المتابعة الأسبوعية لخطبة الجمعة 10 ذو الحجة 1433هـ

مشرف المتابعة الأسبوعية
1433/12/04 - 2012/10/20 17:34PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال..
وكل عام أنتم بخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك..
نشكركم على تفاعلكم ومشاركتكم لنا في هذه الزاوية الأسبوعية المتجددة
ونسأل الله تعالى أن نسهم ولو بالقليل في تحسين اختياراتكم لخطب الجمعة في مساجدكم
ونبدأ بإذن الله تعالى تلقي الاقتراحات حول خطبة الجمعة المقبلة
10 ذو الحجة 1433هـ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
المشاهدات 8281 | التعليقات 14

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛؛؛؛ وبعد

أسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم وأن يتم عليهم النعمة ويحفظها من الزوال وأن يوفق المسلمين الغير مستطيعين لحج هذا العام بأن يمكن لهم في العام القادم وأن يبارك لكل الأخوان في الموقع مسؤولين ومشاركين وقارئين بقرب عيد الأضحى المبارك وأن يوفقهم لكل خير .

أما مشاركتي اليوم فارجوا أن يتقبلها الله مني وأن يوفقني لكل خير وأن تنال استحسانكم والله الموفق .
1 - خطبة نكمل فيها ما بقي من العشر و نبين للناس نوع الأضاحي ( السن المعتبرة و أوصافها ... )
2 - التذكير بالعمل الصالح .
3 - سورة ( ق ) إحياء للسنة وإيقاظاً للأمة .
4 - الحديث عن نعمة المطر وخاصة في المشاعر المقدسة .


بداية نسأل الله للحجيج الحفظ والقبول

ليس لدي اقتراح لموضوع معين

لكن أذكر بالحرص على أختصار الخطبة قدر المستطاع وتكون تذكيريه حول الذكر أو الصلاة أو المغفرة

لأن الناس بالغالب قد صلوا صلاة العيد وهي في حقهم سنه ويحسن التخفيف عليهم لأن أغلبهم لديه ارتباط في أول يوم العيد

بل حتى الحضور في مثل هذا اليوم يكون قليل نوعا ما لأجتماع العيد والجمعة في نفس اليوم

نسأل الله التوفيق والسداد


ياحبذاتكون الخطبة عن 1-المداومة على العمل الصالح 2-أيام التشريق -(وتقبل الله منا ومنكم صا لح الأعما ل) محبكم في الله ابو عبدالله التميمي


اقترح ان تتمحور الخطبة في تفسير سورة الكوثر بالتاكيد على عماد الدين وهي الصلاة ومن ثم التكلم عن الاضحية وتوابعها من كافة الجوانب
اما خطبة الجمعة ان مختصرة وشاملة في موضوع ماذا بعد الاضحى ووصايا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع


هذا العام لدينا خطبتان في يوم واحد ..
العيد والجمعة
ولهذا أقترح أن تكون خطبة الجمعة مختصرة جدا .. لأن الحضور سيكون قليلا ومن حضر المناسبتين فغير مناسب الإطالة عليه وقريبا سمع توجيها .
ولهذا اقترح أن تكون في موضوع أو جزئية صغيرة ..
مثلا :
أهمية قطع التنابذ وصلة الرحم
أهمية التواصل
أهمية إزالة الشحناء


