الغدر والخيانة خلق أعداء الأمة-18-6-1438هـ-إبراهيم الحقيل-الملتقى-بتصرف

محمد بن سامر
1438/06/17 - 2017/03/16 17:34PM
[align=justify] أما بعد: فقدْ جاءَ الإسلامُ بِمَدْحِ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ وَدَعْوَةِ النَّاسِ إِلَى التَّخَلُّقِ بِهَا، وَذَمِّ الْأَخْلَاقِ الْقَبِيحَةِ وَتَحْذِيرِ النَّاسِ مِنْهَا وَمِمَّنِ اتَّصَفَ بِهَا، وَمِنْ أَخْطَرِ الْأَخْلَاقِ الْفَاسِدَةِ مَا كَانَ نَاتِجًا عَنْ فَسَادِ الْقَلْبِ بِالنِّفَاقِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَكُونُ سَيِّئَ النِّيَّةِ، خَبِيثَ الطَّوِيَّةِ؛ وَلِذَا حَذَّرَ الْقُرْآنُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَمِنَ الِاتِّصَافِ بِصِفَاتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ غَدْرٍ وَخِيَانَةٍ ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.
وَالْغَدْرُ وَالْخِيَانَةُ صِفَتَانِ ذَمِيمَتَانِ خَسِيسَتَانِ، لَا يَتَّصِفُ بِهِمَا إِلَّا أَحْقَرُ النَّاسِ وَأَضْعَفُهُمْ وَأَذَلُّهُمْ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ مُوَاجَهَةِ خُصُومِهِ غَدَرَ بِهِمْ فِي الْخَفَاءِ، وَطَعَنَهُمْ مِنَ الْخَلْفِ، وَخَانَهُمْ وَهُمْ يَأْمَنُونَهُ، وهُوَ فِعْلُ الْمُنَافِقِينَ عَبْرَ الْأَزْمَانِ.
وَلِخِسَّةِ الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ، وَحَقَارَةِ مَنِ اتَّصَفَ بِهِمَا نَهَتِ الشَّرِيعَةُ عَنْهُمَا، مُحَذِّرَةً مِنْهُمَا فِي نُصُوصٍ كَثِيرَةٍ؛ فَمِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذا خاصمَ فجرَ"، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: "وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ".
وَلِأَنَّ الْغَدْرَ وَالْخِيَانَةَ وَصْفَانِ مَذْمُومَانِ فَإِنَّ اللَّهَ-تَعَالَى-نَهَى عَنْهُمَا، حَتَّى مَعَ مَنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْغَدْرُ وَالْخِيَانَةُ، فَيَنْبِذُ إِلَيْهِ عَهْدَهُ-يُخبرُه أنه ألغى الاتفاق والعهدَ الذي بينه وبينه-، وَلَا يَغْدِرُ بِهِ قال-تعالى-: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾، وقَالَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" وقَالَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "قَالَ اللَّهُ-تَعَالَى-: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ"، وَالْمُلَاحَظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْخِيَانَةَ حَاضِرَةٌ فِي الثَّلَاثَةِ كُلِّهِمْ؛ فَالْغَادِرُ خَائِنٌ، وَمَنْ بَاعَ حُرًّا فَقَدْ خَانَهُ، وَمَنْ لَمْ يُوَفِّ الْأَجِيرَ حَقَّهُ فَهُوَ خَائِنٌ لَهُ؛ فَكَانَتْ هَذِهِ أَفْعَالَ الْخَوَنَةِ الْغَدَّارِينَ.
وَلَمْ يُرَخِّصِ النَّبِيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-فِي الْغَدْرِ حَتَّى فِي حَالِ الْحَرْبِ، وَمِنْ وَصَايَاهُ فِي ذَلِكَ: "اغْزُوَا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا".
وَحِينَ زَكَّى النَّبِيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-أَصْحَابَ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى-أصحابَ الثلاثِ مئةِ سنةٍ الأولى بعدَ الهجرةِ-حينَ زكاهمْ بَيَّنَ مَا يَقَعُ بَعْدَهُمْ مِنَ انْتِشَارِ الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ فَقَالَ: "ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ...".
وَأَهْلُ الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ مَفْضُوحُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ".
وَمَهْمَا ظَنَّ الْخَائِنُ الْغَدَّارُ أَنَّهُ يُدْرِكُ بِالْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ غَايَتَهُ، وَيُحَقِّقُ هَدَفَهُ؛ فَهُوَ مُخْطِئٌ؛ لأنه يَرْتَدُّ عَلَيْهِ سُوءُ عَمَلِهِ، وَيَخُونُهُ مَنْ خَانَ لِأَجْلِهِمْ، وَيَغْدِرُونَ بِهِ كَمَا غَدَرَ هُوَ بِغَيْرِهِ لَهُمْ، وَشَوَاهِدُ ذَلِكَ مِنَ التَّارِيخِ وَمِنَ الْوَاقِعِ الْمُشَاهَدِ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَالْأَصْلُ فِي كثيرِ من الكفارِ أَنَّهُمْ يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَغْدِرُونَ وَلَا يَفُونَ؛ لِأَنَّهُ لَا دِينَ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْخِيَانَةِ؛ وَلِأَنَّهُمْ يَسِيرُونَ مَعَ مَصَالِحِهِمُ الْآنِيَّةِ حَيْثُ سَارَتْ؛ وَلِذَا سَادَ فِي مَذَاهِبِهِمْ أَنَّ الْغَايَةَ تُسَوِّغُ الْوَسِيلَةَ، وَأَنَّ مَا يُحَقِّقُ الْمَصْلَحَةَ يُفْعَلُ وَلَوِ انْتَهَكَ الْحُرْمَةَ، وَالسِّيَاسَةُ الْمُعَاصِرَةُ مَبْنَاهَا عَلَى هَذَا الْفِكْرِ الْمُنْحَرِفِ، وَبِسَبَبِهِ سُفِكَتِ الدِّمَاءُ، وَشُرِّدَتِ الشُّعُوبُ، وَانْتَشَرَ الْخَوْفُ وَالْفَقْرُ فِي أَرْجَاءِ الْأَرْضِ.
وَلِتَخَلُّقِ الْكُفَّارِ بِالْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ حَذَّرَ اللَّهُ-تَعَالَى-الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ فقال: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ﴾، وقالَ: ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ﴾، وَقَالَ الْمُلْهَمُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-فِيهِمْ: "لَا تَأْتَمِنُوهُمْ إِذْ خَوَّنَهُمُ اللَّهُ-عَزَّ وَجَلَّ-".
وَالْأَصْلُ فِي الْكَافِرِ أَنَّهُ يُخَوَّنُ وَلَا يُؤْتَمَنُ، وَلَوْ عَاشَ فِي بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَقَدْ ضَرَبَ اللَّهُ-تَعَالَى-الْأَمْثَالَ بِذَلِكَ؛ حَتَّى يَحْذَرَ أَهْلُ الْإِيمَانِ فَلَا يَأْمَنُوا لِكَافِرٍ مَهْمَا أَظْهَرَ مِنَ الْوُدِّ وَالتَّعَاطُفِ وَالنُّصْحِ ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا﴾، فَكَانَتَا تَتَجَسَّسَانِ عَلَى نوحٍ ولوطٍ-عليهما الصلاةُ والسلامُ-، وَتُفْشِيَانِ أَسْرَارَهُمَا لِلْكُفَّارِ لِيَنَالُوا مِنْهُمَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ-تَعَالَى-حَفِظَهُمَا وَأَهْلَكَ قَوْمَهُمَا، وَفَضَحَ زَوْجَتَيْهِمَا الْخَائِنَتَيْنِ.
وَقَدْ دَلَّ التَّارِيخُ الْقَدِيمُ وَالْمُعَاصِرُ عَلَى كَثْرَةِ خِيَانَةِ الْكُفَّارِ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَكَثِيرًا مَا يُعَاهِدُونَهُمْ ثُمَّ يَغْدِرُونَ بِهِمْ، وَيُؤَمِّنُونَهُمْ ثُمَّ يَخُونُونَهُمْ، وَجَمِيعُ طَوَائِفِ الْيَهُودِ فِي الْمَدِينَةِ خَانَتِ النَّبِيَّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-، وَلَمْ تَفِ وَاحِدَةٌ مِنْهَا بِعَهْدِهَا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَانَتْ عَاقِبَةُ خِيَانَتِهِمُ الْقَتْلَ والطردَ من الْمَدِينَةِ؛ عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ-تَعَالَى-لَهُمْ عَلَى غَدْرِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ.
وَكُفَّارُ مَكَّةَ لَمَّا عَقَدُوا الصُّلْحَ مَعَ النَّبِيِّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-فِي الْحُدَيْبِيَةِ لَمْ يَمْكُثُوا عَلَى عَهْدِهِمْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَقَضُوهُ، فَكَانَ فَتْحُ مَكَّةَ مُكَافَأَةً لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى وَفَائِهِمْ، وَعُقُوبَةً لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى غَدْرِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ.
وَفِي حُرُوبِ النصارى الصَّلِيبِيَّينَ احْتَمَى أُلُوفٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَأَغْلَقُوا الْأَبْوَابَ عَلَيْهِمْ، فَأَمَّنَهُمُ الصَّلِيبِيُّونَ، فَلَمَّا فَتَحُوا لَهُمُ الْأَبْوَابَ غَدَرُوا بِهِمْ، فَأَبَادُوهُمْ رِجَالًا وَنِسَاءً وَأَطْفَالًا.
وَفِي وَاقِعِنَا الْمُعَاصِرِ حَوَادِثُ كَثِيرَةٌ مِنَ الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ بِالْمُسْلِمِينَ فَعَلَهَا الْكُفَّارُ، وَخِيَانَةُ الصِّرْبِ وَالْكُرْوَاتِ لِمُسْلِمِي الْبَلْقَانِ في البوسنةِ والهرسكِ، وَغَدْرُهُمْ بِهِمْ لَيْسَتْ عَنَّا بِبَعِيدٍ.
وَأَطْوَلُ قَضِيَّةٍ سِيَاسِيَّةٍ مُعَاصِرَةٍ هِيَ قَضِيَّةُ فِلَسْطِينَ الَّتِي نَكَثَ فِيهَا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِالْعُهُودِ، وَغَدَرُوا بِمَنْ وَثِقُوا بِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ كَرَّاتٍ وَمَرَّاتٍ، وَمازَالُوا يَغْدِرُونَ وَيَخُونُونَ، وَمَعَ ذَلِكَ مازَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ يَثِقُ فِي وُعُودِهِمْ، وَيَأْمَنُ مكرَهم وغدرَهم.
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وللمسلمينَ...
[/align]
[align=justify]
الخطبة الثانية
أما بعدُ: فحِينَ تَنْحَرِفُ بَعْضُ النُّفُوسِ عَنْ هُدَى اللهِ، وَتَعْمَى بَصَائِرُهَا عن الحقِ؛ يَسْتَمِيتُ أَصْحَابُهَا فِي نَشْرِ بَاطِلِهِمْ، وَيَرْكَبُونَ كُلَّ سَبِيلٍ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِهِمْ، وَيَسْتَحِلُّونَ كُلَّ مُحَرَّمٍ فِي الْوُصُولِ إِلَى غَايَاتِهِمْ، وَتَكُونُ الْمُحَرَّمَاتُ الَّتِي دَلَّ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ السَّوِيَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَاجِبَاتٍ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْمُنْحَرِفِينَ، فَيَسْتَحِلُّونَ الْغَدْرَ وَالْكَذِبَ وَالْخِيَانَةَ وَنَقْضَ الْعَهْدِ، وَهُوَ مَا يَفْعَلُهُ الْمُنَافِقُونَ؛ لِأَنَّ نُفُوسَهُمُ الْمَرِيضَةَ جَعَلَتْهُمْ يَعِيشُونَ بِشَخْصِيَّتَيْنِ مُزْدَوِجَتَيْنِ، فَهُمْ فِي حَالِ ضَعْفِهِمْ يُخْفُونَ نِفَاقَهُمْ، فَإِذَا اسْتَقْوَوْا بِالْكُفَّارِ أَظْهَرُوهُ وَغَدَرُوا بِالْمُؤْمِنِينَ.
وَالْأُمَّةُ الْبَاطِنِيَّةُ-الشيعةُ الغلاةُ-هِيَ أَكْثَرُ الْأُمَمِ غَدْرًا بِالْمُسْلِمِينَ، وَخِيَانَةً لَهُمْ، حَتَّى أُسْقِطَتْ دُوَلٌ بِخِيَانَتِهِمْ، وَقُوِّضَتْ عُرُوشٌ بِغَدْرِهِمْ، كَمَا سَقَطَتْ دَوْلَةُ الْعَبَّاسِيِّينَ بِخِيَانَةِ الرَّافِضِيِّ الْبَاطِنِيِّ الشيعيِ ابْنِ الْعَلْقَمِيِّ.
وَفِي الدَّوْلَةِ الصَّفَوِيَّةِ إيران كَاتَبَ عَبَّاسٌ الصَّفَوِيُّ الشيعي قَائِدَ الصَّلِيبِيِّينَ الْبُرْتُغَالِ يُحَالِفُهُ ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ، وَوَعَدَهُ بِأَنْ يُسَلِّمَ لَهُ فِلَسْطِينَ إِذَا قَبِلَ حِلْفَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ قَائِدُ الصَّلِيبِيِّينَ قَائِلًا: "إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْقَضَّ عَلَى بِلَادِ الْعَرَبِ أَوْ تُهَاجِمَ مَكَّةَ فَسَتَجِدُنِي بِجَانِبِكَ فِي الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ، أَمَامَ جُدَّةَ أَوْ فِي عَدَنَ أَوْ فِي الْبَحْرَيْنِ أَوِ الْقَطِيفِ أَوِ الْبَصْرَةِ، وَسَيَجِدُنِي الشَّاهُ-ملكُ إيران-بِجَانِبِهِ عَلَى امْتِدَادِ السَّاحِلِ الْفَارِسِيِّ، وَسَأُنَفِّذُ لَهُ كُلَّ مَا يُرِيدُ.
وَغَدَرَ النُّصَيْرِيُّونَ-الشيعةُ-بِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي الشَّامِ أَيَّامَ الِاسْتِعْمَارِ وَخَانُوهُمْ، فَكَانُوا مَعَ الصَّلِيبِيِّينَ ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ. وَهُمُ الْآنَ فِي الشَّامِ يُصَالِحُونَ وَيُعَاهِدُونَ، ثُمَّ يَنْقُضُونَ عُهُودَهُمْ وَيَخُونُونَ، وَيَرْتَكِبُونَ الْمَجَازِرَ الْبَشِعَةَ بِأَهْلِ الشَّامِ، فَقَتَلُوا مِئَاتِ الْأُلُوفِ، وَشَرَّدُوا الْمَلَايِينَ.
وَفِي الْيَمَنِ غَدَرَ الْحُوثِيُّونَ الْبَاطِنِيُّونَ الشيعيونَ بِالشَّعْبِ الْيَمَنِيِّ وَانْقَلَبُوا عَلَى حُكُومَتِهِ، وَارْتَكَبُوا الْمَجَازِرَ بِأَهْلِ السُّنَّةِ، وَإِذَا أَحَسُّوا بِالضَّعْفِ وَالْهَزِيمَةِ عَاهَدُوا، فَتَمْتَدُّ إِلَيْهِمُ الْحِبَالُ الْخَارِجِيَّةُ -يصلهمُ الدعمُ بالسلاحِ والمالِ من إيرانَ وغيرِها-فَيَنْقُضُونَ عُهُودَهُمْ، وَيَخُونُونَ أَمَانَاتِهِمْ، وَيَسْتَمِرُّونَ فِي انْتِهَاكَاتِهِمْ، فَهُمْ لَا يُعَاهِدُونَ إِلَّا لِيَتَقَوَوْا ثُمَّ يَنْقُضُونَ مَا عَاهَدُوا.
نَسْأَلُ اللَّهَ-تَعَالَى-أَنْ يَرُدَّ كَيْدَهُمْ إِلَى نُحُورِهِمْ، وَأَنْ يَقْطَعَ الْحِبَالَ الْمَمْدُودَةَ إِلَيْهِمْ.



[/align]
المرفقات

الغدر والخيانة خلق أعداء الأمة-18-6-1438هـ-إبراهيم الحقيل-الملتقى-بتصرف.docx

الغدر والخيانة خلق أعداء الأمة-18-6-1438هـ-إبراهيم الحقيل-الملتقى-بتصرف.docx

المشاهدات 1029 | التعليقات 0