الْمُخَدِّرَات هُمُومٌ وَضَحَايَا وَآفَات 13 رَجَب 1444هـ
محمد بن مبارك الشرافي
الحَمْدُ للهِ تَقَدَّسَ ذَاتًا وَصِفَاتًا وَجَمَالًا، وَعَزَّ عَظَمَةً وَعُلُوًّا وَجَلَالًا، وَتَعَالَى مَجْدًا وَرِفْعَةً وَكَمَالًا, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه خَيْرُ مَنْ عَظَّمَ اللهَ أَقْوَالًا وَفِعَالًا، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ دَامَ فِيهِمْ الفَضْلُ هَطَّالاً، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مُبَارَكًا سَلْسَالًا.
أَمَّا بَعْدُ: فـ{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: قَضِيَّةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، وَمُشْكِلَةٌ مُتَجِدِّدَةٌ، وَفَاجِعَةٌ مُوجِعَةٌ، إِذَا حَلَّتْ بِالْفَرْدِ شَلَّتْ حَيَاتَهُ، وَخَنَقَتْ أَحْلَامَهُ، وَقَطَعَتْ آمَالَهُ، إَذَا اْسْتَشْرَتْ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ فَكَبِّرْ عَلَى الْمَبَادِئِ وَالْقِيَمِ أَرْبَعًا، فَلا تَسَلْ بَعْدَهَا عَنِ الدِّينِ وَالْغِيرَةِ، وَالْخُلُقِ وَالنَّخْوَةِ. إِنَّهَا آفَةُ الْعَصْرِ وَمُصِيبَةُ الدَّهْرِ، تُذْهِبُ الْعُقَولَ وَتُهْلِكُ النُّفُوسَ وَتَأْتِي عَلَى الْأمْوَالِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْعُقُولُ تَطْلُبُهَا وَالنُّفُوسُ تَهْوَاهَا، وَالْأَمْوَالُ تُبْذَلُ رَخِيصَةً فِي سَبِيلِ الْحُصُولِ عَلَيْهَا. إِنَّهَا أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ، وَأَسَاسُ كُلِّ رَذِيلَةٍ، مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ، وَرِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، تُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ، وَتَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ. إِنَّهَا تَهْتِكُ الْأَسْتَارَ، وَتُظْهِرُ الْأَسْرَارَ، وَتُدْخِلُ صَاحِبَهَا فِي دَائِرَةِ الْفُجَّارِ، كُلُّ بَلَاءٍ يَصْغُرُ دُونَهَا.
وَصَلَ ضَرَرُهُا إِلَى الأُسَرِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ، وَإِلَى الأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ، إِنَّهُ وَبَاءٌ حَوَّلَ الآمَالَ إِلَى سَرَاب، وَجَعَلَ التَّطَلُّعَاتِ دَفِينَةَ التُّرَاب، فبَيْنَمَا كَانَ الأَبُ يَنْتَظِرُ خَيْرَ ابْنِهِ، فَإِذَا هُوَ يَتَوَقَّى شَرَّهُ وَخَطَرَه، وَفِيمَا كَانَ الْوَالِدُ يَنْظُرُ إِلَى وَلَدِهِ بِعَيْنِ الْفَخْرِ وَالاعْتِزَازِ، فَإِذَا هُوَ يُغْمِضُ عَيْنَيْهِ بِسَبَبِ الْعَارِ وَالْفَضِيحَةِ وَأَفْعَالِهِ التِي تُوجِبُ الاشْمِئْزَاز. هِيَ طَريِقٌ سَرِيعٌ لِلْمُوبِقَاتِ، وَسَبِيلٌ يَهْتِكُ كُلَّ الْمُحَرَّمَاتِ، تُمَزِّقُ الْحَيَاءَ، وَتُطْفِئُ شَمْعَةَ الْغِيَرةَ مِنَ الصُّدُورِ، هِيَ انْتِحَارٌ بَطِيءٌ، وَإِزْهَاقٌ بَارِدٌ، وَمَهْلَكَةٌ مٌرُوِّعَةٌ.
إِنَّهَا الْمُخَدِّرَات وَالْمُنَبِّهَات! إِنَّهَا دَاءُ الْعَصْرِ وَقَاصِمَةُ الظَّهْرِ! إِنَّهَا أَشْكَالٌ وَأَلْوَان! مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ، أَقْنِعَةٌ كَثِيرَةٌ لِوَجْهٍ وَاحِدٍ قَبِيحٍ، وَأَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ لِسُمُومٍ وَمُسْكِرَاتٍ، مَا جَلَبَتْ عَلَى الْبَشَرِيَّةِ إِلَّا الْبَغَضَاءَ وَالْعَدَاوَاتِ، فَمِن ْحُبُوبُ الْكِبْتَاجُون الْمُنَبِّهَةُ وَالْحَشِيشُ وَالْخُمُورُ، إِلى حُبُوبُ التِّرامَادُول والزِّنْكِس وَغَيْرُهَا كَثِير.
إِنَّ هَذَا الطَّرِيقَ الْمُظْلِمَ يَبْدَأُ بِخُطُواتٍ بِدَايَتُهُ سِيجَارَةٌ، أَوْ بِمَا يُسَمَّى : التِّنْبَاك، ثُمَّ يَتَدَرَّجُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْهَاوِيَةِ وَإِلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْبَلايَا وَالْمَصَائِب، انْظُرُوا السُّجُونَ وَزُورُوا الْمَصَحَّاتِ لِتَعْرِفُوا سَاكِنِيهَا ، كَمْ قَصَّرَتْ مِنْ أَعْمَارٍ وَكَمْ أَهْدَرَتْ مِنْ أَمْوَال ! كَمْ مِنَ الْبُيُوتِ تَهَدَّمَتْ، وَكَمْ مِنْ أُسَرٍ تَحَطَّمَتْ! كَمْ فُقِدَتْ آمَالٌ وَضَاعَتْ أَحْلام، كُلُّهَا بِسَبَبِ الْمُخَدِّرَات وَالْمُنَبِّهَات.
أَيُّهَا المسْلِمُونَ: اسْتَمِعُوا لِبَعْضِ قَصَصِهِمْ وَاعْتَبِرُوا أَنْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَكُونُوا عِبْرَةً, قَالَ أَحَدُ الآبَاءِ: دَخَلْتُ عَلَى الطَّبِيبِ فَقَالَ لِي: إِنَّ ابْنَكَ مُدْمِنٌ لِلْمُخَدِّرَات, فَكَانَتْ صَاعِقَةً عَلَيَّ, وَالحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَفَقَدْتُ إِرَادَتِي، بَكَيْتُ وَبَكَيْتُ، وَعِشْتُ الرُّعْبَ كُلَّهُ، وَضَاعَ الأَمَلُ.. مِسْكِينٌ أَنْتَ أَيُّهَا الأَبُ، جَبَرَ اللهُ مُصِيبَتَكِ، وَأَحْسَنَ اللهُ عَزَاءَكَ.
وَهَذِهِ أُمٌّ تَشْهَدُ مَرَاسِمَ تَرْحِيلِ ابْنِهَا وَوَحِيدِهَا إِلَى السِّجْنِ، وَهِيَ تَصْرُخُ وَكُلُّهَا دُمُوعٌ: هَلِ انْتَهَى كُلُّ شَيْءٍ وَضَاعَ الأَمَلُ ؟ مِسْكِينَةٌ أَنْتِ أَيَّتُهَا الأُمُّ أَيْضًا، جَبَرَ اللهُ مُصِيبَتَكِ، وَأَحْسَنَ اللهُ عَزَاءَكِ، وَعَوَّضَكِ خَيْرًا.
