العودة للمساجد وشكر الله

سليمان بن خالد الحربي
1441/10/18 - 2020/06/10 14:45PM

الخطبة الأولى:

الحَمْدُ للهِ الذِي يَبْتَلِي عِبَادَهُ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَيَخْتَبِرُهُمْ فِي الـمَنْعِ وَالعَطَاءِ، وَلَهُ الحِكْمَةُ وَالرَّحْمَةُ فِيمَا قَدَّرَ وَقَضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إلَّا اللهُ تُرْفَعُ إِلَيْهِ وَحْدَهُ الشَّكْوَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ، وَرَسُولُهُ الـمُصْطَفَى، وَخَلِيلُهُ الـمُرْتَضَى، فاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَتْقِياءِ.

أَمَّا بَعْدُ:

أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَكُونُوا لِنَعْمَائِهِ شَاكِرِينَ، وَلِابْتِلَائِهِ وَاخْتِبَارِهِ صَابِرِينَ مُحْتَسِبِينَ، فَإِنَّ اللهَ قَضَى أَنْ يَبْتَلِي النَّاسَ فِيمَا يُحِبُّونَ وَيَكْرَهُونَ لِيَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلُونَ، وَهَلْ يَصْبِرُونَ أَوْ يَجْزَعُونَ، فَلَهُ الحِكْمَةُ التَّامَّةُ، وَالرَّحْمَةُ السَّابِغَةُ فِي تَقْدِيرِ الـمَصَائِبِ وَالـمُزْعِجَاتِ.

قَدَّرَ اللهُ أَنْ يَبْتَلِي العَالَـمَ بِهَذَا الـمَخْلُوقِ الضَّعِيفِ، فَأَظْهَرَ اللهُ لَنَا بَعْضَ آثَارِ مُلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ، وَأَنَّهُ الـمَلِكُ الكَبِيرُ الـمُهَيْمِنُ، يَقُولُ لِلشَّيءِ كُنْ فَيَكُونُ، وَتَلَاشَتْ قُوَّةُ البَشَرِ، وَعُلُومُهُمْ، وَاكْتِشَافَاتُهُمْ، وَغُرُورُهُمْ، وَأَظْهَرَ لَنَا بَعْضَ آثَارِ لُطْفِهِ وَكَرَمِهِ فَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْنَا تَسْلِيطَ الغَاشِمِ الفَاتِكِ، فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ لَيْسَ لَهُ مِنْ مُقَاوِمٍ وَلَا مُدَافِعٍ، وَلَكِنْ لَطَفَ بِنَا اللَّطِيفُ الكَرِيمُ فَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْنَا كَمَا سَلَّطَهُ عَلَى آخَرِينَ، وَلَوْ سَلَّطَهُ لَكَانَ الضَّرَرُ كَبِيرًا وَالـمُصِيبَةُ ثَقِيلَةً عَلَى كُلِّ بَيْتٍ وَحَيٍّ، فَلَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ لُطْفِهِ وَعِنَايَتِهِ مَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ وَحَصْرُهُ، فَأَبْقَى لَنَا أَبْدَانَنَا وَقُوَّتَنَا وَأَهْلِينَا وَمَعَاشَنَا وَجَمَاعَتَنَا، واللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ، {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} [يوسف:100].

فَاللَّهُمَّ أَلْـهِمْنَا شُكْرَكَ وَحَمْدَكَ، فَأَنْتَ اللَّطِيفُ بِنَا فِي أُمُورِنَا، وَاللَّطِيفُ فِي الأُمُورِ الخَارِجَةِ عَنَّا، فَتَسُوقُ لَنَا مَا بِهِ صَلَاحُنَا مِنْ حَيْثُ لَا نَشْعُرُ.

وَهوَ اللَّطِيفُ بِعَبْدِهِ وَلِعَبْدِهِ


 

وَاللُّطْفُ فِي أَوْصَافِهِ نَوْعَانِ

فَيُرِيكَ عِزَّتَهُ وَيُبْدِي لُطْفَهُ

 

وَالعَبْدُ فِي الغَفَلَاتِ عَنْ ذَا الشَّانِ

فَهَنِيئًا لِـمَنْ صَبَرَ عِنْدَ البَلَاءِ وَشَكَرَ عِنْدَ النَّعْمَاءِ.

