اللغةُ العربيةُ حاملةُ رسالةِ الإسلامِ

سعود المغيص
1436/02/26 - 2014/12/18 15:50PM
الخطبة الأولى

أَمَّا بعدُ عباد الله :
اتقوا الله واعلموا أن اللغةُ العربيةُ حاملةُ رسالةِ الإسلامِ بِلسانٍ عربِيٍّ مُبينٍ، وأداةُ تبليغِ الوحْيِ الإِلَهِيِّ، ولسانُ شعائرِهِ، محفوظةٌ بِحفظِ الوحْيِ الْمُنَزَّلِ بِهَا، قالَ تعالَى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون
وإذَا كانَتْ كُلُّ أُمةٍ تتسابَقُ لِتَسمُوَ وتتشَرَّفَ بيْنَ الأُمَمِ بلغاتِهَا، فإنَّ شرفَ أُمَّتِنَا فِي اختيارِ اللهِ تعالَى للغةِ العربيةِ لتكونَ لُغةَ أفضلِ كُتُبِهِ، وهُوَ القرآنُ الكريمُ، قالَ سبحانَهُ: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ
عبادَ اللهِ: وربطَ اللهُ تعالَى بيْنَ اللغةِ العربيةِ وبيْنَ الدعوةِ إلَى العلمِ، فقالَ تعالَى: كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ولَمَّا زادَ الاهتمامُ بالعلمِ كانَتِ اللغةُ العربيةُ اللغةَ الأُولَى فِي العالَمِ، فنطقَ بِهَا المسلمُ وغيرُهُ، لِمَا أهدَتْهُ هذهِ اللغةُ مِنْ عُلومٍ انتفعَتْ منْهَا البشريةُ بكُلِّ أشكالِهَا وألوانِهَا، وصارَتْ ضرورةً دعَتْ كبارَ العلماءِ مِنْ غيرِ العربِ أَنْ يُتَرْجِمُوا عُلُومَهُمْ بِهَا، لأنَّ العلمَ كانَ عربِيًّا، وأَنْ يضَعُوا الْمَعَاجِمَ التِي تُسَهِّلُ للناسِ صِحَّةَ النطقِ بِهَا.
كمَا ربطَ القرآنُ الكريمُ أيضاً بيْنَ اللغةِ العربيةِ وبيْنَ التقوَى، فجعلَ اللغةَ العربيةِ سبيلاً إليهَا، قالَ تعالَى: قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ومِنْ ثَمَّ فالعقلُ والعلمُ والتقوَى أركانٌ يقومُ عليهَا تفعيلُ اللغةِ العربيةِ، فهِيَ البابُ إلَى مَنْ يُريدُ فَهْمَ القرآنِ الكريمِ والإسلامِ فهماً صحيحاً بعيداً عَنِ الْغُلُوِّ، قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ.
أيهَا المؤمنونَ: يُحْذَرُ مِنَ الخطإِ فِي العربيةِ، لأنَّ الخطأَ فِي العربيةِ يؤدِّي إلَى الخطإِ فِي تلاوةِ القرآنِ الكريمِ، والخطأُ فِي تلاوةِ القرآنِ الكريمِ قَدْ يؤدِّي إلَى قَلْبِ المعنَى، كمَا يُؤَدِّي إلَى سُوءِ الفهمِ أيضاً، وكانَ الصحابةُ رضي الله عنهم يحرصونَ علَى إصلاحِ ألسنتِهِمْ، ويرقُبُونَ أبناءَهُمْ فِي ذلكَ، لِشُعورِهِمْ بأهميةِ اللغةِ وصحةِ النطقِ بِهَا.
فعلينَا أَنْ نُحافظَ علَى اللغةِ العربيةِ مِنْ خلالِ أمورٍ أهمِّهَا: أَنْ نُفعِّلَ اللغةَ العربيةَ فِي كلامِنَا ومجالِسِنَا وأعمالِنَا ونشاطِنَا اليومِيِّ، وفِي المخاطبَاتِ الرسميةِ حتَّى تكونَ لغةَ حياتِنَا الفاعلةَ.
وأَنْ نغرِسَ فِي أولادِنَا حبَّ اللغةِ العربيةِ بأَنْ نُوفِّرَ لَهُمْ وسائلَ التفاعُلِ معَهَا، مِنْ خلالِ قراءةِ القرآنِ الكريمِ وحفظِهِ، فهُوَ أَصْلُ اللغةِ ومنبَعُهَا،
عبادَ اللهِ: وتقعُ علينَا جميعًا مسؤوليةٌ كبيرةٌ فِي حمايةِ اللغةِ العربيةِ وتفعيلِهَا، وذلكَ بالحرصِ علَى سلامةِ النطقِ، وصحةِ العبارةِ، وعدمِ إدخالِ الكلماتِ غيرِ العربيةِ أثناءَ الحديثِ بِهَا، فإمَّا أَنْ يكونَ الحديثُ بالعربيةِ كاملاً أَوْ بلغةٍ أُخرَى حتَّى نُحافِظَ علَى لُغتِنَا.
والاعتناءُ باللغةِ العربيةِ لاَ يعنِي إهمالَ تعَلُّمِ اللغاتِ الأُخرَى، بَلْ ينبغِي علينَا أَنْ نتعَلَّمَ مِنَ اللغاتِ الأُخرَى مَا يُعينُنَا علَى التواصُلِ معَ الآخرينَ والاستفادةِ مِنْ عُلومِهِمْ، دونَ أَنْ يُنسيَنَا هذَا أهميةَ اللغةِ العربيةِ وتقديمَهَا علَى غيرِهَا مِنَ اللغاتِ.
فنسأَلُ اللهَ تعالَى أَنْ يُوَفِّقَنَا جميعًا للحفاظِ علَى لغةِ القرآنِ الكريمِ وأَنْ يُوَفِّقَنَا لطاعتِهِ وطاعةِ رسولِهِ محمدٍ  وطاعةِ مَنْ أمرَنَا بطاعتِهِ، عملاً بقولِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ
نفعَنِي اللهُ وإياكُمْ بالقرآنِ العظيمِ، وبِسنةِ نبيهِ الكريمِ صلى الله عليه وسلم،
أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ، فاستغفِرُوهُ إنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.