وَهَذَا شَابٌّ مُدْمِنٌ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ فِي سَاعَةٍ مُتَأَخِّرَةٍ مِنَ اللَّيْلِ فَاقِدًا لِلْوَعْيِ، لِيَجِدَ أُخْتَهُ أَمَامَ الْتِلْفَازِ، فَيَجُرُّهَا إِلَى إِحْدَى الْغُرَفِ تَحْتَ تَأْثِيرِ السِّلَاحِ فَيْغَتَصِبُهَا وَالْعِيَاذُ بِاللهِ!! وَتَمُرُّ الْأَيَّامُ وَالْأُخْتُ تَرُدُّ الْعِرْسَانَ الذِينَ يَخْطِبُونَهَا خَوْفًا مِنَ الْفَضِيحَةِ وَالْعَارِ، وَدُمُوعُهَا تَسِيلُ لَيْلًا وَنَهارًا .. إِنَّهَا الْمُخَدِّرَات.
وَيَقُولُ أَحَدُ رِجَالُ مُكَافَحَةِ الْمُخَدِّرَاتِ إِنَّهُمْ قَبَضُوا عَلَى شَابٍ أَصْبَحَ رَهِينَ الْإِدْمَانِ، حَتَّى أَفْلَسَ، وَمِنْ ثَمَّ أَصْبَحَ يَسْرِقُ مُجَوْهَرَاتِ أُمَّهِ وَأُخْتِهِ، وَهُوَ الْعَائِلُ الْوَحِيدُ لَهُنَّ، فَلَمَّا سَرَقَ جَمِيعَ مَا لَدَيْهِنَّ مِنْ مُجَوْهَرَاتٍ، بَدَأَ بِبَيْعِ أَثَاثِ الْمَنْزِلِ قِطْعَةً قِطْعَةً، حَتَّى لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يَبِيعُهُ.
وَأَخِيرًا فَاسْمَعُوا لِهَذِهِ الْفَاجِعَةِ: رَجُلٌ كَبِيرُ السِّنِّ، قَارَبَ سِنُّهُ الْخَمْسِينَ سَنَةً، أَدْمَنَ الْمُخَدِّرَات وَفُصِلَ مِنْ عَمَلِهِ بِسَبَبِ الإِدْمَانِ، تَحَطَّمَتْ حَيَاتُهُ، وَمَرِضَتْ نَفْسُهُ، وَوَقَعَ الطَّلاقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، مَعَ وُجُودِ سَبْعَةٍ مِنَ الأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ ... وَفِي لَحْظَةٍ شَيْطَانِيَّةٍ، يَدْخُلُ الرَّجُلُ عَلَى مُطَلَّقَتِهِ وَبَنَاتِهِ ، وَهُوَ فِي حَالَةِ هَيَجَانٍ، فَيَقْتُلُ الزَّوْجَةَ بِمُسَدَّسِه ، ثُمَّ يُلْحِقُ بِهَا بَنَاتِهَا الثَّلاث، بَلْ بَنَاتِهِ هُوَ، الْوَاحِدَةَ تِلْوَ الأُخْرَى ! الأُولَى فِي الثَّالِثَةِ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهَا، وَالثَّانِيَةُ فِي الْخَامِسَةِ عَشْرَةَ، وَالثَّالِثَةُ فِي الثَّامِنَةِ عَشْرَةَ، وَتُصَابِ الرَّابِعَةُ ذَاتُ الأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ بِشَظَايًا مِنَ الْعِيَارِ النَّارِيِّ لِتَرْقُدَ فِي الْعِنَايَةِ الْمُرَكَّزَة. لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ, مَاذَا نَقُولُ بَعْدُ, وَاللهِ إِنَّ الْمَوْتَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا !! فَحَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل.
أَيُّهَا المسْلِمُونَ: وَمِنَ الْمُسَمَّيَاتِ الْغَرِيبَةِ فِي عَالَمِ الْمُخَدِّرَاتِ الْيَوْمَ : مَا يُسَمَّى بالشَّبُو الَّتِي انْتَشَرَتْ فِي أَوْسَاطِ الْمُجْتَمَعَاتِ، وَهِيَ أَقْوَى مَادَّةٍ مُخَدِّرَةٍ فِي الْعَالَمِ، وَهِيَ مَادَّةٌ كِيمْيَائِيَّةٌ مُصَنَّعَةٌ شَبِيهَةٌ بِالزُّجَاجِ.
