الفساد وهوان المسلمين

قاسم احمد الصامطي
1434/04/17 - 2013/02/27 13:15PM
الخطبة الأولى

إن الحمد لله ...

أما بعد : الله تعالى قد قسم بين الناس معايشهم وآجالهم، قال تعالى: {نَحنُ قَسَمنَا بَينَهُم معِيشَتَهُم في الحَياةِ الدنيَا}. فالرزق مقسوم، والمرض مقسوم، والعافية مقسومة، والأجل مقسوم وكل شيء في هذه الحياة مقسوم. فارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، ولا تجزع للمرض، ولا تكره القدر، ولا تسب الدهر، فإن الدقائق والثواني والأنفاس كلها بيد الله تعالى يقلبها كيف يشاء، فيُمرِض من يشاء، ويعافي من يشاء، ويبتلي من يشاء {أَلاَ لَهُ الخَلقُ وَالأمرُ}. عباد الله، بعث الله نبيه محمداً بالهدى ودين الحق، هُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ ، بعث الله محمداً على حين فترة من الرسل، واندراس من العلم والهدى، والأرض مليئة بالفساد في كل الشؤون، الأرض مليئة بالفساد في كل أحوال البشرية، بعثه الله في قوم يعيشون جاهليةً جهلاء، وضلالةً عمياء، لا يعرفون حقاً من باطل، ولا هدىً من ضلال، ولا يميزون بين معروف ومنكر، نشؤوا على هذه الضلالة حتى استقرت في نفوسهم، والأرض كلها مليئة بالظلم والإجرام والعدوان والفساد العظيم، فبعث الله محمداً ، فأصلح الله به الأرض بعد فسادها، وجمع به القلوب بعد فرقتها، فهدى الله به من الضلالة، وبصَّر به من العمى، فصلوات الله وسلامه عليه، وصدق الله: قَدْ جَاءكُمْ مّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَـٰبٌ مُّبِينٌ يَهْدِى بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ وَيُخْرِجُهُمْ مّنِ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ .أيها المسلمون، يقول الله جل وعلا: ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ . ينهانا الله أن نفسد في الأرض بعد إصلاحها، إن الأرض صلحت بمبعث محمد ، صلحت في كل الأحوال، فالله ينهانا أن نفسد فيها بعد إصلاحها، بأي نوع من أنواع الفساد، فالله لا يحب الفساد، والله لا يصلح عمل المفسدين. وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأرْضِ، إن الفساد في الأرض شامل لأنواع الفساد كلّه، سواء كان هذا الفساد في المعتقد، في الأخلاق والسلوك، في المعاملات، في كل شؤون الحياة، واننا لنشاهد الفساد في شؤون حياتنا مالله به عليم في الصحة والتعليم وغيره الكثير يقول تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) احوالنا الاجتماعية في تدهور مستمر،،،اصبحنا مجتمع متفكك لأبعد الحدود في شؤوننا وفي أنفسنا وفي اخواننا اين نحن من حديث النبي صلى الله عليه وسلم (( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى ))أخرجه البخاري ومسلم. في وقتنا الحالي،،الجار لايعلم عن جاره،،والأخ لا يقابل اخاه الا بالمناسبات الكبيره،، نتخاصم ونتنازع على اتفه الأمور, الغني لا يعلم عن الفقير اي شي،،، اصبحنا منغلقين على انفسنا،، نملئ بطوننا . ونغمض اعيننا ونحن مرتاحين البال. لانسأل عن فقير. ولا عن اخ .ولا عن جار!! نرى ظواهر كثيره في مجتمعنا حزينة ونقول لم نكن نعلم شي!! اسمع ايها المبارك لهذا الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ )رواه مسلم وفي لفظ فطوبى للغرباء، الذين يصلحون إذا فسد الناس أيها المسلمون، أن هذا الدين بدأ غريباً في أوله، ثم إنه انتشر وعلا، ثم سيعود غريباً كما بدأ، لكنه أثنى على الغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس، أولئك البقية من أهل العلم والإيمان والبصيرة في دين الله يصلحون ما أفسد الناس، يصلحون ما أفسدوا من أعمال وأقوال وأخلاق، يصلحون ذلك بأن يبصروا الأمة ويدعوهم إلى الصراط المستقيم، ويرشدوهم إلى ما فيه خيرهم وصلاحهم، ويبعدونهم عن كل ما فيه هلاكهم وضررهم، يصلحونهم، فيبصرونهم بالأمور، ويهدونهم صراط الله المستقيم، يصلحونهم في خضم هذه المصائب والفتن، فيرشدوهم إلى الطريق الذي يسيرون عليه، ليسيروا على منهج قويم بعيد عن كل أمور لا تخدم دينهم وعقيدتهم، بعيداً عن كل الفوضى والأمور التي لا خير فيها ولا تخدم هدفاً، ولا تحقق خيراً، إنهم يصلحون الخلق بدعوتهم إلى الله، وتبصيرهم فيما يجب عليهم، هكذا يكون المصلحون، ليسوا دعاة فتنة، ولا دعاة فوضى، ولكن دعاة رحمة ومحبة ومودة وجمع كلمة الأمة، ما وجدوا لذلك سبيلاً، فهؤلاء هم الغرباء . عباد الله : دعوني اذكركم باخوان لنا يقتلون ويبادون ويحرقون فقط لأنهم مسلمين لا أحد يلتفت اليهم وكأنهم ليسوا بإخواننا أين نحن من واقعٍ نعيشه؟! وأين نحن من غفلة وقعنا فيها؟! ؟ أين عزة الإسلام؟ أين عزة المسلمين في قلوبنا. يا معاشر المسلمين؟ اخواننا في كل مكان يقتلون اخواننا في بورما وفي الشام وفي مالي وفي نيجيريا وفي فلسطين يقتلون ويبادون في ظل صمت اعلامي. وكأنهم ليسوا بمسلمين . وان الأمر لا يعنينا فألى الله المشتكى .. كيف يفعل هذا بالأبرياء؟! وكيف يقتل العزل؟! وكيف تهان الكرامة؟! انهم يحرقون المسلمين ويغتصبون النساء! انظروا ما دمتم رأيتم، انظروا هذه الأحداث من حولكم، اقلبوا الموجة ولو مرةً واحدة؛ لتدركوا إلى أي مدى إخوانكم يذبحون ذبح الشياه، أين غيرتنا على ديننا واخواننا؟ إنا لله وإنا إليه راجعون ، إن الناس قد أشغلهم حب الدنيا وزخرفها وما أشغلهم يومٌ من الأيام مذبحةٌ من مذابح المسلمين في أي قطرٍ من أقطار المسلمين. أين هذه العزة التي مشت جبالاً فوق الجبال، وبحاراً فوق البحار، وشُهباً في أعالي السماء، ونجوماً في أعالي الكون؟ أين هذه العزة يا عباد الله؟ إن هذا سؤالٌ يُوجه لكل مسلم: هل نعتز بأحكام ديننا؟ هل نعتز بشريعتنا؟ هل نعتز بأمتنا؟ إن مسلماً لا يعتز بدينه يُطرق حياءً وليس والله حياء، بل هو خنوعٌ وخضوع، إن مسلماً يُطرق خنوعاً وخضوعاً لا يُغير منكراً يراه، كيف نلتمس العزة من هذا المسلم؟! إن مسلماً قد استعبد الشيطان قلبه، إن مسلماً استحكمت الشهوة في بدنه، إن مسلماً سلب المال لبه، كيف نرجو من مسلمٍ كهذا عزة؟ عباد الله! لا تعجبوا من ذلة المسلمين، لا تعجبوا من هوانهم على الناس، لا تعجبوا من قلة حيلتهم، لا تعجبوا من ضعفهم، يقول الله جل وعلا: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى . بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ....
الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، عضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، أيها الأحبة في الله! أيكفي أن نطلق خطباً حماسيةً نستلهب فيها المشاعر والعواطف، أيكفي أن نسب العدو صباح مساء، أيكفي أن نلعن الظالمين والغاشمين؟ ليس هذا والله بسلاح، وليس هذا والله بعمل، وليس هذا والله بتدبير، إنما التدبير يا عباد الله! أن نجتهد في العودة إلى ديننا، أن نجتهد في العودة إلى كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم أفراداً وأسراً ومجتمعات وحكوماتٍ ودولاً.إنه لا سبيل للعزة إلا بهذا الأمر، إنه لن يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أمر أولها، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [ نحن قوم أعزنا الله بالإسلام. فإن إبتغينا العزة في غيرة أذلنا الله ]. فيا عباد الله! تمسكوا بالنور المبين وسنة سيد المرسلين، فهما والله مصدر العزة، حاربوا المنكرات ولا تجعلوا لها مكاناً ظاهراً في مجتمعكم، تتبعوا الفساد والمفسدين، وليكن كل مسلمٍ حارساً أميناً، وجندياً على ثغرٍ من ثغور الأمة حتى لا يتسلل الفساد أياً كان، إدارياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو غير ذلك؛ حتى لا يتسلل الفساد إلى المسلمين، حتى لا يجد الانحراف مكاناً وموقعاً في صف المسلمين أمرنا الله في كتابه الكريم بعدم اليأس بل جعله قرينا للكفر فقال : { وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } وأخبرنا سبحانه بأن كل شيء في الكون يمضي بأمر الله قال تعالى : (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : أبشروا لن يغلب عسر يسرين {إن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا} اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم كن لأخواننا في كل مكان عونا ونصيرا ومؤيدا وظهيرا اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أبطل كيد الزنادقة والشيعة والعلمانين والملحدين واليهود والشيوعيين والبوذيين اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم من أراد بنا سوءاً، وبولاة أمرنا فتنة، وبعلمائنا مكيدة، وبشبابنا ضلالة، وبنسائنا تبرجاً وسفوراً؛ اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم اجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء، اللهم شتت شملهم، اللهم فرق جمعهم، اللهم مزقهم واجعلهم بدداً، اللهم لا تبق منهم أحداً، اللهم اهلك زروعهم وضروعهم، اللهم اجعلهم غنيمة للمسلمين، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم. اللهم احفظ إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين ونائبه الى ما تحب وترضى ، اللهم أصلح بطانته، اللهم قرب له من علمت فيه خيراً له وللأمة، وأبعد عنه من عملت فيه شراً له وللأمة، اللهم لا تشمت بنا حاسداً ولا تفرح علينا عدواً. اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا غائباً إلا رددته، ولا مجاهداً إلا نصرته، ولا تائباً إلا قبلته، . اللهم ادفع عنا البلاء والزنا والزلازل والمحن؛ ما ظهر منها وما بطن برحمتك يا أرحم الراحمين
المشاهدات 2738 | التعليقات 2

بارك الله فيك


أتمنى من الخطيب الصامطي مشكورا تنزيل الخطبة على ملف

وورد لتعم بها الفائدة