القرآن في شهر القرآن.

القرآن في شهر القرآن! 
 
 
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، بالعدلِ قائماً وللإيمانِ ناصراً وداعماً، وللكفر محارباً وداحراً، فيه خبرُ الأولين ونبأُ الآخرين وحكمةُ النبيين وهدايات المرسلين، فالحمد لمن أكرمنا به وجعلنا من حملته والمنضوين تحت لوائه، حمداً يليق بجلال الله تعالى في كل وقتٍ وحين.
وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له الملك الحق المبين، أنزل الكتاب العظيم هدايةً للمتقين وزاداً للمؤمنين، ﴿ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [يس: 70].
 
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدٌ رسول الله، قد أيده الله تعالى بكتابه الكريم وجعله مهيمناً على سائر الكتب، وأتى فيه بما يدهش الألباب ويثير العجب، فبلَّغَهُ للخلق ونشر به العدلَ والسَّلامَ وعم به الأمن بين الأنام.
 
اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَرَاقِبُوهُ، وَأَطِيعُوهُ وَلَا تَعصُوهُ: ‌
"يَا أَيُّهَا ‌الَّذِينَ ‌آمَنُوا ‌اتَّقُوا ‌اللَّهَ ‌وَكُونُوا ‌مَعَ ‌الصَّادِقِينَ"
إِخوَةَ الإِسلَامِ!
هل رأيتم ذلك التغيير العجيب!
من الضلالة إلى الهداية
ومن الاعوجاج إلى الاستقامة
ومن غيابات الجهل إلى نور العلم والبصيرة! 
ومن الأمراض بأنواعها إلى الشفاء الحسي والمعنوي 
ومن ضيقة الصدر إلى الانشراح والراحة! 
ومن الشقاوة إلى السعادة
ومن الكدر والغم إلى الفرح والسرور
ومن العقوق إلى البر والإحسان
ومن سوء الخُلق إلى أجمل الأخلاق وأحسن التعامل وأطيب الكلام!
ومن الوضاعة إلى الرفعة والشرف والعز والتمكين! 
ومن القلة والضعف إلى البركة والقوة 
ومن التشتت والضياع إلى الاتزان والسداد! 
أرئيتم ذلك كله!!؟ إنه أثر القرآن العظيم إي والله إنه لأثر ذلك الكتاب الكريم! فمن صاحبه وعاش معه رأى ذلك التغيير العظيم الذي يحدث في حياته وكلما أعطاه؛ أعطاه! فإن أعطيته وقتا أكبر حصلت أثرا أكثر وهكذا إن أعطيته تدبرك وحملت همه وطلبت حفظه وعملت به رأيت أصناف عظيمة من البركات والخيرات والمسرات تتنزل عليك من كل حدب وصوب فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات! الحمد لله الذي أنزل علينا القرآن ولم يجعلنا في شقاء الحمد لله الحمد لله!
يا أهل القرآن !
إن رمضان فرصة تاريخية يمكنك أن تبدأ من خلالها أجمل علاقة تربطك بكتاب ربك عز وجل!
رمضان فرصة حقيقية لتأسيس علاقة متينة مع القرآن تبقى العمر كله! كيف لا وأنت تعيش زمن غل الشياطين وإقبال النفوس على الخير فإذا لم تبدأ الآن مع القرآن فمتى ستبدأ وإلى متى يحرم العبد نفسه بركات هذا القرآن الكريم!
عبد الله!! أبدأ الآن وأسس علاقة قوية بكتاب ربك! فكر من الآن وضع هدفك لأن تستمر مع القرآن بعد رمضان وأن يكون لك وُردك يومي تنهل به من خيرات وهدايات هذا الكتاب العظيم!
بل وإن استطعت - وأنت إن شاء الله تستطيع - اعزم النية لأن تبدأ في حفظ القرآن ليكون نورا تحمله في صدرك تقرأ منه متى شئت آناء الليل وأطراف النهار! وترى وأنت تكرر الآيات في مسير حفظك تلك الراحة وذلك الشغف الجميل لأن تنتهي من حفظ سورة بعد سورة حتى تكمل حفظ القرآن وتلبس والديك تاج الوقار وحلة الكرامة ويشفع لك القرآن يوم القيامة فإن القرآن يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه!
 
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِن الآيَاتِ وَالذِّكرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ قَولِي هَذَا وَأَستَغفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُم، فَاستَغْفِرُوهُ إِنّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم
 
 
الخطبة الثانية
الحَمدُ لِلَّهِ الرّحِيمِ الرّحمَنِ، أَكرَمَنَا بِالقُرآنِ، وَجَعَلَهُ قِيَامًا لِحَيَاةِ الإِنسَانِ، وَصَانِعًا لِلعُلَمَاءِ وَالعُبّادِ والناجحين، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ العَظِيمُ المَنّانُ، وَأَشهَدُ أَنّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ المَبعُوثُ بِالقُرآنِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ ذَوِي التُّقَى وَالإِحسَانِ، أَمَّا بَعدُ! 
فإن من أراد رغد الحياة فعليه بالعيش مع القرآن! فإن العيش مع القرآن نعيم لا يُعادله نعيم، وفخر يتصاغر عنده كل فخر، ومن عاش مع القرآن وجد حياةً أخرى ولا بد، فأهل القرآن لهم شان وللناس شأن، إنهم يعيشون في عالم آخر، مليء بالبركة والسكينة والتطمين والتثبيت.
 
