الفقر في زمن الغنى 4/10/1432

فهد مصلح
1432/10/04 - 2011/09/02 07:50AM
الفقر في حياة النبي صلى الله علي وسلم 4/10/1432

أما بعد:
إن حياة إمامنا "عليه الصلاة والسلام" لازمها الفقر الشديد, وابتدأ ذلك بوفاة والده, فخرج لهذه الدنيا يتيماً, فقيراً لم يجدوا مرضعاً تقبل به لفقد الأب, وقله ذلك اليد , ثم ماتت أمه وهو في السادسة, ثم مات جده عبدالمطلب وهو في الثامنة , فكفله عمه أبو طالب ,وبذلك امتنّ عليه بقوله سبحانه((ألم يجدك يتيماً فآوى)).
ثم لم تزل به الحاجة حتى كان يرعى الغنم لأهل مكة على قراريط.
ثم اشتغل في التجارة حتى تزوج خديجة, فتحسنت أوضاعه المادية عليه الصلاة والسلام.
وبعد البعثة أنفق ماله كله في الدعوة, وأنفقت خديجة مالها كذلك, ليعود الفقر ملازماً له عليه الصلاة والسلام حتى بعد الهجرة إلي المدينة النبوية, وإلى أن توفاه الله تعالى.
وهذه بعض مظاهر الفقر والقلة التي عاشها رسول الله عليه الصلاة والسلام في حياته, نذكرها ليتأسى بها الفقير, ويتخذها سلوى ينجلي عنه بها الحزن, ويُنحَرُ بها الأسفُ على فوات الدنيا, مستقبلاً صاحبها الآخرة , التي تُنسِي الغمسةُ فيها بؤسَ الدنيا كلها .
أيها الأحبة .. وقد ودعنا رمضان, هل قارنت بين حال مائدتك ,وبين حال المصطفى عليه الصلاة والسلام و مائدته, لا تخلو موائدنا من ألوان وأصناف الطعام, أما المصطفى عليه الصلاة والسلام فقد كان يفطر على رطبات, فأن لم يجد فعلى تمرات, فأن لم يجد حسا حسوات من ماء.
وأما السحور فربما وجد قبضة من تمر يتسحر عليها , وربما صام بلا سحور.
أليس يدخل على أم المؤمنين فيسألها: هل عندكم شيء؟ فتقول :لا , فيقول : إذاً أنا صائم . وذلك في صوم النافلة.
أليس به يمر الهلال تلو الهلال تلو الهلال ولا يوقد في جميع غرف أزواجه نار للطبخ وصنع الطعام. وإنما هما الأسودان التمر و الماء.
أيها الأخوة: النعمان ابن بشير يقول للتابعين ويسألهم: ألستم في طعام أو شراب ما شئتم؟
ثم يحكى لهم حال نبينا: لقد رأيت نبيكم وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه.
يقول عمرُ كما عند ابن ماجه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوى في اليوم من الجوع ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه.
وفي مسند أحمد رحمه الله عن النعمان بن بشير بإسناد صحيح قال: ربما أتى على رسول الله الشهر يظل يتلوى ما يشبع من الدقل. و ربما ربط حجراً أو حجرين على بطنه من الجوع.
وفينا اليوم من يتجشّأ الساعات الطوال أطايب الأطعمة والأشربة ونوادرها وهو لا يصلي, ويأكل أموال الناس بالباطل , ويتكبر على عباد الله , ولربما لبس عليه إبليس بأن الله ما خصه بغدو النعم ورواحها لديه إلا كرامةً منه على الله, ألا ساء ما يحكمون!!.
وهذه قصه تبين مقدار القلة في حياتهم.
_عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نزل بنا ضيف بدوي, فجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام أمام بيوته, فجعل يسأله عن الناس كيف فرحهم بالإسلام؟ و كيف حدبهم على الصلاة؟ فما زال يخبره من ذلك بالذي يسره حتى رأيت وجه رسول الله عليه الصلاة والسلام نضرا, فلما انتصف النهار وحان أكل الطعام دعاني مستخفيا لا يألوا : أن ائت عائشة فأخبرها أن لرسول الله عليه الصلاة والسلام ضيفا, فقالت :والذي بعثه بالهدى ودين الحق ما أصبح في يدي شيء يأكله أحد من الناس, فردني إلى نسائه, كلهن يعتذرن بما اعتذرت به عائشة, فرأيت لون رسول عليه الصلاة والسلام خسف, فقال البدوي: إنا أهل البادية معانون على زماننا, لسنا بأهل الحاضر, فإنما يكفي القبضة من التمر يشرب عليها من اللبن أو الماء , فذلك الخِصب!
فمرت عند ذلك عنز لنا قد احتلبت, كنا نسميها(ثمر ثمر), فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمها (ثمر ثمر) فأقبلت إليه تحمحم, فأخذ برجلها باسم الله, ثم اعتقلها باسم الله , ثم مسح سرتها باسم الله, فحفلت, فدعاني بمحلب, فأتيته به, فحلب باسم الله, فملأه فدفعه إلى الضيف , فشرب منه شربة ضخمة. ثم أراد أن يضعه , فقال رسول الله: "عل".
ثم أراد أن يضعه, فقال له: "عل" , فكرره عليه حتى امتلأ وشرب ما شاء, ثم حلب باسم الله, وملأه, وقال: أبلغ عائشة هذا, فشربت منه ما بدا لها, ثم رجعت إليه, فحلب فيه باسم الله ,ثم أرسلني به إلى نسائه, كلما شرب منه رددته إليه, فحلب باسم الله فملأه, ثم قال : أدفعه إلى الضيف فدفعته إليه, فقال: باسم الله, فشرب منه ما شاء الله, ثم اعطاني, فلم آل أن أضع شفتي على درج شفته, فشربت شرابا أحلى من العسل, وأطيب من المسك, ثم قال: اللهم بارك لأهلها فيها. يعني العنز .
ذكره الألباني, في السلسلة الصحيحة وقال: هذا إسناد صحيح, رجاله كلهم ثقات من رجال "التهذيب".
وخبر آخر من أخبار ذلك الجيل. . .
