المرأة المسترجلة
الخطيب المفوه
1433/03/04 - 2012/01/27 07:09AM
المرأة المسترجلة
البويه
خطبة ألقيت في جامع أبي عبيدة بحي الشفا
ألقاها : د / سعد بن عبدالعزيز الدريهم .
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله ، نحمدُه ونستعينه ونستغفره ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا . من يهده الله ؛ فلا مضلَّ له ، ومن يضللْ ؛ فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله .أما بعدُ : فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله ، وخيرَ الهدي هديُ محمد e، وشرَّ الأمور مُحـدثاتُها ، وكلَّ محـدثةٍ بدعــةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النار .
أيها الأحبة في الله ، طرحي هذا الأسبوع لطيف وقصير ، ولكنه شديد التركيز ، وذو حساسية مفرطة ، كما أنه لا يقبل التأجيل ، وقبل أن نخوض فيه ونلوي على أبجدياته ، لا بد أن ندرك أن عجلة الزمن دائرة ، ولا تتوقف ، ولن تتوقف ، والأيام تفتر لك كل يوم عن جديد ، وهذا الجديد قد يكون مفرحاً نافعاً ومفيداً ، وقد يكون محزناً ضاراً ، وهنا يفترق الناس ؛ فمن هداه ربه للخير أخذ بالنافع وترك الضار ، ومن أراد الله به غير ذلك سلك به سبيل الهلاك ، ولا يهلك على الله إلا هالك ..
ومن تأمل أيها الأحبة ، يلحظ أن سلسلة التغيير كانت بطيئة ورتيبة في الأزمان الخوالي ، ولكنها في زمننا هذا أصبحت ذات حراك سريع يكاد يجتاح كل صامد في طريقه ، وذلك بفعل التواصل الالكتروني ، ومن لم يكن ذا أصول راسخة ومتناغم مع متطلبات عصره ومتفاعل معها ، ويقدم مالديه مؤثراً ؛ فلا ريب أنه مغزوٌ ؛ لذا على الإنسان أن يتفقد بيته الكبير وهو المجتمع ، وينظر في حاجاته ومناطق الضعف منه ؛ ليعالجها ويوجد البدائل إن كان ثمة نشاز يحرص على القضاء عليه واجتثاثه ..
لا يغني التجاهل أيها الجمع الكريم ، ولا نكران الميل الحاصل في المجتمع من الحق شيئاً ، والانزواء والحوقلة تعزز من الجوانب السلبية ، ولا تدفع بالجوانب الحسنة الإيجابية إلى المعترك تغييراً وتأثيراً ؛ لذا لا بد من مواجهة الحقائق وعلاجها ، ولا بد من هتك حجاب المثالية المزيف ، الذي لا يظهر إلا ما نريد حسناً ؛ ليكون الخير والشر ماثلاً بين أيدينا ؛ لننصر الخير ونحاربَ الشر ، وإذا فعلنا ذلك فقد وضعنا أقدامنا على أولى عتبات الحلول المثمرة ..
في تلك الوصية الختامية التي صدح بها النبي r في أخريات حياته ؛ قرر « أن من يعش من صحابته فسيرى اختلافاً كثيراً » ؛ والاختلاف الكثير والكبير يأخذ بجنبات المجتمع وبقطبيه الذكور والإناث ، وستكون الوقفة هنا مع الجانب الأنثوي، وله سبب ونسب زماناً ومكاناً بما نحن مقدمون عليه ، وهو الدراسة والمدارس ؛ لأنه مكان انتشاره وتكاثره وظهوره بارزاً؛ لأنه في غيرها ربما يُطوى بالحياء تارة وبالخوف أخرى ..
لعلكم أيها الأحبة ، قد تشوفتم لمعرفة الداء الذي بدأ نتنه يزكم الأنوف ، ومنه تعاني المربياتُ في المدارس والجامعات والكليات ؛ ذلكم الداء والوباء هو تشبه البنات بالأولاد ، وهو ما اصطلح عليه بالبويات ، أو فتيات البويات ، وهي مأخوذة من كلمة « poy » ، ومعناها ولد ، حيث تتشبه البنت بالولد في كل شيء ؛ فتجد عندها الشعر القصير ، والصوت الأجش ، ويقذف فوها بالكلمات الفجة ذات المنحى السوقي ، كما أن لها صديقات من بني جنسها تمارس معهن الحبَّ والشذوذ ، وفي مدارس البنات والكليات لهن تجمعات وعصابات يمارسن من خلالها أفعالاً وأخلاقاً مشينة ، بل إنهن يمارسن الوصاية على غيرهن ، بل إن انتسابهن لهذا الشذوذ البوية ، يجعلنه مسوغاً لما يأتين به من أفعال وقحة ؛ حتى إن الواحد منهن عندما تناصح تقول لك وبكلام لا يقبل الحياء : إنها بويه ..