ولا عجب والله فإن أهل القرآن كما صح في الحديث هم أهل الله وخاصته؛ ومن كان من أهل الله فلا عجب أن يعيش نعيما قلبيا في الدنيا قبل النعيم المقيم في الآخرة.. 
 
وهنا سؤال هام! 
من هم أهل القرآن ؟
 
أهل القرآن هم المقبلون عليه بكليتهم، تلاوة وحفظا وتدبرًا وعملا ودعوة إليه.
 
أهل القرآن هم المنشغلون به، فلا يهجرونه، ولا يهملونه، ويعيشون في ظله وتحت كنفه.
وأهل القرآن هم المتصفون بصفاته، والمتخلقون بخُلقه، وأعظم من تخلق بأخلاق القرآن هو نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
 
وما أحسن وصف عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين وصفت خُلقه بقولها: "كانَ خُلُقُهُ القُرآنَ "
 
وهذا الوصف من الصديقة رَض اللهُ عَنْهَا يدلُّ على أن القرآن الكريم ليس مجرد كتاب يُقرأ ويُحفظ ، بل هو منهجٌ وأسلوب حياة! 
هذا واعلموا يا أهل القرآن! 
بأن التعامل مع القرآن ينبغي أن يكون في وفق منهجية السلف رحمهم الله فنرد المتشابه إلى المحكم ونعرف الناسخ من المنسوخ وأسباب النزول ولا نستغني بالقرآن عن السنة النبوية بل نأخذ بالسنة على أنها هي الترجمة العملية للقرآن وهي من تتم هدايات هذا الكتاب العظيم والخير كل الخير فيمن اتبع وليس من ابتدع والله المستعان! 
يا أهل القرآن!
الصوارف عن القرآن كثيرة ولكن هيهات هيهات فإن من تعلق بالقرآن لن يهنأ له بال في يومه حتى يُنجزه وُرده القرآني اليومي! 
فإياك أن ترضى بـالتسويف 
أو أن تقنع نفسك بأعذار واهية! 
فإن أوقاتا كثيرة من يومنا تضيع في وسائل التواصل وفي كثير من التفاهات ووالله لو أعطينا القرآن قليلا مما نعطيه لهذه الجوالات التي في أيدينا لوجدنا إنجازنا مع القرآن يتضاعف أضعافا كثيرة فإياك يا عبد الله من أوهام الأعذار ولتستقطع من يومك وقتا للقرآن ليكون ربيع قلبك ونور صدرك وجلاء همك وحزنك! 
كان مالك بن دينار يقول :
"يا أهل القرآن، ماذا زرع القرآن في قلوبكم ؟! فإن القرآن ربيع القلوب كما أن الغيث ربيع الأرض"
ولتتعوذوا يرحمكم الله من ذنوب تحول بيننا وبين القرآن وتمنعنا التوفيق للصالحات فإن العبد ربما وجد أنه يترك القرآن ويهجره ويظن أن سبب ذلك أشغاله والتزاماته ولكن الحقيقة أنها ذنوبٌ تسببت في حرمانه وانقطاعه ولاحول ولاقوة إلا بالله! 
إِخوَةَ الإِسلَامِ:
 
شَهرُ رَمَضَانَ شَهرُ القُرآنِ، وَهُوَ فُرصَةٌ لِأَن نُصَحِّحَ عَلَاقَتَنَا بِهَذَا الكِتَابِ الكَرِيمِ، لِنَفتَحَ لَهُ أَبصَارَنَا فَنَقرَأَهُ، وَبَصَائِرَنَا فَنَفهَمَهُ، وَقُلُوبَنَا فَنَتَدَبَّرَهُ، وَجَوَارِحَنَا فَنَعمَلَ بِهِ.
 
أَلَم ‌يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخشَعَ قُلُوبُهُم لِذِكرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلُ فَطَالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ فَقَسَت قُلُوبُهُم وَكَثِيرٌ مِنهُم فَاسِقُونَ * اعلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحيِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِهَا قَد بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ.
 
ثُمّ صَلّوا وَسَلّمُوا عَلَى المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم عَلَى نَبِيّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.
 
اللَّهُمَّ افتَح قُلُوبَنَا لِفَهمِ القُرآنِ وَالعَمَلِ بِهِ، وَانفَعْنَا وَارفَعْنَا بِالقُرآنِ، وارزقنا حُب القرآن والتعلق به ويسر لنا تلاوته حق تلاوته وسهل علينا حفظه وإتقانه ووفقنا لتدبره والعمل به والدعوة إليه! وَاجعَلنَا مِن أَهلِ القُرآنِ، وَاجعَله رَبِيعَ قُلُوبِنَا، وَنُورَ صُدُورِنَا، وَجَلَاءَ أَحزَانِنَا، وَذَهَابَ هُمُومِنَا وَغُمُومِنَا، اللَّهُمَّ أَعِنّا عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا وبلغنا ما تبقى من هذا الشهر المبارك بلوغا يرضيك عنا. اللَّهُمَّ وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمرِنَا وولي عهده لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِم لِلبِرِّ وَالتَّقوَى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
 
عِبَادَ اللَّهِ: اُذكُرُوا اللَّهَ ذِكرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلًا، وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ
المرفقات

1741890087_القرآن في شهر القرآن!.pdf

المشاهدات 400 | التعليقات 0