_ عن جرير بن عبدالله قال :خرجنا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام فلما برزنا من المدينة إذا
راكب يوضع نحونا فقال رسول الله: (كأن هذا الراكب إياكم يريد), قال : فأنتهى الرجل إلينا فسلم,
فرددنا عليه, فقال له النبي( من إين أقبلت؟), قال: من أهلي و ولدي وعشيرتي, قال: (فأين تريد؟), قال : أريد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: (فقد أصبته) قال: يا رسول الله علمني ما الإيمان. قال: (تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ,وتقيم الصلاة, وتؤتي الزكاة, وتصوم رمضان, وتحج البيت),قال: قد أقررت, قال : ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جرذان فهوى بعيره وهوى الرجل, فوقع على هامته فمات, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بالرجل), قال: فوثب إليه عمار بن ياسر وحذيفة فأقعداه, فقالا: يا رسول الله قبض الرجل, قال: فأعرض عنهما رسول الله عليه الصلاة والسلام, ثم قال لهما رسول الله: (أما رأيتما إعراضي عن الرجل, فإني رأيت ملكين يدسان في فيه من ثمار الجنة, فعلمت أنه مات جائعاً) , ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا والله من الذين قال الله عز وجل:}الَّذِينَ آمَنُوا ولو يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون{, ثم قال: (دونكم أخاكم) قال : فاحتملناه إلى الماء فغسلناه وحنطناه وكفناه وحملناه إلى القبر, قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى جلس على شفير القبر فقال : (ألحدوا ولا تشقوا فإن اللحد لنا والشق لغيرنا).. أخرجه أحمد في المسند.
بارك الله لي ولكم000
الخطبة الثانية:
أما بعد
أيها الأحبة.. و نحن نعيش أيام عيد الفطر المبارك, حيث تسابق الناس للبس الجديد, والفاخر, والثمين. هل تساءلت عن لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم . .
عن أبي بردة قال: دخلت على عائشة , فأخرجت إلينا إزاراً غليظاً مما يصنع باليمن, وكساء من التي يسمونها الملبدة, قال: فأقسمت بالله أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قبض في هذين الثوبين. أخرجه مسلم .
أيها الأحبة.. ونحن على نعيش أيام عيد الفطر المبارك, حيث تسابق الناس لفرش البيوت, وتأثيثها, وتهيئته الصوالين وغرف الاستقبال للزوار.. هل سألت عن بيت رسوله الله صلى الله عليه و سلم وفرشه وأثاثه .
في داره عليه الصلاة والسلام لم يكن ثمة ما يرد العين من وثير الفرش وألوانها وأشكالها المتعددة, بل له وسادة يشترك فيها هو و زوجه رضي الله عنها, وإن احتاج الأمر و دعت الضرورة إلى اشتراك ثالث ٍمن أهل الدار معهما فلا حيلة إلا ذلك, ففي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه بات ليله عند ميمونة زوج النبي وهي خالته ,قال: فاضطجعت في عرض الوسادة , وأضطجع رسول الله وأهله في طولها.
و لو جرب أحدنا ذلك مع طفل رضيع من أطفاله, أو غلام صغير, أو زوجته, لما تحمله ولشق الأمر عليه.
بل كانت تضيق عليه حجر داره عند اجتماع نوم أهله وسجوده هو, ففي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله ورجلاي في قبلته, فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي, فإذا قام بسطتهما, قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح.
وينام على الحصير فلا يقوم عنه إلا وقد أثر في جنبه تأثيراً استنزل عبرات الفاروق, وهو من هو في صبره وشدته وخشونته,
ترى أي أثر الذي تركه هذا الحصير على جنب رسول الله فأبكى عمر..؟
جاء في الصحيح عن عمر بن الخطاب في بعض حديثه يصف رسول الله عليه الصلاة والسلام وإنه على الحصير ما بينه وبينه شيء , وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف ,وإن عند رجليه قرظا مصبوبا, وعند رأسه أهب معلقة, فرأيت أثر الحصير في جنبه, فبكيت , فقال : (ما يبكيك؟) فقلت: يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه, وأنت رسول الله. فقال : (أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة).
عن جابر بن عبدالله أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال له: (فراش للرجل وفراش لامرأته والثالث للضيف والرابع للشيطان) أخرجه مسلم .. ..
أخي الحبيب: بقي أن تعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع هذا كله ؛ كان صواماً قواماً محافظاً على الطاعات مبادراً إلى الصلوات في رمضان وغيره000
كان عمله صلى الله عليه وسلم ديمة000
صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداه00000
المشاهدات 2462 | التعليقات 1

للأمانة العلمية الموضوع من جمع أحد الإخوة جزاه الله خيراً.. ورغبة في نشر الخير أضفتها بتصرف يسير00
ونسعد بإضافات الإخوة لعدم اكتمال الموضوع0