الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنَ كَالْبُنْيَانِ
د صالح بن مقبل العصيمي
1438/08/04 - 2017/04/30 13:48PM
الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنَ كَالْبُنْيَانِ
خطبة الجمعة 9/8/1438هــ للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي
الخطبة الأولى
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ
عِبَادَ اللهِ، لَقَدْ حَثَّ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ عَلَى التَّعَاوُنِ عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى؛ فَقَالَ جَـلَّ مَنْ قَالَ عَلِيمَا: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، يَتَعَاوَنُ مَعَهُ بِقَولِهِ، وَبِفِعْلِهِ، وَبِمَالِهِ، وَبِـجَاهِهِ، وَبِـمَشُورَتِهِ؛ فَأَهْلُ الإِيمَانِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ كَمَا وَصْفَهُمْ رَسُولُ اللهِ،ِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقَوْلِهِ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَهَذَا الحَدِيثُ أَعْظَمُ تَشْبِيهٍ، وَأَوْضَحُ تَمْثِيلٍ لِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ أَهْلُ الإِسْلَامِ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ؛ حَتَّى قَالَ رَسُولُ الله،ِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: («أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، يَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ يَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ يَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ شَهْرًا) ، حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ الطبرانيُّ فِي الكَبِيرِ. فَهَذَا الحَدِيثُ العَظِيمُ؛ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَفْعَ النَّاسِ، عَمَلٌ يُحِبُّهُ اللهُ، خَاصَّةً إِذَا كَانَ كَشْفَ كُرْبَـةٍ، أَوْ إِطْعَامًا فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، وذكر رَسُولُ الله،ِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه تعاون الأشعريين مع بعضهم البعض بقوله: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَقَدْ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ، ِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابُـهُ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ فِي التَّعَاضُدِ وَالتَّكَاتُفِ. والْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ، فَهِيَ حَادِثَةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا التَّارِيخُ مِنْ قَبْلُ؛ حَتَّى أَصْبَحَتْ نِبْـرَاسًا لِكُلِّ مُسْلِمٍ يَقِفُ مَعَ أَخِيهِ فِي مَسْغَبَتِهِ، وَفِي كُرْبَتِهِ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «عَلَيْكَ بِإِخْوَانِ الصِّدْقِ فَكُنْ فِي اكْتِسَابِهِمْ، فَإِنَّهُمْ زَيْنٌ فِي الرَّخَاءِ، وَعِزَّةٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ»، وَقَالَ اِبْنُ الْمُعْتَزِّ: (مَنْ اِتَّـخَذَ إِخْوَانًا كَانُوا لَهُ أَعْوَانًا)
هُمُومُ رِجَالٍ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ
وَهْمُي مِنْ الدُّنْيَا صَدِيقٌ مُسَاعِدُ.
نَكُونُ كَرُوحٍ بَيْنَ جِسْمَيْنِ قُسِّمَتْ
فَجِسْمُهُمَا جِسْمَانِ وَالرُّوحُ وَاحِدُ
فَالمُسْلِمُ مَعَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ صَدِيقٌ مُسَاعِدٌ، وَعَضَدٌ وَسَاعِدٌ؛ وَطَرِيقٌ مُوصِلٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ وَرِضَاهُ؛ وَسَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الأُلْفَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَيَنْزَعُ الغَيْرَةَ وَالحِقْدَ وَالحَسَدَ مِنْ القُلُوبِ الضَّعِيفَةِ، وَالتَّعَاوُنُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِيـنَ بَعْضِهِمُ البَعْضِ يُشْعِرُهُمْ بِالقُوَّةِ وَالوِحْدَةِ، حَتَّى يُوَاجِهُوا بِهَا الأَخْطَارُ الْمُحْدِقَةَ، الْمُتَوَقَّعَةَ مِنْ أَعْدَاءِ الأُمَّةِ وَالْمِلَّةِ الْمُتـَرَبِّصِيـنَ بِنَا.
