المُخَدِّرَاتُ وَخَطَرُهَا
سليمان بن خالد الحربي
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينَهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ محمَدًا عبدُه ورسولُه، صَلَّى اللهُ علَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ واقْتَفَى أَثَرَهُ إلى يَوْمِ الدِّينِ، وسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.
أمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الـمُسْلِمُونَ وَالـمُسْلِمَاتِ، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:21].
مَعْشَرَ الإِخْوَةَ! قَضِيَّةٌ تَأَزَّمَتْ عِنْدَنَا أُسَرِيًّا وَاجْتِمَاعِيًّا وَاقْتِصَادِيًّا وَأَمْنِيًّا، تَهَاوَى شَبَابُنَا فِي السُّجُونِ وَالـمَصَحَّاتِ وَدُورِ الرَّعَايَةِ، إِنَّهَا آفَةُ العَصْرِ، وَرَصَاصَةُ الانْتِحَارِ، أَلَا وَهِي الـمُخَدِّرَاتِ؛ أَصْبَحَتْ تَنْتَشِرُ بِشَكْلٍ مُخِيفٍ وَمُفْزِعٍ مِنْ خِلالِ كَثْرَتِـهَا .
وَالعَجَبُ يَزْدَادُ إِذَا عَلِمْتَ أَنَّ التَعْزِيرَاتَ الخَاصَّةَ بِـمُتَعَاطِيعَهَا وَمُرَوِجِيهَا عُقُوبَاتٌ صَارِمَةٌ، وَتَعْزِيرَاتٌ رَادِعَةٌ؛ مِنْ قَتْلٍ وَحَبْسٍ وَجَلْدٍ وَتَعْزِيرٍ بِـمَالٍ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ نَرَى بَعْضَ الشَّبَابِ يَسْقُطُ فِي هَاوِيَةِ الـمُخَدِّرَاتِ! فَيَخْسَرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ، وَصَدَقَ اللهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:90، 91].
تَأَمَّلَ -أَخِي الـمُسْلِمُ- كَيْفَ خَتَمَ اللهُ هَذِهِ الآيَةِ بِجَعْلِ الفَلَاحِ شَرْطًا لِتَرْكِ الخَمْرِ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِنَ الـمُخَدِّرَاتِ وَنَحْوِهَا!
وَمِنْ غَيْرِ الـمُخْتَلَفِ عَلَيْهِ أَنَّ مُتَنَاوِلِي الـمُخَدِّرَاتِ يَعِيشُونَ فَشَلًا وَضِيقًا جَرَّاءَ إِدْمَانِهَا؛ قَالَ السِّعْدِي -رَحِمَهُ اللهُ-: «لَا يُـمْكِنُ الفَلَاحُ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِاجْتِنَابِ الـمُسْكِرِ، فَإِنَّ الفَلَاحَ هُوَ الفَوْزُ بِالـمَطْلُوبِ الـمَحْبُوبِ، وَالنَّجَاةُ مِنَ الـمَرْهُوبِ، وَهَذِهِ الأُمُورُ مَانِعَةٌ مِنَ الفَلَاحِ وَمُعَوِّقَةٌ لَهُ».
أيُّ خَسَارَةٍ وَخِزْيٍّ! حِينَمَا يَبْدَأُ الشَّابُّ الـمَلِيءُ بِالحَيَاةِ وَالأَمَلِ، وَهُوَ غَضٌّ طَرِيٌّ مُقْبِلٌ عَلَى الحَيَاةِ كَمَا الرِيِحِ، يَحْدُوهُ الأَمَلُ أَنْ يَنْفَعَ نَفْسَهُ وَوالِدَيْهِ، وَأَنْ يَقُومَ بَبِرِّهِمْ وَرَدِّ الجَمِيلِ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا هُوَ يَقْبَعُ فِي أَسْرِ الـمُخَدِّرَاتِ؟!
لَقَدْ مَاتَتْ ضَمَائِرُ كَثِيرٍ مِنَ الشَّبَابِ بَعْدَ أَنْ تَسَلَّطَتْ عَلَيْهِمُ الـمُخَدِّرَاتُ، وَوَقَعُوا فِي أَسْرِهَا، مَاتَتْ حَمِيَّتُهُ! فَلا تَعْجَبْ أَنْ تَرَاهُ يُؤْذِي النَّاسَ وَقَدْ مَاتَ ضَمِيرُهُ! فَلا تَعْجَبْ حِينَمَا يُؤْذِي أُمَّهُ وَقَدْ مَاتَتْ غَيْرَتُهُ! فَلا تَعْجَبْ أَنْ تَرَاهُ يُؤْذِي بَنَاتَ الـمُسْلِمِينَ وَقَدْ مَاتَ حَيَاؤُهُ وَذَهَبَ مَاءُ وَجْهِهِ! فَلا تَعْجَبْ حِينَمَا تَرَاهُ يَسْرِقُ أَمْوَالَ الـمُسْلِمِينَ! بَلْ مَاتَ قَلْبُهُ فَلَا تَرَاهُ إِلَّا قَرِيبًا مِنَ الشَّرِّ وَأَهْلِهِ! كَمْ مِنْ أُمٍّ وَأَبٍ فَقَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ حَيٌّ! كُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ الذِّئَابِ البَشَرِيَّةِ التي أَفْسَدَتِ الـمُجْتَمَعِ.
