المحافظة على البيئة وعدم الاضرار بها

عايد القزلان التميمي
1445/06/22 - 2024/01/04 22:57PM
الحمد الله الذي جعل الأرض ذلولاً نمشي في مناكبها، والسماء بناءً نهتدي في كواكبها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيرا.
أما بعد فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون،
عباد الله يكثر في  هذه الأيام  خروج الناس للبرِّ و الهدف منها المتعة والترويح عن النفس .
وللخروج للبر والنزهة، آداب وأحكام ينبغي للناس أن يراعوها ويأخذوا بها؛ لتكون رحلاتهم عبادةً لربِّهم
ومن هذه الآداب: ذكر دعاء المنزل؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ))؛ رواه مسلم.
ومن آداب وأحكام الخروج إلى البر التأكد من القبلة والاجتهاد في ذلك، والحرص على أداء الصلاة في وقتها، ورفع الأذان، والتفكر في خلق السماء والأرض  والنجوم ، وغير ذلك.
عباد الله  ومن هذه الآداب المحافظة على نظافة المكان، فكلنا يرغب الجلوس في الأماكن النظيفة، ويكره الأماكن المتسخة، وتنظيفُ المكان قبل مغادرته من الأخلاق الاسلامية وعدم الاعتداء على الأشجار والمحافظةِ على الغطاءِ النباتيِ، فالإسلام دين المحافظة على البيئة ، وعدم تلويثها بأي آثار ضارة .
ويحثنا ديننا إلى مكافحة تلوث البيئة ، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يَبُولَنَّ أحَدُكُمْ في المَاءِ الدَّائِمِ الذي لا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ ) متفق عليه.
ومن آداب التنزه : عدم إيذاء المتنزهين، فبعض الناس يؤذي إخوانه في المتنزهات والأماكن العامة، وذلك برمي المخلفات في الطرقات أو الظل، ونحو ذلك. قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اتَّقوا الملاعنَ الثلاثَ : البَرازُ في الموارِدِ ، و قارِعَةِ الطَّريقِ ، و الظِّلِّ))؛ رواه أبو داود، وحسنه الألباني وقال صلى الله عليه وسلم (( من آذَى المسلمين في طُرُقِهم ، وجبت عليه لعنتُهم )) حسنه الألباني.
وقد جعل الإسلام المحافظة على البيئة جزءاً من إيمان الفرد المسلم ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ )) متفق عليه وفي حديث آخر : " إماطة الأذى عن الطريق صدقة " وهذان الحديثان يدلان على رعاية الإسلام واهتمامه بالبيئة ، حيث إن الإسلام ربط بين الإيمان وإبعاد الضرر عن المسلمين .
عباد الله ومن آداب وأحكام الخروج إلى البر أخذ الأسباب عدم المبيت أو المكوث في الأماكن الخطرة كأماكن الأودية والشعاب ،ثم الحذر كل الحذر من أن تنتهي تلك النزهة بمأساة؛ وذلك كحال مَن يخوضون بسياراتهم في الأودية والشعاب أثناء جريانها أو السباحة فيها؛ فينتج ما لا تحمد عقباه قال تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْـمُحْسِنِينَ}
عباد الله والبعض الآخر من الناس يتهور في القيادة ونحوه، وتحويل الرمال إلى أماكن أشبه بالأرض المحروثة، فلا شك أن هذا خلاف السير الشرعي، بل هو إفساد في الأرض وقد قال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا...} وقال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقوله {سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} أي بأبدانكم وقلوبكم، وتفكروا في خلق ربكم وهكذا ينبغي أن تكون رحلاتنا اعتبار ومتعة وترفيه .
عباد الله ومن اداب الخروج للنزهه عدم إشعال  النار إلا في الأماكن المسموح بها، وعدم تركها في المكان إلا بعد إطفائها ، ثم أنه ينبغي الالتزام والتقيد بالتوجيهات التي تصدر من جهات الاختصاص ، لما في ذلك من تحقق المصلحة العامة والتعاون على البر والتقوى .
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَبِهدي سُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ أَقُولُ ما سمعتم وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم
الخطبة الثانية
 الحمد لله على إحسانه، والشُّكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ: فيا عباد الله: اتَّقوا الله - تعالى - ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون، واعتَصِموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا، واذكُروا نعمةَ الله عليكم، وتمسَّكوا بكتاب ربِّكم، فإنَّ أصدَق الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هدي رسول الله، واحذَرُوا البِدَع والمحدَثات، فإنَّ شرَّ الأمور مُحدَثاتها، وكلَّ بدعة ضَلالة، الزَمُوا جماعةَ المسلمين، فإنَّ يدَ الله مع جماعة المسلمين، ومَن شذَّ عنهم شذَّ في النار.
ثم اعلَمُوا أنَّ الله - سبحانه وتعالى - أمرَكُم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه؛ فقال - جلَّ من قائل عليمًا -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾  
المرفقات

1704398217_المحافظة على البيئة وعدم الاضرار بها.docx

1704398217_المحافظة على البيئة وعدم الاضرار بها.pdf

المشاهدات 882 | التعليقات 0