الخطبة الثانية

أمَّا بعدُ عباد الله:
اتقُوا اللهَ عبادَ اللهِ واعلمُوا أنَّ اللغةَ العربيةَ عنوانُ هُويتِنَا العربيةِ الإسلاميةِ، والنطقَ بِهَا قُرْبَةٌ إلَى اللهِ تعالَى، وإهمالَ استخدامِهَا إضعافٌ لِهُويتِنَا التِي هيَ أساسُ نَهضتِنَا وتطوُّرِنَا، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: تَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَتَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ.
وقد قيل: مَنْ أحبَّ اللهَ تعالَى أحبَّ رسولَهُ  ومَنْ أحبَّ الرسولَ العربِيَّ أحبَّ العربَ، ومَنْ أحبَّ العربَ أحبَّ العربيةَ التِي بِهَا نزلَ أفضلُ الكُتبِ علَى أفضلِ العربِ والعجمِ، ومَنْ أحبَّ العربيةَ عُنِيَ بِهَا، وثابَرَ عليهَا، وصرفَ هِمَّتَهُ إليهَا.
اللَّهُمَّ علِّمْنَا مَا ينفَعُنَا، وانفَعْنَا بِمَا علَّمْتَنَا، وزِدْنَا علماً، اللَّهُمَّ آتِ نفوسَنَا تقوَاهَا، وزَكِّهَا أَنْتَ خيرُ مَنْ زكَّاهَا، أنتَ وَلِيُّهَا ومولاَهَا، وأَحْسِنْ عاقبتَنَا فِي الأُمورِ كُلِّهَا، يا ذ الجلال والإكرام ..
الا وصلو ا ..
المشاهدات 2421 | التعليقات 1

أسعدك الله وحفظك ربي شيخ سعود ونفعنا والمسلمين بكتاباتك وعلمك وبورك فيك.