المبادرة بالحج + مأساة اللاجئين

المهذب المهذب
1436/11/20 - 2015/09/04 05:00AM
الخطبة الثانية مستفادة من خطبة الشيخ إبراهيم الحقيل


تعجلوا إلى الحج 20/11/1436
الخطبة الأولى:
الحَمَدُ للهِ الذَّي فَرَضَ عَلَى عِبَادِهِ الحجَّ إلى بيتِهِ الحَرَامِ, ورتَّبَ على ذلكَ جزيلَ الأجْرِ وَوَافِرَ الإِنْعَامِ, فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ نَقِيّاً مِنَ الذُّنُوبِ والآثَامِ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَفْضَلُ مَنْ صَلَّى وَزَكَّى وَحَجَّ وَصَامَ, صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدَّيْنِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً كَثِيْراً .
أَمَّا بَعدُ: فَاتّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنَهيَهُ وَلا تَعصُوهُ، "وَمَن يَتَّقِ اللهَ يجعَلْ لَهُ مخرَجًا * وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ".
أيها المسلمون: إنَّ مما فرضه الله تعالى على عباده حجَّ بيته الحرام، وجعل ذلك من أركان الإسلام؛ لا تبرأ ذمةُ المسلم المستطيعِ إلا بالإتيانِ به، من جحده فقد كفر، ومن تهاون به فهو على خطرٍ عظيم؛ قال الله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ".
وقد رتب الله عز وجل على الحجِّ الأجرَ الجزيلَ والثوابَ العظيم؛ قال : "العمرةُ إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما، والحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة"، وقال : "من حَجَّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيومِ ولدته أمُّه"، وقال : "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاءِ".
فالواجب على المسلم المستطيعِ أن يبادر إلى حجِّ بيت الله الحرام؛ ليقضيَ ما فرض الله عليه، ويحصلَ على الأجر العظيم المترتب على أداء هذه العبادةِ العظيمة؛ فإن المرءَ وإن كان في يومِه آمنًا صحيحًا مستطيعًا إلا أنه لا يدري ما سيحدث له في مستقبل أيامه! ولذا قال النبي : "تعجلواّ إلى الحج -يعني الفريضة- فإنَّ أحدكم لا يدري ما يعرض له".
وهذا تنبيهٌ على وجوبِ المبادرةِ إلى الحج قبل أن تحولَ بينه وبين العبدِ الحوائلُ. قال : "أيها الناس: إن الله كتب عليكم الحج فحجوا"، والأمر يدل على الفورية دون تأخير أو استبطاء. وقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ : "لَقَد هَمَمْتُ أَن أَبْعَثَ رِجَالاً إِلى هَذِهِ الأَمصَارِ، فَلْيَنظُرُوا كُلَّ مَن كَانَ لَهُ جِدَةٌ ولم يحُجَّ فَيَضرِبُوا عَلَيهِمُ الجِزيَةَ، ما هُم بِمُسلِمِينَ، مَا هُم بِمُسلِمِينَ".
وَإِنَّ المُتَأَمِّلَ في الوَاقِعِ اليَومَ لَيَجِدُ مِنَ النَّاسِ مَنْ بَلَغَ مِنَ العُمُرِ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً وَلم يحُجَّ، وَمِنَ النَّاسِ مَن وَجَبَ الحَجُّ عَلَى أَبنَائِهِ وَبَنَاتِهِ فَضْلاً عَن وُجُوبِهِ عَلَيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ تَرَاهُم يُؤَخِّرُونَ الحَجَّ سَنَةً بَعدَ سَنَةٍ، غَيرَ مُلتَفِتِينَ إِلى أَنهم أَتَوا مُنكَرًا مِنَ الفِعْلِ عَظِيمًا؛ إِذْ لا يدري أحدُهم ما يعرض له.