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقبل الله منا ومنكم ..
خطبة العيد تكون جامعة؛ يتحدث الخطيب فيها ابتداءاً وباختصار ووضوح عن معنى كلمة التوحيد، ثم عن معنى الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وما تقتضيه هذه الشهادة من اتباعه صلى الله عليه وسلم، وما يتبع ذلك من وجوب ترك البدع والمحدثات، ثم الوصية بالمحافظة على الدين جملة، وعلى الصلاة خاصة، ثم الحديث عما ابتليت به الأمة اليوم من انتشار للفتن والمخالفات الشرعية، وكيف استطاع أعداء الله التغرير بشباب ونساء المسلمين حتى أوقعوهم في المنكرات، وربط ذلك بمخططات أبناء جلدتنا المتكلمين بألسنتنا من المنافقين والمنافقات من دعاة التغريب واللادينية المسماة خطأً بالعلمانية، ثم الوصية بالرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه، والتمسك بالوحي لأنه حبل النجاة، وطريق السلامة في الدارين.
ثم تبيين حقيقة الصراع اليوم بين الإسلام وأعدائه من كونه صراعاً عقائدياً لا قومياً ولا اقتصادياً على الثروات وما شابه، وأن أعداء الإسلام يحاربونه بلا أخلاق ولا ضوابط، وأن المسلمين مع كل هذه الهجمات الشرسة، ومع ضعفهم ما زالوا يحققون الانتصارات في كل مجال، حتى في المجالات العسكرية التي هم أضعف ما يكونون فيها.
ثم لا ننسى التذكير بأحوال إخوتنا في فلسطين وسوريا والعراق وأفغانستان والصومال والشيشان وبورما وسائر بلاد المسلمين، وأن لا ننساهم من دعواتنا ودعمنا بكل وسائل الدعم.
ثم نتحدث عن العيد وأحكامه، والأضحية، ونوصي بتقوى الله وبر الوالدين وصلة الأرحام، والصفح بين المتخاصمين، والإحسان إلى الجار.
ولا ننسى إخوتنا في بلاد الغربة وما هم في من فتنة وبلاء، وننصحهم بالعودة إلى بلاد الإسلام، حتى لو ضاق بهم العيش، لأنهم يفقدون أعز شيء عندهم هناك، يفقدون دينهم وأولادهم، لأن كل شيء هناك يقوم على غير الإسلام، يقوم على ما يسمى حرية التعبير التي يسمح معها بالكفر البواح، ويسمح معها بالزنا والربا وسائر الفواحش، حتى بلغ الأمر ببعض بلدان الغرب أن سمحوا وبقوانين بتزوج الرجل من الرجل والمرأة من المرأة، أعاذنا الله والمسلمين، ولا ننسى الدعاء لغير القادرين على ترك تلك البلاد لأسباب شرعية بأن يعينهم الله على ذلك، وأن يهيئ لهم سبل العودة إلى بلاد الإسلام.
والختم بالتذكير بهاذم اللدات ومفرق الجماعات، وأن الموت نهاية كل حي، وأن على العبد أن يتذكر هذه الحقيقة دائماً، وأن لا ينتظر المساء إذا أصبح ولا الصباح إذا أمسى.

أخوكم المحب لكم في الله
عبد الحميد شاهين
إمام وخطيب مسجد المركز الإسلامي في نورشوبينغ
السويد


اوفق تماما من قال بتقصير الخطبة
وهذه خطبة عن تفسير سورة الكوثر مع بعض التعديل تصلح في هذا الوقت
Quote:

الحمد لله الكريم المنان ، ذي الجود والفضل والعطاء والإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيُّه وخليله ، وأمينه على وحيه ، ومبلّغ الناس شرعه ، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد أيها المؤمنون عباد الله: اتقوا الله تعالى؛ فإن من اتقى الله وقاه ، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه، وتقوى الله - جل وعلا - عملٌ بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله ، وتركٌ لمعصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله .
أيها المؤمنون: سورةٌ هي أقصر سورة في القرآن نزلت على نبينا الكريم - عليه الصلاة والسلام - تحمل أعظم بشارة وأكرم منَّة وأجلّ عطية يمنّ بها ربنا - جل وعلا - على نبيه المصطفى ورسوله المجتبى صلوات الله وسلامه عليه ؛ فيقوم - عليه الصلاة والسلام - من إغفاءةٍ كانت في مسجده بين ظهرانَيْ أصحابه - رضي الله عنهم وأرضاهم - متبسماً فرِحاً مستبشرا ؛ حتى إن الصحب الكرام - رضي الله عنهم وأرضاهم - رأوا الابتسامة على محيّاه ، ورأوا فرحه وسروره - عليه الصلاة والسلام - على إثْر نزول هذه السورة التي هي أقصر سورة في كتاب الله جل وعلا .
روى الإمام مسلم في كتابه الصحيح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال رضي الله عنه : ((بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ( ، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ )) .
عباد الله: إنها بشارة تحملها هذه السورة العظيمة التي هي أقصر سورة في كتاب الله جل وعلا ، وما تحمله هذه السورة من بشارة لنبينا - عليه الصلاة والسلام - هي بشارة لأمته أيضا .
عباد الله: إن الكوثر الذي أعطيه نبينا - عليه الصلاة والسلام - هو كل خير أعطاه الله إياه في دنياه وأخراه، فالقرآن من الكوثر، والسنة من الكوثر ، وكل هدي جاء به وسنة مضى عليها فهي من الكوثر الذي أعطاه الله، وكذلكم ما يترتب على ذلكم من سعادة وفلاح وراحة وطمأنينة في الدنيا والآخرة كل ذلكم من الكوثر، ويتوّج ذلك بذلك النهر العظيم الذي يصبُّ في حوض النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام - والذي ترِده أمته يوم القيامة ؛ طعمه أحلى من العسل، ولونه أبيض من اللبن، ورائحته أطيب من رائحة المسك، وكيزانه كنجوم السماء عدداً وإشراقاً وإضاءةً وبهاءً وجمالا، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا .
أيها المؤمنون: إنها بشارة عظيمة بشر بها نبينا - عليه الصلاة والسلام - فقام فرِحاً متبسما ، وفي السورة أمِر عليه الصلاة والسلام بشكر الله عز وجل وإخلاص الدين له ، وُبشِّر بالعلو والظهور وأن من عاداه في سفولٍ وانبتار.
) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ( إنهما عبادتان عظيمتان عليهما مدار العبادات؛ فالصلاة عبادة بدنية والنحر عبادة مالية، الصلاة قوام العبادات البدنية والنحر سنام العبادات المالية ، فمن أراد لنفسه الخير الكثير في الدنيا والآخرة وأن يرِد على حوض النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلينهل من العبادات التي دُعي إليها وجاء بها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليكن لله عابداً، ولجنابه خاضعا، وله تبارك وتعالى مخلِصا؛ فإن الكوثر - عباد الله - ثمرةٌ من ثمار الإخلاص والخضوع والذل لله تبارك وتعالى، وثمرة أيضا من ثمار اتباع السنة ولزوم هدي النبي عليه الصلاة والسلام، ولهذا مر معنا في الحديث الذي يحمل تلك البشارة العظيمة أن أناسا يذادون عن الحوض فيسأل عن حالهم صلوات الله وسلامه عليه فيقال له : ((مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ ))، فترْك الإخلاص لله - جل وعلا - وترك المتابعة للنبي عليه الصلاة والسلام سبب للحرمان من الكوثر في الدنيا والآخرة، أي: سبب للحرمان من كل خير؛ فالخيرات كلها والسعادة جميعها إنما تُنال بالإخلاص لله جل وعلا والمتابعة لرسوله الكريم عليه الصلاة والسلام.
أيها المؤمنون: لقد كان المشركون في زمن النبي - عليه الصلاة والسلام - وتبِعهم في ذلك المنافقون إذا رأوا من حال المسلمين ضعفاً وقلة ذات يد وقلة عدد وعدة استبشروا باضمحلال أمر الإسلام وانبتار أمر المسلمين وتباشروا بذلك زاعمين ومدَّعين أن المتمسك بالدين وآدابه وأخلاقه وأهدابه هو الأبتر، قالوا هذه الكلمة في حق النبي - عليه الصلاة والسلام - في حياته ، وقالوها تِباعاً في كل وقتٍ وزمان لمن كان متمسكا بهديه مؤتمراً بسنته عليه الصلاة والسلام، ولكن الله جل وعلا يقول : ) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ( فالأقطع - عباد الله- أقطع الذكر وأبتر الشأن عدو النبي - عليه الصلاة والسلام - وعدو سنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعدو أتباع النبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
ولهذا فينبغي على كل مسلم أكرمه الله عز وجل بحُسن الاتباع لهدي النبي عليه الصلاة والسلام ولزوم سنته أن لا يأبَهَ بسخرية ساخر ولا استهزاء مستهزئ ولا تهكم متهكم ؛ فإن مآل هؤلاء الساخرين المتهكمين هو الأبتر الأقطع، ولينظر الناس في التاريخ على مده وامتداده يجد أن أعداء الدين وأعداء السنة هم الذين انبتر أمرهم واضمحل شأنهم وعفا أثرهم ولم يكن لهم في التاريخ ذكر إلا بالسبة والمذلة، أما حُماة الدين وحملة هدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ودعاة الحق والهدى فإن شأنهم في علو أحياءً وأمواتا.
) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (؛ بشارة لكل مؤمن يحمل على عاتقه همَّ السنة ونصرتها والذب عن حِماها والذَوْد عن هدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، فإن من كان شأنه كذلك فهو في علو وظهور، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَة)) .
أيها المؤمنون: إن هذه السورة العظيمة التي هي أقصر سورة في القرآن تأتي موقظةً لقلوب عباد الله ، منبِّهة لعباد الله إلى أمرين عظيمين وأساسين متينين عليهما مدار السعادة وبهما ينال العبد الكوثر ألا وهما :
- الإخلاص لله عز وجل ) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ( أي صلي له وحده وانحر له وحده وكن مخلصا له الدين ، ) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ( [الأنعام:162-163] .
- والأمر الثاني: الاتباع لهدي النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام - فإن شانئ النبي أي مبغضه ومبغض هديه ومبغض سنته - عليه الصلاة والسلام - هو الأبتر أي الأقطع ، فلا ذكر له إلا بالسوء والقبيح .
عباد الله: لنتعاهد أنفسنا على الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام ؛ ففيهما نجاة العبد ونجاحه وفلاحه في دنياه وأخراه .
اللهم اجعلنا أجمعين لك مخلصين ولسنة نبيك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متبعين .
أقولُ هذا القول وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كل ذنب فاستغفروهُ يغفِر لكم إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمدُ لله حمدا كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله ؛ صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعدُ أيها المؤمنون عباد الله: اتقوا الله تعالى .
عباد الله : خرّج أبو يعلى في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه راوي الحديث المتقدم قال: (( لقد تركت بالمدينة لعجائز يكثرن أن يسألن الله أن يوردهن حوض محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))
أيها المؤمنون: إنها دعوة عظيمة كان النساء في الزمن الأول يتعاهدنها ؛ يسألن الله - جل وعلا - أن يوردهن حوض النبي عليه الصلاة والسلام ليشربن منه شربه ؛ فمن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا .
نعم -عباد الله- من شرب من ذلك الحوض لم يظمأ بعدها أبدا: أي لا يحِس بعد ذلك بعطش، فيكون شربه للماء من باب التلذذ والهناءة لا عن ألمٍ وعطشٍ وشدة .
كن يتعاهدن هذه الدعوة سؤالاً وتوجهاً إلى الله ،كما أنهن في الوقت نفسه يتعاهدن حالهن تمسكاً بهدي النبي - عليه الصلاة والسلام - وإخلاصاً لله عز وجل وذلاً بين يديه .
ألا فما أحوجنا أيها المؤمنون ولاسيما في هذا الزمن الذي تكاثرت فيه الفتن وتنوعت فيه الصوارف التي تصد العبد عن السنة وتحرمه عن الخير مما يكون سبباً إلى الحرمان من الكوثر ، لا حرمنا الله أجمعين من فضله .
أيها المؤمنون: لنتعاهد أنفسنا بالإخلاص لله تعالى جل وعلا والاتباع لهدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ولنحذر أشد الحذر من الإشراك في العبادة والابتداع في العمل فإنهما البوار والهلاك ، ولنكثِر من الدعاء ؛ ومن عظيم الدعاء تلك الدعوة العظيمة سؤال الله التوفيق لورود الحوض الكريم ليشرب منه المؤمن شربةً لا يظمأ بعدها أبدا .
وفي هذا الموقف المبارك أتوجه إلى الله عز وجل وأسأله بأسمائه الحسنى وبأنه الله الذي لا إله إلا هو المنان الجواد عظيم الإحسان الذي لا يرد عبداً دعاه ولا يخيب مؤمناً ناجاه أسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجعلنا أجمعين ممن يرد حوض النبي - عليه الصلاة والسلام - فيشرب منه شربةً لا يظمأ بعدها أبدا. اللهم اجعلنا من ورّاد حوض نبيك - عليه الصلاة والسلام - وأعذنا إلهنا من أن نُذاد عنه منْعاً وحرمانا .
هذا و صَلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمّد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] ، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا ))، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، و بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد.
وارضَ اللَّهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنـِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمّر أعداء الدين واحمِ حوزة الدين يا رب العالمين .
اللهم وآمنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم انصر من نصر دينك وكتاب وسنة نبيك محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللهم وانصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان اللهم كن لهم ناصراً ومعينا، وحافظاً ومؤيدا. اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم .
اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ونفِّس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين وارحم موتانا وموتى المسلمين.
اللهم آت نفوسنا تقواها؛ زكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر.
اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله أوله وآخره سره وعلنه .

