القصاص يوم القيامة
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1446/04/29 - 2024/11/01 01:08AM
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ لَا عِزَّ إلّا فِي طَاعَتِهِ وَلَا سَعَادَةَ إلّا فِي رِضَاهُ وَلَا نَعِيمَ إلّا فِي ذِكْرِهِ
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا أَمَّا بَعْد فاتَّقوا اللهَ رَحِمَكُمُ الله ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول ( يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ قَالَ الْعِبَادُ عُرَاةً غُرْلاً بُهْمًا ( قال قُلْنَا وَمَا بُهْمًا قَالَ ﷺ ( لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ وَلاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ وَلاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةُ ) قَالَ قُلْنَا كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُرْلاً بُهْمًا قَالَ ﷺ ( بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ) أَيُّهَا الإِخْوَةُ سَيَقِفُ الظَّالِمُ وَالْمَظْلُومُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عِزَّ وَجَلَّ فِي مَحْكَمَةِ الْعَدْلِ الْإلَهِيَّةِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ ذَلِكَ الْيَوْم الَّذِي لَا ظُلْمَ فِيهِ وَلَا وَاسِطَةَ وَلَا جَاهَ وَلَا رَشْوَةَ وَلَا شَهَادَةَ زُورٍ قَالَ تَعَالَى ( اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) وَقَالَ سُبْحَانَهُ (( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))
عِبَادَ اللهِ في يَومِ القِيَامَةِ يَكُونُ القِصَاصُ بَيْنَ النَّاسِ بِالحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ فإذا كانت عَلَى الإِنْسَانِ مظالِمُ لِلعِبَادِ فَإِنَّهُم يَأْخُذُونَ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِقَدْر مَظْلَمَتِهِمْ فإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أو فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيهِ فيُؤْخَذُ مِنْ سَيِّئاتِهِم وتُطْرَحُ عَلَيهِ ثُمَّ يُطْرَحُ فِي النَّارِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال ( إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ) وَمَنْ مَاتَ وَ في ذِمَتِهِ مَظْلَمَةٌ لِغَيرهِ يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِقَدْرِ المَظْلَمَةِ لقول النبي ﷺ ( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ أَوْ دِرْهَمٌ قُضِيَ مِنْ حَسَنَاتِهِ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ) رواه ابن ماجه. فَاتَقُوا الظُّلْمَ فَالقِصَاصُ يَوم القِيَامَةِ يَكُونُ بِالحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكمْ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَةِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآيَاتِ وَالحِكْمَةِ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيهِ إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ
الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ واتَّقُوا الظُّلْمَ واعلموا أنه ينبغي للعبد أن يُحاسِبَ نفسَه قبل أنْ يُحاسَب ويستعدَّ ليوم القيامة وأنْ لا يظلمَ أحداً من الناس فإنَّ حقوق العباد قائمةٌ على المُشاحَّة وحقوقَ الله تعالى قائمةٌ على المُسامحة فعلى العبد ما دام على قيد الحياة أن يتخلَّص من مظالم الناس ويَلْقَى رَبَّه وليسَ عليهِ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ فإنَّ حُقُوقَ العِبادِ ضَرَرُها كبيرٌ على العبدِ فَكُونُوا على حَذَرٍ شَدِيدٍ وجاهِدوا أنفُسَكُم وَوَطِّنُوها على الخَوْفِ مِنْ هذا الأمْرِ العَظيم وليَتَذكَّرَ كُلُّ مَنْ ظَلَم بِأنَّ دُعاءَ المَظلومِ مُسْتَجاب فَليَحْذرْ مِنْ ذلكَ وَلْيَعْلَمْ بأن حُقُوقَ العِبادِ لا تُتْرَكُ يومَ القيامة وأنها تَذْهَبُ بِحَسَناتِه التي تَعِبَ في جَمْعِها
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الصحابة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ برَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ ولِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِلَادَنَا بِسُوءٍ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَدْرَأُ بِكَ فِي نُحُورِ أَعْدَائِنَا وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِم اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَولَادَنَا وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِنَا وَاِجْعَلْهُمْ قُرَةَ أَعْيُنٍ لَنَا اللَّهُمَّ وَفِقْ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا الطُّلَابَ والطَّالِبَاتِ فِي اِخْتِبَارَاتِهِمْ وَاِجْعَلْ النَّجَاحَ والتَّفَوُقَ والتَّمَيُّزَ حَلِيفَهُمْ يَا رَبَّ العَالَمِينَ (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (( عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا أَمَّا بَعْد فاتَّقوا اللهَ رَحِمَكُمُ الله ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول ( يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ قَالَ الْعِبَادُ عُرَاةً غُرْلاً بُهْمًا ( قال قُلْنَا وَمَا بُهْمًا قَالَ ﷺ ( لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ وَلاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ وَلاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةُ ) قَالَ قُلْنَا كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُرْلاً بُهْمًا قَالَ ﷺ ( بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ) أَيُّهَا الإِخْوَةُ سَيَقِفُ الظَّالِمُ وَالْمَظْلُومُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عِزَّ وَجَلَّ فِي مَحْكَمَةِ الْعَدْلِ الْإلَهِيَّةِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ ذَلِكَ الْيَوْم الَّذِي لَا ظُلْمَ فِيهِ وَلَا وَاسِطَةَ وَلَا جَاهَ وَلَا رَشْوَةَ وَلَا شَهَادَةَ زُورٍ قَالَ تَعَالَى ( اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) وَقَالَ سُبْحَانَهُ (( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))
عِبَادَ اللهِ في يَومِ القِيَامَةِ يَكُونُ القِصَاصُ بَيْنَ النَّاسِ بِالحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ فإذا كانت عَلَى الإِنْسَانِ مظالِمُ لِلعِبَادِ فَإِنَّهُم يَأْخُذُونَ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِقَدْر مَظْلَمَتِهِمْ فإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أو فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيهِ فيُؤْخَذُ مِنْ سَيِّئاتِهِم وتُطْرَحُ عَلَيهِ ثُمَّ يُطْرَحُ فِي النَّارِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال ( إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ) وَمَنْ مَاتَ وَ في ذِمَتِهِ مَظْلَمَةٌ لِغَيرهِ يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِقَدْرِ المَظْلَمَةِ لقول النبي ﷺ ( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ أَوْ دِرْهَمٌ قُضِيَ مِنْ حَسَنَاتِهِ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ) رواه ابن ماجه. فَاتَقُوا الظُّلْمَ فَالقِصَاصُ يَوم القِيَامَةِ يَكُونُ بِالحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكمْ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَةِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآيَاتِ وَالحِكْمَةِ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيهِ إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ
الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ واتَّقُوا الظُّلْمَ واعلموا أنه ينبغي للعبد أن يُحاسِبَ نفسَه قبل أنْ يُحاسَب ويستعدَّ ليوم القيامة وأنْ لا يظلمَ أحداً من الناس فإنَّ حقوق العباد قائمةٌ على المُشاحَّة وحقوقَ الله تعالى قائمةٌ على المُسامحة فعلى العبد ما دام على قيد الحياة أن يتخلَّص من مظالم الناس ويَلْقَى رَبَّه وليسَ عليهِ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ فإنَّ حُقُوقَ العِبادِ ضَرَرُها كبيرٌ على العبدِ فَكُونُوا على حَذَرٍ شَدِيدٍ وجاهِدوا أنفُسَكُم وَوَطِّنُوها على الخَوْفِ مِنْ هذا الأمْرِ العَظيم وليَتَذكَّرَ كُلُّ مَنْ ظَلَم بِأنَّ دُعاءَ المَظلومِ مُسْتَجاب فَليَحْذرْ مِنْ ذلكَ وَلْيَعْلَمْ بأن حُقُوقَ العِبادِ لا تُتْرَكُ يومَ القيامة وأنها تَذْهَبُ بِحَسَناتِه التي تَعِبَ في جَمْعِها
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الصحابة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ برَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ ولِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِلَادَنَا بِسُوءٍ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَدْرَأُ بِكَ فِي نُحُورِ أَعْدَائِنَا وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِم اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَولَادَنَا وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِنَا وَاِجْعَلْهُمْ قُرَةَ أَعْيُنٍ لَنَا اللَّهُمَّ وَفِقْ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا الطُّلَابَ والطَّالِبَاتِ فِي اِخْتِبَارَاتِهِمْ وَاِجْعَلْ النَّجَاحَ والتَّفَوُقَ والتَّمَيُّزَ حَلِيفَهُمْ يَا رَبَّ العَالَمِينَ (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (( عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))
المرفقات
1730412486_خطبة الجمعة الموافق 29 ربيع الآخر 1446هـ.pdf
1730412533_خطبة الجمعة الموافق 29 ربيع الآخر 1446هـ.docx