أي داءٍ وآفةٍ أعظم مِنْ هَذِهِ الآفَاتِ التي تَفْتِكُ بِجِسْمِ العَبْدِ! حَرَّمَ اللهُ الخَمْرِ وَشَدَّدَ فِي عُقُوبَةِ صَاحِبِهَا، وَالـمُخَدِّرَاتُ أَوْلَى مِنْهَا، فَهِيَ أُمُّ الخَبَائِثِ، وَأَكْبَرُ الكَبَائِرِ، وَهِيَ مُفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ، وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
«لَا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ»، قَالَ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «لَا يَجْتَمِعُ الإِيـمَانُ وَإِدْمَانُ الخَمْرِ فِي صَدْرِ رَجُلٍ يُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ».
بَلْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ: «مُدْمِنُ الخَمْرِ إِنْ مَاتَ لَقِيَ اللهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ»؛ وَذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ آثَامِهَا الَّتِي تَجُرُّ إِلَيْهِ. قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: «وَكُلَّمَا أَدْمَنَ الخَمْرَ، وَعَكَفَ عَلَيْهَا، نَقَصَ إِيـمَانُهُ، وَضَعُفَ، وَنُزِعَ مِنْهُ، فَيُخْشَى أَنَّهُ يُسْلَبَهُ بِالكُلِّيَّةِ عِنْدَ الـمَوْتِ».
وَأَمَّا عُقُوبَتُهُ فِي الآخِرَةِ -فِي قَبْرِهِ وَآخِرَتِهِ- فَهِيَ مِنْ أَشَدِّ العُقُوبَاتِ، فَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ»، أَوْ «عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ».
وَفِي "الـمُسْنَدِ" عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: «أَقْسَمَ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- بِعِزَّتِهِ: لَا يَشْرَبُ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي جَرْعَةً مِنْ خَمْرٍ إِلَّا سَقَيْتُهُ مَكَانَهَا مِنْ حَمِيمِ جَهَنَّمَ؛ مُعَذَّبًا أَوْ مَغْفُورًا لَهُ».
وَفِي "الصَّحِيحَينِ" عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخِرَةِ»، وِفِي رُوايَةٍ: «فَمَاتَ وَهُوَ مُدْمِنُهَا»، وَفِي رُوَايَةٍ: «ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا».
كَمْ تَأْخُذُكَ الحَسْرَةُ حِينَمَا تَزُورُ الـمَسَاجِينَ فَتَجِدُ شَبَابًا فِي العِشْرِينَ مِنْ أَعْمَارِهِمْ يَقْبَعُونَ فِي السُّجُونِ قَدْ دَمَّرُوا مُسْتَقْبَلَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ! تَرَى فِي أَعْيُنِهِمْ حُرُوفَ النَّدَامَةِ وَأَسْطُرَ الـمَرَارَةِ! كَمْ يَعْتَصِرُ قَلْبُكَ وَأَنْتَ تَتَذَكَّرُ آبَاءَهُمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَلَوْعَتَهُمْ عَلَيْهِمْ! شَبَابٌ صِغَارٌ فَهِمُوا الحَيَاةَ عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهَا!
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:6].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِـمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الـمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثانيةُ:
الحمدُ للهِ على إحسانِهْ، والشُّكْرُ على توفيقه وامتنانِهْ، وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ تعظيمًا لشأنِهْ، وأشْهَدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى جَنَّتِهِ ورِضْوَانِهْ، صَلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأعوانِهْ.
أمَّا بَعْدُ:
مَعْشَرَ الإِخْوَةِ! هَلْ يَدْرِي مُتَعَاطِي الـمُخَدِّرَاتِ وَآكِلُهَا أَنَّهُ عَلَى خَطَرٍ عَظَيمٍ مِنْ هَذِهِ العُقُوبَاتِ؟! بَلْ لَا يَـمْتَرِي عَاقِلٌ أَنَّ هَذِهِ الـمُخَدِّرَاتِ أَشَدُّ فَتْكًا وَتَأْثِيرًا عَلَى الدِّينِ وَالبَدَنِ مِنَ الخُمُورِ! قُولُوا بِرَبِّكِمْ! أَيُّ قَتْلٍ أَمْضَى مِنْ قَتْلِ الحَشِيشِ وَالـهِيرُوينَ وَسَائِرِ السُّمُومِ يَتَنَاوُلُهَا الشَّبَابُ، وَيُلْقُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالهَلَكَةِ، وَيَتَسَبَّبُونَ فِي قَتْلِ أَنْفُسِهِمْ، وَأَعَانُوا عَلَى قَتْلِهَا؟!
قَالَ السِّعْدِي -رَحِمَهُ اللهُ- في قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}: «أَيْ: لَا يَقْتِلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَقْتِلُ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الإِلْقَاءُ بِالنَّفْسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَفِعْلُ الأَخْطَارِ الـمُفْضِيَةِ إِلَى التَّلَفِ وَالهَلَاكِ».
وَنِدَاءٌ إِلَى البَاعَةِ لِهَذِهِ السُّمُومِ وَمَنْ يُوقِعُ عِبَادَ اللهِ فِيهَا، وَإِلَى مَنْ يَنْقِلُ فِيهَا: أَنْتَ مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الخَمْرِ عَشَرَةً، وَهُمْ كُلُّ مَنْ تَسَبَّبَ فِي شُرْبِهَا؛ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالـمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالـمُشْتَرِي لَهَا، وَالـمُشْتَرَاةُ لَهُ».
فَمَنْ بَقِيَ لَمْ يُلْعَنْ وَيُطْرَدْ؟! فَالأَمْرُ خَطِيرٌ.
وَيَا عَجَبًا مِنْ شَابٍّ حَمَاهُ اللهُ سِنِينَ طَوِيلَةً عَنِ الوُقُوعِ فِيهَا، وَبَعْدَمَا كَبُرَ وَزَادَ عَقْلُهُ وَإِدْرَاكُهُ إِذَا هُوَ يَرِدْ إِلَى جَاهِلِيَّةٍ اللَّامَسْؤُلِية! أَفْسَدَ مُسْتَقْبَلَهُ وَوَظِيفَتَهُ، وَدَمَّرَ أُسْرَتَهُ!
وَأَعْظَمُ أَسْبَابِ الوُقُوعِ فِيهَا هُوَ التَّسَاهُلُ فِي اخْتِيَارِ الصَّدِيقِ وَالصُّحْبَةِ، وَالذَّهَابُ إِلَى كُلِّ اسْتَرَاحَةٍ دُونَ تَفْكِيرٍ فِي جُلَسَائِهَا، وَالثِّقَةُ العَمْياءُ فِي القُدْرَةِ عَلَى السَّيْطَرَةِ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَا عَلِمَ أَنَّ النَّاسَ لَوْ سَيْطَرُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَـمَا هَلَكَ هَالِكٌ! لأَنَّهُ يَرْكَنُ إِلَى عَدُوٍّ؛ كَمَا قَالَ اللهُ -جل وعلا-: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف:53].
أَتَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا الصَّدِيقَ الَّذِي أَحْبَبْتَهُ وَأَنِسْتَ إِلَيْهِ قَدْ أَخْلَصَ لَكَ النَّصِيحَةَ حِينَمَا زَجَّكَ بِعَالَمِ الـمُخَدِّرَاتِ وَالحُبُوبِ وَالتَّدْخِينَ؟! أَتَرَاهُ يَوُدُّكَ؟ أَتَرَاهُ يَكْرَهُ مَضَرَّتَكَ؟ كَلَّا واللهِ!
إِنَّ الشَّابَّ بِسَبَبِ قِلَّةِ تَجَارُبِهِ فِي الحَيَاةِ لَا يُدْرِكُ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَسْرِقُ الحَيَاةَ وَالدِّينَ كَمَا أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَسْرِقُ الأَمْوَالَ!
إِنَّ الـمَسْؤُلِيَّةَ كَبِيرَةٌ عَلَى الوَالِدَيْنِ فِي تَوْجِيهِ النُّصْحِ؛ كَمَا أَنَّ عَلَى الأَوْلَادِ مَسْؤُلِيَّةً كَبِيرَةً فِي اسْتِمَاعِ النُّصْحِ مِنْهُمَا؛ {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3].
وَتَحِيَّةٌ وَشُكْرٌ وَدُعَاءٌ لِحُمَاةِ الدِّيَارِ وَالعِبَادِ، أَنْتُمْ عَلَى ثَغْرٍ وَرِبَاطٍ عَظِيمٍ، «وَرِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ».
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ الهُدَى وَإِمَامِ الوَرَى، فَقَدْ أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِينَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالأَئِمَّةِ الـمَهْدِيينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وكَرَمِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالـمُسْلِمِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الـمُوَحِّدِينَ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ انْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِاليَهُودِ الـمُعْتَدِينَ وَالنَّصَارَى الـمُحَارِبِينَ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَكَ، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِـمَا يُرْضِيكَ، وَجَنِّبْهُمْ مَعَاصِيكَ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَى التَّائِبينَ، وَاهْدِ ضَالَّ الـمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ رُدَّهُمْ إِلَيْكَ رَدُّا جَمِيلًا، اللَّهُمَّ ارْفَعْ مَا نَزَلَ مِنَ الفِتَنِ ... اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا ...
عِبَادَ اللهِ، {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل:90]، فَاذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ العَظِيمَ يَذْكُركُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرفقات
1633603641_المُخَدِّرَاتُ وَخَطَرُهَا.docx