إن هذا الأمر أيها الأحبة ، لم يعد أمراً تفعله واحدة أو اثنتان ، بل أصبح ظاهرة تستحق المراعاة والمتابعة ، ولم يعد قاصراً على الكبيرات ، بل إن الفتيات في المراحل المتوسطة ، أصبحن يتعاطين هذا الأمر ، بل إن المجتمعات المحافظة كحينا هذا بدأ يعاني منه ، ولا أخفيكم سراً إذا قلت لكم : إن ابنتي التي هي في المرحلة المتوسطة ، وفي السنة الأولى منها ؛ هي من أخبرتني بوجود هذا الصنف من الفتيات في مدرستها ، ومدارس الحي يقسن عليها ، وهنا أيها الجمع، لا بد أن يقرع ناقوس الخطر ، ولا بد أن تواجه هذه الظاهرة ؛ وأن يؤخذ على أيدي هؤلاء النساء المسترجلات ، وأول خطوات المكافحة أن تُذَكَّر أولئك الفتيات بالوعيد المترتب على فعالهن ، وذلك بلعن المتشبهات من النساء بالرجال على لسان النبي r ، كما أن النبي r لعن الرَّجِلَةَ من النساء ، بل إن من لبست لبساً مما يختص به الرجال فهي داخلة في هذا الوعيد ، فالأمر خطير وخطير جداً ..
وهنا ملحظ مهم جداً ينبغي ألا يفوت علينا ونحن نناقش هذه المشكلة ، وله أثر كبير في وجود هذه الظاهرة ، وهو الدور الرقابي ؛ فربان السفينة الوالد أو الوالدة ، لو مارسا دورهما وتنبها لسلوك البنات ، لأدركا هذا الإعوجاج في سلوك البنات ، ولقمعنه في بداياته ، لكنها الغفلة وعدم تقدير الأمور ، وعدمُ التوجيه والوعظ بين الفينة والفينة ، أضف إلى ذلك ذلكم الهدير المؤثر للآلة الإعلامية وصخبِها وعزفِها على سيمفونية وأد العفة والدعوة لتحرر المرأة. كل ذلك وغيرِه أدى لنشوء هذه الظاهرة وازدهارها ، وربما هو ينظر لظاهرة أخطر منها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وهنا أيها الجمع ، أضع القلم لنستكمل الحديث في الخطبة الثانية إن شاء الله.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه ، أحمده سبحانه وأشكره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسله ، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد : فيا أيها الأحبة في الله ، في الدول التي تأخذ مشكلاتها بوعي ، وترغب في الإصلاح ، عندما تدهمها معضلة ، أو تأخذ بجنباتها آفة ، تعقد حلقاتٍ للنقاش ، وتجعل من كانوا سبباً في الإشكال بعضاً من مفرداتها ، ويكون الحوار حينذاك هادئاً ورقيقاً ، ويكون مخاطباً به العقل والعاطفة في أريحية بعيداً عن التشنج ، وتكون تلك الرسائل المنبعثة يُشَمُّ منها رائحة الأبوة والأمومة ذاتِ الحرص على الصلاح والإصلاح ، كما أن تنمية الوعي لدى الفتاة أس مهم ، فننمي في نفسها الاستقلالية ، ونعزز الأنفة في نفسها بألا تكون ألعوبة في أيدي أولئك الفساق من الرجال والنساء ؛ لتنفك من ربقة المحظور الشرعي ، كما أن إرشاد الفتاة إلى أخص خصائصها ، وهو الحياء لابد أن يلح على طرقه ، وأن يجعل نصب عيني الفتاة ، وأنه الفارق بين الرجولة والأنوثة ، ونحضر بين أيديهن قول النبي r : « الحياء خير كله ، والحياء لا يأتي إلا بخير » ، ولا بد أن نقذف في روع كل فتاة أن الرجال أبعد ما يكونون عن المرأة المسترجلة ، كما أن المدرسات والمربيات لا بد أن يعين أن التربية تأتي في المرتبة الأولى ، والتعليم مرحلة متأخرة عنه ، لذا لا بد أن يتخولن الطالبات بمواعظهن ولو عشر دقائق قبل كل محاضرة ولو مرة في الأسبوع ، وليحرصن على تتبع الخلل الحاصل، ولو فعلن ذلك ، لربما قضينا أو قللنا من الظواهر السلبية ، ولزرعنا مكانها الظواهر الإيجابية ..
كما أن البيت معنيٌّ بتعزيز الجوانب الأنثوية في المرأة ، وذلك بإذكاء روح المشاركة ، بأن تسند لها الكثير من الأدوار التي هي ألصق ما تكون بجانب المرأة ، كما أنه يقلل من أوقات الفراغ القاتلة عندها مما يبعد عنهن جوانب السوء ، وكل ذلك أيها المحب ، لا يغني عن دعواتك لبناتك وأبنائك بالستر والصلاح وأن يأخذ الحق بأيديهم لكل خير ، وإذا علم الله صدق النية أعان ..
المرفقات
المرأة المسترجلة.doc
المرأة المسترجلة.doc
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاكما الله خيرا
تعديل التعليق