العواصف والثلج والبرد
سعود المغيص
1437/04/22 - 2016/02/01 07:15AM
الخطبة الاولى :
أَمَّا بَعْدُ عباد الله :
اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَفَكَّرُوا فِي خَلْقِهِ، وَتَدَبَّرُوا آيَاتِهِ، وَحَقِّقُوا عُبُودِيَّتَهُ؛ فَارْضَوْا بِمُرِّ القَضَاءِ، وَابْذُلُوا الشُّكْرَ فِي النَّعْمَاءِ، وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ عَلَى الضَّرَّاءِ؛ فَإِنَّ الأَمْرَ للهِ تَعَالَى، وَالقَدَرَ قَدَرُهُ، وَلا خُرُوجَ لِأَحَدٍ عَنْ تَدْبِيرِهِ؛ وَكُلُّ مَا نُشَاهِدُهُ مِنْ أَحْدَاثٍ فِي الأَرْضِ وَالكَوْنِ، وَتَغْيِيرَاتٍ فِي المُنَاخِ والجَوِّ فَهُوَ مِنْ شَأْنِ اللهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ، لِيَعْلَمَ النَّاسُ { أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } .
عباد الله : العَوَاصِفُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ تَعَالَى، يَأْمُرُهَا فَتَسِيرُ حَيْثُ شَاءَ، وَتُصِيبُ مَنْ يَشَاءُ، وَتَحْمِلُ مَا يَشَاءُ، فَقَدْ تَحْمِلُ الأَتْرِبَةَ فَتَكُونُ حَاصِبًا يَحْصِبُ النَّاسَ بِالحَصَى وَالتُّرَابِ؛ كَمَا أَهْلَكَ بِهِ قَوْمَ لُوطٍ؛ { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ } ، وَخَوَّفَ سُبْحَانَهُ بِالحَاصِبِ عِبَادَهُ مِنْ أَنْ يَأْمَنُوا عَذَابَهُ؛ { أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} .
وَقَدْ تَكُونُ العَوَاصِفُ رَعْدِيَّةً تَحْمِلُ الأَمْطَارَ، فَتُفْزِعُ الخَلْقَ بِشِدَّةِ صَوْتِهَا حَتَّى كَأنَّ السَّمَاءَ تَنْشَقُّ، وَتُخِيفُهُمْ بِوَمِيضِ بَرْقِهَا الَّذِي يَكَادُ يَخْطَفُ الأَبْصَارَ مِنْ قُوَّتِهِ، وَتَنْهَمِرُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ بِأَمْطَارٍ تَمْلَأُ الأَرْضَ، وَقَدْ تُغْرِقُ الخَلْقَ .
وَمِنَ العَوَاصِفِ عَوَاصِفُ تَحْمِلُ الثَّلْجَ مِنْ جِبَالِ الجَلِيدِ فِي الأَرْضِ، فَلاَ تَمُرُّ بِبَلَدٍ إِلاَّ وَنَشَرَتْ فِيهِ الصَّقِيعَ، فَكَانَ شِتَاؤُهُ قَاسِيًا، وَكَانَ بَرْدُهُ شَدِيدًا، وَهُوَ مَا يَجِدُهُ النَّاسُ في هَذِهِ الأَيَّامَ؛ حَتَّى اكْتَسَتِ بعض المُدُنُ بِالثُّلُوجِ، فَأَظْلَمَتْ سَمَاؤُهَا، وَيَبِسَتْ أَشْجَارُهَا، وَتَوَقَّفَتِ الحَرَكَةُ فِيهَا، وَاحْتَمَى النَّاسُ مِنَ الصَّقِيعِ بِبُيُوتِهِمْ.
وَهَذَا كَمَا يَدُلُّ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ الإِنْسَانِ الظَّلُومِ الجَهُولِ، وَلَوْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَطَالَ أَمَدَ العَوَاصِفِ الثَّلْجِيَّةِ، وَحَجَبَ الشَّمْسَ بِسُحُبِهَا وَضَبَابِهَا، وَعَمَّ بِهَا الأَرْضَ كُلَّهَا لَتَوَقَّفَتْ حَيَاةُ المَخْلُوقَاتِ عَلَى الأَرْضِ؛ وَقَدْ رَأَى النَّاسُ كَيْفَ تُشَلُّ الحَرَكَةُ فِي الدُّوَلِ الَّتِي تُصِيبُهَا تِلْكَ العَوَاصِفُ بِضْعَةَ أَيَّامٍ، وَكَثْرَةَ مَا تَسْتَهْلِكُهُ مِنَ الوَقُودِ وَالطَّاقَةِ لِلتَّدْفِئَةِ.
عباد الله : إِنَّ العَوَاصِفَ الثَّلْجِيَّةَ رِيَاحٌ، وَالرِّيَاحُ تَسِيرُ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى؛ { اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ } { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} . وَالرِّيَاحُ مِنْ جُنْدِ اللهِ تَعَالَى، فَإِمَّا أَرْسَلَهَا رَحْمَةً وَابْتِلاَءً، وَإِمَّا جَعَلَهَا عَذَابًا وَانْتِقَامًا؛ { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } .
والعَوَاصِفُ الثَّلْجِيَّةُ الَّتِي تَضْرِبُ بِلاَدِناَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ حَتَّى كَسَاهَا الجَلِيدُ، وَاشْتَدَّ فِيهَا الصَّقِيعُ هِيَ ابْتِلاَءٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِفُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ؛ إِذْ يُعانون الجُوعَ وَالبَرْدَ مَعَ قِلَّةِ ذَاتِ اليَدِ، وَهِيَ ابْتِلاَءٌ لِأَغْنِيَاءِ المُسْلِمِينَ أَيَسُدُّونَ حَاجَةَ إِخْوَانِهِمُ الفُقَرَاءِ، فَيُطْعِمُونَهُمْ مِنْ جُوعٍ، وَيُدَفِّئُونَهُمْ مِنْ بَرْدٍ، وَيُكِسونهم مِنْ عَرَاءٍ؟!
كَانَ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إِذَا أَمْسَى تَصَدَّقَ بِمَا فِي بَيْتِهِ مِنَ الفَضْلِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مَنْ مَاتَ جُوْعًا فَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِهِ، وَمَنْ مَاتَ عُرْياً فَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِهِ.
فَلْنَتَقِ اللهَ، وَلْنَكُنْ مِنْ اَلَّذِيْنَ يَتَفَكَّرُوْنَ بَآيَاْتِ اللهِ ، وَيَنْتَفِعُوْنَ بِذَلِكَ قَرْبَاً وَطَاْعَةً وَمَحَبَّةً للهِ، أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَهْدِيْ ضَاْلَ اَلْمُسْلِمِيْنَ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ.
أقول قولي هذا
الخطبة الثانية :
أما بعد عباد الله: ها هو ميدانكم ومضمار تنافسكم، هاهي الفرصة تلوح فجدوا واجتهدوا، هلموا لتجارة رابحة مع الله، تجارة لن تبور أبدًا، يكفي أنها تجارة ثمنها الجنة ورضا الرحمن بإذن الله تعالى، إذا كان ربنا أدخل الجنة رجلاً أزاح غصن شجرة كان يؤذي المسلمين فكيف بمن ينقذ المسلمين والضعفاء والأرامل والفقراء والمحتاجين من ويلات البرد والجوع والشتاء، تلفتوا في أحيائكم، واسألوا عن أحوال جيرانكم، وفتشوا عن العمالة المسلمة الفقيرة من إخوانكم، تعاونوا، تراحموا، تعاطفوا، تكاتفوا، تؤجروا وترحموا وتحفظوا وتمطروا ( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) « َإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»، (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ،) (ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْض يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) ولا ننسى أسر المساجين ممن أودعوا غياهب السجون لقضايا مختلفة، كنوع من التعزير والعقوبة، فهؤلاء لهم حق الأخوة، ولأسرهم حاجات لا يعلم بها إلا الله، فرعاية أسرة السجين واجبة طوال فترة بقائه في السجن، وتقديم العون المادي والاجتماعي لها،) ولا ننسى اخواننا المنكوبين في سوريا أو بورما، أو في أي مكان ،
نسأل الله أن يجعلنا جميعًا من الشاكرين قولاً وعملاً، وعطاءً وبذلاً، اللهم رحماك بالمستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم ابسط دفء رحمتك لكل من لا مأوى له في هذا البرد، اللهم اجعل هذه الثلوج بردًا وسلاما على المستضعفين من المسلمين في كل مكان، واجعله على جنودنا المجاهدين في جنوب بلادنا ، أسباب نصرة وقوة وتمكين يارب العالمين ..
اللهمَّ لا تَجعلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنَا، ولا تَجعلْ الدُّنيا أكبَرَ هَمِّنَا، واغفر لَنا وارحَمنَا واعفُ عنَّا.
اللهمَّ آمِنَّا في دُورِنَا، وَأَصلِح أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أُمُورِنَا.
اللهم لا تجعل لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قَضَيتَهُ، ولا هَمَّاً إلا نَفَّستَهُ، ولا مَرِيضَاً إلا شَفَيتَهُ، ولا مَيْتَاً إلا رَحِمتَهُ، ولا مَظلُوماً إلا نَصَرتَهُ، ولا تائبا الا قبلته ولا والداً ضعيفا الا رحمته برحمتك يا أرحم الراحمين .
أَمَّا بَعْدُ عباد الله :
اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَفَكَّرُوا فِي خَلْقِهِ، وَتَدَبَّرُوا آيَاتِهِ، وَحَقِّقُوا عُبُودِيَّتَهُ؛ فَارْضَوْا بِمُرِّ القَضَاءِ، وَابْذُلُوا الشُّكْرَ فِي النَّعْمَاءِ، وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ عَلَى الضَّرَّاءِ؛ فَإِنَّ الأَمْرَ للهِ تَعَالَى، وَالقَدَرَ قَدَرُهُ، وَلا خُرُوجَ لِأَحَدٍ عَنْ تَدْبِيرِهِ؛ وَكُلُّ مَا نُشَاهِدُهُ مِنْ أَحْدَاثٍ فِي الأَرْضِ وَالكَوْنِ، وَتَغْيِيرَاتٍ فِي المُنَاخِ والجَوِّ فَهُوَ مِنْ شَأْنِ اللهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ، لِيَعْلَمَ النَّاسُ { أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } .
عباد الله : العَوَاصِفُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ تَعَالَى، يَأْمُرُهَا فَتَسِيرُ حَيْثُ شَاءَ، وَتُصِيبُ مَنْ يَشَاءُ، وَتَحْمِلُ مَا يَشَاءُ، فَقَدْ تَحْمِلُ الأَتْرِبَةَ فَتَكُونُ حَاصِبًا يَحْصِبُ النَّاسَ بِالحَصَى وَالتُّرَابِ؛ كَمَا أَهْلَكَ بِهِ قَوْمَ لُوطٍ؛ { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ } ، وَخَوَّفَ سُبْحَانَهُ بِالحَاصِبِ عِبَادَهُ مِنْ أَنْ يَأْمَنُوا عَذَابَهُ؛ { أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} .
وَقَدْ تَكُونُ العَوَاصِفُ رَعْدِيَّةً تَحْمِلُ الأَمْطَارَ، فَتُفْزِعُ الخَلْقَ بِشِدَّةِ صَوْتِهَا حَتَّى كَأنَّ السَّمَاءَ تَنْشَقُّ، وَتُخِيفُهُمْ بِوَمِيضِ بَرْقِهَا الَّذِي يَكَادُ يَخْطَفُ الأَبْصَارَ مِنْ قُوَّتِهِ، وَتَنْهَمِرُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ بِأَمْطَارٍ تَمْلَأُ الأَرْضَ، وَقَدْ تُغْرِقُ الخَلْقَ .
وَمِنَ العَوَاصِفِ عَوَاصِفُ تَحْمِلُ الثَّلْجَ مِنْ جِبَالِ الجَلِيدِ فِي الأَرْضِ، فَلاَ تَمُرُّ بِبَلَدٍ إِلاَّ وَنَشَرَتْ فِيهِ الصَّقِيعَ، فَكَانَ شِتَاؤُهُ قَاسِيًا، وَكَانَ بَرْدُهُ شَدِيدًا، وَهُوَ مَا يَجِدُهُ النَّاسُ في هَذِهِ الأَيَّامَ؛ حَتَّى اكْتَسَتِ بعض المُدُنُ بِالثُّلُوجِ، فَأَظْلَمَتْ سَمَاؤُهَا، وَيَبِسَتْ أَشْجَارُهَا، وَتَوَقَّفَتِ الحَرَكَةُ فِيهَا، وَاحْتَمَى النَّاسُ مِنَ الصَّقِيعِ بِبُيُوتِهِمْ.
وَهَذَا كَمَا يَدُلُّ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ الإِنْسَانِ الظَّلُومِ الجَهُولِ، وَلَوْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَطَالَ أَمَدَ العَوَاصِفِ الثَّلْجِيَّةِ، وَحَجَبَ الشَّمْسَ بِسُحُبِهَا وَضَبَابِهَا، وَعَمَّ بِهَا الأَرْضَ كُلَّهَا لَتَوَقَّفَتْ حَيَاةُ المَخْلُوقَاتِ عَلَى الأَرْضِ؛ وَقَدْ رَأَى النَّاسُ كَيْفَ تُشَلُّ الحَرَكَةُ فِي الدُّوَلِ الَّتِي تُصِيبُهَا تِلْكَ العَوَاصِفُ بِضْعَةَ أَيَّامٍ، وَكَثْرَةَ مَا تَسْتَهْلِكُهُ مِنَ الوَقُودِ وَالطَّاقَةِ لِلتَّدْفِئَةِ.
عباد الله : إِنَّ العَوَاصِفَ الثَّلْجِيَّةَ رِيَاحٌ، وَالرِّيَاحُ تَسِيرُ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى؛ { اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ } { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} . وَالرِّيَاحُ مِنْ جُنْدِ اللهِ تَعَالَى، فَإِمَّا أَرْسَلَهَا رَحْمَةً وَابْتِلاَءً، وَإِمَّا جَعَلَهَا عَذَابًا وَانْتِقَامًا؛ { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } .
والعَوَاصِفُ الثَّلْجِيَّةُ الَّتِي تَضْرِبُ بِلاَدِناَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ حَتَّى كَسَاهَا الجَلِيدُ، وَاشْتَدَّ فِيهَا الصَّقِيعُ هِيَ ابْتِلاَءٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِفُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ؛ إِذْ يُعانون الجُوعَ وَالبَرْدَ مَعَ قِلَّةِ ذَاتِ اليَدِ، وَهِيَ ابْتِلاَءٌ لِأَغْنِيَاءِ المُسْلِمِينَ أَيَسُدُّونَ حَاجَةَ إِخْوَانِهِمُ الفُقَرَاءِ، فَيُطْعِمُونَهُمْ مِنْ جُوعٍ، وَيُدَفِّئُونَهُمْ مِنْ بَرْدٍ، وَيُكِسونهم مِنْ عَرَاءٍ؟!
كَانَ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إِذَا أَمْسَى تَصَدَّقَ بِمَا فِي بَيْتِهِ مِنَ الفَضْلِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مَنْ مَاتَ جُوْعًا فَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِهِ، وَمَنْ مَاتَ عُرْياً فَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِهِ.
فَلْنَتَقِ اللهَ، وَلْنَكُنْ مِنْ اَلَّذِيْنَ يَتَفَكَّرُوْنَ بَآيَاْتِ اللهِ ، وَيَنْتَفِعُوْنَ بِذَلِكَ قَرْبَاً وَطَاْعَةً وَمَحَبَّةً للهِ، أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَهْدِيْ ضَاْلَ اَلْمُسْلِمِيْنَ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ.
أقول قولي هذا
الخطبة الثانية :
أما بعد عباد الله: ها هو ميدانكم ومضمار تنافسكم، هاهي الفرصة تلوح فجدوا واجتهدوا، هلموا لتجارة رابحة مع الله، تجارة لن تبور أبدًا، يكفي أنها تجارة ثمنها الجنة ورضا الرحمن بإذن الله تعالى، إذا كان ربنا أدخل الجنة رجلاً أزاح غصن شجرة كان يؤذي المسلمين فكيف بمن ينقذ المسلمين والضعفاء والأرامل والفقراء والمحتاجين من ويلات البرد والجوع والشتاء، تلفتوا في أحيائكم، واسألوا عن أحوال جيرانكم، وفتشوا عن العمالة المسلمة الفقيرة من إخوانكم، تعاونوا، تراحموا، تعاطفوا، تكاتفوا، تؤجروا وترحموا وتحفظوا وتمطروا ( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) « َإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»، (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ،) (ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْض يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) ولا ننسى أسر المساجين ممن أودعوا غياهب السجون لقضايا مختلفة، كنوع من التعزير والعقوبة، فهؤلاء لهم حق الأخوة، ولأسرهم حاجات لا يعلم بها إلا الله، فرعاية أسرة السجين واجبة طوال فترة بقائه في السجن، وتقديم العون المادي والاجتماعي لها،) ولا ننسى اخواننا المنكوبين في سوريا أو بورما، أو في أي مكان ،
نسأل الله أن يجعلنا جميعًا من الشاكرين قولاً وعملاً، وعطاءً وبذلاً، اللهم رحماك بالمستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم ابسط دفء رحمتك لكل من لا مأوى له في هذا البرد، اللهم اجعل هذه الثلوج بردًا وسلاما على المستضعفين من المسلمين في كل مكان، واجعله على جنودنا المجاهدين في جنوب بلادنا ، أسباب نصرة وقوة وتمكين يارب العالمين ..
اللهمَّ لا تَجعلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنَا، ولا تَجعلْ الدُّنيا أكبَرَ هَمِّنَا، واغفر لَنا وارحَمنَا واعفُ عنَّا.
اللهمَّ آمِنَّا في دُورِنَا، وَأَصلِح أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أُمُورِنَا.
اللهم لا تجعل لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قَضَيتَهُ، ولا هَمَّاً إلا نَفَّستَهُ، ولا مَرِيضَاً إلا شَفَيتَهُ، ولا مَيْتَاً إلا رَحِمتَهُ، ولا مَظلُوماً إلا نَصَرتَهُ، ولا تائبا الا قبلته ولا والداً ضعيفا الا رحمته برحمتك يا أرحم الراحمين .