العمالة السائبة والهروب من الكفيل والتستر

محمد البدر
1440/02/23 - 2018/11/01 07:35AM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر ﴾  .
وَعَنْ عُبيْدِ الله بنِ محْصن الأَنصَارِيِّ الخطميِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ آمِنًا فِي سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيِّ وَ حَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ.
عِبَادَ اللَّهِ: إن من أعظم نعم الله بعد نعمة الإسلام نعمة الأمن واستمرارها بشكر المنعم جل وعلا ، و تحقق الأمن يأتي بتوحيد الله ومجانبة الشرك قَالَ تَعَالَى :﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النور:55].
فلا حياةٌ بلا أمن فالأمن مقصد شرعي تعيشه هذه البلاد فيقصدها الكثير من العرب والعجم والمسلمين وغيرهم وكلٌ بحسب نيته وغرضه واعلموا أنه بفقدان الأمن يا عِبَادَ اللَّهِ - يصيب الانسان الخوف والذعر والهلع ويتعطل كل شيء في الحياة.
عِبَادَ اللَّهِ: إن الأنظمة التي وضعتها الجهات المختصة لتنظيم أمور الاستقدام من خارج البلاد وتجريم التحايل على ذلك أو التستر على العمالة المخالفة لها والتعامل معها تصب في مصلحة الجميع ، فالكثير من الناس يستقدم أو يأتي بعمال وموظفين فوق حاجته وقد أبرم معهم اتفاقيات ومعاهدات معينة، فيأخذ حاجته منهم ويبيع فيزة الباقين لغرض الكسب المادي وقد يَغدر ببعضهم، أو يظلم البعض، أو يُنقص من أُجرتهم، أو يقوم وبرغبة من العامل بتوزيعهم كل حسب غرضه فالبعض يفتح محلات باسم كفيله ويعطيه شيء من المال ويتكفل بكل الرسوم والتجديدات وكل التكاليف مقابل الاسم فقط وهذا النوع قد يكون وفيٌ وصادق ويريد الكسب الحلال برغم هذه المخالفة والآخر لا يعنيه الكسب من حلال أو حرام فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :«لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ »رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
 وقد يُغدر بصاحب العمل أو الكفيل ويُحملُ ما لا يَحتمل و يُغرى بالمال والجاه والسفريات والرحلات لغرض ما ثم تكون الطامة بهروب العامل وترك الكفيل يغرق في دوامة حقوق الناس والديون فيودع في السجن ويعاقب على ذلك لردعه وكل ذلك بسبب عدم الوفاء بالعقود والعهود والاستهتار بالأنظمة والقوانين قَالَ تَعَالَى :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾كذلك الثقة الزائدة والطمع في الثراء السريع من كل الطرفين ،والبعض يعمل في المحلات عند غير كفيله وكل ذلك يسمى (العمالة السائبة) والهروب من الكفيل وهو التستر ،والجميع لا ينظر إلى المخاطر والسلبيات ولا يهمه مخالفة ولي الأمر ولا العلماء ، لذلك تجده عند أي عارض يُصيبه أو ينكشف أمره يكيل التهم لهذه البلاد ويدعوا ويشتكي ويتأفف...إلخ.
 
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ بلادنا ولله الحمد بلاد التوحيد والسنة لم تترك شاردة ولا واردة تهم المقيمين والمواطنين على حد سواء الا دلتهم علي كل ما يفيدهم ويحفظ سلامتهم وسلامة أرواحهم والحفاظ على ممتلكاتهم وابناءهم ،وتحث على الخير والسلامة وحفظ الأمن ،ونذكر الكفلاء وأصحاب العمل والأُجراء والعُمال والموظفين بتقوى الله في السر والعلن وأن يُعطى كل ذي حق حقه وان يلتزم كل واحد منهم بما عليه من امانة و الالتزام والاتقان في العمل والتعاون على البر والتقوى قَالَ تَعَالَى :﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ واعطاء الأجراء حقهم فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
عِبَادَ اللَّهِ: إن الالتزام بالأنظمة واللوائح الرسمية والقوانين المرعية من أعظم ما يُدفع به الضرر عن المجتمعات ،فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ :« لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
واعلموا أن التقيد بهذه الأنظمة فيه خير ومصلحة للجميع وإياكم والتستر ومخالفة الأنظمة. ألا وصلوا..
المشاهدات 1344 | التعليقات 0