الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْبِيئَةِ وَعَدَمِ الْأِضْرَارِ بِهَا بِأَيّ شَكْلٍ مِنْ الْأَشْكَالِ

محمد البدر
1445/06/22 - 2024/01/04 03:50AM

 

الْخُطْبَةُ الأُوْلَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾.وَقَالَﷺ:«الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.وَقَالَﷺ:«مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ:وَاللهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَأَرَادَ بِإِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْمَارَّةُ مِنْ شَوْكٍ، أَوْ حَجَرٍ، أَوْ نَحْوِهِ.لذلك أمرَ الإسلامُ الناسَ بالطهارة والنظافة, نظافة البدن, ونظافة المسكن, ونظافة المجتمع, ونظافة الْبِيئَةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيها فالنظافة مطلب مهم ينشده الجميع لأن ديننايحث على النظافة والطهارة في كل شيء ويجعلها شرطا أساسياً في كثير من العبادات ومنها الصلاة ونجد أن إهمال النظافة يسبب كثيراً من الأوبئة والأمراض الخطيرة وقد تؤدي بعض هذه الأمراض إلى الوفاة قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ(1)قُمْ فَأَنْذِرْ(2)وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3)وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾.والأمر بالطهارة والنظافة في الإسلام ليست قاصرتاً على الوضوء والغسل فقط ،فالإسلامُ نظامٌ طبيٌ يحارب تلوث البيئة على جميع مستوياتها،قَالَﷺ:«اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ»قَالُوا:وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ:«الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ:«لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ في الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لاَ يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَ:الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَالظِّلِّ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ» حسنه الالباني.

عِبَادَ اللَّهِ:هذه الدولة وفقها الله أنشأت كل ما فيه رفاهية المواطن و المقيم وراحته واستجمامه ولم تترك شيء صغر أو كبر الا أوجدته ووفرته من حدائق ومنتزهات وزينتها بأجمل حلة كل ذلك من أجل المواطن أولاً ثم المقيم وكل القادمين إلى بلادنا من دول عدة للاستجمام والراحة ،وهيأة من يقوم بتعاهد المكان بالصيانة والنظافة، ومن أبرز الأشياء التي أعتقد أنها لا توجد في الكثير من دول العالم،هي بناء مساجد في هذه الأماكن لتمكين المتنزهين من المحافظة على الصلاة في اوقاتها قَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾.ولكن للأسف الشديد الكثير من الناس لا يبالي بهذا ولا يهتم وليس لديه وازع ديني يردعه من بعض المخالفات اثناء تنزهه في هذه الأماكن ،فالبعض يجلس ويفترش مكان ما  يتناول فيه المأكولات مع عائلته أو أصدقائه فإذا فرغ ترك المكان بما فيه من القاذورات والمخلفات والبعض يتعمد ذلك ويقول العمال ينظفون المكان لذلك نرى قوارير الماء والمناديل تتقاذفها الرياح في كل مكان كذلك الشواطيء تعج بذلك فعلى المسلم أن يتحلى بالأخلاق وينظف مكانه ويميط أي أذى قد يَضُرُّ بأحد المارة،فَإِنَّ مِمَّا يُؤْذِيهِمْ مَا يُوضَعُ فِي طُرُقَاتِهِمْ وَأَمَاكِنِ تَنَزُّهِهِمْ ،مِنَ الْقَاذُورَاتِ أَوْ بَقَايَا الْأَطْعِمَةِ أَوْ الْمُخَلَّفَاتِ الْبَلَاسْتِكِيَّةِ ، وَغَيْرِهَ مِمَّا يَضُرُّ بِالْإِنْسَانِ أَوِ الْحَيَوانِ ، أَوْ بِمَا يَجْرَحُ أَبْدَانَهُمْ كَالأَحْجَارِ وَالأَخْشَابِ وَالزُّجَاجِ وَالْمَسَامِيرِ، أَوْ قَطْعُ مَا يَسْتَظِلُّونَ بِهِ مِنْ أَشْجَارٍ أَوْ مَا تَأْكُلُهُ دَوَابُّهُمْ مِنْهَا ، أَوْ إِشْعَالِ النَّارِ فِي الْأَمَاكِنِ الْغَيْرِ مَسْمُوحٌ بِهَا قَالَﷺ«بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ،فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ الله لَهُ، فَغَفَر لَهُ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.ومن المخالفات الظاهرة تَكْسِيرُ مَصَابِيحِ الإِنَارَةِ،وَتَهْشِيمُ قَوَارِيرِ المَشْرُوبَاتِ الغَازِيَّةِ وَنَحْوِهَا ورميها فِي الطُّرُقِ وَالسَّاحَاتِ،وَرَمْيُ المُخَلَّفَاتِ مِنْ قِبَلِ بَعْضِ أَصْحَابِ السَّيَّارَاتِ فِي الشَّوَارِعِ، وَكَانَ حَرِيّاً بِهِمْ أَنْ يُخَصِّصُوا لَهَا مَكَاناً دَاخِلَ السَّيَّارَاتِ،ومن المخالفات الاحتطاب الجائر ،فقد يؤدي بالضرورة إلى انخفاض إنتاجية الأراضي من المنتجات الخشبية أو غير الخشبية مثل عسل النحل وغيرها،وتقليص إنتاج الأكسجين،وازدياد مخاطر السيول والفيضانات نتيجة تعرية التربة من الغطاء النباتي، وانجراف التربة السطحية وفقد خصوبتها وزحف الرمال والعواصف الرملية والترابية، فضلًا عن انخفاض مخـزون الميـاه الجوفيـة السـطحية.أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ اثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:كذلك من المخالفات الظاهرة التَّعَدِّي عَلَى الأَمْلَاكِ العَامَّةِ بِبِنَاءٍ إِضَافِيٍّ أَمَامَ البَيتِ, أَوْ زْرَاعَة أَشْجَارٍ أوَ عمل سِيَاجَ ؛ أوَ استغلال واسْتَخْدَمَ الأَرْصِفَةُ مما قد يُضْيِيق عَلَى المَارَّةِ رَاجِلِينَ أَوْ رَاكِبِينَ، ،ومن المخالفات الظاهرة كِتَابَةُ عِبَارَاتٍ  عَلَى بعض الجُدْرَانِ ؛تُشَوِّهُ المَنَظرَ ،وقد تكون العِبَارَاتٍ غَيْرَ لائقة،ومن المخالفات الظاهرة التَّتعيصُ وَالتَّفْحِيطُ فِي الطُّرُقَاتِ وَالسَّاحَاتِ العَامَّةِ والمرتفعات الرملية،مما يشكل إِزْعَاجُاً لِلنَّاسِ،وَخَطَرُاً عَلَى الأَرْوَاحِ والممتلكات.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.يجب علينا جميعاً الحذر مِنَ الْمَبِيتِ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ أَيَّامَ نُزُولِ الْمَطَرِ  وَجَريانِ السُّيُولِ، وَكَذَلِكَ الحذر من قْطَع الْأَوْدِيَةَ بِالسَّيَّارَاتِ ، فالبَعْضُ يَفْعَلُ ذَلِكَ تَفَاخُرًا أَوْ لِإِظْهَارِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَادَةِ فِي الْأَمَاكِنِ الْخَطِرَةِ والثقة الزائدة بسيارته، وَهَذَا كُلُّهُ خَطَأٌ، وقد تكرر التحذير من قبل المديرية العامة للدفاع المدني من المخاطر المحتملة في مثل هذه الأجواء،والمعلنة عبر وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي.

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين،اللّهمّ أعِزّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدّين،واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1704329383_الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْبِيئَةِ وَعَدَمِ الْأَضْرَارِ بِهَا بِأَيّ شَكْلٍ مِنْ الْأَشْكَالِ.pdf

المشاهدات 1816 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا