العيد فرح وصلة .. جُمعت من عدة خطب للشيخ صلاح البدير

عبدالرحمن اللهيبي
1445/09/30 - 2024/04/09 11:05AM
من المنقول بتصرف
 

الحمد لله خالقِ الخلق وفالِق الإصباح، رفع السماءَ وأنزَل الماءَ وذرَأ الرّياح، (اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ) ، أحمده على مواسِمِ الأعيادِ والأفراح، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له شهادةً نرجو بها الفوز والفلاح، وأشهد أن سيّدنا ونبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله قائدُ ركبِ الدعوة والإصلاح ، صلى الله عليه وعلى جميع الآل والصّحب الملاح.

أمّا بعد: فيا أيها المسلمون، هنيئًا لكم يومُ العيدِ السعيد هنيئًا لكم هذا اليومُ المجيد، هنيئًا لكم يومُ الأفراحِ والمسارّ، والبهجة والأنوار، فابتهجوا بعيدكم ولا تكدروا جماله وصفاءه بالمعاصي والآثام ، واللهو الحرام ، واستقيموا على منَّ الله به عليكم من الطاعة في رمضان.. وإن كان ضيفكم قد رحَل، ورمضان قد أفَل، إلا أن رب الشهور واحد ، ولا منتهى من صالح العمل، إلا عند حلول الأجل ، فلا تغلقوا مصحفًا، ولا تمنعوا رغيفًا، ولا تقطعوا إحسانًا، ولا تنقضوا ميثاقا، ولا تهجروا صيامًا، ولا تتركوا قيامًا...

وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون: الفَرَح بالعيد سُنَّة المسلمين، وشعيرة من شعائر الدين، فقد شُرع لكم في العيد إشهار السرور والأفراح، والتوسع في الترفيه واللهو المباح ، لا إشهار الحزن والنُّوَاح،

ولا تذكُّر الأوجاع ونَكْث الجراح ، فأعلِنوا الأفراحَ وأظهِروها، وانشروا السعادةَ وعمموها، وأدخلوا السرورَ على الأهل والأقارب والجيران، وأسعِدوا الأطفالَ وروِّحُوا عن الأبدان، وابسطوا اليدينِ إعطاءً ومَنْحًا ، وجودوا بأطيب الكلام عذبا وحُسنا ، واتصفوا بالتبسُّم طلاقة وبِشْرا ،

فقد سئل -ﷺ- "أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إدخالُكَ السرورَ على مؤمن "  فطوبى ثم طوبى لأصحاب القلوب السليمة، والصدور الخالية من الأحقاد والسخيمة ، أولئك الذين يرحمون الفقراء والمساكين، ويعطفون على اليتامى والمحرومين ، ويُشفِقون على الأرامل والمكلومين ، هؤلاء هم أهل الجنة ، بل هم أقرب الناس مجلسا من نبي الأمة ﷺ، فاستثِمروا العيد في علاج القلوب الكسيرة، وإسعاد النفوس الحسيرة ، وعودوا المرضى على أسرتهم ، وزورا اليتامى في دورهم ، وارحموهم وامسحوا على رؤوسهم ، وارسموا البسمةَ على وجوههم، فقد جاء العيد ليغسل وجوهًا ارتسم الحزنُ على قسماتها ، وليعيد الفرحة لقلوب طالما فقدتها.. قال ﷺ : أفضلُ النَّاسِ كلُّ مخمومِ القلبِ ، صدوق اللِّسانِ ، قالوا ، صدوقُ اللِّسانِ نعرِفُه فما مخمومُ القلبِ؟ قال التَّقيُّ النَّقيُّ ، لا إثمَ فيه ، ولا غِلَّ ، ولا حسَدَ

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: الأُسْرَةُ غذاءُ الروحِ، والعائلة دواءُ الجروحِ، والعيدُ ميقاتٌ تلتئم فيه الأسرُ وأصولها، ويجتمع فيه شتاتها وفروعها ، ويلتقي فيه شبابُها وشيوخُها، فهنيئا لمن ساهم في اجتماعهم وائتلافهم ، وتعسا ثم تعسا لمن كان سببا في فرقتهم وشتاتهم ، فاسعوا إلى الإصلاح ورأب الصدع ما استطعتم ، وقوموا بواجب الصلة وغض الطرف ما أمكنكم

قال ﷺ: إن من الناسِ مفاتيحُ للخيرِ ، مغاليقُ للشرِ ، وإن من الناسِ مفاتيحُ للشرّ ، مغاليقُ للخيرِ ، فطوبى لمن جعلَ اللهُ مفاتيحَ الخيرِ على يديهِ ، وويلٌ لمن جعلَ الله مفاتيحَ الشرِّ على يديهِ

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيّها المسلمون: لا خيرَ يُرتجَى من التناحر والتنازع، ولا صلاحَ يؤمَّل من التشاحنِ والتقاطع .. فطاعاتك بينك وبين الله مقطوعة ، وحسناتك عنك محبوسة ، وأجورك إلى السماء ليست بمرفوعة .. فيا من ألِفَ القطيعةَ والجفاء، وكدر بالضغينة حياة الصفاء ، وقطع الأقارب والأرحام، ، وأحل العداوة بدلا من الألفة والوئام ، هذا يوم التسامُح والتصالُح فتراحموا وتصافحوا، وصِلُوا مَنْ قطَعَكم، وأعطُوا مَنْ حَرَمَكُمْ واعفوا عمَّن ظلَمَكم، وتجاوزوا عمن أخطأ في حقكم ، فليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطِعت رحمُه وصَلَها ، أما آن لنا في هذا العيد أن نطهر القلوب من أوضار الحقد والشحناء، وأن نغسلها من أدران الكراهية والبغضاء ، فأقيلوا العَثراتِ، وتغافلوا عن الزلاّت، ولا تقاطعوا ولا تدابَروا، ولا تباغضوا ولا تتحاسَدوا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا

قال: ﷺ-: "لا يحلّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاه فوقَ ثلاث ليال، يلتَقيان فيُعرِض هذا ويعرِض، وخيرُهما الذي يبدَأ بالسلام"

والله تعالى يقول: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ

فيا من قطع الأرحام وهجر الأصحاب والخلان ، أرغم في عيدِك هذا الشيطان، وصل من قطعك ، وصافح من هجرك، وتصدق اليوم بعرضك ، واللهُ لا يضيع أجر من أحسن عملاً ((ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور))

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون: غُضُّوا أبصاركم، واحفظوا فُروجكم، واتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، وما خلا رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، والمرأة المُتبرِّجة التي تفتِن الرجال بسفورها مُتوعَّدةٌ بالنار وغضب الجبار.

ويا أيتها المرأة المسلمة: احذري أن تكوني مبعث إثارة أو مثار فتنة..  يقول -صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أهل النار لم أرهما: ثم قال: ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة.. لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.. "  فاتقي الله يا أمة الله.. احتشمي ولا تبرجي.. وتستري ولا تكشفي

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

اللهم إنا خرجنا إلى هذا المكان المبارك نرجو رحمتك وثوابك؛ اللهم تقبل مساعينا وزكِّها ، وارفع درجاتنا وأعلها، اللهم أعطنا من الآمال منتهاها ، ومن الخيرات أقصاها، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا ودعاءنا يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين يا قوي يا عزيز يا رب العالمين..

اللهم أدم على بلادنا أمنها ورخاءها وعزها واستقرارها، ووفق قادتها لما فيه عز الإسلام والمسلمين..

اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا وولي عهده لما تحب وترضى، وخذ بناصيتهما للبر والتقوى، وفقهما لهداك واجعل عملهما في رضاك ، اللهم انصر إخواننا في فلسطين على اليهود الغاصبين والصهاينة الغادرين.. اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك.. اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم وألقِ الرعب في قلوبهم واجعلهم عبرة للمعتبرين..

اللهم فرِّجْ هم المهمومين ونفس كرب المكروبين، واقضِ الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، وفك أسرانا وأسرى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين..

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين

المشاهدات 1152 | التعليقات 0