العلم والمعرفة
Abosaleh75 Abosaleh75
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد:
أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
أيها المسلمون عباد الله : إن العلم حياةُ الأُممِ، والجهل خُذلانُها، العِلْمُ عِمادُ العِزِّ، ورداءُ السؤددِ، وتاجُ الشَّرَف. ولا يَبْلُغُ المجدَ جاهلٌ، والجهلُ مَطِيَّةُ سوءٍ.. مَن ارْتَحَلَها ضَلّ، ومَن قادَهاَ ذَلْ، وَمَن سَارَ عليها زَلّ،
العلمُ نورٌ يَهْدِي، وكرامةٌ تُهدى، وشرفٌ يَعْلُو، وفَضْلٌ يُوْهَب.
ولشرف العلم وفضله أَمْرَ اللهُ نَبيَّنا عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بَأَنْ يَطْلُبَ الِاسْتِزادَةَ مِنْهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾
[ طه : 114 ]
وَلِذا فَلَيْسَ عَجَبًا أَنْ تَكُونَ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ مِنْ كِتابِ اللهِ تَعَالَى دَعْوَةً إِلَى التَّعَلُّمِ، حَيْثُ قالَ سُبْحانِهِ: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق:1-5]، وَهِيَ أَمْرٌ بِطَلَبِ العِلْمِ والسَّعْيِ فِي تَحْصيلِهِ !
وَيَكْفِيِهِ شَرَفًا وَفْضَلًا وَجَلالَةً وَنُبْلاً : أَنَّ اللهَ اسْتَشْهَدَ أَهْلَ الْعِلْمِ عَلَى أَشْرَفِ مَشْهُودٍ بِهِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ، وَقَرَنَ شَهَادَتَهُمْ بِشَهَادَتَهِ وَبِشَهَادَةِ مَلائِكَتِهِ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [ آل عمران : 18 ] فَبَدَأَ سُبْحَانَهُ بِنَفْسِهِ، وَثَنَّى بِمَلائِكَتِهِ الْمُسَبِّحَةِ بِقُدْسِهِ، وَثَلَّثَ بِأَهْلِ الْعِلْمِ .
والْعِلْمُ فَضْلُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُشْهَرَ، وَأَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُظْهَرَ، فُهُوَ أَعَزُّ مَطْلُوبٍ وَأَشْرَفُ مَرْغُوب، تَسَابَقَ الْفُضَلاءُ لِطَلَبِهِ، وَتَنَافَسَ الأذْكِياءُ لِتَحْصِيلِهِ، مَنِ اتَّصَفَ بِهِ فَاقَ غَيرَهُ، وَمَنْ اتَّسَمَ بِهِ بَانَ نُبْلُهُ ؛ رَفَعَ اللهُ أَهْلَهُ دَرَجَاتٍ، وَنَفَى الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ كَرَّاتٍ وَمَرَّات، يقول عَزَّ اسْمُهُ: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [الزمر:9]، ويَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [ المجادلة : 11 ]
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: "الْعُلَمَاءُ فَوْقَ الْمُؤْمِنِينَ مِائَةَ دَرَجَةٍ، وَمَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ مِائَةُ عَامٍ".
والعلم مُورِثٌ لِلْخَشْيَةِ، مُثْمِرٌ لِلْعَمَلِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [ فاطر : 28 ] فَمَنْ كَانَ بِاللهِ أَعْرَفَ كَانَ مِنْهُ أَخْوَف.
عِبَادَ اللَّهِ: الْعِلْمُ أَعْظَمُ مَا تَنَافَسَ فِيهِ الْمُتَنَافِسُونَ، وَأَغْلَى مَا غُبِطَ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ، قَالَ رَسُولُ اللهِr : "لا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْمُرَادُ بِالْحَسَدِ هُنَا الْغِبْطَةُ وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى مِثْلَهُ. مَعَ بَقَاءِ مَا عِنْدَ غَيْرِهِ مِنَ الْخَيْرِ .
ومَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْعِلْمِ فَقَدْ أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا، قَالَ رَسُولُ اللهِr: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّين" مُتَّفَقٌ عَلَيْه. وَطَرِيقُ الْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ، وَسَبِيلُ النَّجَاةِ مِنَ النَّارِ لَا يَحْصُلُ إِلا بِالْعِلْمِ ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ »[متفق عليه ]
وَمِنْ ثِمَارِ الْعِلْمِ : بَقَاءُ أَثَرِهِ للإنْسَانِ حَيًّا وَمَيِّتًا، فَيَخْلُدُ ذِكْرُهُ عِنْدَ الوَرَى وَإِنْ كَانَ تَحْتَ الثَّرَى ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٌ يَدْعُو لَه »[رواه مسلم ]
وَمِنْ ثِمَارِ الْعِلْمِ : أَنَّ صَاحِبَ الْعِلْمِ مَحْبُوبٌ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، يُحِبُّه اللهُ وَيُحِبُّهُ خَلْقُهُ، فَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَريقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَإنَّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ، وَإنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّماوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ حَتَّى الحيتَانُ في المَاءِ، وَفضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، وَإنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ، وَإنَّ الأنْبِيَاءَ لَمْ يَوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا وَإنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بحَظٍّ وَافِر»[رواه أبوداود والترمذي ].
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانِهِ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً .
أما بعد: عباد الله بعد غد يعود الطلاب والطالبات الى صروح العلم والمعرفة لإستئناف عام دراسي جديد
فنقول أيها الطلاب والطالبات:نوصيكم بتقوى والله والصبر والثبات على طلب العلم، وأن تحافظوا على الصلاة في المساجد، فلا خير فيمن ضيع الصلاة وتجملوا بالدين وتحلوا بالحلم والأناة وتخلقوا بالأخلاق الفاضلة وتطلعوا إلى الهمم العالية، والعزيمة الصادقة واخفضوا جناح الذل من الرحمة للوالدين وكونوا رحماء ورفقاء بإخوانكم وزملائكم وعليكم بالاحترام والتوقير والتقدير للمعلمين، وحققوا آمال والديكم ومعلميكم وَاطلبوا العلم النافع قَالَﷺ:«سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.
وياأيها المعلمون والمعلمات : اعلموا ان المسؤولية عليكم كبيرة والأمانة عظيمة ، فاخلصوا نياتكم وعلموا أبناء وبنات المسلمين الخير الذي ينفعهم ويكون ذخرا لكم ولهم في الدنيا والأخرة.
قال عليه الصلاة والسلام ( ان الله وملائكته ليصلون على معلم الناس الخير) .
ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة السلام عليه .......