وَيُؤسِفُكَ أَن تجِدَ بعضَ هَؤُلاءِ المُؤَخِّرِينَ لِفَرِيضَةِ اللهِ قَد جَابُوا الدِّيَارَ شَرقًا وَغَربًا، وَسَافَرُوا في الْبِلَادِ جَنُوبًا وَشَمالاً، وَبَذَلُوا الأَوقَاتَ وَأَنفَقُوا الأَموَالَ في سِيَاحَةٍ أو تجارة، ولم يُفِكِّرُوا في شدَّ الرِّحَالَ لأَشرَفِ البِقَاعِ وَأَعظَمِ الأَمَاكِنِ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ: بَادِرُوا بِالحَجَّ وَلا تُؤَخِّرُوهُ، وَاعلَمُوا أَن تَركَ حَجِّ النَّافِلَةِ مَعَ القُدرَةِ عَلَيهِ حِرمَانٌ مِن خَيرٍ عَظِيمٍ، فَكَيفَ بِالتَّهَاوُنِ بِالرُّكنِ اللاَّزِمِ وَالفَرضِ الوَاجِبِ؟ قَالَ : "قَالَ اللَّهُ: إِنَّ عَبْدًا صحَّحْتُ لَهُ جِسْمَهُ ووسَّعت عَلَيْهِ فِي الْمَعِيشَةِ، يَمْضِي عَلَيْهِ خمسةُ أعوام لا يَفِدُ إليَّ لَمَحْرُومٌ".
وَاحمَدِ اللهَ عز وجلَّ الذي مَدَّ في عمرك؛ فَهَا هُوَ مَوسِمُ الحَجِّ قَد أَشرَقَت شَمْسُهُ، وَهَا هُمُ الحُجَّاجُ قَد وفدوا من كلِّ فجٍ عميق؛ بَعضُهُم لَه سَنَوَاتٌ وَهُوَ يجمَعُ مَالَهُ دِرهمًا دِرهَمًا وَفِلْسًا فِلْسًا، يَقْتَطِعُها مِن قُوتِهِ وَقُوتِ عيالِه ليحجَّ بها، وَكثِيرٌ مِنَّا في هَذِهِ البِلادِ قَد تَيَسَّرَت لَهُ الأَسبَابُ وَتَهَيَّأَت لَهُ السُّبُلُ، وَمَعَ هَذَا يُؤَخِّرُ وَيُؤَجِّلُ؛ يُلَبِّسُ عَلَيهِ الشَّيطَانُ وَيَفتَعِلُ لَهُ الأَعذَارَ، إِمَّا بِشِدَّةِ الحَرِّ أَو قُوَّةِ الزِّحَامِ أَو كَثرَةِ الحُجَّاجِ أو مَشَارِيعِ التَّوْسِعَةُ، أو غيرِ ذلك!
اِتَّقُوا اللهَ -يَا مَن لم تحُجُّوا-، وَبَادِرُوا إِلى أَدَاءِ هَذِهِ الفَرِيضَةِ العَظِيمَةِ وَأَسرِعُوا؛ فَإِنَّ الأُمُورَ مُيَسَّرَةٌ وَللهِ الحَمدُ، استَعِدُّوا مِنَ الآنَ وَأَعِدُّوا، وَتَوَكَّلُوا عَلَى اللهِ وَلا تَعْجَزُوا، وَحَاسِبُوا أَنفُسَكُم وَاعزِمُوا؛ فَإِنَّ الأَمرَ لَيسَ بِالهَوَى المُتَّبَعِ أَوِ الرَّغَبَاتِ النَّفسِيَّةِ وَالقَنَاعَاتِ الشَّخصِيَّةِ، وَإِنمَا هُوَ رُكنٌ مِن أَركَانِ الدِّينِ، لا خِيَارَ أَمَامَ مَن وَجَبَ عَلَيهِ إِلاَّ المُضِيُّ فِيهِ وَأَدَاؤُهُ.
ولا يجب الحجُّ إلا على القادِر المستطيع؛ ومِن شروطِ الاستطاعة بالنسبةِ للمرأة: أن يتوفر لها مَحْرمٌ ليحجَّ معها، فإنْ لم يتيسر لها ذلكَ فلا يجب عليها الحجُّ، وهي بريئةُ الذمة.
وينبغي على المسلمِ إن رأى من بعضِ محارمه من النساء رغبةً في الحجِ أن يعينَها على ذلك، وأن يحتسبَ الأجر؛ فإن هذا من إحسانِ الصحبة والعملِ الصالحِ الذي يقرّبهُ من الله تعالى.
وممّن ولاّنا اللهُ تعالى أمرَهم، وجعل موافقتَنا لهم على الحج لازمة؛ مَن تحت كفالتِنا من العمالة، ممن يرغبون الحجَ وأداءَ الفريضة، وقد توفرت فيهم شروطُ الوجوب، لكنَّ الكفيلَ يرفض أو يسوِّف! فاتقوا الله فيهم، ولا تمنعوهم مما أوجب اللهُ عليهم، وأعينوهم على أداء الفريضة؛ لعلكم أن تدخلوا في قول النبي : "مَن جهَز غازيًا، أو جهز حاجًّا، أو خلَفَه في أهلِه، أو فطّرَ صائمًا؛ كان له مثلُ أجورِهم من غيْرِ أن ينقصَ من أُجُورِهم شيءٌ". والله جوادٌ كريم؛ إذا علم صدقَ نيةِ عبدِه وحرصَه على نفع إخوانه؛ فإنه يرزقه ويفتحُ له من أبواب الخير والبركة ما لا يخطر له ببال.