اللهم أغثنا .. اللهم أغثنا .. اللهم أغثنا ، اللهم إنا نسألك غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً سحاً طبقاً نافعاً غير ضار عاجلا غير آجل . اللهم أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالمطر ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين ، اللهم لا تردنا خائبين. ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين . ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار .
عباد الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ) وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ(.


أما خطبة الجمعة فأرى فيها ما رآه بعض الفضلاء قبلي من الاقتصار على بعض العظات العامة دون إطالة.
والله أعلم.


خطبة الجمعة لابد أن تكون قصيرة وهذه هي السنة
واقترح أحد الموضوعين:
1. صلة الأرحام وذم القطيعة.
2. فضل الذكر مناسبة لأيام التشريق.
أو يجمع بينهما وهذا أفضل.
والله يرعاكم..


خطبة عن صلة الرحم ((منقووووووولة)) اختر منها ما يناسبك مع الاختصار..
يهدِف الإسلام إلى بناءِ مجتمعٍ إسلاميٍّ متراحمٍ متعاطِف ، تسودُه المحبّةُ والإخاء ، ويهيمِن عليه حبّ الخيرِ والعَطاء ، والأسرةُ وِحْدةُ المجتمع ، تسعَد بتقوى الله ورعايةِ الرّحِم ، اهتمّ الإسلامُ بتوثيق عُراها وتثبيتِ بُنيانها ، فجاء الأمر برعايةِ حقّها بعدَ توحيد الله وبرّ الوالدين ، قال جلّ وعلا {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى} وقُرِنَت مع إفرادِ الله بالعبادةِ والصّلاةِ والزّكاة ، فعن أبي أيّوب الأنصاريّ رضي الله عنه قال : جاء رجلٌ إلى النبيّ فقال : أخبِرني بعملٍ يدخلني الجنّة ، قال " تعبد الله ولا تشرِكُ به شيئًا ، وتقيمُ الصلاة ، وتؤتي الزكاةَ ، وتصِلُ الرّحم " [ متفق عليه ] وقد أُمِرَت الأمم قبلَنا بصِلة أرحامِها ، قال سبحانه { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى } ودَعا إلى صِلتها نبيُّنا محمّدٌ في مَطلعِ نُبوّته ، قال عَمْرُو بنُ عبَسَة : قدمتُ مكّةَ أوّلَ بعثةِ النبيّ فدخلتُ عليه فقلت : ما أنت ؟ قال " نبيّ " قلت : وما نبيّ ؟ قال " أرسَلَني الله " قلت : بِمَ أرسلك ؟ قال " بصلةِ الأرحام وكسرِ الأوثان وأن يُوحَّد الله " [ رواه الحاكم ] وسأل هِرقل أبا سفيانٍ عن النبيّ ما يقول لكم ؟ قال : يقول " اعبُدوا الله وحدَه ولا تشركوا به شيئًا " ويأمرنا بالصّلاة والصِّدق والعَفاف والصّلَة [ متفق عليه ] وأمَر بها عليه الصلاة والسلام أوّلَ مقدمِه إلى المدينة ، قال عبد الله بن سلام : لمّا قدم النبيّ المدينةَ انجفلَ الناس إليه ـ أي: ذهَبوا إليه ـ فكان أوّلَ شيء سمعتُه تكلَّم به أن قال " يا أيّها الناس ، أفشوا السّلام ، وأطعِموا الطّعام ، وصِلوا الأرحامَ ، وصَلّوا بالليل والنّاس نِيام ، تدخلوا الجنّة بسلام " [ رواه الترمذيّ وابن ماجه ] وهي وصيّة النبيّ قال أبو ذر: أوصاني خليلِي بصِلة الرّحم وإن أدبَرَت [ رواه الطبراني ] فصِلةُ ذوي القربَى أمارةٌ على الإيمان " من كان يؤمِن بالله واليومِ الآخر فليصِل رحِمَه " [ متفق عليه ] وقد ذمّ الله كفّارَ قريش على قطيعةِ رحمِهم فقال عنهم { لاَ يَرْقُبُونَ فِى مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً }

* لقد خلق الله الرحمَ ، وشقَقَ لها اسمًا من اسمِه ، ووعَد ربُّنا جلّ وعلا بوصلِ مَن وصلَها ، ومَن وصَله الرحيمُ وصلَه كلُّ خير ولم يقطَعه أحد ، ومن بَتَره الجبّار لم يُعلِه بشرٌ وعاشَ في كَمَد { وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ } والله يُبقي أثرَ واصلِ الرّحم طويلاً ، فلا يضمحِلّ سريعًا كما يضمحِلّ أثر قاطعِ الرّحم ، قال النبيّ عليه الصلاة والسلام " قال الله للرّحم : أما ترضينَ أن أصلَ من وصلك وأن أقطعَ من قطعك ؟ قالت : بلى ، قال : فذاك لك " [ متفق عليه ] "والرحمُ معلّقة بالعرش تقول : مَن وصلني [ وصله الله ] ومن قطعني [ قطعه الله ] " .

* صلةُ الرّحم تدفَع بإذن الله نوائبَ الدّهر ، وترفع بأمرِ الله عن المرء البَلايا ، لمّا نزل على المصطفى { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } رجع بها ترجِفُ بوادرُه حتّى دخل على خديجةَ فقال : " زمِّلوني " فأخبرَها الخبَر ، وقال " قد خشيتُ على نفسِي " فقالت له : كلاّ والله ، لا يخزيكَ الله أبدًا ؛ إنّك لتصلُ الرّحم ، وتحمِل الكَلَّ ، وتكسِب المعدومَ ، وتَقري الضّيف [ رواه البخاري ] .

* صلةِ الرّحم أُسُّ بِناء الحياة ؛ محبّةُ للأهل ، وبَسطُ الرّزق ، وبركةُ العُمر ، يقول " صِلة الرّحم محبّةٌ في الأهل ، مثراة في المالِ ، منسَأَة في الأثر" [ رواه أحمد ] وعند البخاريّ ومسلم " من أحبَّ أن يُبسَط له في رزقه ويُنسَأ له في أثَره فليصِل رحمَه " قال ابن التّين : " صلةُ الرّحم تكون سببًا للتوفيقِ والطاعةِ والصيانةِ عن المعصيةِ ، فيبقى بعدَه الذكرُ الجميل فكأنّه لم يمُت " .

* ِصلة الحرم عبادةٌ جليلة مِن أخصِّ العبادات ، يقول عمرو بن دينار: "ما مِن خَطْوةٍ بعد الفريضةِ أعظمُ أجرًا من خَطوةٍ إلى ذي الرّحم " ثوابُها معجَّل في الدنيا ونعيمٌ مدَّخرَ في الآخرة ، قال " ليس شيء أُطِيعَ اللهُ فيه أعْجَل ثوابًا من صِلةِ الرحم " [ رواه البيهقيّ ] والقائمُ بحقوقِ ذوي القربَى موعودٌ بالجنّة ، يقول عليه الصلاة والسلام " أهلُ الجنة ثلاثة : ذو سلطانٍ مُقسط ، ورجلٌ رحيمٌ رقيقُ القلب بكلّ ذي قُربى ومسلم ، ورجلٌ غنيّ عفيف متصدِّق " [ رواه مسلم ] .

* صلة الرحم تقوَي المودَّة وتزيدُ المحبَّة وتتوثَّق عُرى القرابةِ وتزول العداوةُ والشّحناء ، فيها التعارفُ والتواصلُ والشعور بالسّعادة .

* صِلة الرّحم والإحسانُ إلى الأقربين طُرقُها ميسَّرة وأبوابها متعدِّدة ، فمِن بشاشةٍ عند اللّقاء ولينٍ في المُعاملة ، إلى طيبٍ في القول وطلاقةٍ في الوجه ، زياراتٌ وصِلات ، مشاركةٌ في الأفراح ومواساةٌ في الأتراح ، وإحسانٌ إلى المحتاج ، وبذلٌ للمعروف ، نصحُهم والنّصحُ لهم ، مساندةُ مكروبِهم وعيادةُ مريضهم ، الصفحُ عن عثراتهم ، وترك مُضارّتهم ، والمعنى الجامِع لذلك كلِّه : إيصالُ ما أمكَن من الخير ، ودفعُ ما أمكنَ منَ الشرّ .

* صلةُ الرّحم أمارةٌ على كَرَم النّفس وسَعَةِ الأفُق وطيبِ المنبَتِ وحُسن الوَفاء ، ولهذا قيل : مَن لم يَصْلُحْ لأهلِه لم يَصْلُحْ لك ، ومَن لم يذُبَّ عنهم لم يذبَّ عنك ، يُقْدِم عليها أولو التّذكرةِ وأصحابِ البصيرة { أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} .

* الأرحام أمَرَ الله بالرّأفة بهم كما نرأَف بالمِسكين ، قال عزّ وجلّ { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ } حقُّهم في البذلِ والعطاء مقدّمٌ على اليتامَى والفقراء ، قال سبحانَه {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} والسخاءُ عليهم ثوابٌ مضاعفٌ من ربِّ العالمين ، قال عليه الصّلاة والسّلام " الصدقةُ على المسكين صدقة ، وعلى القريب صدقةٌ وصِلة " [ رواه الترمذي ] وأوّلُ مَن يُعطَى مِن الصدقة هم الأقربون مِن ذوي المَسكنَة ، تصدّق أبو طلحة رضي الله عنه ببستانِه ، فقال له النبيّ " أرَى أن تجعلَها في الأقربين " فقسمَها أبو طلحة على أقاربِه وبني عمّه [ متفق عليه ] فالباذلُ لهم سخيُّ النّفس كريم الشّيَم ، يقول الشعبيّ رحمه الله " ما ماتَ ذو قرابةٍ لي وعليه دينٌ إلاّ وقضيتُ عنه دينه " .

* الجارُ من ذوي الأرحام أخصُّ بالرّعاية والعنايةِ مِن غيره قال سبحانه {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} فدعوتُهم وتوجيهُهم وإرشادهم ونُصحهم ألزمُ من غيرِهم ، قال جلّ وعلا {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} وإكرامُ ذوي القراباتِ مأمور به على أن لا يكونَ في التّقديمِ بخسٌ لأحدٍ أو هضمٌ لآخرين ، قال سبحانه {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } .

* إنّ ذوي الرّحِم غيرُ معصومين ، يتعرّضون للزّلَل ، ويقَعون في الخَلل ، وتصدُر منهم الهَفوة ، ويقَعون في الكبيرة ، فإن بَدَر منهم شيءٌ من ذلك فالزَم جانبَ العفوِ معهم ، فإنَّ العفوَ من شِيَم المحسنين ، وما زادَ الله عبدًا بعفو إلاّ عِزًّا ، وقابِل إساءَتهم بالإحسان، واقبل عُذرَهم إذا أخطؤوا ، ولك في يوسف القدوة والأسوة ، فقد فعل إخوةُ يوسفَ مع يوسفَ ما فعلوا ، وعندما اعتذروا قبِل عذرهم وصفَح عنهم الصفحَ الجميل ، ولم يوبِّخهم ، بل دعا لهم وسأل الله المغفرةَ لهم ، {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} فغُضَّ عن الهفواتِ ، واعفُ عن الزّلاّت ، وأقِلِ العثرات ، تجْنِ الودَّ والإخاء واللينَ والصفاء ، وتتحقَّقُ فيك الشهامةُ والوفاء ، وداوِم على صِلة الرّحم ولو قطعوا ، وبادِر بالمغفرة وإن أخطؤوا ، وأحسِن إليهم وإن أساؤوا ، ودَع عنك محاسبةَ الأقربين ، ولا تجعَل عِتابَك لهم في قطعِ رحمِك منهم ، وكُن جوادَ النّفس كريمَ العطاء ، وجانبْ الشحَّ فإنّه من أسباب القطيعة ، قال عليه الصلاة والسلام " إيّاكم والشّحَّ ؛ فإنّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم ؛ أمرهم بالبُخل فبخِلوا ، وأمرهم بالظّلم فظلموا ، وأمرهم بالقطيعةِ فقطعوا " [ متفق عليه ] واعلم أنّ مقابلةَ الإحسانِ بالإحسان مكافأةٌ ومجازاة ، ولكن الواصلَ من يَتفضَّلُ على صاحبِه ، ولا يُتَفضّلُ عليه ، قال عليه الصلاة والسلام " ليسَ الواصلُ بالمكافئ ، ولكنّ الواصلَ مَن إذا قُطعَت رحمُه وصَلها " [ رواه البخاري ] قيل لعبد الله بن مُحَيريز : ما حقّ الرّحم ؟ قال : " تُستَقبَل إذا أقبَلت ، وتُتْبَع إذا أدبَرت " وجاء رجلٌ إلى النبيّ فقال : يا رسولَ الله ، إنّ لي قرابةً أصِلهم ويقطعونني ، وأُحسِن إليهم ويُسيؤون إليّ ، وأَحلِم عليهم ويجهَلون عليّ ، فقال عليه الصلاة والسلام " لئن كان كما تقول فكأنّما تُسِفُّهم المَلّ ، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمتَ على ذلك " [ رواه مسلم ] .