جَاءَ هَذَا الوَبَاءُ فَحَرَمَ النَّاسَ بِضْعَةَ أَشْهُرٍ مِنَ الـمَسَاجِدِ وَمِنْ شُهُودِ العِيدِ وَالجُمَعِ وَالتَّرَاوِيحِ، وَقَطَعَ السَّبِيلَ وَالصِّلَةَ، وَفَازَ الـمُتَوَكِلُونَ الصَّابِرُونَ الفَاعِلُونَ لِلْأَسْبَابِ، فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ التَّوَكُّلِ فِعْلَ السَّبَبِ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ، وَلَيْسَ مِنَ التَّوَكُّلِ وَاليَقِينِ وَالشَّجَاعَةِ مَا نَرَاهُ مِنَ اللَّامُبَالَاةِ، وَإِظْهَارِ عَدَمِ الـمَسْؤُولِيَّةِ، وَمُخَالَفَةِ الأَنْظِمَةِ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ، وَإِلْقَاءِ الأَذِيَّةِ بِالنَّاسِ وَبِأَقْرَبِهِمْ إِلَيْكَ.

وَلَقَدْ هُزِمَ الـمُسْلِمُونَ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ أَعْظَمِ الـمُتَوَكِّلِينَ لَـمَّا تَرَكُوا السَّبَبَ الَّذِي أَمَرَهُمُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ، وهَا هِيَ آثَارُ اللَّامُبَالَاةِ بَدَأَتْ تَظْهَرُ بِكَثْرَةِ الوَفَيَاتِ وَأَعْدَادِ الـمُصَابِينَ وَالزِّيَادَةِ فِي الحَالَاتِ الحَرِجَةِ، وَيَتَسَبَّبُونَ بِالأَذَى لِأَنْفُسِهِمْ وَلِغَيْرِهِمْ، وَقَدْ نُحْرَمُ مِنَ الـمَسَاجِدِ وَالجُمَعِ بِسَبَبِ تَقْصِيرِهِمْ وَاسْتِهْتَارِهِمْ، وَقَدْ يَسْتَشْرِي الوَبَاءُ بِأَشَدِّ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ، فَالخُطُورَةُ لَازَالَتْ قَائِمَةً، وَالوَبَاءُ لَمْ يُحْسَمْ أَمْرُهُ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَهْتِرَ بِحَيَاتِهِ وَحَيَاةِ غَيْرِهِ، أَوْ يُعَرِّضَهُ لِلْأَذَى وَالـمَرَضِ، فَمَنِ احْتَاطَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة:32]، وَضِدُّهُ كَذَلِكَ.

فَلَئِنْ تَرَكْنَا بَعْضَ الوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، أَفَلَا نَتْرُكُ بَعْضَ العَادَاتِ الاجْتِمَاعِيَّةِ؟! وَلَئِنْ كَانَتِ الدَّوْلَةُ أَوْقَفَتِ الدَّوَامَاتِ، ثُمَّ خَفَّفَتْ أَعْدَادَ الـمُوَظَّفِينَ، وَسَمَحَتْ لِلَّذِينَ يُعَانُونَ مِنَ الأَمْرَاضِ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ لِلْعَمَلِ، أَفَيَعْسُرُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَخَفَّفَ مِنَ الخُرُوجِ وَالذَّهَابِ إِلَى أَمَاكِنِ الزِّحَامِ؟! هَلْ يَتَعَسَّرُ عَلَيْنَا العَمَلُ بِالإِرْشَادَاتِ الصِّحيَّةِ؟!

فَكُلُّ هَذَا مِنَ الأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ الـمَأْمُورِ بِهَا، و«لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ»([1])، «وَفِرَّ مِنَ المجذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ»([2]).

وَمِنْ لُطْفِ اللهِ بِنَا مَا ظَهَرَ لَنَا مِنَ الـمِنَحِ فِي طَيَّاتِ هَذَا الاِبْتِلَاءِ، فَكَثِيرٌ مِنَّا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ مَا كَانَ يُكَدِّرُهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَعُدْ شَيْئًا ذَا بَالٍ، وَظَهَرَ لَنَا مِنْ حَقَائِقِ الدُّنْيَا وَحَقَارَتِهَا مَالَمْ يَكُنْ مُتَصَوَّرًا عِنْدَ الكَثِيرِ مِنَّا، فَخَفَتَتْ زَخَارِفُ الدُّنْيَا التِي كَانَ البَعْضُ يَعُدُّهَا مِنَ الأَوْلَوِيَّاتِ، وَظَهَرَ لَنَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ اهْتِمَامَاتِنَالَمْ تَعُدْ مُهِمَّةً فِي أَعْيُنِنَا، وَتَلَاشَتْ مُفْرَدَةُ (لَا أَسْتَطِيعُ) فِي كَثِيرٍ مِنْ تَصَوُّرَاتِنَا، أَيْنَ مُفْرَدَةُ لَا أَسْتَطِيعُ الـمُكْثَ فِي البَيْتِ، وَلَا أَسْتَطِيعُ الجُلُوسَ مَعَ الأَوْلَادِ، وَلَا أَسْتَطِيعُ القِرَاءَةَ، وَلَا أَسْتَطِيعُ النَّوْمَ بَاللَّيْلِ وَتَرْكَ السَّهَرِ، وَلَا أَسْتَطِيعُ تَرْكَ الصُّحْبَةِ الفَاسِدَةِ وَغَيْرِهِا مِنَ التَّوَهُّمَاتِ، وَظَهَرَ أَنَّ الـمَرْءَ قَادِرٌ عَلَى فِعْلِ مَا يَنْفَعُهُ وَتَرْكِ مَا يَضُرُّهُ، و{لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286].

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157]

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الـمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْه إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى جَنَّتِهِ وَرِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ.

أمَّا بَعْدُ:

مَعْشَرَ الإِخْوَةَ: وَمِنْ لُطْفِ اللهُ بِنَا مَا هَيَّأَ لَنَا مِنْ قِيَادَةٍ وَاجَهَتِ الوَبَاءِ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَتَسْدِيدِهِ بِكُلِّ حِكْمَةٍ وَرَوِيَّةٍ، فَالحُكُومَةُ لَمْ تَأْلُ جُهْدًا فِي فِعْلِ الأَسْبَابِ التِي تَحْفَظُنَا بِأَمْرِ اللهِ، فَمِنْ بِدَايَةِ الوَبَاءِ وَنَحْنُ نَرَى هَذَا الحِرْصَ الـمُتَتَابِعَ وَالنَّجَاحَ اللَّافِتَ -بِحَمْدِ اللهِ- مِنْ خِلَالِ تَوْقِيتِ القَرَارَاتِ وَنَوْعِيَّتِهِا، وَتَخْفِيفِ الآلَامِ عَلَى الـمُتَضَرِّرِينَ بِقَدْرِ الـمُسْتَطَاعِ عَلَى النَّاسِ مِنَ التُّجَّارِ وَالـمُوَظَّفِينَ وَالعَامِلِينَ وَذَوِي الدَّخْلِ الـمَحْدُودِ، وَإِعْطَاءِ الصِّحَّةِ الـمَبَالِغَ الضَّخْمَةَ لِتَهْيِئَةِ الوَضْعِ وَالتَّحَسُّبِ لِكُلِّ عَارِضٍ، فِي وَقْتٍ رَأَيْنَا بَعْضَ الدُّوَلِ تَخَلَّتْ عَنْ بَعْضِ شُعُوبِهِا، وَتَهَاوَنَتْ فِي الاِحْتِرَازَاتِ وَفِعْلِ الأَسْبَابِ؛ خَشْيَةً عَلَى اقْتِصَادِهَا وَمِيزَانِيَّاتِهَا، وَهُمْ يَتَبَجَّحُونَ بِالدِّيمُقْرَاطِيَّةِ وَحُقُوقِ الإِنْسَانِ، وَيَرَوْنَ الوَفَيَاتِ تَزْدَادُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَا يُحَرِّكُونَ سَاكِنًا، وَنَعُوذُ بِاللهِ أَنْ نَكُونَ مِنَ الجَاحِدِينَ لِنِعَمِهِ، و«مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ لَا يَشْكُرُ اللهَ»([3]).

وَهَلْ يَجْحَدُ الشَّمْسَ الـمُضِيئَةَ جَاحِدٌ

 

بَلْ كَيْفَ الجُحُودُ وَسَابِقٌ بُرْهَانُهُ

فَالحَمْدُ للهِ أَنْ جَعَلَ وِلَايَتِنَا فِي مَنْ يَرْحَمُنَا وَيَعْطِفُ عَلَيْنَا وَيَهْتَمُّ بِأَمْرِنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعَمِكَ، مُثْنِينَ بِهَا عَلَيْكَ، وَأَتْمِمْهَا عَلَيْنَا.

فَاللهَ اللهَ بِفِعْلِ الأَسْبَابِ، وَكُونُوا عَلَى قَدْرِ الـمَسْؤُولِيَّةِ، وَقِفُوا مَعَ حُكُومَتِكُمُ الَّتِي حَرِصَتْ عَلَيْكُمْ، وَخُذُوا الأَوَامِرَ فِي الـمَسَاجِدِ وَالتَّنْظِيمَاتِ التِي أُمِرَ بِهَا عَلَى سَبِيلِ الجِدِّ، وَكَذَلِكَ فِي الأَسْوَاقِ وَالتَّجَمُّعَاتِ، فَنَحْنُ فِي سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ والـمَصِيرُ وَاحِدٌ.

وَخِتَامًا: فَنَشْكُرُ اللهَ لِلْعَامِلِينَ وَالتُّجَّارِ البَاذِلِينَ فِي هَذِهِ الأَزْمَةِ، وَلَنْ يُضِيعُ اللهُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلُا، وَأَخْلَفَ اللهُ عَلَيْهِمْ خَيْرًا مِمَّا بَذَلُوا.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ الهُدَى وَإِمَامِ الوَرَى، فَقَدْ أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ فَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِينَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالأَئِمَّةِ الـمَهُدِيينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالـمُسْلِمِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الـمُوَحِّدِينَ الذَينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ انْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِكَ وَعَدُوِهِمْ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِاليَهُودِ الـمُعْتَدِينَ وَالنَّصَارَى الـمُحَارِبِينَ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَكَ، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدً.

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَتَّنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا يُرْضِيكَ وَجَنِّبْهُمْ مَعَاصِيكَ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَى التَّائِبينَ، وَاهْدِ ضَالَ الـمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ رُدَّهُمْ إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدينَا، وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا، وَلِجَمِيعِ الـمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالـمَيْتِينَ.

اللَّهُمَّ ارْفَعْ مَا نَزَلَ مِنَ الفِتَنِ، اللَّهُمَّ ارْفَعِ الوَبَاءَ وَالبَلاءَ، وَاشْفِ مَنْ أُصِيبَ، وَنَسْأَلُكَ العَافِيةَ وَالسَّلَامَةَ مِنْ هَذَا الـمَرَضِ، وَادْفَعْ عَنَّا مِنَ البَلَاءِ مَا لَا يَدْفَعُهُ سِوَاكَ، وَاخْلُفْنَا بِالخَيْرِ العَمِيمِ وَالاِقْتِصَادِ الـمَتِينِ، وَأَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَلَا تَجْعَل مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا يَا رَبِّ العَالَـمِينَ.

عِبَادَ اللهِ، {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90]، فَاذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ العَظِيمَ يَذْكُرُكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 

 

([1]) أخرجه البخاري (5771)، ومسلم (2221) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([2]) أخرجه البخاري (5707) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([3]) أخرجه أحمد (13/322)، وأبو داود (4811)، والترمذي (1954) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

المرفقات

العودة-للمساجد-وشكر-الله

العودة-للمساجد-وشكر-الله

المشاهدات 751 | التعليقات 0