الغيرة

حسين بن حمزة حسين
1440/05/28 - 2019/02/03 14:06PM

الحَمْدُ للهِ سَهَّلَ لِمَرْضَاتِهِ سَبِيلاً، أَوضَحَ طَرِيقَ الهِدَايَةِ وَجَعَلَ الرَّسُولَ عَلَيهِ دَلِيلاً، أشهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، الحَلالُ مَا أَحَلَّهُ اللهُ, وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ الله , وَالدِّينُ مَا شَرَعَهُ الله ، وَأشهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّداً عبدُ اللهِ المُصْطَفَى, وَنَبِيُّهُ المُجتبى ، الَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِك عَلَيهِ وَعلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ والتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ، وَنَفْسِي بِتَقْوى اللهِ تَعَالى القَائِلِ: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهِ ). وَذَلِكَ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ.
عِبَادَ اللَّهِ: الغَيْرَةُ خلق عظيم، خلقٌ جليل ، بها يصان الشرف والعرض ، ويُنال العفاف والطُّهر ، لا يفْقِدْها إلا ديوث ، ميّت القلب مسلوبَ العفة والحياء ، الغَيْرة درعُ منيع لحماية الأسر والمجتمعات من التردي في مهاوي الرذيلة والفاحشة، الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه يرسل لأحد ولاته يقول: "بلغني أن نساءكم يزاحمن العُلوج -كفار العجم- في الأسواق،ألا تغارون؟! إنه لا خير فيمن لا يغار
عباد الله : إنَّ أَجَلَّ مَنْ يَغَارُ هُوَ رَبُّ الْأَرْبَابِ جلّ جلاله ، فَقَدْ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ). رَوْاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَكَانَ نَبِيُّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وأصحابه رضوان الله عليهم من أشد الناس غَيْرةً على أعراضهم، روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يومًا لأصحابه: "إن دخل أحدُكم على أهله ووجد ما يريبه أَشْهَدَ أربعًا. فقام سعد بن معاذ متأثرًا فقال يا رسول الله: أأدخل على أهلي فأجد ما يريبني انتظر حتى أشهد أربعًا؟! لا والذي بعثك بالحق!! إن رأيتُ ما يريبُني في أهلي لأُطيحنَّ بالرأس عن الجسد ، ولأضربنَّ بالسيف غير مصفح وليفعل الله بي بعد ذلك ما يشاء. فقال عليه الصلاة والسلام: أتعجبون من غيرة سعد؟؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني؛ ومن أجل غيرة الله حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن…" الحديث وأصله في الصحيحين.
من حُرم الغَيْرَة حُرم طُهر الحياة، ومن حرم طُهر الحياة فهو أحطُّ من بهيمة الأنعام، ولا يمتدح بالغَيْرة إلا كرامُ الرجال وكرائمٌ النساء، وأما عِيشة الدَّعارة فطريقُها سهلُ الانحدار والانهيار، وبالمكاره حُفت الجنة وبالشهوات حفَّت النار.
إخوة الإيمان: إن الأسف كل الأسف، والأسى كل الأسى فيما جلبته مدنيّة هذا الزمان من ذبح صارخ للأعراض، ووأدٍ كريه للغيرة. فما من زمان تجمّلت فيه الفاحشة مثل هذا الزمان، تُعرض تفاصيل الفحشاء بأبهى حللها وأجملِ زينتِها، ما بين مسموع ومقروء ومشاهد، بل في متناول اليد، قنوات هابطة، ومشاهد داعرة، إعلانٌ للفحشاء بوقاحة!! وإغراقٌ في المجون بتبجح!! أغانٍ ساقطةٌ، وأفلامٌ آثمة، وسهراتٌ فاضحة، وقصصٌ داعرةٌ، وملابس خليعة، وعباراتٌ مثيرة، وحركاتٌ فاجرة؛ مُستَنْسخةً من مجتمعات كافرة ماتت غَيْرَتُهم، لا يأنفون أن يمشون عراةً في الشوارع -قبًحهم الله-، أمورٌ تذبح الغيرة وتئد العفاف، نتساءلُ أين الغَيْرَة من آباء وأمهات يجتمعون مع أبنائهم وبناتهم على مثل هذه البرامج والأفلام بدعوى الترفيه والحرية، -ياسبحان الله -يتركون أبناءهم وبناتهم لتفسُدَ أخلاقُهم وتضيعَ قيمُهم ويقلَُّ تعظيمُ الدين في نفوسهم ؟! هل غارت من النفوس الغيرة؟ وهل غاض ماؤها؟ وهل انطفأ بهاؤها؟ عذراً! هل في الناس دياثة؟ هل فيهم من يقر الخبث في أهله؟
نساءٌ سافراتٌ متبرجاتٌ جريئات بلا أدب -والمؤسف بعضهن برفقة أبيهن وأمهن - يتسكّعن تسكّع الحمر بالطرقات لا يخفن الله في السماء ولا يستحين من الناس في الأرض، حسبنا الله ونعم الوكيل. لكن بُلينا ببعض الذكور تلطخت قلوبهم برجس الخسّة والدناءة والرذالة وماتت فيها الغَيْرة والعفة والحياء وكما قيل مع كثرة المساس يقل الإحساس.
أخي المؤمن، يا أيها الأب: إنَّ هروبك ممّا كلفك الله به من مسؤولية وأمانة على من ولّاك الله أمرهم من النساء، وإلقائهن بين الرجال الأَجَانِبِ، يُعرّضُ شرفَك وشرفَهُن للأذى والانتهاك لا سمح الله، واعلموا حماكم الله أن وجود المرأة ومكثها بين الرجال غير المحارم من غير عذر فِي المَحَلاَّتِ التِّجَارِيَّةِ وَالمُتَنَزَّهَاتِ وَالمَكَاتِبِ والمَعَامِلِ والحَفَلاتِ والمُنَاسَبَاتِ !،خطر ُ عظيم، وجُرْم لا يُغتفر ، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه
وكما قيل ألقاه في اليمّ مكتوفا وقال إياك إياك أن تبتل بالماء
ووالله سحابة غيم واحدة ، من شؤم معصية الزنا ، تنزل على أهل بيْت بأكمله، تَحْجُب عنهم سعادة العمر كلَّه ، ووسمت عار لا تنتهي ، ألم دائم ، وعذاب في القلب مقيم ، تنغص الحياة ، وتسلب السعادة ، واسألوامن تجرعوا ألمها واحترقوا بنارها ، ووالله يقول أحدهم (مصيبة الموت أهون ) ويقسم على ذلك ،–نسأل الله السلامة-.
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَبَدًا: الدَّيُّوثُ، والرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاء، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا مُدْمِنُ الْخَمْرِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الدَّيُّوثُ؟ قَالَ: الَّذِي لَا يُبَالِي مَنْ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ، قُلْنَا: فَمَا الرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاءِ؟ قَالَ: الَّتِي تَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ) صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، فكم للفضيلة من حصنٍ امتنع به أولو النخوة فكانوا بذلك محسنين، وكم للرذيلة من صرعى أوردتهم المهالك فكانوا هم الخاسرين ، أين ذهب الحياء؟ أين ضاعت المروءة؟ من بيوت هيأت لأهلها أجواء الفتنة، وجرتها إلى مستنقعات التفسخ جرًا، وجلبت لها المنكر تدفعها إلى الإثم دفعًا، وتدعُّها إلى الفحشاء دعـًّا؟؟ في ظلال الفضيلة مُنْعةٌ وأمان، وفي مهاوي الرذيلة ذِلةٌ وهوان، والرجل هو صاحب القِوامة في الأسرة فإذا ضَعُفَ القَوَّام فَسَد الأقوام. وإذا فَسَد الأقوام خسروا الفضيلة، وفقدوا العفة وتاجروا بالأعراض وأصبحوا كالمياه في المفازات يلغ فيها كل كلبٍ، ويكدِّر ماءها كلُّ وارد.
عِبَادَ اللهِ : ألا تَرَونَ بِأُمِّ أَعْيُنِكُمْ تَغَيُّرَاً بَيِّنَاً عِنْدَ بَعْضِ نِسَاءِ المُسْلِمينَ ؟ تَغَيُّرٌ فِي العَبَاءَاتِ ! وَخُرُوجُ مُتَعَطِّرَاتٍ , وَبَعْضُهُنَّ مَائِلاتٌ مُمِيلاتٌ مُتَكَسِّرَاتٌ فِي المَشْيِ , خَاضِعَاتٌ فِي القَولِ ، َيُكْثِرْنَ المِزَاحَ بِدُونِ أدْنَى حَرَجٍ! وَاللهُ المُسْتَعَانُ. عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ ثُمَّ مَرَّتْ عَلَى الْقَوْمِ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ »صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ وَعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ ,فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. ويقول ابن القيم رحمه الله: وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ: أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ، كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَاخْتِلَاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثْرَةِ الْفَوَاحِشِ وَالزِّنَا، وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ، وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ. انتهى كلامه رحمه الله.
فَاتَّقِينَ اللهَ يَا نِسَاءنَا وَاحْتَشِمْنَ وَاسْتَتِرْنَ بِسِتْرِ اللهِ وَاحْتَجِبْنَ عَنِ الحَرَامِ, وَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الرِّجَالُ فِي نِسائِكُم وَاسْتَوصُوا بِهِنَّ خَيرَاً. سَتَرَ اللهُ علينا وَعَليكُمْ وعلى المُسْلِمينَ جَميعاً ,وزَيَّنَنَا جَمِيعَاً بالتَّقْوى , أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطَبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمدُ للهِ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَأَحْسَنَ خَلْقَهُ وِتَقوِيْمَهُ، نَشهدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ, امتنَّ على عبادِهِ بِهِدَايَتِهِ وتَوفِيقِهِ، وَنَشهَدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ الله ورسولُهُ أدَّبَهُ رَبُّهُ فَأَحسَنَ تَأْدِيبَهُ, صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ، وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عليهِ. أمَّا بعدُ: فَأَوصِيكُم وَنَفْسِي بِتَقْوى اللهِ وَطَاعَتِهِ، وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
أخي في الله ، الله تعالى يوصيك ويحثك للحفاظ على شرفك وعرضك وأهلك ، وتقوم بمسؤوليتك التي أمرك الله تجاههم ، قال الله تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَىَ النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعضَهُم عَلَى بَعضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِن أَموَالِهِم ) ، قَالَ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: القيِّمُ الرَّئِيسُ، الذي يَحْكـُمُ أَهلَهُ وَيُقَوِّمُ اعوجَاجَهم إذا اعْوَجُّوا، وهو المَسئُولُ عنهم يومَ القيامةِ!
عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ الْغَيْرَةَ عَلَى الْمَحَارِمِ تَدُلُّ عَلَى عِزَّتك، وَنُبْلِ أَخْلَاقِك. وَلَا يَغَارُ أَحَدٌ عَلَى مَحَارِمِهِ إِلَّا وَهُوَ غَيُورٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ. وَالْإِسْلَامُ جَاءَ بِحِفْظِ الْمَحَارِمِ، وَلِذَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلة وَسَلَّمَ أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ: (لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ). وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الصَّحِيحِ قَالَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلة وَسَلَّمَ: (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَحَذَّرَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلة وَسَلَّمَ أَنْ يَدْخَلَ الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ الْمُحَرَّمَاتِ عليهم، فَقَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ). رَوْاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
فَالْإِسْلَامُ حَثَّ عَلَى الْغَيْرَةِ الْمَحْمُودَةِ، وَنَدَبَ إِلَيْهَا، لِأَنَّهَا مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ الرُّجُولَةِ وَالشَّهَامَةِ، فَبِهَا تُسْتَجْلَبُ الْمَكَارِمُ، وَتُسْتَدْفَعُ الْمَكَارِهُ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَالسَّلَامَةَ. فَالَّلهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ. اللهم اهدِنا فيمَن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت .، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقِنا شر ما قضيت ، نَسْتَغْفِرُكَ الَّلهُمَّ مِن جَميعِ الذُّنُوبِ والخَطَايا وَنتوبُ اٍليك. الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ, وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا, لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وهيء له البطانة الصالحة الناصحة التي تدل على الخير وتعينه عليه وتبين له الشر وتصرفه عنه ياذاالجلال والإكرام ، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهم ثبِّت قلوبَنا على دينك، وصراطِك المستقيم. اللهمَّ أرنا الحقَّ حقاً وارزقنا إتباعه والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ياربَّ العالمين. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد أبد الآبدين وعلى آله وصحبه والتابعين وارض عن الخلفاء الأربعة المهديين وانصر عبادك الموحدين واغفر لأمواتنا أموات المسلمين المستقدمين والمستأخرين، عِبَادَ اللهِ أُذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوه عَلى عُمُومِ نِعَمِهِ يَزِدْكُم وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

المشاهدات 919 | التعليقات 1

الحَمْدُ للهِ سَهَّلَ لِمَرْضَاتِهِ سَبِيلاً، أَوضَحَ طَرِيقَ الهِدَايَةِ وَجَعَلَ الرَّسُولَ عَلَيهِ دَلِيلاً، أشهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، الحَلالُ مَا أَحَلَّهُ اللهُ, وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ الله , وَالدِّينُ مَا شَرَعَهُ الله ، وَأشهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّداً عبدُ اللهِ المُصْطَفَى, وَنَبِيُّهُ المُجتبى ، الَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِك عَلَيهِ وَعلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ والتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ، وَنَفْسِي بِتَقْوى اللهِ تَعَالى القَائِلِ: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهِ ). وَذَلِكَ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ.
عِبَادَ اللَّهِ: الغَيْرَةُ خلق عظيم، خلقٌ جليل ، بها يصان الشرف والعرض ، ويُنال العفاف والطُّهر ، لا يفْقِدْها إلا ديوث ، ميّت القلب مسلوبَ العفة والحياء ، الغَيْرة درعُ منيع لحماية الأسر والمجتمعات من التردي في مهاوي الرذيلة والفاحشة، الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه يرسل لأحد ولاته يقول: “بلغني أن نساءكم يزاحمن العُلوج -كفار العجم- في الأسواق،ألا تغارون؟! إنه لا خير فيمن لا يغار
عباد الله : إنَّ أَجَلَّ مَنْ يَغَارُ هُوَ رَبُّ الْأَرْبَابِ جلّ جلاله ، فَقَدْ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ). رَوْاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَكَانَ نَبِيُّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وأصحابه رضوان الله عليهم من أشد الناس غَيْرةً على أعراضهم، روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يومًا لأصحابه: “إن دخل أحدُكم على أهله ووجد ما يريبه أَشْهَدَ أربعًا. فقام سعد بن معاذ متأثرًا فقال يا رسول الله: أأدخل على أهلي فأجد ما يريبني انتظر حتى أشهد أربعًا؟! لا والذي بعثك بالحق!! إن رأيتُ ما يريبُني في أهلي لأُطيحنَّ بالرأس عن الجسد ، ولأضربنَّ بالسيف غير مصفح وليفعل الله بي بعد ذلك ما يشاء. فقال عليه الصلاة والسلام: أتعجبون من غيرة سعد؟؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني؛ ومن أجل غيرة الله حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن…” الحديث وأصله في الصحيحين.
من حُرم الغَيْرَة حُرم طُهر الحياة، ومن حرم طُهر الحياة فهو أحطُّ من بهيمة الأنعام، ولا يمتدح بالغَيْرة إلا كرامُ الرجال وكرائمٌ النساء، وأما عِيشة الدَّعارة فطريقُها سهلُ الانحدار والانهيار، وبالمكاره حُفت الجنة وبالشهوات حفَّت النار.
إخوة الإيمان: إن الأسف كل الأسف، والأسى كل الأسى فيما جلبته مدنيّة هذا الزمان من ذبح صارخ للأعراض، ووأدٍ كريه للغيرة. فما من زمان تجمّلت فيه الفاحشة مثل هذا الزمان، تُعرض تفاصيل الفحشاء بأبهى حللها وأجملِ زينتِها، ما بين مسموع ومقروء ومشاهد، بل في متناول اليد، قنوات هابطة، ومشاهد داعرة، إعلانٌ للفحشاء بوقاحة!! وإغراقٌ في المجون بتبجح!! أغانٍ ساقطةٌ، وأفلامٌ آثمة، وسهراتٌ فاضحة، وقصصٌ داعرةٌ، وملابس خليعة، وعباراتٌ مثيرة، وحركاتٌ فاجرة؛ مُستَنْسخةً من مجتمعات كافرة ماتت غَيْرَتُهم، لا يأنفون أن يمشون عراةً في الشوارع -قبًحهم الله-، أمورٌ تذبح الغيرة وتئد العفاف، نتساءلُ أين الغَيْرَة من آباء وأمهات يجتمعون مع أبنائهم وبناتهم على مثل هذه البرامج والأفلام بدعوى الترفيه والحرية، -ياسبحان الله -يتركون أبناءهم وبناتهم لتفسُدَ أخلاقُهم وتضيعَ قيمُهم ويقلَُّ تعظيمُ الدين في نفوسهم ؟! هل غارت من النفوس الغيرة؟ وهل غاض ماؤها؟ وهل انطفأ بهاؤها؟ عذراً! هل في الناس دياثة؟ هل فيهم من يقر الخبث في أهله؟
نساءٌ سافراتٌ متبرجاتٌ جريئات بلا أدب -والمؤسف بعضهن برفقة أبيهن وأمهن – يتسكّعن تسكّع الحمر بالطرقات لا يخفن الله في السماء ولا يستحين من الناس في الأرض، حسبنا الله ونعم الوكيل. لكن بُلينا ببعض الذكور تلطخت قلوبهم برجس الخسّة والدناءة والرذالة وماتت فيها الغَيْرة والعفة والحياء وكما قيل مع كثرة المساس يقل الإحساس.
أخي المؤمن، يا أيها الأب: إنَّ هروبك ممّا كلفك الله به من مسؤولية وأمانة على من ولّاك الله أمرهم من النساء، وإلقائهن بين الرجال الأَجَانِبِ، يُعرّضُ شرفَك وشرفَهُن للأذى والانتهاك لا سمح الله، واعلموا حماكم الله أن وجود المرأة ومكثها بين الرجال غير المحارم من غير عذر فِي المَحَلاَّتِ التِّجَارِيَّةِ وَالمُتَنَزَّهَاتِ وَالمَكَاتِبِ والمَعَامِلِ والحَفَلاتِ والمُنَاسَبَاتِ !،خطر ُ عظيم، وجُرْم لا يُغتفر ، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه
وكما قيل ألقاه في اليمّ مكتوفا وقال إياك إياك أن تبتل بالماء
ووالله سحابة غيم واحدة ، من شؤم معصية الزنا ، تنزل على أهل بيْت بأكمله، تَحْجُب عنهم سعادة العمر كلَّه ، ووسمت عار لا تنتهي ، ألم دائم ، وعذاب في القلب مقيم ، تنغص الحياة ، وتسلب السعادة ، واسألوامن تجرعوا ألمها واحترقوا بنارها ، ووالله يقول أحدهم (مصيبة الموت أهون ) ويقسم على ذلك ،–نسأل الله السلامة-.
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَبَدًا: الدَّيُّوثُ، والرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاء، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا مُدْمِنُ الْخَمْرِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الدَّيُّوثُ؟ قَالَ: الَّذِي لَا يُبَالِي مَنْ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ، قُلْنَا: فَمَا الرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاءِ؟ قَالَ: الَّتِي تَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ) صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، فكم للفضيلة من حصنٍ امتنع به أولو النخوة فكانوا بذلك محسنين، وكم للرذيلة من صرعى أوردتهم المهالك فكانوا هم الخاسرين ، أين ذهب الحياء؟ أين ضاعت المروءة؟ من بيوت هيأت لأهلها أجواء الفتنة، وجرتها إلى مستنقعات التفسخ جرًا، وجلبت لها المنكر تدفعها إلى الإثم دفعًا، وتدعُّها إلى الفحشاء دعـًّا؟؟ في ظلال الفضيلة مُنْعةٌ وأمان، وفي مهاوي الرذيلة ذِلةٌ وهوان، والرجل هو صاحب القِوامة في الأسرة فإذا ضَعُفَ القَوَّام فَسَد الأقوام. وإذا فَسَد الأقوام خسروا الفضيلة، وفقدوا العفة وتاجروا بالأعراض وأصبحوا كالمياه في المفازات يلغ فيها كل كلبٍ، ويكدِّر ماءها كلُّ وارد.
عِبَادَ اللهِ : ألا تَرَونَ بِأُمِّ أَعْيُنِكُمْ تَغَيُّرَاً بَيِّنَاً عِنْدَ بَعْضِ نِسَاءِ المُسْلِمينَ ؟ تَغَيُّرٌ فِي العَبَاءَاتِ ! وَخُرُوجُ مُتَعَطِّرَاتٍ , وَبَعْضُهُنَّ مَائِلاتٌ مُمِيلاتٌ مُتَكَسِّرَاتٌ فِي المَشْيِ , خَاضِعَاتٌ فِي القَولِ ، َيُكْثِرْنَ المِزَاحَ بِدُونِ أدْنَى حَرَجٍ! وَاللهُ المُسْتَعَانُ. عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ ثُمَّ مَرَّتْ عَلَى الْقَوْمِ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ »صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ وَعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ ,فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. ويقول ابن القيم رحمه الله: وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ: أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ، كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَاخْتِلَاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثْرَةِ الْفَوَاحِشِ وَالزِّنَا، وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ، وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ. انتهى كلامه رحمه الله.
فَاتَّقِينَ اللهَ يَا نِسَاءنَا وَاحْتَشِمْنَ وَاسْتَتِرْنَ بِسِتْرِ اللهِ وَاحْتَجِبْنَ عَنِ الحَرَامِ, وَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الرِّجَالُ فِي نِسائِكُم وَاسْتَوصُوا بِهِنَّ خَيرَاً. سَتَرَ اللهُ علينا وَعَليكُمْ وعلى المُسْلِمينَ جَميعاً ,وزَيَّنَنَا جَمِيعَاً بالتَّقْوى , أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطَبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمدُ للهِ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَأَحْسَنَ خَلْقَهُ وِتَقوِيْمَهُ، نَشهدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ, امتنَّ على عبادِهِ بِهِدَايَتِهِ وتَوفِيقِهِ، وَنَشهَدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ الله ورسولُهُ أدَّبَهُ رَبُّهُ فَأَحسَنَ تَأْدِيبَهُ, صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ، وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عليهِ. أمَّا بعدُ: فَأَوصِيكُم وَنَفْسِي بِتَقْوى اللهِ وَطَاعَتِهِ، وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
أخي في الله ، الله تعالى يوصيك ويحثك للحفاظ على شرفك وعرضك وأهلك ، وتقوم بمسؤوليتك التي أمرك الله تجاههم ، قال الله تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَىَ النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعضَهُم عَلَى بَعضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِن أَموَالِهِم ) ، قَالَ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: القيِّمُ الرَّئِيسُ، الذي يَحْكـُمُ أَهلَهُ وَيُقَوِّمُ اعوجَاجَهم إذا اعْوَجُّوا، وهو المَسئُولُ عنهم يومَ القيامةِ!
عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ الْغَيْرَةَ عَلَى الْمَحَارِمِ تَدُلُّ عَلَى عِزَّتك، وَنُبْلِ أَخْلَاقِك. وَلَا يَغَارُ أَحَدٌ عَلَى مَحَارِمِهِ إِلَّا وَهُوَ غَيُورٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ. وَالْإِسْلَامُ جَاءَ بِحِفْظِ الْمَحَارِمِ، وَلِذَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلة وَسَلَّمَ أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ: (لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ). وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الصَّحِيحِ قَالَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلة وَسَلَّمَ: (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَحَذَّرَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلة وَسَلَّمَ أَنْ يَدْخَلَ الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ الْمُحَرَّمَاتِ عليهم، فَقَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ). رَوْاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
فَالْإِسْلَامُ حَثَّ عَلَى الْغَيْرَةِ الْمَحْمُودَةِ، وَنَدَبَ إِلَيْهَا، لِأَنَّهَا مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ الرُّجُولَةِ وَالشَّهَامَةِ، فَبِهَا تُسْتَجْلَبُ الْمَكَارِمُ، وَتُسْتَدْفَعُ الْمَكَارِهُ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَالسَّلَامَةَ. فَالَّلهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ. اللهم اهدِنا فيمَن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت .، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقِنا شر ما قضيت ، نَسْتَغْفِرُكَ الَّلهُمَّ مِن جَميعِ الذُّنُوبِ والخَطَايا وَنتوبُ اٍليك. الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ, وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا, لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وهيء له البطانة الصالحة الناصحة التي تدل على الخير وتعينه عليه وتبين له الشر وتصرفه عنه ياذاالجلال والإكرام ، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهم ثبِّت قلوبَنا على دينك، وصراطِك المستقيم. اللهمَّ أرنا الحقَّ حقاً وارزقنا إتباعه والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ياربَّ العالمين. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد أبد الآبدين وعلى آله وصحبه والتابعين وارض عن الخلفاء الأربعة المهديين وانصر عبادك الموحدين واغفر لأمواتنا أموات المسلمين المستقدمين والمستأخرين، عِبَادَ اللهِ أُذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوه عَلى عُمُومِ نِعَمِهِ يَزِدْكُم وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