العودة لطاولة الدراسة وكرسي العمل بجد ونشاط وشكر للدولة على جهوها لخدمة الحجيج
خالد الشايع
الخطبة الأولى ( العودة للدراسة والعمل والجدية في الحياة ، وبيان جهود الدولة في خدمة الحج ) 20/12/1439
أما بعد فيا أيها الناس : مرت بنا أربعة أشهر ، كانت إجازة استمتع بها الآباء والأمهات والأبناء والبنات ، بعد عناء عام دراسي كامل ، مرت بحمد الله وقد سادها الأمن والأمان والراحة والاطمئنان ، والعافية والصحة والسلامة ، نعم عظيمة تستحق الشكر لمن أسداها لنا ، ثم نحن بحمد الله نستقبل عاما دراسيا جديدا ، الأسبوع القادم ، فنحمد الله أن مد في العمر وفسح في الأجل ، وأعادنا لحقول التعليم ، في عافية وأمن .
عباد الله : ليوطن المسلم نفسه بالعودة لطاولة الدراسة ومكتب العمل بجد ومثابرة واحتساب ، قال تعالى (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) فالمسلم كما ورد في الحديث الصحيح حارث وهمام ، يسعى في هذه الدنيا في نجاة نفسه من النار ، فهو حارث ، ويهم بالخير وفعله ، ويسابق لكل مامن شأنه أن يرفعه في الدنيا والآخرة فهو همام .
عباد الله : لم يكره طلابنا الدراسة ، وموظفونا العمل ، إن هذه ظاهرة منتشرة في اغلب البلدان للأسف ، وتدل على أن هنالك أسبابا داعية لهذا السلوك ، ومن أهمها عدم وجود بيئة جاذبة في المدارس وكذا في الأعمال ، وتدل على ضعف الدافع للدراسة والعمل ، والواجب تهيئة المكان ، وتنشئة الطالب والموظف على احتساب الأجر في ذلك فالطالب طالب للعلم مثابر مجد ، يرنو ببصره للمستقبل البعيد ، ويحدث نفسه بأنه لبنة تخدم دينه ومجتمعه ، أيا كان تخصصه ، وكذا الموظف تعلو به همته ، أن يترقى في سلم الوظائف ، لينفع الناس ويخدمهم ، ويسهل أمورهم محتسبا في ذلك الأجر من الله .
معاشر المسلمين : متى ما استقر ذلك في نفوسنا وتربينا عليه ، فإن الطلاب يذهبون للمدارس بشوق ، وكذا الموظفون ، وتجد الابتسامات بين الجمهور ، واللغة الراقية بينهم ، لأن للجميع هدفا يسعى إليه ، ولديه ما يرجوه من ربه من هذا العمل .
أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عمر بن الخطاب قال صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )
أيها المعلمون والطلاب : اسعوا لتحقيق ذاتكم ووضع بصمتاكم ، فالله تعالى خلقنا من أجل مهمَّة عظيمة، وهي عمارة الأرض ، ولا تعمر الأرض بمثل عبادة الله ، وإن العمل عبادة متحتمة على المسلم ، ليعيش بسعادة وهناء ، كافا وجهه عن سؤال الخلق ، مستعينا بالله أولا وآخرا ، فكما نحن بحاجة إلى التقدير من كل من هم حولنا فنحن بالمقابل مُطالبون بتحقيقه لهم.
ـ ليصحب كل منا الإيجابي ويبتعد عن من ينشرون السلبيَّة، سواء بالأقوال أو الأفعال .
ـ يجب أن نقدم الاحترام للجميع ونجعله طبعاً أصيلاً في شخصياتنا، مع الجميع ، ابتداءً من مسؤول النظافة ووصولاً الى قائد المدرسة، بالإضافة للحرص على احترام المرافق العامَّة فإنَّ ذلك دليل على احترامك لوطنك ومجتمعك وأسرتك.
أيها الآباء والأمهات : انصتوا لأبنائكم ، حاوروهم بلطف وهدوء ، اجلسوا معهم كثيرا ، تفهموا متطلباتهم ، إنهم يحتاجونكم كثيرا ، لا تتركوهم لأهل الشر الذين يتصيدونهم ، ويتربصون بهم الدوائر .
خذوا بأيديهم لمعالي الأمور ، لا يكن هم أحدكم مجرد الترفيه والدلال وتحقيق الرغبات ، بل ليكن أحدنا مرشدا ، دالا على الطريق الواضح المستقيم الذي ينفع المرء فيه نفسه ودينه ووطنه ، وعلموا أولادكم أن عليهم مسؤولية تجاه دينهم ووطنهم ، يجب الاستعداد للقيام بها ، اغرسوا فيهم العزة والهمة وطلب المعالي .
أخي ولى الأمر : لا تستخسر كل ريال تنفقه على ابنائك ، بل احتسب ذلك عند الله ، فهم أعظم وقف لك في حياتك يدر عليك الحسنات بعد مماتك ، فاحرص على إحسان هذا الوقف ، واسع أن تكون ثمرة عظيمة ليعظم أجرك .
أيها الأحبة إني لأقولها بكل أسف ، إن كثيرا من الهبوط الذي نراه في أولادنا سواء في الهمة أو الأثر ، ناتج من إهمال الوالدين في التربية غالبا ، فلنراجع أنفسنا ، ولنستعن بالله ولا نيأس ، ولنصحب الدعاء ليتحقق لنا مانريد .
اللهم اصلح لنا نياتنا وذرياتنا ياكريم أقول قولي هذا .....
الخطبة الثانية
أما بعد فيا أيها الناس : إن من نعم الله على هذه الدولة المباركة ، ما حباها الله من خدمة الحرمين الشريفين ، واستقبال وفود الرحمن ، ورعايتهم ، وتسهيل أمورهم ، وإننا لنحمد الله جل في علاه أن سهل أمر الحجاج هذا العام ، فقد تم بيسر وسهولة وحسن تنظيم من الجهات القائمة عليه ، حتى عاد الحجاج إلى بلادهم سالمين مسرورين ، رغم التربص من أعداءنا من كل صوب ، يريدون زعزعة الأمن ، ونشر الفوضى ، يريدون بيان أن الدولة غير قادرة على إدارة الحج ، ليتسنى لهم التدخل في شئون البلد ، ويأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون ، إن الذاهب للحج يشعر بما تقوم به الدولة جزاهم الله خيرا من رعاية وتنظيم لتسهيل أمور الحج والعمرة ، فجسر الجمرات ، وتوسعة المسجد الحرام ، وإنشاء قطار المشاعر ، والقطار الرابط بين مكة والمدينة ، فضلا عن سقيا الحجاج ، وتهيئة الأمكان والمشاعر ، وتفويجهم ، وتنظيمهم ، ومتابعة المطوفين ، وغير ذلك ليرى عظيم ما تقوم به الدولة من جهد يجب نشره وإظهاره لقمع المتربصين بنا الشر الحاسدين لنا على هذه النعم .
فاللهم اجعل ماتقوم به الدولة خالصا لوجهك ، واجعله رفعة لها في الدنيا والآخرة
اللهم اغفر للمسلمين ..........