العمل الارهابي في الحدود الشمالية

1436/03/17 - 2015/01/08 08:16AM
[align=justify]الخطبة الأولى:
أما بعد :عباد الله :قال تعالى : ﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الأنعام:55].
إن من أعظم النعم علينا في هذه البلاد نعمة الإسلام ونعمة التوحيد فهذه البلاد قامت على عقيدة التوحيد، وإخلاص العبادة لله، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحكيم الشريعة، وإقامة الحدود، فاستتب أمنها واستقر وضعها وعاشت كما تعلمون في نعمة ورفاهية وأمنٍ واستقرار، بينما البلاد الأخرى تعج بالفتن والاضطرابات كما تسمعون وتقرؤون في وسائل الاعلام المختلفة ، وهذه البلاد ولله الحمد في أمنٍ واستقرار ورخاء في العيش وطمأنينة إلا أن هذا الوضع لا يروق لأعداء هذه البلاد، فما زالوا يحاولون تقويض أمنها وزعزعة كيانها وتفريق كلمتها بشتى الوسائل، يحاولون بذلك أن تكون مثل البلاد الأخرى، يحاولون أن تسير في ركاب الغرب، وأن تتخلى عن الإسلام وتكتفي باسم الإسلام ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ ويأبى الله سبحانه إلا أن تبقى هذه البلاد ولله الحمد بكيانها ومكانتها لأنها قلب العالم الإسلامي، فيها مهبط الوحي، منها صدر الإسلام، فيها قبلة المسلمين المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، هي مأوى أفئدة المسلمين، وقبلتهم في صلواتهم، فلها مكانتها في العالم الإسلامي .
عبادالله: إن ما حصل يوم الا ثنين الماضي من عمل إرهابي في -الحدود الشمالية - مركز سويف الحدودي مع العراق في منطقة جديدة عرعر الحدودية ، مما نتج عنه قتل للآمنين الأبرياء، من رجال الأمن وهذا العمل جرم شنيع ينافي الدين والأخلاق ،فهم لم يراعوا حرمة الدماء المعصومة، ولا الحفاظ على لحمة وتماسك هذا الوطن الآمن المستقر، بلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي ، ولا يشك عاقل فضلاً عن مؤمن في فساد منهج هذه الفئة الضالة واستباحتها لدماء الركع السجود من المؤمنين؛ ولكن الله لهم بالمرصاد والوعيد الشديد في الآخرة حيث لم يرتب الله وعيداً شديداً كما رتب على قتل النفس بغير حق؛ فقد قال تعالى : ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ .
وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ » رَوَاهُ مُسْلِمُ .وهذه الفئة الضالة الخارجة عن جماعة المسلمين وإمامهم؛ أمرهم في سفال وسعيهم في ضلال، ولن يؤثر كيدهم في هذه البلاد المباركة وأهلها الذين أثبتت الأحداث المتوالية أنهم لا يزدادون إلا لحمة واجتماعاً على الحق ومعرفة بالباطل وأهله ،قال تعالى ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾، أما من قضى من رجالنا البواسل فنسأل الله أن يتغمدهم الله برحمته، وهنيئاً لهم أن المنية وافتهم وهم مرابطون على الحدود مجاهدون في سبيل الله ولن يجتمع في النار عين باتت تحرس في سبيل الله فَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« ثَلَاثَةٌ لَا تَرَى أَعْيُنُهُمُ النَّارَ: عَيْنٌ حَرَسَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ كَفَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ »رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.
وعَنْ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ أَنَّهُ قَالَ :«كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلاَّ الَّذِى مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وفي رواية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ :« مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللهِ أَجْرَى عَلَيْهِ أَجْرَ عَمَلِهِ الصَّالِحِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ رِزْقَهُ ، وَأَمِنَ مِنَ الْفَتَّانِ ، وَبَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آمِنًا مِنَ الْفَزَعِ » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
فاتقوا الله عباد الله .
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..

الخطبة الثانية :
أما بعد :عباد الله: كما ترون هذا لم يأتي من فراغ إنما جاء من تخطيطِ سيء لهذه البلاد يريدون أن يدمروها من كل ناحية فلا تكونوا في غفلة من هذا، كونوا يداً واحدة في صدِ هذا العدوان مع حكومتكم، ومع ولاة أموركم، كونوا يداً واحدة في صدِ هذا العدوان والانتباه له، فإنهم إنما يريدونكم ، فأنتم المعنيون فكونوا على حذر وعلى أهبَّة الاستعداد والتعاون مع ولاة أموركم في محاربة هذه الشرور﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً ﴾ولكن هذا لا يحصل إلا إذا بذلنا الجهود النافعة في وجه هذا العدوان الغاشم الذي يتنوع، والذي يتجدد في كل وقت، فإن لم تنتبهوا وتأخذوا حذركم فإنكم ستصبحون في يوم من الأيام خبراً بعد عين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إن الأعداء يسهرون الليل ويواصلون بالنهار، للتخطيط والكيد للإسلام والمسلمين خصوصاً بلاد الحرمين، قبلة المسلمين، يريدون بذلك تدميرها وأهلها حتى لا يكون للعالم الإسلامي قلبٌ نابض، ولكن لابد للمسلمين من الصحوة، ومن الحيطة والحذر ، ومن التعاون في مكافحة هذا الشر ولا يكفي أن الحكومة هي التي تقاوم هذا الشيء ولكن نتعاون معها، لأن هذا في صالح الإسلام والمسلمين ، وليس هو في صالح ولاة الأمور فقط وإنما هو في صالح الجميع حمايةً للبلاد، فلا تغفلوا عن هذا الأمر، وقوموا بواجبكم في مقابلته وصده وكف شره عن المسلمين .
عباد الله :هذه الحادثة تستلزم مزيداً من العناية بعقول الشباب والناشئة ومنعهم من الوقوع في حبائل الخوارج وأفكاره المسمومة و يجب أن يحاصر ولا يغفل عنه ويجب تجفيف منابع الارهاب ووأده في مهده حماية للدين والوطن والله المستعان .

الا وصلوا عباد الله على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير....
[/align]
المشاهدات 2097 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا