الـمُخَذِّلونَ-12-4-1445هـ مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز العويد

محمد بن سامر
1445/04/11 - 2023/10/26 13:23PM

الـمُخَذِّلونَ-12-4-1445هـ مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز العويد

الحمدُ للهِ الذي نَزَّلَ الحقَ بالكتابِ، ووفقَ منْ منَّ عليهِ مِن عباده لنعمةِ الصوابِ، لعنوانِ الجوابِ، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له العزيزُ الوهابُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه خيرُ منْ وَطِئ الترابَ، صلى اللهُ وسَلَّمَ وباركَ عليهِ وعلى جميعِ الآلِ والأصحابِ، ما طلعَ نجمٌ وغابَ، وما هلَّ وابلٌ من سحابٍ، أما بعد:

فيا عبادِ اللهِ اتقوا اللهَ حقَ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واتقوا أسبابَ سخطِ الجبارِ فإنَّ أجسادَكم على النارِ لا تقوى.

تَخَلَّفَ المنافقونَ عن غزوةِ تبوكَ، ودعوُا الصحابةَ إلى التخلفِ، سَخِروا من رسولِ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وأصحابِه، لـمَزُوا الـمُطَّوِعينَ من المؤمنينَ في الصدقاتِ، فَأَنزلَ اللهُ فيهم آياتٍ تتلى إلى يومِ القيامةِ، تُبينُ تـَخْذيلَهم ونفاقَهم.

الـمُخَذِّلُونَ فئامٌ من بني جلدتِنا، يَتكلمونَ بألسنتِنا، لا يَهُمُهُمْ فَرَحُ فرِحٍ، ولا تَرَحُ ترِحٍ، مُخَذِّلُونَ مثبطونَ، وفي غيِّهم مُتَخَبطونَ، "قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ".

جزى اللهُ الشدائدَ كلَّ خيرٍ*

                      وإنْ كانت تُغَصِّصُني بريقي

وما شُكْري لها حمدًا ولكنْ*

                   عرفتُ بها عدوي من صديقي

الـمُخَذِّلُونَ سِلْمٌ للأعداءِ، وحربٌ على الأصدقاءِ، خَنجرٌ مسمومٌ في شِلْوِ الأمةِ، حُمْقٌ ونوكٌ وبلاءٌ وغُمةٌ، "تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ".

وإخوانٍ تَخِذْتُهُمُوا دُروعًا*

                        فكانُوها ولكنْ للأعادي

وخِلْتُهُمُوا سِهامًا رامياتٍ*

                           فكانُوها ولكنْ في فؤادي

وقالوا قدْ صَفَتْ منَّا قُلُوبٌ*

                       لقد صَدَقوا ولكن مِنِ وِدادي

الـمُخَذِّلُونَ يَبُثُونَ في المسلمينَ الجَبَانةَ والهَلَعَ، والخوفَ والفَزَعَ، "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ".

الـمُخَذِّلُونَ لا يَنْظرونَ إلى أهلِ الجهادِ والعِزِ والشرفِ، إلَّا بعينِ السُخطِ والنَقْدِ والحيْفِ، "الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ۗ قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ".

الـمُخَذِّلُونَ أهلُ جُبنٍ وضعفٍ وخورٍ، لا يُعرفُ لهم في نصرةِ الدينِ موقفٌ ولا أثرٌ، " وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ۚ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا".

الـمُخَذِّلُونَ أهلُ نِفاقٍ ونُكوصٍ، يلوونَ بأهوائِهم أعناقَ النُصوصِ، " يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ".

في زُخرفِ القولِ ترجيحٌ لقائلهِ*

                         والحقُّ قدْ يعتريهِ بعضُ تغييرِ

تقولُ: هذا مُجاجُ النحلِ تـَمدحُهُ*

                   وإنْ تَعِبْ قلتَ: ذا قَيْءُ الزنابيرِ

مدحًا وذمًا وما جاوزتَ وصفَهما*

                   سحرُ البيانِ يُري الظلماءَ كالنورِ

اللهم سَلِّمِ المسلمينَ من شرِهم، واكْفِهم خُبثَهم ومكرَهم، وصلى اللهُ وسلمَ وباركَ على نبيِنا محمدٍ.

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على فضلِه وامتنانِه، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ تعظيمًا لشانِه، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رِضوانِه-صلى اللهُ وسَلَّمَ وباركَ عليهِ وعلى آلِه وصحبِه وإخوانِه-أما بعدُ:

فإنَّ إخوانَنَا في غزةَ في هذه الأيامِ بحاجةٍ إلى صورٍ عظيمةٍ من صورِ النصرِ:

الصورةِ الأولى: أن نتيقنَ نحنُ وهمُ أنَّ الأرضَ أرضُ اللهِ، وأنَّا وإياهم عبيدٌ للهِ، وأنَّ اللهَ-عزوجلَّ-ناصرٌ أولياءَه، "إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ"، قال رسولُ اللهِ--صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ".

الصورةِ الثانيةِ: الجودُ والإنفاقُ في سبيلِ اللهِ، "وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ".

الصورةِ الثالثةِ: الدعاءُ، قال أبو هريرةَ-رضي اللهُ عنه-: " إنَّ أبخَلَ النَّاسِ مَن بخِل بالسَّلامِ، وأعجَزَ النَّاسِ مَن عجَزَ عَنِ الدُّعاءِ".

الصورةِ الرابعةِ: أنْ ننأى ونبتعدَ عن خلافاتِنا في هذهِ الأيامِ، ولا سِيَّما من تحويلِنا لغزةِ وأهلِها إلى ميدانٍ للخلافاتِ، فإذا كان المسلمونَ إلى يومِنا هذا-في هذه الظروفِ العصيبةِ التي تمرُ بها أُمتُنا- لم يتوحدُوا، وإنّما دأَبُوا واستمرُوا على الخلافاتِ والنزاعاتِ، والانشقاقِ والتخوينِ، والسبِ واللعنِ فيما بينهم، فضلًا عن إخوانِنا في غزةَ، فإنَّ اللهَ-سبحانه-قدْ يُؤَخِرُ النصرَ لذلك، "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ".

يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، نسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى، يا ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.

اللَّهُمَّ آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذابَ النارِ.

اللَّهُمَّ الطفْ بإخوانِنِا المستضعفينَ في غزةَ وغيرِها من بلادِ المسلمينَ على كلِ حالٍ، وبلغهم من الفرجِ والنصرِ منتهى الآمالِ.

اللَّهُمَّ كن لهم ناصرًا ومعينًا يا ربَّ العالمينَ.

اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، واجعلْ أَمرَهم لِنَصرِ دِينِكَ، ولإعلاءِ كَلمتِكَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى.

اللَّهُمَّ أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.

اللَّهُمَّ اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ.

اللَّهُمَّ يا شافي اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمينَ والـمسالـمينَ.

اللَّهُمَّ اِكْفِنَا والمسلمينَ بحلالِكَ عن حرامِكَ، وأَغْنِنـَا بفضلِكَ عَمَّنْ سِواكَ.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنْ فَضْلِكَ ورَحْـمَتِكَ فإنَّهُ لا يـَمْلِكُها إلا أنتَ.

اللَّهُمَّ اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه.

اللَّهُمَّ أنتَ حسبُنا ونِعْمَ الوكيلُ، عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ وعليكَ بالظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم.

اللَّهُمَّ انصرْ المسلمينَ وجنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.

اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1698316541_الـمُخَذِّلونَ-12-4-1445هـ مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز العويد.docx

1698316541_الـمُخَذِّلونَ-12-4-1445هـ مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز العويد.pdf

المشاهدات 925 | التعليقات 0