القديح والتفجير الآثم - خطبة الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي - الجمعة 11/ 4/ 143
د صالح بن مقبل العصيمي
1436/08/13 - 2015/05/31 13:49PM
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ،وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ، إِنَّ قُوَى الشَّرِّ وَالضَّلَالِ تَعْمَلُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، بِلَا كَلَلٍ وَلَا مَلَلٍ، لَا يَتَوَرَّعُونَ بِبَطْشِهِمْ؛ يَبْطِشُونُ غَيْرَ مُتَحَرِّجِينَ، وَيَضْرِبُونَ غَيْرَ مُتَوَرِّعِينَ، يَقْتُلُونَ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ ، الذُّكُورَ وَ الْإِنَاثَ، لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مُسَالِمِينَ وَ مُـحَارِبِينَ، مُصَلِّينَ أَوْ تَارِكِينَ، يَسْعَوْنَ لِـهَزِّ الْأَمْنِ، وَزَعْزَعَةِ الصَّفِّ؛ عَامَلَهُمُ اللهُ بِـمَا يَسْتَحِقُّونَ !
إِنَّ كُلَّ مَنْ سَعَى لِإِحْدَاثِ الْفَوْضَى، وَالِاضْطِرَابِ فِي بِلَادِ المُسْلِمِينَ، وَاِسْتِهْدَافِ أَمْنِهِمْ وَاسْتِقْرَارِهِمْ بِقَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ أَوْ رِضًا أَوْ إِقْرَارٍ؛ قَدْ وَقَعَ فِي كَبِيرَةٍ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ. وَلَا يَقَعُ فِي هَذَا الْجُرْمِ الْعَظِيمِ إِلَّا مَبْخُوسُ الْحَظِّ مَرْذُولٌ. فَكُلُّ مَا يُؤَدِّي إِلَى الْفَوْضَى وَالِاضْطِرَابِ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ، وَرَدْعُ كُلِّ مَنْ يَسْعَى إِلَيْهِ – كَائِنًا مَنْ كَانَ- حِفَاظًا عَلَى الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ. لَقَدْ تَكَاثَرَ -وَرَبِّي- سَعْيُ الْمُفْسِدِينَ غَيرِ الْمُصْلِحِينَ لِلْإِخْلَالِ بِالْأَمْنِ؛ فَقَلَّتْ عِنْدَهُمْ هَيْبَةُ الدَّمِ الْمَعْصُومِ وَحُرْمَتُهُ؛حَتَّى أَصْبَحُوا يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ بِإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ الْمَعْصُومَةِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَثَ فِي بَلَدَةِ الْقُدَيْحِ فِي الْأُسْبُوعِ الْمَاضِي؛ مِنَ قِيَامِ بَعْضِ الْمُجْرِمِينَ الْمُفْسِدِينَ الْمُسْتَحِلِّينَ للدِّمَاءِ بِإرْسَالِ شَابٍّ، قَامَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ مُنْتَحِرًا، بِحِزَامٍ نَاسِفٍ؛ وَنَتجَ عَنْ فِعْلِهِ الآثِمِ: قَتْلَى، وَجَرْحَى، وَرُعْبٌ، وَخَوفٌ، وَإِخْلَالٌ بِالأَمْنِ؛ فَلَمْ يُراعِ حُرْمَةَ الدَّمَاءِ، ومكان العبادة، وَلَا حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ، إِذْ كَانَ جُرْمُهُ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ. وَإِنَّكَ لَتَعْجَبُ ! أَيَفْعَلُ هَذَا مُؤْمِنٌ ؟! فَهُوَ لَـمْ يُصَلِّ . فَفِعْلُهُ هَذَا لَا يَرْضَاهُ دِينٌ، وَلَا عَقْلٌ، وَلَا عُرْفٌ. أَزَّهُ إِلَى صَنِيعِهِ هَذَا قَادَةُ الشَّرِّ وَأَئِمَّتُهُ . فَهَذَا الْمُجْرِمُ الْآثِمُ، وَمَنْ مَعَهُ لَمْ يَكْتَفِ أَنَّهُ مَاتَ مُنْتَحِرًا؛ بَلْ أَرَاقَ مَعَهُ دِمَاءً مَعْصُومَةً، وَمَا عَلِمَ هَذَا الْبَائِسُ، وَمَنْ هُمْ عَلَى شَاكِلَتِهِ؛ قِيمَةَ الدِّمَاءِ الْـمَـعْصُومَةِ، وَحُرْمَتَهَا فِي الْإِسْلَامِ، وَلَوْ تَعَلَّمَ هَؤُلَاِءِ الْعِلْمَ الشَّرْعِيَّ، وَنَظَرُوا فِي نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لَكَانَ ذَلِكَ وَاضِحًا لَـهُمْ وَجَلِيًّا . فَنُصُوصُ الشَّرِيعَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى فِي بَيَانِ حُرْمَةِ الدِّمَاءِ الْمُعْصُومَةِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ حَـمْلِ الْأَسْلِحَةِ؛ قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا)،رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَمِنْ ذَلِكَ: اُنْظُرُوا إِلَى الذَّنْبِ الَّذِي اِرْتَكَبَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ طُوَالَ حَيَاتِهِ لَـمْ يَرْتَكِبْ إِلَّا ذَنْبًا وَاحِدًا، عِنْدَمَا قَتَلَ -قَبْلَ مَبْعَثِهِ بَـخَطَأٍ مِنْ غَيْرِ عَمْدٍ- نَفْسًا كَافِرَةً فِرْعُونِيَّةً؛ فَغَفَرَ اللهُ لَهُ، وَتَـجَاوَزَ عَنْهُ ، وَمَعَ ذَلِكَ مَا زَالَ يَـخْشَى آثَارَهَا؛ فَفِي يَوْمِ الْمَحْشَرِ يَعْتَذِرُ عَنِ الشَّفَاعَةِ؛ خَوْفًا مِنْ ذَنْبِهِ، وَالْـحَدِيثُ أَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ . فَإِرَاقَةُ الدِّمَاءِ فِي الْإِسْلَامِ لَيْسَتْ بِالْأَمْرِ الْـهَيِّنِ . وَلَقَدْ أَفْتَى كِبَارُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ؛ بِأَنَّ مَا يُسَمَّى بِالْعَمَلِيَّاتِ الْاِسْتِشْهَادِيَّةِ لَا تَجُوزُ شَرْعًا فِي الْحُرُوبِ ضِدِّ الْأَعْدَاءِ؛ فَحُرْمَتُهَا فِي السِّلْمِ وَالْأَمْنِ؛ أَشَدُّ وَأَنْكَى، وَتُعَدُّ اِنْتِحَارًا . وَقَدْ حَرَّمَ الْإِسْلَامُ الْاِنْتِحَارَ؛ فَفِعْلُهُ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْمُنْكَرَاتِ، قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ؛ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ؛ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ؛ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ، يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. لَقَدِ اِسْتَنْكَرَ هَذِهِ الْجَرِيمَةَ الْبَشِعَةَ؛ الصِّغَارُ وَالْكِبَارِ، وَالْعُلُمَاءُ وَالْعَوَامُ، وَالذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ؛ لِأَنَّ فِي اِسْتِنْكَارِهَا وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، وَأَمَّا الرِّضَا بِهَا ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا، وَعَدَمُ اِسْتِنْكَارِهَا؛ فَيُعَدُّ لَوْنًا مِنْ أَلْوَانِ الْخِيَانَةِ وَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ. وَعَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ إِيمَانًا جَازِمًا أَنَّ هَذَا الْجُرْمَ الْعَظِيمَ؛ الَّذِي حَدَثَ فِي الْقُدَيحِ لَيْسَ مِنَ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ. وَأَصْحَابُ هَذِهِ الْأَفْكَارِ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ بِالْجِهَادِ فِي بِلَادِ الْحَرَمَيْنِ.
عِبَادَ اللهِ، لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْحَادِثَ الْإِجْرَامِيَّ، مِنْ مَكْرِ الْأَعْدَاءِ المُتَرَبِّصِينَ، الَّذِين يُذْكُونَ نِيرَانَ الْفِتْنَةِ، وَيَنْفُخُونَ فِيهَا؛ لِرَفْعِ الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ مِنْ بِلَادِنَا، وَإِحْلَالِ الْخَوْفِ وَالْفَوْضَى فِيهَا؛ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِهِمْ؛ وَلَكِنَّ الْمُنْتَقِمَ الْجَبَّارَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، ثُمَّ يَقَظَةُ رِجَالِ الأَمِنِ الشُّجْعَانِ، وَالْمُواطِنِينَ الصَّالِحِينَ الْأَخْيَارِ، الَّذينَ لَا يَرْضَونَ بِخَرْقِ صَفِّنَا، وَزَعْزَعَةِ أَمْنِنَا. فَعَلَى أَبْنَاءِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِنَ الشَّائِعَاتِ الْكَاذِبَةِ، وَالْأَرَاجِيفِ الْمُغْرِضَةِ، وَالْأَفْكَارِ الْهَدَّامَةِ، وَالْفَتَاوَى الْمُسْتَوْرَدَةِ، وَالْمَنَاهِجِ الْوَافِدَةِ الْمُخَالِفَةِ لِمَنْهَجِ سَلَفِ الْأُمَّةِ، وَلْيَحْذَرُوا مِنْ هَذِهِ الْأَفْكَارِ، الَّتِي تُبَثُّ عَبْرَ بَعْضِ الْفَضَائِيَّاتِ، وَالْهَوَاتِفِ الذَّكِيَّةِ، وَالشَّبَكَةِ الْعَنْكَبُوتِيَّةِ؛ وَتَسْعَى لِبَثِّ الْفُرْقَةِ، وَنَشْرِ الْخَوْفِ وَالْهَلَعِ، وَتَقْدَحُ فِي الْوُلَاةِ وَالْعُلَمَاءِ؛ وَهُمْ - وَرَبِّي - مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ؛ فَيُدْعَى لَهُمْ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ، وَلَا يُدْعَى عَلَيْهِمْ، وَلَا يُؤَلَّبُ ضِدَّهُمْ، وَلِيُعَانُوا عَلَى مَهَامِّهِمْ الْكَبِيرَةِ؛ فَيُعَانُ الْوُلَاةُ عَلَى تَنْفِيذِ الشَّرِيعَةِ، وَرِعَايَةِ الْمَصَالِحِ، وَسِيَاسَةِ النَّاسِ، وَلَا يُهَانُونَ، لَا هُمْ، وَلَا الْعُلَمَاءُ؛ حَتَّى لَا يَنْقُصَ قَدْرُهُمْ عِنْدَ النَّاسِ، وَتُهَانَ أَعْرَاضُهُمْ، فِإِنَّ وَاقِعَنَا الْيَوْمَ تَتَلَاطَمُ فِيهِ ظُلُمَاتُ الْفِتَنِ كَتَلَاطُمِ الْأَمْوَاجِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ ! فَلْنَكُنْ عَلَى حَذَرٍ كَبِيرٍ مِنْ هَذَا الْخَطَرِ الْمُحْدِقِ الْمُخِيفِ .
وَعَلَيْنَا أَنَّ نَعْلَمَ أَنَّ أَكْثَرَ مَنْ يُنَفِّذُ أَفَكَارَ الأْعْدَاءِ هُمْ مِنَ الشَّبَابِ حُدَثَاءِ الْأسَنَانِ، الَّذِينَ يَتِمُّ اِسْتِغْلَالُ صِغَرِ سِنِّهِمْ، وَعَدَمِ اِنْضِباطِ عَوَاطِفِهِمْ مِنْ جِرَّاءِ حَـمَاسٍ زَائِدٍ، لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْوَيْلِ لَهُمْ، وَلِمُجْتَمَعِهِمْ، وَأَهِلِيهِمْ، وَيُعْطِي صُوَرَةً سَيِّئَةً عَنْ وَسَطِيَّةِ دِينِنَا وَسَـمَاحَتِهِ. فَأَقُولُ لِمَعْشَرِ الشَّبَابِ، فَلَذَاتِ الأَكْبَادِ، وَثَـمَرَاتِ الأَفْئِدَةِ، وَقُرَّةِ الْعُيُونِ، وَمِلْحِ الْبِلَادِ وَزِينَتِهَا : اِتَّقُوا اللهَ فِي أَنَفُسِكُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا مَنْ تَأَثَّرَ بِهَذِهِ الْأَفْكَارِ، وَلَا تَكُونُوا فَرِيسَةً لِلشَّيْطَانِ، فَيَجْلِبَ عَلَيْكُمْ خِزْيَ الدُّنْيا، وَعَذَابَ الْآخِرَةِ . يا شَبابَ الإِسْلَامِ : اِعْلَمُوا أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يُثِيرُ الشُّبُهَاتِ ، وَيَسْتَغِلُّ حُدَثَاءَ الأسْنَانِ، سُفَهَاءَ الأحْلَامِ؛ لِيَجْعَلَهُمْ مَطِيَّةً لِلْوُصُولِ إِلَى أَهْدَافِهِ، وَقَدْ يُظْهِرُونَ لَكُمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالتَّقْوَى ؛ حَتَّى تَنْخَدِعُوا بِهُمْ وَتَنْغَشُّوا ، سَواءَ أَظْهَرُوا التَّـعَبُّـدَ رِيَاءً وَسُـمْـعَةً ، أَوْ حَقِيقَةً؛ فَعِلْمُهَا عِنْدَ اللّهِ . وَعَلَيْكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا أَنْ كَثْرَةَ الْعِبَادَةِ لَيْسَتْ وَحْدَهَا دَلِيلًا عَلَى صِدْقِ الْمِنْهَجِ، وَسَلاَمَةِ الْمُعْتَقَدِ . وَلَيْسَ أَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْـخَوَارِجِ؛ فَهُمْ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ تَعَبُّدًا. وَمَنْ يُغَرِّرُونَ بِالشَّبَابِ لَنْ يُبْلِغُوا فِي الْعِبَادَةِ مَا بَلَّغَ أَسْلَافُهُمْ مِنَ الْخوارجِ الْأُولِ، الَّذِينَ حَذَّرَ رَسُولُ اللهِ مِنْهُمْ؛ فَقَالُ وَاصِفًا عِبَادَتَهُمْ: "يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
يَا شَبَابَ الإِسْلَامِ، الـحَذَرَ الـحَـذَرَ، أَنْ تَكُونُوا مَعَ مَنْ حَذَّرَ مِنْهُمُ الرَّسُولُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقَوْلِ: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ، حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ، أَنْ تَنْطَبِقَ عَلَيكُمْ أَوَصَّافُهُمْ، الَّتِي يَظْهَرُ اِنْطِباقُهَا – وَالْعلمَ عِنْدَ اللّهِ عَلَى بَعْضِ مَنْ قَامُوا بِهَذِهِ الْعَمَلِيَّاتِ الإِجْرَامِيَّةِ .
يَا شَبَابَ الإِسْلَاِم، كَمْ أُدْمِيَتْ قُلُوبُ آبَاءٍ وَأُمَّهَاتٍ بِسَبَبِ تَشَبُّعِ قُلُوبِ بَعْضِ أَبْنَائِهِمْ بِهَذِهِ الشُّبَهِ الضَّالَّةِ ! فَقَدْ أُدْمِيَتْ قُلُوبُهُمْ بِسَبَبِ خَوْفِهِمْ عَلَى مُسْتَقْبَلِ أَبْنَائِهِمْ ، يَوْمَ يَقِفُونَ بَيْنَ يَدَي اللَّهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْـمَـنْهَجَ الضَّالَّ يُنَاقِضُ الإِسْلَاَم وَيُنَافِيهِ ، وَطَرِيقٌ مِنْ الطُّرُقِ الْمُوصِلَةِ إِلَى النَّارِ . وَأَدْمَى قُلُوبَهُمْ خُوْفُهُمْ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ الدُّنْيَوِيِّ لِأَبْنَائِهِمْ ؛ مِنْ جِرَّاءِ مَوْتٍ مُفْجِعِ مُـخْـزٍ ، جَالِبٍ لِلْعَارِ، أَوْ غَيَاهِبِ سِجْنٍ مُوحِشٍ . فَالآبَاُء وَالأُمَّهَاتُ مَا رَبَّوْكُمْ إِلَّا وَهُمْ يَسْعَوْنَ لِمُسْتَقْبَلٍ آمِنٍ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؛ فَلَا تُخَيِّبُوا ظَنَّهُمْ، وَلَا تُـحَطِّمُوا آمَالَـهُمْ وَلَا تَقُضُّوْا بِالآلامِ مَضَاجِعَهُمْ، وَلَا تَـجْعَلُوا الْـحُزْنَ طُوَالَ الْحَيَاةِ يَلُفُّهُمْ .
حَـمَى اللهُ تَعَالَى بِلَادَنَا، وَبِلَادَ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ، وَأَدَامَ عَلَيْنَا، وَعَلَى الـمُسْلِمِينَ الْأَمْنَ، وَالِاسْتِقْرَارَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ..
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
يَا شَبَابَ الإِسْلَامِ، كَمْ أُمٍّ وَأَبٍ بَاتُوا مَكْلُومِينَ، مَصْدُومِينَ، مَذْهُولِينَ ؛ مِنْ جِرَّاءِ اِنْضِمَامِ بَعْضِ أَبْنَائِهِمْ لِهَذِهِ الْفِئَاتِ الضَّالَّةِ ! كَمْ أَبٍ وَأَمٍّ بَاتُوا مُطْمَئِنَّيْنِ ، وَاِسْتَيْقَظُوا عَلَى خَبَرٍ مُفْظِعٍ مُفْجِعٍ ؛ أَقَضَّ مَضَاجِعَهُمْ ، وَأَدْمَى قُلُوبَهُمْ ، وَأَسَالَ بِالدُّموعِ مَآقِيهِمْ ! إِمَّا مِنْ جِرَّاءِ خَبَرِ اِلْتِحَاقِ اِبْنٍ مِنْ أَبْنَائِهِمْ بِالْقِتَالِ فِي مَوَاطِنِ الْفِتَنِ ، أَوْ خَبَرٍ بَثِّهُ الإِعْلَامُ أَنَّ اِبْنًا مِنْ أَبْنَائِهِمْ فِي قَائِمَةِ الْمَطْلُوبِينَ أَمَنِيًّا ، أَوْ وُجِدَتْ جَثَّتُهُ فِي عَمَلٍ اِنْتِحَاريٍّ إِجْرَامِيٍّ ، أَوْ وُجِدَ اِسْـمُهُ فِي عَمَلِيَّاتٍ إِجْرَامِيَّةٍ تَسْتَهْدِفُ أَمْنَ بِلَادِهِمْ . هَلْ سَتَجِدُ تِلْكَ اِلْأُمُّ، أَوْ يَجِدُ ذَلِكَ الأَبُ لَذَّةً لِلْحَيَاةِ بَعْدَ خَبَرٍ مُفْجِعٍ كَهَذَا ؟! حَـمَى اللهُ أَبْنَاءَنَا، وَأَبْنَاءَكُمْ، وَأَبْنَاءَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذِهِ الْفِتَنِ !
يَا شَبابَ الإِسْلَامِ ، عَلَيْكُمْ أَنْ تُفْرِحُوا وَالِدِيكُمْ، وَلَا تُـحْزِنُوهُمْ ، وَتُضَحِكُوهُمْ وَلَا تُبْكُوهُمْ؛ فَإذَا كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ أَحَدَ أَصْحَابِهِ أَنْ يَرْجِعَ مِنَ الْـجِهَادِ الصَّحِيحِ ، نَقِيِّ الرَّايَةِ ، سَلِيمِ الْغَايَةِ؛ مِنْ أَجْلِ رِضَا وَالِدَيْهِ ؛ فَكَيْفَ بـِجِهَادٍ بَاطِلٍ ؟! أَلَيْسَ أَوْلَى بِأَنْ يَرْجِعَ صَاحِبُهُ ؛ لِيُضْحِكَ وَالِدَيْهِ كَمَا أَبْكَاهُمَا ؟! أَوَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ قَدْ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ أُرِيدُ الْجِهَادَ مَعَكَ، أَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، وَلَقَدْ أَتَيْتُ وَإِنَّ وَالِدَيَّ لَيَبْكِيَانِ، قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا، فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا» رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ . فَكَيْفَ تُـحْزِنُـهُمَا بِعَمَلٍ لَا يَزِيدُكَ مِنَ اللهِ إِلَّا بُعْدًا، وَمِنَ النَّارِ إِلَّا قُرْبًا ؟! أَوَمَا عَلِمْتُمْ -يَا شَبَابَ الْإِسْلَامِ- أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ صُوَرِ الْـجِهَادِ الصَّحِيحِ بَرَّ الْوَالِدَيْنِ ؟ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الجِهَادِ، فَقَالَ: «أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . مَعَ وُجُوبِ الْعِلْمِ بِأَنَّ مَا يَقُومُ بِهِ هَؤُلَاءِ الشَّبَابُ هُوَ إِفْسَادٌ لَا إِصْلَاحَ ، وَضَلَالٌ لَا جِهَادَ . وَهَلِ الْـجِهَادُ فِي بِلَادِ الْإسلامِ، وَمَنْبَعِ التَّوْحِيدِ ؟
يَا شَبابَ الإِسْلَامِ ، كَمْ اِبْنٍ جَلَبَ الْعَارَ وَالشَّنَارَ لِأَهْلِهِ وَقَبِيلَتِهِ، وَهُوَ يَـحْسَبُ أَنَّهُ يُـحْسِنُ صُنْعًا !
يَا شَبابَ الإِسْلَامِ، قَلْبِي يَتَفَطَّرُ أَلَمًا، إِذَا قَرَأْتُ أَنَّ أَحَدَ أَبْنَاءِ بِلَادِنَا َقَدْ اِلْتَحَقَ بِـهَذِهِ الْـجَمَاعَاتِ ! أَسْتَشْعِرُ هَذَا الْـهَمَّ الَّذِي يُـحْزِنُ الْمَسْؤُولِينَ، وَيُـحْـزِنُ الآبَاءَ وَالأُمَّهَاتِ، وَيُـحْزِنُ الـمُجْتَمَعَ . يا أَبْنَاءَ الإِسْلَامِ، لَا تَكُونُوا مِـمَّنْ يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ قَوْلُ الـحَـقِّ: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ )
يَا شَبَابَ الإِسْلَامِ، إِنِّي أُعِيذُكُمْ بِاللهِ أَنْ تَقْلِبُوا أَمْنَ بِلَادَنَا خَوفًا. وَتَكُونُوا مَطِيَّةَ الأَعْدَاءِ فِي تَنْفِيذِ مُـخَطَّطَاتِـهِمْ، الَّذِينَ يَسْعَوْنَ لِإِبْدَالِ أَمْنِنَا خَوْفًا ؛ فَالأَمْنُ لَا يَعْدِلُهُ مِنَ النِّعَمِ شَيْءٌ، قَالَ تَعَالَى : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، آمِنًا فِي سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَاِبْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
يا شَبابَ الإِسْلَامِ، إِنَّ مَنْ يـَمُتْ فِي هَذِهِ الْعَمَلِيَّاتِ الإِجْرَامِيَّةِ؛ يُفْجَعُ وَالِدَاهُ بِسَبَبِهِ عَدَّةَ فَوَاجِعَ : فَاجِعَةُ مَوْتِهِ ، وَكَفَى بِهَا حُزْنًا وِأَلَـمًا ! وَفَاجِعَةُ أَنَّهُ مَاتَ مِيتَةَ خِزْيٍ وَعَارٍ؛ يُـخْجِلُهُمْ وَيَفْضَحُهُمْ، وَيُسِيءُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يَأْتِي مَنْ يُعَزِّيهِمْ لِيُوَاسِيَهُمْ، وَيُـخَفِّفُ عَنْهُمْ مُصَابَهُمْ، وَلَا يَقْبَلُ النَّاسُ أَنْ يُعَزُّوهُمْ . فَاِبْنٌ كَهَذَا يَرْوْنَ بِأَنَّ رَحِيلَهُ نِعْمَةٌ . فَلِمَاذَا تَـجْعَلُونَ وَالِدِيِكُمْ يَتَوَارَوْنَ مِنَ النَّاسِ خَجَلًا عِنْدَ مَوْتِكُمْ ؟! وَفَاجِعَةُ مَا أَحْدَثَهُ اِبْنُهُمْ مِنْ دَمَارٍ، وَمَا أَوْرَثَـهُ مِنْ آثَارٍ مُؤْلِمَةٍ، يَرَوْنَهَا ظَاهِرَةً لِلْعِيَانِ، يَسْمَعُونَ فِي وَسَائِلِ الإِعْلَامِ بُكاءَ وَدُعَاءَ مَنْ أَصَابَهُمْ اِبْنُهُمْ بِكَارِثَتِهِ، وَفَاجِعَةُ ذَمِّ الْمُجْتَمَعِ وَنَقْدِهِمْ لِصَنِيعِ اِبْنِهِمْ؛ يَذُمُّهُ الْمَسْؤُولُ، وَالْعُلَمَاءُ، وَالْكِبَارُ وَالصِّغَارُ.
أَفِيقُوا مِنْ سُبَاتِكُمْ أَيُّهَا الشَّبَابُ الْمُـنْخَدِعُونَ بِهَذِهِ التَّيَّارَاتِ الْوَافِدَةِ، وَاِنْتَبِهُوا مِنْ غَفْلَتِكُمْ، وَلَا تَكُونُوا مَطِيَّةً لِلشَّيْطَانِ لِلْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ . الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ,وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، «اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا،وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا،وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ»( ). اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَمْكُمُ اللهُ.
إنَّ الحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ،وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ، إِنَّ قُوَى الشَّرِّ وَالضَّلَالِ تَعْمَلُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، بِلَا كَلَلٍ وَلَا مَلَلٍ، لَا يَتَوَرَّعُونَ بِبَطْشِهِمْ؛ يَبْطِشُونُ غَيْرَ مُتَحَرِّجِينَ، وَيَضْرِبُونَ غَيْرَ مُتَوَرِّعِينَ، يَقْتُلُونَ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ ، الذُّكُورَ وَ الْإِنَاثَ، لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مُسَالِمِينَ وَ مُـحَارِبِينَ، مُصَلِّينَ أَوْ تَارِكِينَ، يَسْعَوْنَ لِـهَزِّ الْأَمْنِ، وَزَعْزَعَةِ الصَّفِّ؛ عَامَلَهُمُ اللهُ بِـمَا يَسْتَحِقُّونَ !
إِنَّ كُلَّ مَنْ سَعَى لِإِحْدَاثِ الْفَوْضَى، وَالِاضْطِرَابِ فِي بِلَادِ المُسْلِمِينَ، وَاِسْتِهْدَافِ أَمْنِهِمْ وَاسْتِقْرَارِهِمْ بِقَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ أَوْ رِضًا أَوْ إِقْرَارٍ؛ قَدْ وَقَعَ فِي كَبِيرَةٍ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ. وَلَا يَقَعُ فِي هَذَا الْجُرْمِ الْعَظِيمِ إِلَّا مَبْخُوسُ الْحَظِّ مَرْذُولٌ. فَكُلُّ مَا يُؤَدِّي إِلَى الْفَوْضَى وَالِاضْطِرَابِ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ، وَرَدْعُ كُلِّ مَنْ يَسْعَى إِلَيْهِ – كَائِنًا مَنْ كَانَ- حِفَاظًا عَلَى الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ. لَقَدْ تَكَاثَرَ -وَرَبِّي- سَعْيُ الْمُفْسِدِينَ غَيرِ الْمُصْلِحِينَ لِلْإِخْلَالِ بِالْأَمْنِ؛ فَقَلَّتْ عِنْدَهُمْ هَيْبَةُ الدَّمِ الْمَعْصُومِ وَحُرْمَتُهُ؛حَتَّى أَصْبَحُوا يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ بِإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ الْمَعْصُومَةِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَثَ فِي بَلَدَةِ الْقُدَيْحِ فِي الْأُسْبُوعِ الْمَاضِي؛ مِنَ قِيَامِ بَعْضِ الْمُجْرِمِينَ الْمُفْسِدِينَ الْمُسْتَحِلِّينَ للدِّمَاءِ بِإرْسَالِ شَابٍّ، قَامَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ مُنْتَحِرًا، بِحِزَامٍ نَاسِفٍ؛ وَنَتجَ عَنْ فِعْلِهِ الآثِمِ: قَتْلَى، وَجَرْحَى، وَرُعْبٌ، وَخَوفٌ، وَإِخْلَالٌ بِالأَمْنِ؛ فَلَمْ يُراعِ حُرْمَةَ الدَّمَاءِ، ومكان العبادة، وَلَا حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ، إِذْ كَانَ جُرْمُهُ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ. وَإِنَّكَ لَتَعْجَبُ ! أَيَفْعَلُ هَذَا مُؤْمِنٌ ؟! فَهُوَ لَـمْ يُصَلِّ . فَفِعْلُهُ هَذَا لَا يَرْضَاهُ دِينٌ، وَلَا عَقْلٌ، وَلَا عُرْفٌ. أَزَّهُ إِلَى صَنِيعِهِ هَذَا قَادَةُ الشَّرِّ وَأَئِمَّتُهُ . فَهَذَا الْمُجْرِمُ الْآثِمُ، وَمَنْ مَعَهُ لَمْ يَكْتَفِ أَنَّهُ مَاتَ مُنْتَحِرًا؛ بَلْ أَرَاقَ مَعَهُ دِمَاءً مَعْصُومَةً، وَمَا عَلِمَ هَذَا الْبَائِسُ، وَمَنْ هُمْ عَلَى شَاكِلَتِهِ؛ قِيمَةَ الدِّمَاءِ الْـمَـعْصُومَةِ، وَحُرْمَتَهَا فِي الْإِسْلَامِ، وَلَوْ تَعَلَّمَ هَؤُلَاِءِ الْعِلْمَ الشَّرْعِيَّ، وَنَظَرُوا فِي نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لَكَانَ ذَلِكَ وَاضِحًا لَـهُمْ وَجَلِيًّا . فَنُصُوصُ الشَّرِيعَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى فِي بَيَانِ حُرْمَةِ الدِّمَاءِ الْمُعْصُومَةِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ حَـمْلِ الْأَسْلِحَةِ؛ قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا)،رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَمِنْ ذَلِكَ: اُنْظُرُوا إِلَى الذَّنْبِ الَّذِي اِرْتَكَبَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ طُوَالَ حَيَاتِهِ لَـمْ يَرْتَكِبْ إِلَّا ذَنْبًا وَاحِدًا، عِنْدَمَا قَتَلَ -قَبْلَ مَبْعَثِهِ بَـخَطَأٍ مِنْ غَيْرِ عَمْدٍ- نَفْسًا كَافِرَةً فِرْعُونِيَّةً؛ فَغَفَرَ اللهُ لَهُ، وَتَـجَاوَزَ عَنْهُ ، وَمَعَ ذَلِكَ مَا زَالَ يَـخْشَى آثَارَهَا؛ فَفِي يَوْمِ الْمَحْشَرِ يَعْتَذِرُ عَنِ الشَّفَاعَةِ؛ خَوْفًا مِنْ ذَنْبِهِ، وَالْـحَدِيثُ أَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ . فَإِرَاقَةُ الدِّمَاءِ فِي الْإِسْلَامِ لَيْسَتْ بِالْأَمْرِ الْـهَيِّنِ . وَلَقَدْ أَفْتَى كِبَارُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ؛ بِأَنَّ مَا يُسَمَّى بِالْعَمَلِيَّاتِ الْاِسْتِشْهَادِيَّةِ لَا تَجُوزُ شَرْعًا فِي الْحُرُوبِ ضِدِّ الْأَعْدَاءِ؛ فَحُرْمَتُهَا فِي السِّلْمِ وَالْأَمْنِ؛ أَشَدُّ وَأَنْكَى، وَتُعَدُّ اِنْتِحَارًا . وَقَدْ حَرَّمَ الْإِسْلَامُ الْاِنْتِحَارَ؛ فَفِعْلُهُ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْمُنْكَرَاتِ، قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ؛ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ؛ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ؛ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ، يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. لَقَدِ اِسْتَنْكَرَ هَذِهِ الْجَرِيمَةَ الْبَشِعَةَ؛ الصِّغَارُ وَالْكِبَارِ، وَالْعُلُمَاءُ وَالْعَوَامُ، وَالذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ؛ لِأَنَّ فِي اِسْتِنْكَارِهَا وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، وَأَمَّا الرِّضَا بِهَا ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا، وَعَدَمُ اِسْتِنْكَارِهَا؛ فَيُعَدُّ لَوْنًا مِنْ أَلْوَانِ الْخِيَانَةِ وَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ. وَعَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ إِيمَانًا جَازِمًا أَنَّ هَذَا الْجُرْمَ الْعَظِيمَ؛ الَّذِي حَدَثَ فِي الْقُدَيحِ لَيْسَ مِنَ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ. وَأَصْحَابُ هَذِهِ الْأَفْكَارِ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ بِالْجِهَادِ فِي بِلَادِ الْحَرَمَيْنِ.
عِبَادَ اللهِ، لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْحَادِثَ الْإِجْرَامِيَّ، مِنْ مَكْرِ الْأَعْدَاءِ المُتَرَبِّصِينَ، الَّذِين يُذْكُونَ نِيرَانَ الْفِتْنَةِ، وَيَنْفُخُونَ فِيهَا؛ لِرَفْعِ الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ مِنْ بِلَادِنَا، وَإِحْلَالِ الْخَوْفِ وَالْفَوْضَى فِيهَا؛ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِهِمْ؛ وَلَكِنَّ الْمُنْتَقِمَ الْجَبَّارَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، ثُمَّ يَقَظَةُ رِجَالِ الأَمِنِ الشُّجْعَانِ، وَالْمُواطِنِينَ الصَّالِحِينَ الْأَخْيَارِ، الَّذينَ لَا يَرْضَونَ بِخَرْقِ صَفِّنَا، وَزَعْزَعَةِ أَمْنِنَا. فَعَلَى أَبْنَاءِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِنَ الشَّائِعَاتِ الْكَاذِبَةِ، وَالْأَرَاجِيفِ الْمُغْرِضَةِ، وَالْأَفْكَارِ الْهَدَّامَةِ، وَالْفَتَاوَى الْمُسْتَوْرَدَةِ، وَالْمَنَاهِجِ الْوَافِدَةِ الْمُخَالِفَةِ لِمَنْهَجِ سَلَفِ الْأُمَّةِ، وَلْيَحْذَرُوا مِنْ هَذِهِ الْأَفْكَارِ، الَّتِي تُبَثُّ عَبْرَ بَعْضِ الْفَضَائِيَّاتِ، وَالْهَوَاتِفِ الذَّكِيَّةِ، وَالشَّبَكَةِ الْعَنْكَبُوتِيَّةِ؛ وَتَسْعَى لِبَثِّ الْفُرْقَةِ، وَنَشْرِ الْخَوْفِ وَالْهَلَعِ، وَتَقْدَحُ فِي الْوُلَاةِ وَالْعُلَمَاءِ؛ وَهُمْ - وَرَبِّي - مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ؛ فَيُدْعَى لَهُمْ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ، وَلَا يُدْعَى عَلَيْهِمْ، وَلَا يُؤَلَّبُ ضِدَّهُمْ، وَلِيُعَانُوا عَلَى مَهَامِّهِمْ الْكَبِيرَةِ؛ فَيُعَانُ الْوُلَاةُ عَلَى تَنْفِيذِ الشَّرِيعَةِ، وَرِعَايَةِ الْمَصَالِحِ، وَسِيَاسَةِ النَّاسِ، وَلَا يُهَانُونَ، لَا هُمْ، وَلَا الْعُلَمَاءُ؛ حَتَّى لَا يَنْقُصَ قَدْرُهُمْ عِنْدَ النَّاسِ، وَتُهَانَ أَعْرَاضُهُمْ، فِإِنَّ وَاقِعَنَا الْيَوْمَ تَتَلَاطَمُ فِيهِ ظُلُمَاتُ الْفِتَنِ كَتَلَاطُمِ الْأَمْوَاجِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ ! فَلْنَكُنْ عَلَى حَذَرٍ كَبِيرٍ مِنْ هَذَا الْخَطَرِ الْمُحْدِقِ الْمُخِيفِ .
وَعَلَيْنَا أَنَّ نَعْلَمَ أَنَّ أَكْثَرَ مَنْ يُنَفِّذُ أَفَكَارَ الأْعْدَاءِ هُمْ مِنَ الشَّبَابِ حُدَثَاءِ الْأسَنَانِ، الَّذِينَ يَتِمُّ اِسْتِغْلَالُ صِغَرِ سِنِّهِمْ، وَعَدَمِ اِنْضِباطِ عَوَاطِفِهِمْ مِنْ جِرَّاءِ حَـمَاسٍ زَائِدٍ، لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْوَيْلِ لَهُمْ، وَلِمُجْتَمَعِهِمْ، وَأَهِلِيهِمْ، وَيُعْطِي صُوَرَةً سَيِّئَةً عَنْ وَسَطِيَّةِ دِينِنَا وَسَـمَاحَتِهِ. فَأَقُولُ لِمَعْشَرِ الشَّبَابِ، فَلَذَاتِ الأَكْبَادِ، وَثَـمَرَاتِ الأَفْئِدَةِ، وَقُرَّةِ الْعُيُونِ، وَمِلْحِ الْبِلَادِ وَزِينَتِهَا : اِتَّقُوا اللهَ فِي أَنَفُسِكُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا مَنْ تَأَثَّرَ بِهَذِهِ الْأَفْكَارِ، وَلَا تَكُونُوا فَرِيسَةً لِلشَّيْطَانِ، فَيَجْلِبَ عَلَيْكُمْ خِزْيَ الدُّنْيا، وَعَذَابَ الْآخِرَةِ . يا شَبابَ الإِسْلَامِ : اِعْلَمُوا أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يُثِيرُ الشُّبُهَاتِ ، وَيَسْتَغِلُّ حُدَثَاءَ الأسْنَانِ، سُفَهَاءَ الأحْلَامِ؛ لِيَجْعَلَهُمْ مَطِيَّةً لِلْوُصُولِ إِلَى أَهْدَافِهِ، وَقَدْ يُظْهِرُونَ لَكُمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالتَّقْوَى ؛ حَتَّى تَنْخَدِعُوا بِهُمْ وَتَنْغَشُّوا ، سَواءَ أَظْهَرُوا التَّـعَبُّـدَ رِيَاءً وَسُـمْـعَةً ، أَوْ حَقِيقَةً؛ فَعِلْمُهَا عِنْدَ اللّهِ . وَعَلَيْكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا أَنْ كَثْرَةَ الْعِبَادَةِ لَيْسَتْ وَحْدَهَا دَلِيلًا عَلَى صِدْقِ الْمِنْهَجِ، وَسَلاَمَةِ الْمُعْتَقَدِ . وَلَيْسَ أَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْـخَوَارِجِ؛ فَهُمْ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ تَعَبُّدًا. وَمَنْ يُغَرِّرُونَ بِالشَّبَابِ لَنْ يُبْلِغُوا فِي الْعِبَادَةِ مَا بَلَّغَ أَسْلَافُهُمْ مِنَ الْخوارجِ الْأُولِ، الَّذِينَ حَذَّرَ رَسُولُ اللهِ مِنْهُمْ؛ فَقَالُ وَاصِفًا عِبَادَتَهُمْ: "يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
يَا شَبَابَ الإِسْلَامِ، الـحَذَرَ الـحَـذَرَ، أَنْ تَكُونُوا مَعَ مَنْ حَذَّرَ مِنْهُمُ الرَّسُولُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقَوْلِ: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ، حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ، أَنْ تَنْطَبِقَ عَلَيكُمْ أَوَصَّافُهُمْ، الَّتِي يَظْهَرُ اِنْطِباقُهَا – وَالْعلمَ عِنْدَ اللّهِ عَلَى بَعْضِ مَنْ قَامُوا بِهَذِهِ الْعَمَلِيَّاتِ الإِجْرَامِيَّةِ .
يَا شَبَابَ الإِسْلَاِم، كَمْ أُدْمِيَتْ قُلُوبُ آبَاءٍ وَأُمَّهَاتٍ بِسَبَبِ تَشَبُّعِ قُلُوبِ بَعْضِ أَبْنَائِهِمْ بِهَذِهِ الشُّبَهِ الضَّالَّةِ ! فَقَدْ أُدْمِيَتْ قُلُوبُهُمْ بِسَبَبِ خَوْفِهِمْ عَلَى مُسْتَقْبَلِ أَبْنَائِهِمْ ، يَوْمَ يَقِفُونَ بَيْنَ يَدَي اللَّهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْـمَـنْهَجَ الضَّالَّ يُنَاقِضُ الإِسْلَاَم وَيُنَافِيهِ ، وَطَرِيقٌ مِنْ الطُّرُقِ الْمُوصِلَةِ إِلَى النَّارِ . وَأَدْمَى قُلُوبَهُمْ خُوْفُهُمْ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ الدُّنْيَوِيِّ لِأَبْنَائِهِمْ ؛ مِنْ جِرَّاءِ مَوْتٍ مُفْجِعِ مُـخْـزٍ ، جَالِبٍ لِلْعَارِ، أَوْ غَيَاهِبِ سِجْنٍ مُوحِشٍ . فَالآبَاُء وَالأُمَّهَاتُ مَا رَبَّوْكُمْ إِلَّا وَهُمْ يَسْعَوْنَ لِمُسْتَقْبَلٍ آمِنٍ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؛ فَلَا تُخَيِّبُوا ظَنَّهُمْ، وَلَا تُـحَطِّمُوا آمَالَـهُمْ وَلَا تَقُضُّوْا بِالآلامِ مَضَاجِعَهُمْ، وَلَا تَـجْعَلُوا الْـحُزْنَ طُوَالَ الْحَيَاةِ يَلُفُّهُمْ .
حَـمَى اللهُ تَعَالَى بِلَادَنَا، وَبِلَادَ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ، وَأَدَامَ عَلَيْنَا، وَعَلَى الـمُسْلِمِينَ الْأَمْنَ، وَالِاسْتِقْرَارَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ..
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
يَا شَبَابَ الإِسْلَامِ، كَمْ أُمٍّ وَأَبٍ بَاتُوا مَكْلُومِينَ، مَصْدُومِينَ، مَذْهُولِينَ ؛ مِنْ جِرَّاءِ اِنْضِمَامِ بَعْضِ أَبْنَائِهِمْ لِهَذِهِ الْفِئَاتِ الضَّالَّةِ ! كَمْ أَبٍ وَأَمٍّ بَاتُوا مُطْمَئِنَّيْنِ ، وَاِسْتَيْقَظُوا عَلَى خَبَرٍ مُفْظِعٍ مُفْجِعٍ ؛ أَقَضَّ مَضَاجِعَهُمْ ، وَأَدْمَى قُلُوبَهُمْ ، وَأَسَالَ بِالدُّموعِ مَآقِيهِمْ ! إِمَّا مِنْ جِرَّاءِ خَبَرِ اِلْتِحَاقِ اِبْنٍ مِنْ أَبْنَائِهِمْ بِالْقِتَالِ فِي مَوَاطِنِ الْفِتَنِ ، أَوْ خَبَرٍ بَثِّهُ الإِعْلَامُ أَنَّ اِبْنًا مِنْ أَبْنَائِهِمْ فِي قَائِمَةِ الْمَطْلُوبِينَ أَمَنِيًّا ، أَوْ وُجِدَتْ جَثَّتُهُ فِي عَمَلٍ اِنْتِحَاريٍّ إِجْرَامِيٍّ ، أَوْ وُجِدَ اِسْـمُهُ فِي عَمَلِيَّاتٍ إِجْرَامِيَّةٍ تَسْتَهْدِفُ أَمْنَ بِلَادِهِمْ . هَلْ سَتَجِدُ تِلْكَ اِلْأُمُّ، أَوْ يَجِدُ ذَلِكَ الأَبُ لَذَّةً لِلْحَيَاةِ بَعْدَ خَبَرٍ مُفْجِعٍ كَهَذَا ؟! حَـمَى اللهُ أَبْنَاءَنَا، وَأَبْنَاءَكُمْ، وَأَبْنَاءَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذِهِ الْفِتَنِ !
يَا شَبابَ الإِسْلَامِ ، عَلَيْكُمْ أَنْ تُفْرِحُوا وَالِدِيكُمْ، وَلَا تُـحْزِنُوهُمْ ، وَتُضَحِكُوهُمْ وَلَا تُبْكُوهُمْ؛ فَإذَا كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ أَحَدَ أَصْحَابِهِ أَنْ يَرْجِعَ مِنَ الْـجِهَادِ الصَّحِيحِ ، نَقِيِّ الرَّايَةِ ، سَلِيمِ الْغَايَةِ؛ مِنْ أَجْلِ رِضَا وَالِدَيْهِ ؛ فَكَيْفَ بـِجِهَادٍ بَاطِلٍ ؟! أَلَيْسَ أَوْلَى بِأَنْ يَرْجِعَ صَاحِبُهُ ؛ لِيُضْحِكَ وَالِدَيْهِ كَمَا أَبْكَاهُمَا ؟! أَوَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ قَدْ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ أُرِيدُ الْجِهَادَ مَعَكَ، أَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، وَلَقَدْ أَتَيْتُ وَإِنَّ وَالِدَيَّ لَيَبْكِيَانِ، قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا، فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا» رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ . فَكَيْفَ تُـحْزِنُـهُمَا بِعَمَلٍ لَا يَزِيدُكَ مِنَ اللهِ إِلَّا بُعْدًا، وَمِنَ النَّارِ إِلَّا قُرْبًا ؟! أَوَمَا عَلِمْتُمْ -يَا شَبَابَ الْإِسْلَامِ- أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ صُوَرِ الْـجِهَادِ الصَّحِيحِ بَرَّ الْوَالِدَيْنِ ؟ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الجِهَادِ، فَقَالَ: «أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . مَعَ وُجُوبِ الْعِلْمِ بِأَنَّ مَا يَقُومُ بِهِ هَؤُلَاءِ الشَّبَابُ هُوَ إِفْسَادٌ لَا إِصْلَاحَ ، وَضَلَالٌ لَا جِهَادَ . وَهَلِ الْـجِهَادُ فِي بِلَادِ الْإسلامِ، وَمَنْبَعِ التَّوْحِيدِ ؟
يَا شَبابَ الإِسْلَامِ ، كَمْ اِبْنٍ جَلَبَ الْعَارَ وَالشَّنَارَ لِأَهْلِهِ وَقَبِيلَتِهِ، وَهُوَ يَـحْسَبُ أَنَّهُ يُـحْسِنُ صُنْعًا !
يَا شَبابَ الإِسْلَامِ، قَلْبِي يَتَفَطَّرُ أَلَمًا، إِذَا قَرَأْتُ أَنَّ أَحَدَ أَبْنَاءِ بِلَادِنَا َقَدْ اِلْتَحَقَ بِـهَذِهِ الْـجَمَاعَاتِ ! أَسْتَشْعِرُ هَذَا الْـهَمَّ الَّذِي يُـحْزِنُ الْمَسْؤُولِينَ، وَيُـحْـزِنُ الآبَاءَ وَالأُمَّهَاتِ، وَيُـحْزِنُ الـمُجْتَمَعَ . يا أَبْنَاءَ الإِسْلَامِ، لَا تَكُونُوا مِـمَّنْ يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ قَوْلُ الـحَـقِّ: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ )
يَا شَبَابَ الإِسْلَامِ، إِنِّي أُعِيذُكُمْ بِاللهِ أَنْ تَقْلِبُوا أَمْنَ بِلَادَنَا خَوفًا. وَتَكُونُوا مَطِيَّةَ الأَعْدَاءِ فِي تَنْفِيذِ مُـخَطَّطَاتِـهِمْ، الَّذِينَ يَسْعَوْنَ لِإِبْدَالِ أَمْنِنَا خَوْفًا ؛ فَالأَمْنُ لَا يَعْدِلُهُ مِنَ النِّعَمِ شَيْءٌ، قَالَ تَعَالَى : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، آمِنًا فِي سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَاِبْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
يا شَبابَ الإِسْلَامِ، إِنَّ مَنْ يـَمُتْ فِي هَذِهِ الْعَمَلِيَّاتِ الإِجْرَامِيَّةِ؛ يُفْجَعُ وَالِدَاهُ بِسَبَبِهِ عَدَّةَ فَوَاجِعَ : فَاجِعَةُ مَوْتِهِ ، وَكَفَى بِهَا حُزْنًا وِأَلَـمًا ! وَفَاجِعَةُ أَنَّهُ مَاتَ مِيتَةَ خِزْيٍ وَعَارٍ؛ يُـخْجِلُهُمْ وَيَفْضَحُهُمْ، وَيُسِيءُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يَأْتِي مَنْ يُعَزِّيهِمْ لِيُوَاسِيَهُمْ، وَيُـخَفِّفُ عَنْهُمْ مُصَابَهُمْ، وَلَا يَقْبَلُ النَّاسُ أَنْ يُعَزُّوهُمْ . فَاِبْنٌ كَهَذَا يَرْوْنَ بِأَنَّ رَحِيلَهُ نِعْمَةٌ . فَلِمَاذَا تَـجْعَلُونَ وَالِدِيِكُمْ يَتَوَارَوْنَ مِنَ النَّاسِ خَجَلًا عِنْدَ مَوْتِكُمْ ؟! وَفَاجِعَةُ مَا أَحْدَثَهُ اِبْنُهُمْ مِنْ دَمَارٍ، وَمَا أَوْرَثَـهُ مِنْ آثَارٍ مُؤْلِمَةٍ، يَرَوْنَهَا ظَاهِرَةً لِلْعِيَانِ، يَسْمَعُونَ فِي وَسَائِلِ الإِعْلَامِ بُكاءَ وَدُعَاءَ مَنْ أَصَابَهُمْ اِبْنُهُمْ بِكَارِثَتِهِ، وَفَاجِعَةُ ذَمِّ الْمُجْتَمَعِ وَنَقْدِهِمْ لِصَنِيعِ اِبْنِهِمْ؛ يَذُمُّهُ الْمَسْؤُولُ، وَالْعُلَمَاءُ، وَالْكِبَارُ وَالصِّغَارُ.
أَفِيقُوا مِنْ سُبَاتِكُمْ أَيُّهَا الشَّبَابُ الْمُـنْخَدِعُونَ بِهَذِهِ التَّيَّارَاتِ الْوَافِدَةِ، وَاِنْتَبِهُوا مِنْ غَفْلَتِكُمْ، وَلَا تَكُونُوا مَطِيَّةً لِلشَّيْطَانِ لِلْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ . الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ,وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، «اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا،وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا،وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ»( ). اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَمْكُمُ اللهُ.
المرفقات
مَشْكُولَةٌ .docx
مَشْكُولَةٌ .docx
غير مشكولة .docx
غير مشكولة .docx
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
كتب الله أجرك د صالح بن مقبل العصيمي على خطبك القيمة والحاضرة بمضمونها وأسلوبها وأفكارها وواقعها سلمت يد خطت وشفاه نطقت ومشاعر شاركت في هذا الخير والنفع العميم.
تعديل التعليق