قلت ما سمعتم، وأستغفر الهة لي ولكم ...

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ الْعَظِيمَةِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى آلَائِهِ الْجَسِيمَةِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ الْأَلَمِ عَلَى النَّفْسِ، وَمِنْ أَشَدِّ عَذَابِ الدُّنْيَا الْخُرُوجُ مِنَ الدِّيَارِ بِلَا اخْتِيَارٍ، وَمُفَارَقَةُ الْأَوْطَانِ نَجَاةً بِالْأَنْفُسِ وَالْأَهْلِ وَالْوِلْدَانِ، وَقَدْ قُرِنَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ لِلرُّوحِ المَعْنَوِيَّةِ لِلْإِنْسَانِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي الْجَمْعِ بَيْنَ التَّشْرِيدِ وَالْقَتْلِ: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾.
إِنَّ قُوَى الشَّرِّ وَالْإِثْمِ فِي هَذَا الْعَصْرِ قَدْ أَطْلَقَتْ لِلْبَاطِنِيِّينَ وَالْوَثَنِيِّينَ أَيْدِيَهُمْ فِي تَهْجِيرِ المُسْلِمِينَ مِنْ دِيَارِهِمْ، وَالْقَضَاءِ عَلَى وُجُودِهِمْ فِي بُلْدَانِهِمْ؛ لِتَغْيِيرِ تَرْكِيبَتِهَا السُّكَّانِيَّةِ.. فَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْعِرَاقِ، وَيَفْعَلُونَهُ الْآنَ فِي بُورْمَا وَالشَّامِ، وَسَيَفْعَلُونَهُ مُسْتَقْبَلًا فِي لِبْنَانَ وَفِي كُلِّ دُوَلِ الْإِسْلَامِ إِنِ اسْتَقَامَ لَهُمُ الْأَمْرُ، وَمَا قَامَ بَاطِنِيُّ الشَّامِ بِحَرْقِ دُومَا عَلَى أَهْلِهَا إِلَّا وَهُوَ مُطْمَئِنٌّ أَنَّ المُجْتَمَعَ الدَّوْلِيَّ مَعَهُ فِي الْقَرَارِ وَالْأَفْعَالِ وَإِنْ عَارَضَهُ فِي التَّصْرِيحَاتِ وَالْأَقْوَالِ. وَمَا عَاثَ مَجُوسُ فَارِسَ فِي بِلَادِ الشَّامِ إِلَّا تَحْتَ إِشْرَافِ الْقُوَى الْعُظْمَى وَالْمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ. وَهَذَا يَدْخُلُ ضِمْنَ مُقْتَرَحِ الصَّفَوِيِّينَ الَّذِي يَتَلَخَّصُ فِي تَهْجِيرِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ السَّاحِلِ وَدِمَشْقَ وَحِمْصَ، وَإِحْلَالِ الْبَاطِنِيِّينَ مَحَلَّهُمْ، كَمَا فَعَلُوا فِي بَغْدَادَ الرَّشِيدِ. وَلَيْسَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ إِلَّا الْهِجْرَةُ أَوِ المَوْتُ، وَالْهِجْرَةُ أَيْضًا يُحِيطُ بِهَا المَوْتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ؛ فَقَدْ نُقِلَ إِلَينَا عَبْرَ الشَّاشَاتِ والْهَوَاتِفِ عِدَّةُ مَشَاهِدَ مُسَجَّلَةٍ بِالصَّوْتِ وَالصُّورَةِ لِلَحَظَاتِ غَرَقِ مَرَاكِبِ المُهَاجِرِينَ تَعْلُو فِيهَا أَصْوَاتُ المَوْتِ وَصَرَخَاتُ الْغَرْقَى مِنْ نِسَاءٍ وَأَطْفَالٍ وَرُضَّعٍ وَرِجَالٍ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ بُلْدَانُهُمْ بِالْحُرُوبِ، فَبَذَلُوا كُلَّ مَا يَمْلِكُونَ لِيَغْرَقُوا فِي الْبَحْرِ، وَلَا بَوَاكِيَ لَهُمْ!
