الفرح بالطاعة 1-10- 1444خطبة الجمعة

محمد بن خالد الخضير
1444/09/28 - 2023/04/19 17:49PM

الخطبة الأولى

ان الْحَمْد لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ :

أَمَّا بَعْدُ : أيها الإخوة: تقبل الله منا ومنكم وعيدكم سعيد أعاده الله علينا جميعاً وعلى الأمة بالصحة والعافية والتمكين.

 عبادَ الله يَومُكُم يَومُ فَرَحٍ ، فَرِحَ المُسلِمُونَ فِيهِ بما مَنَّ اللهُ بِهِ عَلَيهِم مِن إِتمَامِ شَهرِهِم وَإِكمَالِ صِيَامِهِم وَقِيَامِهِم ، وَمَا وُفِّقُوا إِلَيهِ في هَذَا المَوسِمِ الأُخرَوِيِّ مِن بَذلٍ وَإِحسَانٍ وَذِكرٍ وَقِرَاءَةِ قُرآنٍ ، ثم هُم فَرِحُونَ بِعِيدِهِم وَفِطرِهِم ، وَمَا أَنعَم رَبُّهُم بِهِ عَلَيهِم مِنِ اجتِمَاعِ شَملِهِم وَانتِظَامِ عِقدِهِم ، وَرُؤيَتِهِم أَقَارِبَهُم وَصِلَتِهِم أَرحَامَهُم ، فَرِحُونَ بما لَبِسُوهُ مِن جَدِيدٍ ، وَأَنَّهُم في عَافِيَةٍ في الأَبدَانِ وَأَمنٍ في الأَوطَانِ ، وَرَاحَةٍ وَسِلمٍ وَاطمِئنَانٍ

لَا يَعْدِلُ الْفَرَحَ بِإِتْمَامِ الطَّاعَةِ فَرَحٌ آخَرُ؛ لِأَنَّهُ فَرَحٌ بِمَا يُرْضِي اللهَ تَعَالَى، وَفَرَحٌ بِنَجَاةِ النَّفْسِ مِنَ الْعَذَابِ، وَفَرَحٌ بِأَدَاءِ مَا يُقَرِّبُ إِلَى الْجِنَانِ. فَحَقٌّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَتَمَّ طَاعَةً مِنَ الطَّاعَاتِ أَنْ يَفْرَحَ بِهَا.إِنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ يَفْرَحُونَ بِاللَّـهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ رَبُّهُمْ، وَيَفْرَحُونَ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُ كَلَامُهُ، وَيَفْرَحُونَ بِالشَّرْيِعَةِ لِأَنَّهَا أَحْكَامُهُ، وَيَفْرَحُونَ بِالصِّيَامِ لِأَنَّهُ فَرِيضَةٌ مِنْ فَرَائِضِهِ، وَيَفْرَحُونَ بِأَدَائِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ نَيْلِ رِضْوَانِهِ عَزَّ وَجَلَّ.

إِنَّ الصَّائِمَ يَفْرَحُ عِنْدَ فِطْرِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ

وَيُتَوِّجُ هَذِهِ الْفَرْحَةَ الْفَرْحُ الْكَبِيرُ يَوْمَ الْعِيدِ بِبُلُوغِ الشَّهْرِ مُنْتَهَاهُ، فَيَفْرَحُ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَبْقَاهُ سَلِيمًا مُعَافًى حَتَّى أَتَمَّ صِيَامَ الشَّهْرِ، وَيَفْرَحُ بِمَا يَرْجُو مِنْ قَبُولِ صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ وَإِحْسَانِهِ الشَّهْرَ كُلَّهُ؛ وَلِذَا سُمِّيَ الْعِيدُ المُقْتَرِنُ بِالصِّيَامِ عِيدَ الْفِطْرِ، وَهُوَ الْفَرَحُ بِتَمَامِ الصِّيَامِ، وَالْفِطْرِ بَعْدَهُ.

وَهُوَ يَنْتَظِرُ فَرْحَةً أَعْظَمَ وَأَكْبَرَ وَهِيَ فَرَحُهُ بِلِقَاءِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ لِيُثِيبَهُ عَلَى صِيَامِهِ، فَفَرَحُهُ فِي الدُّنْيَا كَانَ بِفِطْرِهِ، وَأَمَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَكُونُ فَرِحًا بِصَوْمِهِ، يَنْتَظِرُ جَائِزَةَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَمَا أَعْظَمَ بَهْجَةَ المُؤْمِنِ فِي المَوْقِفِ الْعَظِيمِ وَهُوَ يَنْتَظِرُ الْجَزَاءَ مِنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى صِيَامِهِ! فَمَنِ اسْتَحْضَرَ ذَلِكَ وَعَرَفَهُ وَآمَنَ بِهِ وَأَيْقَنَ أَفَلَا يَفْرَحُ أَشَدَّ الْفَرَحِ بِكُلِّ رَمَضَانٍ يُدْرِكُهُ، وَيَفْرَحُ بِكُلِّ يَوْمٍ يَصُومُهُ، وَيَفْرَحُ بِتَمَامِ صَوْمِهِ؟! بَلَى وَكَرَمِ رَبِّنَا وَجُودِهِ

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى كَمَا أَفْرَحَنَا فِي كَلِّ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عِنْدَ إِفْطَارِنَا أَنْ يُفْرِحَنَا بِجَزَاءِ صِيَامِنَا عِنْدَ لِقَائِهِ. وَنَسْأَلُهُ تَعَالَى كَمَا أَفْرَحَنَا بِإِكْمَالِ الصِّيَامِ أَنْ يُفْرِحَنَا بِكَمَالِ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ يَوْمَ الْحِسَابِ،

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً مزيداً.

أمَّا بعدُ: فاتقُوا اللهَ عبادَ اللهِ واجتهدُوا فِي فعلِ الطاعاتِ، وداومُوا عليهَا تكتبْ لكُمُ السعادةُ فِي الدنيَا والفلاحُ فِي الآخرةِ، ومِنْ علامةِ قبولِ العملِ الصالحِ فِي رمضانَ المحافظةُ عليهِ بعدَ رمضانَ, وقدْ سنَّ لنَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صيامَ ستةِ أيَّامٍ منْ شوَّالٍ؛ فقالَ صلى الله عليه وسلم:« مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ »عباد الله إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، اللهم صلى وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا

اللهمّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين،، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وهيِّئ له البِطانة الصالحة، اللهم من أرادنا وأراد بلادنا وأمننا وإيماننا وولاة أمرنا وعلماءنا ورجال أمننا بسوء فأشغِله بنفسِه، ورُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل دائرةَ السَّوءِ عليه يا رب العالمين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين .

المرفقات

1681915740_الفرح بالطاعة 1-10- 1444خطبة الجمعة.pdf

المشاهدات 1465 | التعليقات 0