* الروابطُ تزداد وُثوقًا بالرّحم ، وقريبُك لا يَمَلّكَ على القرب ولا ينسَاك في البُعد ، عِزّهُ عزٌّ لك ، وذُلّه ذُلٌّ لك ، ومعاداة الأقاربِ شرّ وبلاء ، الرّابح فيها خاسِر ، والمنتصِر مهزوم ، وقطيعةُ الرّحم مِن كبائر الذّنوب ، متوَعَّدٌ صاحبُها باللّعنةِ والثبور ، قال تعالى {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} فالتدابرُ بين ذوِي القربَى مؤذِنٌ بزوالِ النِّعمة وسوءِ العاقبةِ وتعجيلِ العقوبة ، قال عليه الصلاة والسلام " لا يدخل الجنّةَ قاطع " [ رواه البخاري ] فعقوبتُها معجَّلة في الدّنيا قبلَ الآخرة ، يقول النبيّ " ما مِن ذنبٍ أجدر أن يعجِّلَ الله لصاحبِه العقوبةَ في الدّنيا مع ما يدَّخره له في الآخرة من البغي ـ أي : الظلم ـ وقطيعةِ الرحم " [ رواه الترمذي ]

* قطيعة الرحم سببٌ للذِلّة والصّغار والضّعفِ والتفرّق ، مُجلَبةٌ للهمّ والغمّ ، فقاطعُ الرّحم لا يثبُت على مؤاخاة ، ولا يُرجَى منه وفاء ، ولا صِدقٌ في الإخاء ، يشعر بقطيعةِ الله له ، ملاحَقٌ بنظراتِ الاحتِقار ، مهما تلقَّى من مظاهِر التبجيل ، لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يستوحِشون مِن الجلوس مع قاطِع الرّحم ، يقول أبو هريرة رضي الله عنه ( أُحرِّجُ على كلِّ قاطعِ رحمٍ لَمَا قام من عندنا ) وكان ابن مسعود رضي الله عنه جالسًا في حلقةٍ بعدَ الصبح فقال ( أُنْشِدُ الله قاطعَ رحمٍ لَمَا قام عنَّا فإنّا نريدُ أن ندعوَ ربَّنا ؛ وإنّ أبوابَ السماء مُرتَجَةٌ ـ أي: مغلقة ـ دونَ قاطِع الرّحم ) ومن كان بينه وبين رحمٍ له عداوة فليبادِر بالصّلة ، وليعفُ وليصفح {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} وإنّ لحُسنِ الخُلُق تأثيرًا في الصّلة ، والزَم جانبَ الأدَب مع ذوي القربَى ، فإنّ مَن حَفِظَ لسانَه أراح نفسَه ، وللهديّةِ أثرٌ في اجتلابِ المحبّة وإثباتِ المودّة وإذهابِ الضغائن وتأليفِ القلوب .