بَلْ إِنَّ الْبِحَارَ صَارَتْ بَيْنَ حِينٍ وَآخَرَ تَقْذِفُ عَلَى شَوَاطِئِهَا جُثَثًا قَدْ غَرِقَتْ، وَلَا يُعْلَمُ عَدَدُ مَنْ يَبْتَلِعُهُمُ الْبَحْرُ فَلَا يَصِلُونَ إِلَى شَوَاطِئِهِ، وَيَحْكِي النَّاجُونَ مِنَ الْغَرَقِ قِصَصَ الْأَلَمِ وَالمُعَانَاةِ وَالرُّعْبِ أَثْنَاءَ الْهِجْرَةِ.
وَقَبْلَ أَيَّامٍ قَلَائِلَ هُرِّبَ لَاجِئُونَ سُورِيُّونَ مِنْ جَحِيمِ الْبَاطِنِيِّينَ إِلَى دَوْلَةٍ أُورُبِّيَّةٍ فِي شَاحِنَةِ دَوَاجِنَ أُحْكِمَ إِغْلَاقُهَا عَلَيْهِمْ؛ لِيَمُوتُوا فِيهَا خَنْقًا بِنِسَائِهِمْ وَأَطْفَالِهمْ وَهُمْ زُهَاءُ سَبْعِينَ نَفْسًا. لَرُبَّمَا صَاحُوا قَبْلَ المَوْتِ وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعْ صُرَاخَهُمْ أَحَدٌ.
إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى المُسْلِمِينَ نُصْرَةُ إِخْوَانِهِمُ المُهَجَّرِينَ وَالمُضْطَهَدِينَ وَاللَّاجِئِينَ بِإِيوَائِهِمْ وَإِطْعَامِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ، وَكَفَالَةِ أَرَامِلِهِمْ وَأَيْتَامِهِمْ، وَتَصْعِيدِ قَضِيَّتِهِمْ، وَإِظْهَارِ الْغَضَبِ مِمَّا يَفْعَلُهُ أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ بِهِمْ، مِنْ قَتْلٍ وَتَعْذِيبٍ وَتَهْجِيرٍ، مَعَ إِكْثَارِ الدُّعَاءِ لَهُمْ فَإِنَّ «المُسْلِمَ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ». وَاللَّاجِئُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ فِي شَتَّى الْأَصْقَاعِ فِي كَرْبٍ شَدِيدٍ، وَقَدْ ظَلَمَهُمُ المُجْتَمَعُ الدَّوْلِيُّ وَأَسْلَمَهُمْ لِلْقَتْلِ وَالتَّهْجِيرِ وَالتَّشْرِيدِ عَلَى أَيْدِي قَوْمٍ تَقْطُرُ قُلُوبُهُمْ حِقْدًا عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَبَاتَ المُسْلِمُونَ فِي هَذِهِ السَّنَوَاتِ هُمْ أَكْثَرَ اللَّاجِئِينَ فِي الْعَالَمِ.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُفَرِّجَ عَنِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَأَنْ يُفَرِّجَ كَرْبَهُمْ، وَأَنْ يَرْفَعَ الْبَلَاءَ عَنْهُمْ، وَأَنْ يُنْزِلَ عَافِيَتَهُ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يَكْبِتَ أَعْدَاءَهُمْ.
اللَّهُمَّ لُطْفَكَ بِالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ أَطْعِمْ جَائِعَهُمْ، وَاكْسُ عَارِيَهُمْ، وَأَمِّنْ خَائِفَهُمْ، وَآوِ مُشَرَّدَهُمْ، وَفُكَّ أَسِيرَهُمْ، وَدَاوِ جَرِيحَهُمْ، وَتَقَبَّلْ قَتْلَاهُمْ فِي الشُّهَدَاءِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ أَنْزِلْ غَضَبَكَ وَعَذَابَكَ عَلَى أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِينَ، وَفَرِّقْ جَمْعَهُمْ، وَشَتِّتْ شَمْلَهُمْ، وَأَفْسِدْ خُطَطَهُمْ، وَرُدَّ كَيْدَهُمْ عَلَيْهِمْ، وَسَلِّمِ المُؤْمِنِينَ مِنْ مَكْرِهِمْ وَشَرِّهِمْ.
هذا وصلوا وسلموا ...
المشاهدات 1576 | التعليقات 0