وَإِذَا كَانَتْ المُخَدِرَاتُ فَيهَا أَضْرَارٌ فَتَّاكَةٌ، فَإِنَّ مُخَدِّرَ الشَّبُّوِ أَشَّدُّ مِنْهَا بِمَرَاحِلَ، وَقَدْ ظَهَرَ بِأَسْمَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ، فَتَارَةً يُطْلِقُونَ عَلَيْهِ " الشَّبُّوِ " ، وَتَارَةً " الكِرِيسْتَال " ، و وَتَارَةً أُخْرَى " الآيِسْ " ... وَتُؤْخَذ هَذِهِ المَادَةُ كَمَسْحُوقٍ عَنْ طَرِيقِ الشَّمِّ، أَوْ عَنْ طَرِيقِ التَّدْخِينِ، وَجُرْعَةٌ وَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَينِ مِنَ الشَّبُّوِ تَكْفِي لِجَعَلِ مَتَعَاطِيهَا غَارِقًا فِي الإِدْمَانِ.
كَمَا يَرْتَبِطُ تَعَاطِي هَذَا المخَدَّرِ بِجَرَائِمِ الاغْتِصَابِ وَالقَتْلِ وَالانْتِحَارِ، لِكَوْنِهِ مَدَمِّرًا لِجَمِيعِ أَجْهِزَةِ جِسْمِ الإِنْسَانِ، وَعَلَى رَأْسِهَا الخَلَايَا العَصَبِيَّةِ، وأَنَّه سَبَبٌ فِي كَثْرَةِ الْكَلاَمِ وَالْهَلْوَسَةِ، وَالشُّكُوكِ وَالأَوْهَامِ، وَاضْطِرَابَاتِ سَاعَاتِ النَّوْمِ ؛ بَلْ رُبَّمَا يَبْقَى الْمُتَعَاطِي أُسْبُوعًا كَامِلاً بِلاَ أَكْلٍ وَلاَ نَوْمٍ ، مِمَّا يَتَسَبَّبُ فِي انْحِطَاطِ الْجِسْمِ ، وَالرِّعَاشِ ، وَفَقْدِ التَّوَازُنِ، وَالاِضْطِرَابَاتِ النَّفْسِيَّةِ، وَالاِنْفِصَامِ بِالشَّخْصِيَّةِ، وَعَبْرَ شُهُورٍ قَلَيلَةٍ يَتَحَوَّلُ مَظْهَرُ مَتَعَاطِي " الشَّبُّو " مِنْ شَابٍّ فِي العِشْرِينِيَّاتِ إِلَى عَجُوزٍ فِي السَّبْعِينِيَّاتِ. فَهَلْ مِنْ مُعْتَبِرٍ أَوْ هَلْ مِنْ مُدَّكْرٍ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ, وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كِلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ الذِي سَهَّلَ لِعِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ إِلَى مَرْضَاتِهِ سَبِيلًا، وَأَوْضَحَ لَهُمْ طَرِيقَ الْهِدَايَةِ وَجَعَلَ اتِّبَاعَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ دَلِيلًا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اسْتِنْفَارَ الْمُجْتَمَعِ وَإِنْذَارَهُ مِنْ مَخَاطِرِ الْمُخَدِّرَاتِ وَأَضْرَارِهَا مَوْقِفٌ لا يَحْتَمِلُ التَّأْجِيلَ، وَحَدِيثٌ لا يُمَلُّ مِنْ تَكْرَارِهِ، كَيْفَ وَآثَارُهَا وَمَآسِيهَا قَدْ حَلَّتْ بِدِيَارِنَا، وَمَوَاقِعُ الْأَخْبَارِ تُصَبِّحُنَا وَتُمَسِّينَا بِقِصَصٍ تَعْتَصِرُ لَهَا الْقُلُوبُ، وَتَفُتَّ الْأَكْبَادَ فَتًّا.