عِبَادَ اللهِ، مَا أَعْظَمَ هَذَا الدِّينَ! يَحُثُّ أَتْبَاعَهُ عَلَى أَنْ يَقِفَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ، وَيُنْفِّسُ بَعْضُهُمْ كُرُبَاتِ بَعْضٍ، قال رَسُولُ الله،ِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: («مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَيَشْهَدُ التَّارِيخُ لِأَهْلِ الإِسْلَامِ بِتَكَاتُفِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ؛ طَالَمَا تَـمَسَّكُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَسِنَّـةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ وَقَفَتْ هَذِهِ البِلَادُ، بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وُلَاتُـهَا، وَمُؤَسَّسَاتُـهَا الرَّسْمِيَّةُ وَالخَيْرِيَّةُ، وَرِجَالُ أَعْمَالِـهَا، وَعَامَّةُ أَهْلِهَا؛ مَعَ إِخْوَانِهِمْ المُسْلِمِينَ عَلَى مَرِّ تَارِيخِهَا الطَّوِيلِ فِي جَمِيعِ كُرُبَاتِـهِمْ، وَالفَضْلُ وَالمِنَّةُ لِلهِ وَحْدَهُ، فَهُوَ الَّذِي وَفَّقَ، وَأَغْنَى، وَأَكْرَمَ بِلَادَنَا بِفَضلِهِ وُجُودِهِ. وَخِلَالَ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَفَتْ هَذِهِ الْمَمْلَكَةُ المُبَارَكَةُ -الَّتِي أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَزِيدَهَا إِيمَانًا وَتَوْفِيقًا- مَعَ إِخْوَانِـهَـا فِي مِحْنَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ: مِحْنَةِ حَلَبٍ وَمِحْنَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ، الَّذِينَ تَعَرَّضُوا لأَقْسَى أَنْوَاع ِالظُّلْمِ، مِنَ الْـحُوثِيِّـيـنَ أَذْنَابِ إِيْرَانَ، وَكَانُوا بِـحَاجَةٍ مَاسَّةٍ لِلْعَوْنِ، فَكَانَتِ الْمَمْلَكَةُ أَوْلَى النَّاسِ بِنُصْرَتِـهِمْ -بَعْدَ عَوْنِ اللهِ لَـهُمْ- لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ)، رَوَاهُ أَبُو دَاودَ وَغَيـرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. فَاستَجَابَتِ الْمَمْلَكَةِ – حَـمَاهَا اللهُ- لِنِدَاءِ حُكُومَةِ الْيَمَنِ؛ لِوَأْدِ الْفِتْنَةِ فِي بِلَادِهِمْ، وَهَذِهِ النُّصْرَةُ تَعْزِيزٌ لِمَبْدَأِ حَقِّ الْـجَارِ، الَّذِي كَفَلَهُ الإِسْلَامُ، وَحَثَّ عَلَيهِ.
نَارِي وَنَارُ جَارِي وَاحِدَةٌ *** وَإِلَيْهِ قَبْلِي تَنْزِلُ الْقِدْرُ
مَا ضَرَّ جَارًا لِي أُجَاوِرُهُ *** أَنْ لَا يَكُونَ لِبَابِهِ سِتْـرُ
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِـجَمِيعِ الْمُسْلِمِـيـنَ فَاِسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبةُ الثَّانيةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
وَمِنْ ذَلِكَ مَثَلًا مَا قَدَّمُهُ مَـرْكَزُ الْمَلِكِ سَلْمَانَ لِلإِغَاثَةِ وَالأَعْمَالِ الإِنْسَانِيَّةِ؛ مِنْ أَعْمَالٍ إِغَاثِيَّةٍ فِي اليَمَنِ؛ حَتَّى أَسْهَمَ هَذَا الدَّعْمُ فِي خِدْمَةِ ثَمَانِيَةِ مَلَايِينِ مُسْتَفِيدٍ، وَإِلَى المِئَاتِ مِنْ المَرَافِقِ الصِّحِّيَّةِ، فِي العَشَرَاتِ مِنْ مُحَافَظَاتِ اليَمَنِ، وَدَعْمِهَا بِآلَافِ الأَطْنَانِ مِنْ الأَدْوِيَةِ، اِسْتَفَادَتْ مِنْهَا عَامَّةُ مُحَافَظَاتِ اليَمَنِ بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، بَلْ قَدَّمَ هَذَا المَرْكَزُ مِنْحَةً خَاصَّةً وَصَلَتْ إِلَى قَرَابَةِ مِلْيَارِ رِيَالٍ سَعُودِيٍّ. أَمَّا دَعْمُ المَرْكَزِ لِأَهْلِ اليَمَنِ فِي الأَغْذِيَةِ وَتَوْزِيعِ السِّلَالِ الغِذَائِيَّةَ فَقَدْ أَنْشَأَ المَرْكَزُ جُسُورًا جَوِّيَّةً، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وَبِـمِـثْـلِ إِغَاثَةِ هَؤُلَاءِ الْمَلْهُوفِينَ فَإِنَّ بِلَادَنَا وَأَهْلَهَا الطَّيِّبـِـيـنِ سَيَظَلُّونَ بِخَيْرٍ وَنِعْمَةٍ وَفَضْلٍ فَهُنَاكَ مَلَكٌ يُنَادِي اَللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلْفًا وَأَعْطِ مُـمْسِكًا تَلَفًا. وَلَنْ نَخْشَى مِنْ ذِي العَرْشِ إِقْلَالًا، وَلِلهِ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ.
الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ .وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
خطبة الجمعة 9/8/1438هــ للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي
الخطبة الأولى
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ
عِبَادَ اللهِ، لَقَدْ حَثَّ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ عَلَى التَّعَاوُنِ عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى؛ فَقَالَ جَـلَّ مَنْ قَالَ عَلِيمَا: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، يَتَعَاوَنُ مَعَهُ بِقَولِهِ، وَبِفِعْلِهِ، وَبِمَالِهِ، وَبِـجَاهِهِ، وَبِـمَشُورَتِهِ؛ فَأَهْلُ الإِيمَانِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ كَمَا وَصْفَهُمْ رَسُولُ اللهِ،ِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقَوْلِهِ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَهَذَا الحَدِيثُ أَعْظَمُ تَشْبِيهٍ، وَأَوْضَحُ تَمْثِيلٍ لِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ أَهْلُ الإِسْلَامِ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ؛ حَتَّى قَالَ رَسُولُ الله،ِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: («أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، يَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ يَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ يَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ شَهْرًا) ، حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ الطبرانيُّ فِي الكَبِيرِ. فَهَذَا الحَدِيثُ العَظِيمُ؛ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَفْعَ النَّاسِ، عَمَلٌ يُحِبُّهُ اللهُ، خَاصَّةً إِذَا كَانَ كَشْفَ كُرْبَـةٍ، أَوْ إِطْعَامًا فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، وذكر رَسُولُ الله،ِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه تعاون الأشعريين مع بعضهم البعض بقوله: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَقَدْ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ، ِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابُـهُ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ فِي التَّعَاضُدِ وَالتَّكَاتُفِ. والْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ، فَهِيَ حَادِثَةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا التَّارِيخُ مِنْ قَبْلُ؛ حَتَّى أَصْبَحَتْ نِبْـرَاسًا لِكُلِّ مُسْلِمٍ يَقِفُ مَعَ أَخِيهِ فِي مَسْغَبَتِهِ، وَفِي كُرْبَتِهِ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «عَلَيْكَ بِإِخْوَانِ الصِّدْقِ فَكُنْ فِي اكْتِسَابِهِمْ، فَإِنَّهُمْ زَيْنٌ فِي الرَّخَاءِ، وَعِزَّةٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ»، وَقَالَ اِبْنُ الْمُعْتَزِّ: (مَنْ اِتَّـخَذَ إِخْوَانًا كَانُوا لَهُ أَعْوَانًا)
هُمُومُ رِجَالٍ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ
وَهْمُي مِنْ الدُّنْيَا صَدِيقٌ مُسَاعِدُ.
نَكُونُ كَرُوحٍ بَيْنَ جِسْمَيْنِ قُسِّمَتْ
فَجِسْمُهُمَا جِسْمَانِ وَالرُّوحُ وَاحِدُ
فَالمُسْلِمُ مَعَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ صَدِيقٌ مُسَاعِدٌ، وَعَضَدٌ وَسَاعِدٌ؛ وَطَرِيقٌ مُوصِلٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ وَرِضَاهُ؛ وَسَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الأُلْفَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَيَنْزَعُ الغَيْرَةَ وَالحِقْدَ وَالحَسَدَ مِنْ القُلُوبِ الضَّعِيفَةِ، وَالتَّعَاوُنُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِيـنَ بَعْضِهِمُ البَعْضِ يُشْعِرُهُمْ بِالقُوَّةِ وَالوِحْدَةِ، حَتَّى يُوَاجِهُوا بِهَا الأَخْطَارُ الْمُحْدِقَةَ، الْمُتَوَقَّعَةَ مِنْ أَعْدَاءِ الأُمَّةِ وَالْمِلَّةِ الْمُتـَرَبِّصِيـنَ بِنَا.
