العيد الوطني بين فتاوى العلماء... وتصرفات الغوغاء!!!

مريزيق بن فليح السواط
1433/11/04 - 2012/09/20 18:15PM
[font="] إن الحمد لله[/font]...

عباد الله:
إن الله تعالى بمنه وكرمه أنعم علينا في هذه البلاد بنعم عظيمة، أنعم علينا بهذا التوحيد الخالص، والدين الصافي، والعقيدة الصحيحة، نعما متتالية، وخيرات متوافرة، أرزاقا داره، وأحوالا قارة، أذهبَ عنا عيْبَة الجاهلية، والعصبيةَ القبلية، والنزعةَ إلى العرق والجنسية، رزقنا الله التوحيد والسنة تُدرس في مدارسنا، ويأخذها صغارنا عن أكابرنا، "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" فلله الحمد والشكر أولا وأخرا،وظاهرا وباطنا.


أنها فضائلُ ربنا، وعطاءُ مولانا، وإحسانُ خالقنا إلينا، ومتى التزمنا بشرعه، واعتصمنا بكتابه، زادت نعمه علينا، وعمت خيراته لدينا، وقرت وثبتت بأرضنا "وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم أن عذابي لشديد" كل يوم تشرق علينا شمسه ونحن متمسكون بديننا، فهوعيد لنا، وكل يوم ينشق علينا فجره، لا نعصي الله فيه فهو عيد لنا، وبالإيمان والطاعة تحفظ النعم، وتزول النقم، قال تعالى: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون".


كل يوم لا نعصي الله فهو يوم عيد لنا، فلا نحتاج إلى يوم نخصصه من أيام السنة لعيد نشكر الله فيه، ونظهر الفرح به غير ما أراد الله، قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فوجد للأنصار يومين يلعبون فيها، ويحتفلون بهما -قد تكون ذكرى لأحداث وطنية أو قبلية، أو تخليدا لشخصية من زعمائهم ورؤسائهم، أو غير ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله قد أبدلكما بهذين العيدين، خيرا منهما يوم الفطر ويوم الأضحى" فلايحب الله إظهار شعائر العيد، والفرح والسرور، والبهجة والحبور، والإحتفال والتهاني، وحسن الأماني، إلا في هذين اليومين، وما عداهما فإن إظهار شعائر العيد فيه مبغوضة عند الله، مكروة من العبد، فعيد الفطر يأتي بعد رمضان بصيامه وقيامه، وتلاوة كتابه، وذكر الله ودعائه، وإخراج صدقة الفطر عند انتهائه، فيأتي العيد بعد هذه العبادات العظيمة، وكذلك عيد الأضحى يأتي بعد الوقوف بعرفة في ذلك الجمع العظيم، وبعد أيام العشر المباركة ومافيها من أعمال صالحة، هذان العيدان هما اللذان يحبهما الله، ويحب منا إظهارالسرور والأفرح، وإقامة الليالي الملاح، والاحتفال فيهما والتهنئة بمقدمهما، وما عداهما فإن الله يبغضه أي شيء يزاحمهما.

أيها المسلمون:

هذا البلاد الطاهرة لا تحتاج أن تتشبه بالكفار في هذه الأعياد المحدثة التي يفعلونها، وهي من شعائرهم، وإن الكفار مهما فعلنا فلن يرضوا عنا، حتى نتبع ملتهم لأنهم يحسدوننا على ديننا، وعلى شريعتنا، وعلى مانحن فيه من الخير العظيم، والفضل العميم، قال تعالى: "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ماتبين لهم الحق" وقال سبحانه: "ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولاالمشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذوالفضل العظيم" فديننا دين كامل، وشريعتنا شريعة تامة، قال تعالى: "اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشونِ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" فهذا الدين كامل شامل، صالح لكل زمان ومكان وحال، وقيامه إنما يكون بتطبيقه، والعمل به، والدعوة إليه، والاعتزاز بالإنتماء له، والتناصح فيه، يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة" قلنا لمن يا رسول الله؟قال :"لله ولرسوله ولكتابه وللأئمة المسلمين وعامتهم" وإذا تناصح الناس مع بعضهم،وناصحو من ولاه الله أمرهم، خرج الدغل والغل والحقد من قلوبهم، فطابت حياتهم، واستقرت أحوالهم، ونعموا بالأمن ورغد العيش في بلادهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم، إخلاص العمل لله، ومناصحة من ولاه الله أمركم، ولزوم جماعة المسلمين فآن دعوتهم تحيط من ورائهم".

عباد الله: هذه فتاوى علمائكم منذ قيام هذه الدولة المباركة قبل ثلاث مائة سنة، تنص صراحة، وتوضح حقيقة، أنه لا يُشرع أي عيد أو احتفال إلا بالأعياد الشرعية، وما سوها فلا يجوز الإحتفال به، لنهي الشريعة عنه، ولمشابهة الكفار فيه، وعلى هذا قامت الدولة، وصار الناس، ذكر المؤرخ الشهير خير الدين الزركلي في كتابه "الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز" أنه في شهر شوال عام 1369 هـ،كان بعض المسئولين قد أعدوا العدة لإقامة احتفال بمناسبة مرور خمسين عاما على دخول الملك عبد العزيز الرياض، وقد وضعت الترتيبات والاستعدادات، بحيث تعطل المدارس والدوائر الحكومية، في الرابع من شهر شوال،ويفتح أمراء المناطق أبوابهم لاستقبال المهنئين نيابة عن الملِك،وتوزع الأطعمة والأكسية على الفقراء والمحتاجين، احتفالا بهذه المناسبة، لكن قبل أن يقع شيء من ذلك صدر بيان من وزارة الخارجية هذا نصه: كانت الحكومة قد أقرت الاحتفال بالذكرى الذهبية لدخول جلالة الملك إلى الرياض، منذخمسين سنة، وقد استفتي علماء الدين في ذلك، فأفتوا بأنه ليس من سنة المسلمين،ولا يجوز إن يتخذ المسلمون عيدا إلا عيديَّ الفطر والأضحى،ونزولا من جلالته على حكم الشريعة، أمر بإلغاء المراسم والترتيبات.... هكذا انتهت القصة قبل أن تبدأ، وتوقف الأمر على ما رآى علماء الشرع، فبلد تعلن التزامها بحكم الشريعة، ويُفتي علمائها بحرمة بعض الممارسات، فيرجع الملك إلى قولهم، فيكون هذا من مآثره رحمه الله ومن مآثر العلماء الذين بينوا ونصحوا.
أيها المسلمون:

الاحتفال بهذه الأعياد الوطنية محرم شرعا، ولا يجوز في ديننا، ولا تقره شريعتنا الغراء، لأن فيه مزاحمة للأعياد الشرعية،والواقع يفضح الصورة، فكم سمعنا وشاهدنا، من أناس -لا سيما الشباب- يتبرمون في الأعياد الشرعية، ويقولون: لا نحس بطعم الفرح فيها، فإذا جأت هذه الأعياد المحدثة، رئينا الفرح بها، والبشر في يومها وليلتها، لما فيها من انفلات ولعب ولهومحرم، واختلاط مع النساء، وتسكع في الأسواق والميادين، وتبرج وسفور، ولما في الاحتفال بهذه الأعياد، من فتح باب الشر للاحتفال بميلاد الأنبياء والأولياء، والاحتفال بالغزوات والمعارك الخالدة في تاريخ الإسلام، فيتسع الخرق على الراقع، وتكثر الإحتفالات المحدثة، ويقوم سوق البدعة محل السنة "يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تُحشرون".

الحمد الله رب العالمين....


عباد الله:

قد يقول قائل إن هذه الأعياد إنما أُقرت حين خرج أناس خانوا أوطانهم، وبغوا على بلادهم، وتنكروا لأهلهم، إما أهل غلو عادوا على أوطانهم بالتخريب والتفجير والتكفير،وإما أهل نفاق وعلمنة، رجعوا إلى أوطانهم بعد أن انسلخوا من مبادئهم وقيمهم،يعبثون بالدين، ويخربون الأخلاق والأعراض، ويتشبهون بأسيادهم من اليهود والنصارى، وهذه علة عليلة، وتبرير سقيم، واعتذارقبيح، لا تنطلي على مسلم يؤمن بالله، ويحتكم لشرعه، ولا على مواطن صالح، عاش في نعمة الإسلام في هذه البلاد،وتفيأ ظلالها، فحب الوطن أمر جبلي، مغروز في الفطرة، فالوطن عديل الروح في كتاب الله وقد شبه الله إخراج العبد من وطنه، بإخراج روحه من جسده قال تعالى: "ولو أناكتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليلا منهم" فأتى الله بأصعب أمرين: إخراج الروح من الجسد، وإخراج الجسد من الوطن، فهي فطرة غرسها الله في النفوس لا تحتاج الى يوم تحتفل به قال تعالى: "وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم" ولشدة مفارقة الديار على النفس، رتب الله الأجر العظيم للمهاجر في سبيله، والمفارق لوطنه، استجابة لله ولرسوله، وللسبب نفسه كانت عقوبة الزاني غير المحصن، الجلد،والتغريب عاما بابعاده عن وطنه، لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وخرج من مكة صعد على الثنيّة، ثم التفت إلى مكة وقال: "والله إنك لأحب البلاد إلى الله، وأحب البلاد أليّ ولو أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت" هذا هو حب الوطن الذي لا ينفيه الشرع، قدم بلال رضي الله عنه المدينة فأصابته الحُمى فحنّ إلى مكة وتوَجّد إليها وكان يقول:
ألا ليت شعري هل أبيتَـنَّ ليلةً*بواد وحولي إذخر وجليلُ
وهل أرِدْنَ يوماً مياه مَجنّةٍ*وهل يبْدونَّ لي شامة وطفيلُ

فحب الوطن ليس بحاجة الا كل هذه الأمور،والأفعال الحاصلة،والعادات المحدثة، وإنما يكون حب الوطن بحفظه وحفظ ما قام عليه، وبلادكم هذه قامت على شرع الله، والدعوة إلى دينه، ونصرة قضايا المسلمين، قامت على التوحيد والسنة،تحقيقا وتعظيما، وتعليما ونشرا،قامت على إقامة الحدود، وتطبيق الشرع، قامت على العفة والطهر، والحشمة والحياء،قامت على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فمن أحبها حافظ على هذه المكتسبات،وسعى في بقائها، وعمل على وئد كل دعوة، تحاول المساس بها، أما حب الوطن في يوم واحد بالرقص واللعب،وإيذاء الخلق، وتبذير الأموال، واختلاط الرجال والنساء في الأسواق والميادين العامة، والمجاهرة بالعصيان دون نكير ولا حسيب، فهو مؤذن شر وبلاء، يخشى على فاعله، والساكت عن إنكاره، حلول العقوبات، ونزول المَثُلات، وسلب النعم، وحصول النقم، مما يحتم على أهل هذه البلاد، أن ينئوا بأنفسهم عنه،ويحذروا من فعله، وينكروا على فاعله، ويأخذوا بأيدي السفهاء قبل ان تُخرق سفينة المجتمع، فيحصل الندم ولات ساعة مَنْدم.

أن حب الوطن، ليست دعوى يدعيها من يُناقض ما قامت عليه البلاد منذ تأسيسها قبل 300 سنة ويسعى إلى تغريبها، والقضاء على معالم التدين فيها، والكيد لمناهجها، وأهل العلم والحسبة فيها، والطعن في مسلماتها، والدعوة إلى إخراج نسائها للتبرج والسفور، والاختلاط المحرم المشئوم، فهذه ليست وطنية، وإنما ادعاءٌ لها،وتترس بهاُ لضرب الوطن، وزعزعه أمنه، وتفريق مجتمعه، وزرع الإحن والشقاق والخلاف بين أبنائه.

فاتقوا الله عباد الله والتزموا بشرعه، واحذروا سبل الظلال ودعاته، وخذوا عن علمائكم فهم أحرص الناس على حفظ أمن البلد واستقراره ورخاء أهله، وليكن فرحكم وسروركم، وفق ما أراد الله لكم، وما جاء عن نبيكم صلى الله عليه وسلم، فبذلك يحفظ الوطن، ويسود الأمن، وتزداد النعم.
وتذكروا أن لكم وطنا أخرجكم منه عدوكم إبليس، بعد أن كاد لأبيكم آدم، ووسوس له فأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها، فأُخرج من الجنة، وأهبط إلى هذه الدار،التي انتم فيها غرباء بُعداء، فاعملوا بطاعة ربكم، حتى ترجعوا إلى وطنكم.
فحيا على جنات عدن فأنها *منازلنا الأولى وفيها المخيمُ
ولكننا سبي العدو فهل ترى* نعود إلى أوطاننا ونسلم
المرفقات

العيد الوطني بين فتاوى العلماء... وتصرفات الغوغاء!!!.doc

العيد الوطني بين فتاوى العلماء... وتصرفات الغوغاء!!!.doc

المشاهدات 2557 | التعليقات 1

الخطبة مستفادة من خطبة للشيخ عبد الرحمن الحجي وفقه الله مع تصرف وزيادة أرجوا أن ينفع الله بها ويغفر لكاتبها وناقلها وسامعها