إِنَّنَا جَمِيعًا فِي خَنْدَقٍ وَاحِدٍ، وَالْكُلُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ اقْتِسَامُ الْمَسْؤُولِيَّةِ، كُلُّ بِحَسَبَهِ وَمَكانَتِهِ وَقُدُرَاتِهِ، فَالْجِهَاتُ الْمُخْتَصَّةُ لَهَا دَوْرُهَا الْأَمْنِيُّ، وَالْأَبُ فِي مَمْلَكَتِهِ عَلَيْهِ حَمْلُ التَّوْجِيهِ، وَالْمُعَلِّمُ فِي فَصْلِهِ عَلَيْهِ عِبْئُ التَّرْبِيَةِ ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَمَحَارِيبِهِمْ لَهُمْ دُورُهُمْ ، وَصَاحِبُ الْقَلَمِ وَالْمَسْؤُولُ وَذَوُو الْجَاهِ، وَكُلُّ غَيُورٍ مُحَبٍّ لِدِينِهِ وَبَلَدِهِ لَهُمْ مَوَاقِفُهُمْ الْمُنْتَظَرَةُ بِالْكَلِمَةِ وَالنَّصْيحَةِ وَالْبَيَانِ للْقَضَاءِ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ الْمُهلِكِ، وَمُنَابَذَةٌ لِلمُرَوِّجِينَ وَالْمُجْرِمِينَ، وَهِمَّةٌ في التَّبلِيغِ عَنهُم، وَحَذَرٌ مِنَ التَّسَتُّرِ عَلَيهِم، وَإِحيَاءٌ لِوَاجِبِ الحِسبَةِ، وَبَذلٌ لِحَقِّ النَّصِيحَةِ.
أَيُّهَا المسْلِمُونَ: إِنِّي أُنَاشِدُ كُلَّ مَنْ وَقَعَ فِي هَذَا الْبَلاءِ، أَوْ قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ ، أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ فِي نَفْسِهِ وَدِينِهِ وَأَهْلِهِ وَمُجْتَمَعِهِ! إِنَّ الْحَيَاةَ أَيَّامٌ وَلَيَالِي ثُمَّ الْمَوْعِدُ عِنْدَ الْجَبَّارِ، وَبَيْنَ يَدَيْ مَنْ يَعْلَمُ الأَسْرَار! إِنَّ الْمَوْتَ زَائِرٌ سُرْعَانَ مَا يَقْدُمُ، وَغَائِبٌ مَا أَقْرَبَ أَنْ يَجِيء، فلا تغرنكم الحياة الدنيا, قَالَ اللهُ تَعَالَى { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
اللَّهُمَّ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَة، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا تَوْبَةً قَبْلَ الْمَوْتِ وَرَجْعَةً قَبْلَ الْفَوْتِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا مِنْ كُلِّ بَلاءٍ عَافِيَةً، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجَا، اللَّهُمَّ عَافِ مَنْ كَانَ مُبْتَلَىً بِهَذِهِ الْمُخَدِّرَات، وَاحْفَظْ كُلَّ مُعَافَىً مِنْهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينْ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
المرفقات
1672840671_الْمُخَدِّرَات هُمُومٌ وَضَحَايَا وَآفَات 13 رَجَب 1444هـ.doc
المشاهدات 2494 | التعليقات 2
شبيب القحطاني
عضو نشط
جزاك الله خيرا
محمد بن مبارك الشرافي
استفدت جُلَّ مادة هذه الخطبة من خطبة أو أكثر للشيخ سعد الصفار حفظة الله , إمام وخطيب جامع مبارك بن عايض في محافظة وادي الدواسر, فجزاه الله خيرا
تعديل التعليق