عِبَادَ اللهِ، مَا أَعْظَمَ هَذَا الدِّينَ! يَحُثُّ أَتْبَاعَهُ عَلَى أَنْ يَقِفَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ، وَيُنْفِّسُ بَعْضُهُمْ كُرُبَاتِ بَعْضٍ، قال رَسُولُ الله،ِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: («مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَيَشْهَدُ التَّارِيخُ لِأَهْلِ الإِسْلَامِ بِتَكَاتُفِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ؛ طَالَمَا تَـمَسَّكُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَسِنَّـةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ وَقَفَتْ هَذِهِ البِلَادُ، بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وُلَاتُـهَا، وَمُؤَسَّسَاتُـهَا الرَّسْمِيَّةُ وَالخَيْرِيَّةُ، وَرِجَالُ أَعْمَالِـهَا، وَعَامَّةُ أَهْلِهَا؛ مَعَ إِخْوَانِهِمْ المُسْلِمِينَ عَلَى مَرِّ تَارِيخِهَا الطَّوِيلِ فِي جَمِيعِ كُرُبَاتِـهِمْ، وَالفَضْلُ وَالمِنَّةُ لِلهِ وَحْدَهُ، فَهُوَ الَّذِي وَفَّقَ، وَأَغْنَى، وَأَكْرَمَ بِلَادَنَا بِفَضلِهِ وُجُودِهِ. وَخِلَالَ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَفَتْ هَذِهِ الْمَمْلَكَةُ المُبَارَكَةُ -الَّتِي أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَزِيدَهَا إِيمَانًا وَتَوْفِيقًا- مَعَ إِخْوَانِـهَـا فِي مِحْنَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ: مِحْنَةِ حَلَبٍ وَمِحْنَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ، الَّذِينَ تَعَرَّضُوا لأَقْسَى أَنْوَاع ِالظُّلْمِ، مِنَ الْـحُوثِيِّـيـنَ أَذْنَابِ إِيْرَانَ، وَكَانُوا بِـحَاجَةٍ مَاسَّةٍ لِلْعَوْنِ، فَكَانَتِ الْمَمْلَكَةُ أَوْلَى النَّاسِ بِنُصْرَتِـهِمْ -بَعْدَ عَوْنِ اللهِ لَـهُمْ- لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ)، رَوَاهُ أَبُو دَاودَ وَغَيـرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. فَاستَجَابَتِ الْمَمْلَكَةِ – حَـمَاهَا اللهُ- لِنِدَاءِ حُكُومَةِ الْيَمَنِ؛ لِوَأْدِ الْفِتْنَةِ فِي بِلَادِهِمْ، وَهَذِهِ النُّصْرَةُ تَعْزِيزٌ لِمَبْدَأِ حَقِّ الْـجَارِ، الَّذِي كَفَلَهُ الإِسْلَامُ، وَحَثَّ عَلَيهِ.
نَارِي وَنَارُ جَارِي وَاحِدَةٌ *** وَإِلَيْهِ قَبْلِي تَنْزِلُ الْقِدْرُ
مَا ضَرَّ جَارًا لِي أُجَاوِرُهُ *** أَنْ لَا يَكُونَ لِبَابِهِ سِتْـرُ
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِـجَمِيعِ الْمُسْلِمِـيـنَ فَاِسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبةُ الثَّانيةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
وَمِنْ ذَلِكَ مَثَلًا مَا قَدَّمُهُ مَـرْكَزُ الْمَلِكِ سَلْمَانَ لِلإِغَاثَةِ وَالأَعْمَالِ الإِنْسَانِيَّةِ؛ مِنْ أَعْمَالٍ إِغَاثِيَّةٍ فِي اليَمَنِ؛ حَتَّى أَسْهَمَ هَذَا الدَّعْمُ فِي خِدْمَةِ ثَمَانِيَةِ مَلَايِينِ مُسْتَفِيدٍ، وَإِلَى المِئَاتِ مِنْ المَرَافِقِ الصِّحِّيَّةِ، فِي العَشَرَاتِ مِنْ مُحَافَظَاتِ اليَمَنِ، وَدَعْمِهَا بِآلَافِ الأَطْنَانِ مِنْ الأَدْوِيَةِ، اِسْتَفَادَتْ مِنْهَا عَامَّةُ مُحَافَظَاتِ اليَمَنِ بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، بَلْ قَدَّمَ هَذَا المَرْكَزُ مِنْحَةً خَاصَّةً وَصَلَتْ إِلَى قَرَابَةِ مِلْيَارِ رِيَالٍ سَعُودِيٍّ. أَمَّا دَعْمُ المَرْكَزِ لِأَهْلِ اليَمَنِ فِي الأَغْذِيَةِ وَتَوْزِيعِ السِّلَالِ الغِذَائِيَّةَ فَقَدْ أَنْشَأَ المَرْكَزُ جُسُورًا جَوِّيَّةً، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وَبِـمِـثْـلِ إِغَاثَةِ هَؤُلَاءِ الْمَلْهُوفِينَ فَإِنَّ بِلَادَنَا وَأَهْلَهَا الطَّيِّبـِـيـنِ سَيَظَلُّونَ بِخَيْرٍ وَنِعْمَةٍ وَفَضْلٍ فَهُنَاكَ مَلَكٌ يُنَادِي اَللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلْفًا وَأَعْطِ مُـمْسِكًا تَلَفًا. وَلَنْ نَخْشَى مِنْ ذِي العَرْشِ إِقْلَالًا، وَلِلهِ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ.
الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ .وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
المرفقات
الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنَ كَالْبُنْيَانِ.docx
الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنَ كَالْبُنْيَانِ.docx
الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنَ كَالْبُنْيَانِ.pdf
الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنَ كَالْبُنْيَانِ.pdf
المؤمن للمؤمن كالبينيان.docx
المؤمن للمؤمن كالبينيان.docx
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق