الـمَـنُّ بِالعَمَل ِكَبِيْرَةٌ من الكبائر خطبة مٌختَصَرَةٌ 13 / 2 /1444هـ

نجم الدين
1444/02/12 - 2022/09/08 06:49AM

الـمَـنُّ بِالعَمَل ِكَبِيْرَةٌ مِنَ الكَبَاْئر   خُطبَةٌ مٌختَصَرَةٌ   13 / 2 /1444هـ

الخُطْبَةُ الأُولَى:

إن الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آله وَصَحْبِهِ أجمعين وسَلَّمَ تَسْـلِيمًا كَــثِيْــرا، أمَّا بَعْدُ :

فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ ،حَقَّ التَّقْوَى،﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾               [ آل عمران : 102].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُون:

ذَنْبٌ مِنَ الذُّنُوبِ ، و مَعْصِيَةٌ من الْمَعَاصِي ، يـَتَهاْونُ بها البعضُ ، ولا يَشْعُرُ أَحَدُهُمْ إذا عَمِلَهَاْ أنّهُ وَقَعَ في كبيرةٍ من الْكَبَائِرِ، وإذا أَحَسَّ بأنّــهُ وَقَعَ في ذَنْبٍ وَمَعْصِيَةٍ، فَالْقَلِيلُ مِنْهُم مَنْ يَدْفَعُهُ ذلك للتوبةِ والاستغفارِ والندمِ والإنابة .

عبادالله : ماهو هذا الذَّنْبُ الْعَظِيمُ؟

هذا الذَّنْبُ؛ يُبيّنُهُ لنا رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،حِينَ قالَ للصحابةِ -رضي الله عنهم-  : " ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ، ولا يَنْظُرُ إليهِم ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ ، قَرَأَها رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثَلاثَ مِرار، قالَ أبو ذَرٍّ: خابُوا وخَسِرُوا، مَن هُمْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: الـمــُسْبِلُ، والْمَنَّانُ، والْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الكاذِبِ ".   رواه مسلم

عِبَادَ اللَّهِ:إنَّـــهَــا مَعصيَةُ الْــمَنِّ بِالْعَمَلِ، هذه الصِّفَةُ الذميمةُ  التي تجعل الإنسانَ يَصْنَعُ صنيعًا حَسَنًا لكنّهُ يُــــتْبِعُهُ بالـمَنّ ، قال الله تعالى:

﴿ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾ [ البقرة : 263].

وعندما جاء أعراب وأخذوا يَـمـنُّون على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنَّـــهُــم آمنوا مِنْ غيرِ قِتَالٍ ، نَـزَلَ قولُ اللهِ تعالى :﴿ يَـمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾  [ الحجرات : 17].

عِبَادَ اللَّهِ :  مَاْ أَسْوَأَ ذِكْرَ جميلِ العملِ والعطاءِ أمامَ الـمُحْسَنِ إليهِ ، ويَكونُ الـمَنُّ أسوأُ وأقبحُ؛ إذا كَانَ أمامَ الناسِ، إما تَـلمِيحًا، أو تَصرِيحًا، لِـمَاْ فيهِ من تَكدِيْرٍ للخاطر وكَسْرٍ للقلوب، البعضُ يَقَعُ مِنْهُ الـمَنُّ صريحاً ،  فيقول :  عَمِلت ُكذا و كذا ، و البعضُ يَقَعُ مِــنْــهُ الـمَنُّ في سِيَاقِ قصةٍ أو خَبرٍ يتحدّثُ فيه عَنْ: فُلانٍ جاءَ واقترضَ مِنّي، وَفُلانٌ جاءَ وطلبَ مني مُساعدةً، أو طَـــلَبَ شَفَاعةً فَشَفَعْتُ لَهُ، ووقفتُ معهُ، وعلى ذلكَ قِس....

 قال الْقُرْطُبِيُّ -رحمه الله-  (الـمنُّ غالباً يقع من البخيل والـمُعـجَبِ) ، وصَدَقَ -رحمه الله- ، لأنّ البخيلَ لم يتعود البذلَ والعطاءَ فلذا يـَمُنُّ بعطائهِ، وأما الـمُعجَبُ بنفسِهِ فهو مِنْ أكثرِ الناسِ مَـــنّاً بأعمالِهِ،  وَمِنْ أكثرِ الناسِ ذكراً لها .

أَيُّهَا الْمُسْلِمُون:الـمنُّ صفةٌ دنيئةٌ وخلُقٌ سيءٌ ،ينافي صفة الكرم والجود، لذلك أخبر- سبحانه - عن المؤمنينَ الصادقينَ المخلصينَ أنّـهُم يقولونَ إذا أطعَمُوا وَتَصَدَّقُوا: ﴿  إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا  ﴾ [ سورة الإنسان : 9].

عِبَادَ اللَّهِ :إنَّ الْمَرْءَ إذا وفّقَهُ الله لعملِ الخير، فَلْيَعْلَمْ أنّهُ إنّـمَا يُـحْسِنُ لِنَفْسِهِ، قبلَ أن يـُحْسِنَ لغيرِهِ،      قال تعالى ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [ سورة الإسراء : 7].

باركَ اللّهُ لِي ولَكُم في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بـما فِــيهِ مِنَ الآيَاتِ والذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُوُلُ قَوْلِي هَذَا، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ ا الْجَلِيلَ لي وَلَكم ولِسَائرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. 

الخُطْبَةُ الثَانِيَةُ :  الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحدهُ لاشريك لهُ، تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَأَتْبَاعِهِ، إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرا ، أمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللَّهِ: الْـمَنّ صِفَةٌ ذَمِيمَةٌ، وخُلُقٌ قَبيحٌ ، لاينبغي أن يَحْصُلَ بين المعارفِ والجيرانِ ، وكما

يَقْبُحُ في أنْ يَقعَ مع البعيد، فهو أقْبَحُ عندما يكونُ مع الأرحام.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُون: الـمَـنُّ بعملٍ وعطاءٍ وفِعْلٍ جميلٍ؛ لا ينبغي أنْ يقعَ مِنَ الأبِ مع أولادهِ، أو مِنْ أحدِ الزوجينِ مع الآخر، أو مِنَ الأخِ مع أَخِيْهِ ، وأشدُّ قُبــْحاً وأعظَمُ إثماً أنْ يكونَ الـمَـنُّ مِنَ الولدِ على أحدِ والديه أو كِلَيْهِمَا.

عِبَادَ اللَّهِ: مَن عمل عملاً حَسَناً لفردٍ واحدٍ أو أَكْثَر، أو فِي قِطَاعٍ خَاصٍ، أو قِطَاعٍ حكومي، فلا يَــمُنُّ بِعَمَلِه إذا كانَ تقاضى على هذا العملِ أُجْرَةً وَرَاتِبَاً، فإنْ كَاْنَ عمِلَ عَمَلا زائداً على ما طُلِبَ مِنهُ،أو عَمِلَ ذلك احْتِسَابًا للأجرِ، فَعَلَيهِ ألّا يُبطِلَ عَمَلَهُ بالـمَــنّ ، بلْ ومع بُطْلانِ العملِ يَــحمِلُ ويَكْسِبُ إِثْـمًا و وِزْرًا.

لذلك حَذَّرَ العلماءُ مِنَ الْــمَنَّ وعَدُّوهُ من كَبَائِرِ الذنوبِ لا من صَغَائِرِهَا، فذكره الذهبي -رحمه الله- في كتابه الكَبَائِرِ، وكذلك ذكرَهُ ابنُ حَجَر الْـهَيْــتَمِي – رحمه الله – مِنَ الكبائرِ في كِتَابهِ: الزواجرُ عنْ اقترافِ الكبائر .

 فيا أَيُّهَا الْمُسْلِمُون :كيف لايكونُ الْمَنُّ من كَبَائِرِ الذنوب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "...وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؛ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ الْخَمْرَ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى "

 أخرجه النسائي وأحمد وقال الألباني: حَسَنٌ صحيح

فنسألُ اللهَ أن يُجَنِّبَنَا كُلَّ إثمٍ وخَطِيئَةٍ ويُسدِدَنَا للعملِ الصالحِ ويرزُقنـَا الإخلاصَ في القولِ والعملِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:: صَلُّوا وَسَلِّمُوا -رحمكم الله- على مَنْ أمركم الله بالصلاة عليه، فقال عَـــزّ مِنْ قائل: 

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[ الأحزاب:56] اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَأَصْحَاْبِهِ الطَّاهِرِينَ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَ اقْتَفَى أَثَرَهُ إلى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بكرمكَ وَمَنّكَ، يَاْ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.اَللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيْمَنْ خَافَكَ، وَاتَّقَاكَ، وَاتَّبَعَ رِضَاكَ.

عبادالله :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [ النحل:90] فَاذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرَكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ على نِعَمهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

المرفقات

1662635694_الـمـنُّ بالعمل كَبِيْرَةٌ مِنَ الكَبَاْئر خُطبَةٌمٌختَصَرَةٌ 13صفر 1444هـ.docx

1662635703_الـمـنُّ بالعمل كَبِيْرَةٌ مِنَ الكَبَاْئر خُطبَةٌمٌختَصَرَةٌ 13صفر 1444هـ.pdf

المشاهدات 934 | التعليقات 0