الفتن الداخلية والعصيان المدني

د مراد باخريصة
1435/03/08 - 2014/01/09 06:49AM
عباد الله: إننا نعيش في زمن التبست فيه الأمور واختلط فيه الحق بالباطل واشتبهت فيه كثير من المسائل وصار أكثر الناس لا يدرون إلى أين يتجهون؟ وكيف يعملون؟ ومع من يمشون؟ ومن هم أهل الحق فيتبعونهم ومن هم أهل الباطل فيجتنبوهم؟
إنه زمن عصيب وسنوات مظلمة وفتن سوداء عاتية تدع العاقل الحليم حيراناً إنه زمن الحيرة والاضطراب الذي قال عنه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ فِتَنٌ بَاقِرَةٌ، تَدَعُ الْحَلِيمَ حَيْرَانًا " [المعجم الأوسط (1263)].
إن من عجائب هذا الزمان وغرائب هذا العصر أن نرى فيه كثرة السفهاء وقلة العقلاء وغياب الدور الفاعل للعلماء وتشتت وتفرق الكبراء والوجهاء واندراس فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فتصرف السفهاء وتمسكوا بزمام الأمور وتحكموا في المناصب القيادية العليا والسفلى وصار يتصرفون تصرفات حمقى ويفعلون أعمالاً هوجاء ويخلطون الأوراق خلط العشواء لأنهم أيقنوا أن حكم الصالحين قد انتهى وعهد العقلاء قد مضى وليل الحكماء قد ولى وهذه هي المصيبة العظمى والطامة الكبرى حين يكون زعيم القوم أرذلهم وسيد العشيرة فاسقهم يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ ".
عباد الله: لو نظرنا اليوم في واقعنا المحلي وتأملنا في أيامنا هذه التي تعيشها لوجدنا أننا نمشي في وسط سفينة لا قائد لها ولا يوجد من أهلها من يضبط حركتها ويتصرف في شئونها ويفرض حكمه على من فيها فالكل يتحكم والجميع يتصرف وكل فصيل أو حزب أو جماعة أو فرد يعمل ما يريد ويتصرف كما يشاء ويخرق الخروقات الكبيرة ويقوم بفعل الأفعال الشنيعة والناس تتفرج ولا أحد يتكلم ولا آمراً يأمر ولا ناهياً ينهى إلا من رحم الله.trans.gif
تخيلوا سفينة تمشي بهذه الطريقة ماذا ستكون نهايتها؟ وماذا سيحدث لأهلها؟ ومن يصدق أن سفينة المجتمع تمشي بهذه الطريقة وتسير في وسط الأمواج المتلاطمة والزوابع المظلمة بهذه الكيفية؟! ماذا ننتظر؟ هل ننتظر شيئاً غير السقوط المدوي والغرق والانهيار يقول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا".
والأرذل من هذا كله والأسوأ منه ان نقوم بلصق التهم وتدبير الحيل لكل من أراد بنا خيراً أو سعى سعياً مخلصاً في إنقاذ البلد وأهله من هذه الأزمات وحاول إخراجها من هذه الورطات فالعلماء الربانيون في نظر بعضنا عملاء والناصحون المشفقون المخلصون كذابون جبناء والساعون إلى تحكيم الشريعة وإقامة الدين إرهابيون دخلاء والمشرفون على حلف القبائل كبار في السن وجهلاء والمتريثون المتعلقون الذين ينظرون إلى مآلات الأمور وعواقبها مثبطون بسطاء ثم ننظر فيمن بقي حولنا فلا نجد من سلم من ألسنتنا وطعننا إلا الأصاغر والسفهاء.
للمزيد ...
المشاهدات 1603 | التعليقات 0