع مدربهم تحصيلها من ذلك هي ذلك التناغم الجميل والعمل المتقن, الذى نتعجب نحن من كماله وجماله.
وبمثل هذه الطريقة يمكن أن تنجح مع أبنائك, فكيف يكون ذلك؟
مهارة البحث عن البدائل:
نحن نعيش في عالم أصبح الذكاء العاطفي أكثر أهمية من الذكاء العقلي, ذلك أن الذكاء العاطفي يدفع الإبن إلى أن يفهم مشاعره فهمًا يمكنه من اتخاذ قراراته وإدارة سلوكياته بطريقة أفضل - وخاصة خلال الأزمات - حين يتعين أن يحسن الطفل التصرف.
ومن هنا فقد مست الحاجة إلى تنمية هذا النوع من الذكاء لديهم لأن هذا الذكاء سيساعدهم فى علاقتهم المستقبلية بالآخرين.
وللوصول إلى هدف تنمية هذا اللون من الذكاء عند أبنائنا, فإنه يتعين علينا أن نشجعهم عندما يتمكنون من تحديد مشاعرهم ومشاعر الآخرين بدقة, وأن نثني عليهم حين يستقرئون تلك المشاعر, ونقدر ذلك فيهم، فتقول مثلًا: "لقد عرفت أنك تركت أخاك يلعب قبلك حين رأيته حزينًا .. كم أنا فخور بك".
كما ندفع أبنائنا إلى المران على اتخاذ القرارات فى مواجهة المواقف المختلفة, مع التحكم في المشاعر, بل وتقبل مشاعر الآخرين, والنظر إلى الإختلاف في الرأي مع الآخر على أنه ميزة, والتدريب على البحث الدائم عن بدائل لوسائل مواجهة الأزمات والمشاكل بطرق لا يشوبها الغضب..
المران الدائم:
(لاشك أن كل هذه المهارات فى حاجة للمران الدائم, والتدريب الجاد على فن التعامل مع ضغوط الحياة, وفن التعامل مع الآخر.. وبخاصة فى ظل طريقة التعليم الشائعة في الواقع, والتي تعتمد على"التلقين والحفظ والتكرار, فتقوي ملكة الحفظ والذاكرة لدى الطالب؛ لكنها فى غالب الأمر تؤدي إلى خمول قدرات الخيال والإبداع, بل إننا لا نبالغ حين نقول إن هذه الطريقة تقتل الإبداع لدى أبنائنا, فاليوم الدراسي يطول لساعات كثيرة, والواجبات الدراسية تستغرق بقية الوقت, فلا يبقى عند أبنائنا, أى وقت للتفكير الإبداعي) [نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي، د/ عبد الكريم بكار، ص(151)], فنجدهم عند مواجهة المشاكل التي تتطلب جهدًا عقليًا لحلها لا يملكون أدنى قدرة على حلها.
ومن هنا وجب علينا مساعدة أبنائنا على التفكير الإبداعي عبر تدريبهم على مهارة البحث عن البدائل على كل ما يواجهون من مشكلات أو أمور علمية أو عملية, وتغيير طريقة التلقين إلى طرق أكثر مشاركة وتفاعل, كل ذلك عبر التدريب والتوجيه والتزويد بالخبرات.
ولنا في رسول الله قدوة ذلك المربي - صلي الله عليه وسلم - الذي "كان يدرب أصحابه ويزودهم بالخبرات والتوجيهات اللازمة, والمعلومات, ويصحح أخطائهم, كل ذلك بطريقة علمية توجيهية, وبمواقف عملية تطبيقة".
(وخذ مثلًا على ذلك توجيهه صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن, فقال: (إنك تأتي قومًا أهل كتاب, فإذا جئتهم فادعهم لي أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله, فإن هم أطاعوا لك بذلك, فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات على كل يوم وليلة , فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تأخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم, فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم, واتق دعوة المظلوم, فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) [رواه البخاري][علم نفس الدعوى، د.عبد العزيز النغيمشي، ص(281 – 284)، بتصرف].
لا تتطوع لحل مشكلات ابنك:
إن هناك أوقاتًا , يحتاج فيها الإبن للتفكير قبل أن يتصرف, فلا تتطوع بحل مشكلاته بدلًا منه, ودعه يوجد البدائل الخاصة به, فقط يكون دورك هو تعليمهم أن التفكير قبل اتخاذ أية خطوة يمده بالخبرة الكافية للتغلب على المشكلة التي تواجهه، يمكنك أيضًا إعطائهم البدائل, ثم تتركهم يفكرون في القرار الصحيح، بل وبكل الحب, قدم له المساعدة في الإختيار بين البدائل التي تعرض عليهم, كما يمكنك تنمية مهارة البحث عن البدائل, والإختيار بينها من خلال التأكيد على مبدأ الشورى, تلك المنحة الإلهية للعقل البشري المحدود, والتي لا تنحصر في الأمور السياسي, وإنما تمتد إلى مشاورة الزوجة والأبناء, والتفكير معهم في الحلول البديلة لمشاكلنا.
إن المربي الفطن هو من يحاول تدريب أبنائه على هذا المبدأ العظيم "مبدأ الشورى", وتشجيعهم على التعبير عن رأيهم, وعدم استصغار مساهماتهم في الحلول للمشكلات.. كل ذلك بخططوات متأنية متدرجة, منها:
1- تحديد المشكلة بدقة.
2- تحديد الغاية التي يريد الابن الوصول إليها.
3- التمهل والتفكر قبل القيام بأي عمل.
4- استخلاص أكبر عدد من الحلول للمشكلة.
5- التفكير في ميزات كل حل وعيوبه.
6- بعد التوصل للحل لا بد من إخضاعه للتجربة.
هذه الخطوات تعلم الابن كيف يواجه المشكلة, [حلول أيها الأب والمربي أن تطبق ذلك مع أبنائك, وستدهش من الخير الكثير الذي ستحصل عليه, ولا تستصغر أبدًا مساهمات الأبناء, فإني أؤكد لك أنه ما من مرة استشرت فيها أبنائي إلا استفدت من هذه الاستشارة فائدة عظيمة.
خذ مثالًا:
(يأتي الابن إلى أبيه باكيًا لأن أخته قد ضربته, من أجل أن تأخذ لعبته..
فـ1- يحاول الأب التعرف على المشكلة
ثم2- تحديد الغاية التي كانت الأخت تريد الوصول إليها.. "أخذ لعبة أخيها".
ثم3- التمهل قبل ضربي أخيها, فربما أدى ذلك إلى تعقيد الأم.
ثم4- استخلاص عدد من الحلول المكنة . يمكن أن يلعبا معًا باللعبة, أو تلعب الأخت بلعبة أخرى.
ثم5- التفكير في نتائج هذه الحلول.
وأخيرًا, تجربة أحد هذه الحلول بعد التفكير في مميزاته التي ترجع على عيوبه), [فن تنشئة الأطفال، عكاشة عبد المنان الطيبي، ص(138, 139)].
تدريب عضلة المستقبل:
معظم الأطفال لا يفكرون طويلًا في المستقبل, إنهم يندفعون إلى ما يريدون دون التفكير في العواقب, إنهم يعيشون اللحظة, فإذا كانت سعادة اللحظة بالنسبة إليه أن يرمي بالإسطوانات المدمجة في الهواء وكأنها قرص رياضي فإنه يفعل, أو يفعل أى شىء آخر يسعده.
ولا يمكن تدريب عضلة المستقبل لدى أبنائنا إلا من خلال تدريب عقولهم على التفكير الإبداعي, وتدريب نفوسهم على التطلع إلى الأفضل, وعدم الخوف من الجديد.
ذلك الخوف الذي قد ملأ نقوس الكثيرين منا حتى صغناه أمثالًا تلوكها ألسنتنا "مثل قولنا" لا تعرف خيره حتى تجرب غيره" .. أو قولنا: "الذى تعرفه خير من الذي تتعرف عليه"
إننا كآباء وأمهات "في البيت مطالبون بتكوين عقلية الطفل نحو المتغيرات والأشياء الجديدة تكوينًا متوازنًا, فلا يستمسك بالقديم لقدمه, ولا يفرح بالجديد لجدته, ومما يساعد على هذا الأمر ما يلي:
1- جعل الطفل يعقد أن الحكمة ضالة المؤمن, فأنى وجدها فهو أولى بها – كما ورد في الحديث – وأن كلمة الحق قد تأتي من صالح, كما تأتي من طالح, وقد تأتي من صديق, وقد تأتي من عدو.
2- (تعويد الطفل على التجريب, فإذا كان مترددًا بين أسلوبين في عمل شىء ما – مثلًا – فإنه يحفّز على تجريب الأسلوبين حتى يرى أيها أنجح..
3- يفهم الطفل أن النظم والوسائل التي أخترعها الإنسان, فإنها اخترعها لفائدته وخدمته وتحقيق مصالحه, ومن الحكمة أن يتخلى عنها حين تفقد قدرتها على الخدمة, أو حين يجد ما هو أفضل منها أداءًَ أو أقل تكلفة) [دليل التربية الأسرية، أ.د/ عبد الكريم بكار، ص(48)].
ويمكن تأكيد ذلك عبر الذكر الدائم لمحاسن التغيير والتجديد, وأن بإمكاننا من خلال الاستفادة من الأشباء الجديدة أن نصبح أكثر التزامًا وأكثر نجاحًا.
ورقة عمل لتدريب ابنك على التفكير الإبداعي:
- توضع أمام الأبناء جهاز هاتف أو ساعة أو منبة, ثم يطلب منهم التفكير فيما يمكن إدخاله عليها من تحسينات.
- يقال للأبناء: فكّروا معنا في التصرف الذي يمكن أن تقوموا به حيال الموقف التالية:
- دخلت المطعم, وبعد أن أكلت لم تجد في جيبك نقودًا؟
- شخص لا تعرفه أقبل نحوك وادعى أنه يعرفك وشرع يدثك؟
- اكتشفت وأنت في المدرسة أن لوني نعلك مختلفان؟
- تشابهت وجوه البشر .. ماذا يحدث؟
وحتى من خلال اللعب, يمكن تدريب الأبناء على التفكير الإبداعي, ودفعهم لابتكار أكبر عدد ممكن من الحلول لمشكلة ما, ثم اختيار أفضل الحلول, [والمقصود هنا ليس الوصول إلى الحل الأمثل, وأنما التدريب على مواجهة المشكل بمرونة أكبر, واستعداد لابتكار الحلول.
المصادر:
· دليل التربية الأسرية، أ.د/ عبد الكريم بكار.
· فن تنشئة الأطفال، عكاشة عبد المنان الطيبي.
· نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي، د/ عبد الكريم بكار.
· علم نفس الدعوي، عبد العزيز النغيمشي.
المصدر: مفكرة الإسلام
فارس المنبر
رائع
تعديل التعليق