المخدرات السُّموم الفتَّاكة
عايد القزلان التميمي
الحمد لله الذي أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله نهى أمته عن كل مُسكر ومُفَتِّر حفاظاً على صحتها وحرصا على سلامتها، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله ولزوم طاعته وأحذركم ونفسي من معصيته ومن مخالفة أمره.
عباد الله : إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وكرّم الإنسان وأسبغ عليه نعمه الظاهرة والباطنة ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا )) لقد وهب الله الإنسان العقل وأحل له الطيبات وحرم عليه الخبائث، من أي شيء يضر بجسمه أو عقله، وما دام الأمر كذلك فهو مطالب بالحفاظ على هذه النعمة الكبرى، وأن يحسن استخدامها فيما يعود عليه بالخير والنفع ولا يضيعها فيما فيه ضرر دينه ودنياه.
ومن أجل ذلك حرّم الإسلام الخمر وسمّاها (أم الخبائث) لأنها تخامر العقل وتغطيه، وقد تؤدي به إلى الجنون أو الانتحار أو القتل أو ارتكاب الجرائم .
أيها المؤمنون ولقد بين لنا ربنا في محكم التنزيل تحريم الخمر فقال سبحانه ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ))
وقال صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ) أخرجه مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) أخرجه الترمذي وهو صحيح،
أيها المؤمنون : فإن من المحسوس والمشاهد للناس جميعًا أن المواد المعروفة الآن بالمخدرات على اختلاف أنواعها ومسمياتها لها من المضار الصحية والعقلية والروحية والأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية فوق ما للخمر من أضرار ، فاقتضى الدليل الشرعي ثبوت حُرْمتها، وأنها داخلة فيما حرّم الله تعالى ورسوله من الخمر المُسْكِر لفظًا ومعنى.
وقال العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله : فكل شيء يسكر مأكولاً أو مشروباً أو من طريق الحبوب أو من طريق التدخين كله محرم، كل ما أسكر أو أضر بالعباد فإنه محرم، بنص الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فجميع أنواع المسكرات المأكولة والمشروبة كلها محرمة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (كل مسكر حرام)، وقال صلى الله عليه وسلم: (كل شراب أسكر فهو حرام)، فالله حرَّم علينا ما يضرنا ويضر عقولنا وأبداننا وحرَّم علينا كل شيء مُسكر، لأنه يُغَطِّي العقول ويضرها ويؤدي بها إلى أنواع الفساد، فقد يقتل المخمور وقد يزني وقد يسرق إلى غير هذا من الفساد العظيم المترتب على الخمر , فوجب على أهل الإسلام أن يحذروها وأن يبتعدوا عنها وأن يتناصحوا بتركها، وأن ينكروها على من فعلها والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. ا . ه
عباد الله
وكثيرا ما نسمع في وسائل الإعلام القبض على كميات كبيرة من المخدرات عند الحدود وإحباط تلك العمليات من دخولها للبلاد ,فكيف لو دخلت وانتشرت بيننا هذه تلك الأرقام المخيفة من المخدرات ماذا سيحصل لنا ولأبنائنا وبناتنا .
عباد الله إن وراء تلك السموم الفتاكة أعداءً من خارج البلاد أو من الداخل يعملون على قتل الشباب وتحطيم الشباب وجعلهم يستمرون في هاوية الانحراف والدمار والضياع .
أيها المؤمنون :
إن دماء كثير من الشباب قد تلوثت بالمخدرات وقلوبهم استشربتها، قد تقولون: مبالغ، فأقول: اسألوا رجال الهيئات ومكافحة المخدرات وقضبان الحديد تصدق ذلك أو تكذبه، إن بعض الشباب يحمل الحبوب في جيبه، وبين حين وآخر تكتشف مصانع للخمور، فالوضع لا يخفى على يقظان، فتفقدوا أبناءكم واسألوا عن أصحابهم ومع مَنْ يروحون ويجيئون حتى لا تكون الصدمة موجعة، والواقعة مفزعة، الحقيقة مُرة ولكن لا بد أن نتجرعها، فلنتكاتف على الشر، ولنحاصر الخطر قبل تفاقم الأمر، فلا زال بعض الناشئة في طور التعاطي ولم يصلوا إلى حد الإدمان، لنضع أيدينا في أيدي رجال الأمن، ولنضرب بيد من حديد على كل من يحاول إفساد أبناء الأمة .
عباد الله واستجيبوا لنداء ربكم القائل ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))
بارك الله لي ولكم .....
الخطبة الثانية / الحمد لله الذي وفق من شاء من عباده لطاعته فاستعملوا عقولهم لما فيه خيرهم وصلاحهم في الدنيا والآخرة وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فيا أيها المؤمنون / ومن العلاج لهذه الآفة الخطيرة حث الأبناء من البنين والبنات على الصلوات الخمس وتنشئتهم على الأخلاق الحميدة, واختيار الصحبة الصالحة لهم ، وعدم السماح لهم بالسهر لأوقات متأخرة من الليل، وتجنيب الأبناء المشاكل الأُسْرية. وتجنبوا إعطاءهم أموالاً فوق حاجتهم، لأن الترف وكثرة المال الزائد يؤدي بالشاب الذي لا يعرف خوف الله ولا يصلي إلى الانحراف والعياذ بالله.
عباد الله ومن علمتم من أبنائكم أو من تحت أيديكم أنه ابْتُلِي بآفة المخدرات فعليكم المبادرة بعلاجه في المستشفيات المخصصة لعلاج تلك الآفة , واستشارة من يوثق فيه في ذلك .
فاتقوا الله عباد الله وكونوا ممن قال الله فيهم ((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)).
أسأل الله بمنه وكرمه أن يحمي شبابنا وفتياتنا من هذه السموم القاتلة وأن يوفق رجال الأمن للقبض على أيدي المجرمين العابثين الذين يريدون بهذه البلاد شراً.
اللهم من تابع هذه السموم ودل على أصحابها ووقف في طريقها وسَهَرَ لِتَخْلِيص المجتمع منها من رجال الأمن وغيرهم اللهم أَعِنْهُ وسَدِّدْه ووفِّقْه لكلِّ خير واحفظه في نفسه وماله وولده وارزقه الصحة والعافية .
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله...
المرفقات
1608835492_خطبة عن المخدرات السموم الفتّاكة 10-5-1442هـ.doc
عايد القزلان التميمي
تم الرفع للفائدة
تعديل التعليق