المحافظة على البيئة والمنتزهات
إبراهيم بن سلطان العريفان
الْحَمْدُ لِلَّهِ أنعمَ عَلَيْنَا بنعمٍ لَا تُعَدُ ولا تُحصَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نبيَّنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى وَالرَّسُولُ الْمُجْتَبَى، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا.
إِخْوَةُ الْإِيمَانِ وَالْعَقِيدَةِ .. اذكرُوا نِعَمة اللهِ عليكُم واسأَلُوه أنْ يُعِينَكم على شُكْرِه.
حِينَ تَنْزِلُ الْأَمْطَارُ وَتَسِيلُ الْأَوْدِيَةُ وتَخْضَرُّ الْأَرْضُ تَنْبَعِثُ رَغْبَةُ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى البَرِّ وَالْأَوْدِيَةِ وَالْحَدَائِقِ وَالْمُنْتَزِهَاتِ لِلْتَرْوِيحِ عَنِ النفس وإسْعَادِهَا ومِن فضلِ الله تعالى علينا أن جعلَ في ديننا فُسحة فرخّص في الخروج إلى البادية أحيانًا للتنزه ونحوهِ في أوقاتِ الربيع وما أشبهَه، فقد كان النبيُّ ﷺ يَخرج إلى التِّلاع وهي مَصَابُّ المِيَاهِ ومَا يَنْحَدِرُ مِنَ الأرض.
ومما يـَحْسُنُ التنبيهُ عليه عندَ الخروجِ للتنزُّهِ الحِرصُ علَى عَدَمِ تَلْوِيثِ المُتَنَزَّهَاتِ بالمُهْمَلاتِ والمُخَلَّفَات واسْتِشْعَارُ مَا يَتَرَتَّبُ علَى تَرْكِهَا مِنْ إفْسَادٍ وإيذَاءٍ للنَّاس.
ومِنْ رَحْمَةِ اللهِ أنْ جَعَلَ إمَاطَةَ الأذَى عَنِ النَّاس مِنْ أسبَابِ دُخُولِ جَنَّتِهِ والفَوْزِ بِرِضَاه، قال النَّبِيُّ ﷺ (لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِي الجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ طَرِيقٍ كانَتْ تُؤْذِي النَّاس) فمَا أَيْسَرَ العَمَل وما أَسْمَى القِيمَة ومَا أكثرَ المُفَرِّطِين.
ومِنَ الآدَاب اخْتِيَارُ المَكَانِ المناسب والحَذَرُ مِنَ النزول في الأَوْدِيَةِ ومجَارِي السُّيُول لِمَا فِي ذلك مِنَ التَّعَرُّضِ للخَطَرِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ .. لقد وَضَعَ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ ضَّوَابِطَ وآداب لِلْحِفَاظِ عَلى البيئة، وَعَدَمِ الإِخْلاَلِ بِمُكَوِّنَاتِهَا أَوْ إِفْسَادِها، قَالَ الله (وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا) أَيْ لاَ تَقْطَعُوا الشَّجَرَ الْمُثْمِرَ، فَإِنَّ إِتْلاَفَ الأَشْجَارِ أَوِ الأَزْهَارِ أَوْ صَيْدَ الْحَيَوَانَاتِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أو بدونِ إِذْنٍ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ.
وَأَمَرَ الإِسْلاَمُ بِإِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ حِرْصاً عَلَى نَظَافَةِ البِيئَةِ وَحِفَاظًا عَلَى جَمَالِهَا، وَوَعَدَ فَاعِلَ ذَلِكَ بِالأَجْرِ الْكَرِيمِ وَالثَّوَابِ الْعَظِيمِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا: قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ) وَقَالَ ﷺ (عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا إِمَاطَةَ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ)
وَالأَذَى هُوَ كُلُّ مَا يُؤْذِي المارة مِنْ حَجَرٍ أَوْ قُمَامَةٍ أَوْ مُخَلَّفَاتٍ أَوْ شَوْكٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِمَاطَتُهُ أَيْ إِبْعَادُهُ عَنِ طَّرِيقِ النَّاسِ.
ومِمَّا يَنْبَغِي أيضًا عَدَمُ إشْعَالِ النَّارِ إلَّا في الأمَاكِنِ المَسْمُوحِ بها وإطْفَاؤهَا قَبْلَ مُغَادَرَةِ المَكَان، حِفْاظًا على الأرْوَاح، ومَنْعًا للحَرَائق، ودَفْعًا للأذَى عَنِ النَّاسِ والبَهَائِمِ والشَّجَرِ.
ويَجِبُ مُرَاعَاةُ الأنْظِمَةِ التي أقَرَّتْهَا الجِهَاتُ المُخْتَصَّة.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَبِهدي سُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
مَعَاشِرُ الْمُؤْمِنِينَ .. اتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِمَّا يُشْرَعُ حَالَ الخُرُوجِ لِلتَّنَزُّه، ذِكْرُ دُعَاءِ نُزُولِ المَنْزِلِ، قال رسول الله ﷺ (من نَزَلَ مَنْزِلًا، ثُمَّ قَال: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَق، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِك)
عِبَادَ الله .. وإذَا نَزَلَ الغَيْث دَخَلَ علَى النَّاسِ السُّرُورُ فيَخْرُجُونَ للتَّنَزُّهِ، فيَتَأَمَّلُ المُسْلِمُ كَمَالَ قُدْرَةِ الله وعَظِيمَ إتْقَانِه وبَدِيعَ صُنْعِه وحُسْنَ خَلْقِه، فيَزْدَادُ القَلْبُ إيمَانًا، وتَمْتَلِئُ النَّفْسُ بَهْجَةً ويقينًا.
ألَا فَاتَّقُوا اللهَ - رَحِمَكُمْ الله- وقُومُوا بمَسْؤولِيَّاتِكُمْ تِجَاهَ بيئتكم حافظوا عليها. واعْلَمُوا أنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأسْبَابِ الجَالِبَةِ لِلغَيْث والبركةِ فيه تقوَى الله والاسْتَقَامَةَ علَى أَمْرِه واسْتِغْفَارَهُ وصِدْقَ الرَّجُوعِ إليه، فرَبُّكُمْ هُوَ الذي أنشَأَكُمْ مِنَ الأرضِ واسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إليه إنَّ ربِّي قَرِيبٌ مُجِيب.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ، ووفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، ولِمَا فِيهِ خَيرٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ.
اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكًا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ، وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين.
المرفقات
1704440123_المحافظة على البيئة والمنتزهات.docx
1704440161_المحافظة على البيئة والمنتزهات.pdf