العُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ

محمد البدر
1437/11/01 - 2016/08/04 12:08PM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أَمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ قال تعالى :﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ واللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ وقال تعالى ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا العِلْمِ قَائِمًا بِالقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ في هذه الآيَةِ ذِكْرُ اللهِ لأَهْلِ العِلْمِ وناهِيكَ بِهَذا شَرَفًا وفَضْلاً وجَلاءً ونُبْلاً .
عباد الله : لقد نشأ النَّاس في هذه البلاد بلاد التوحيد والسنة - بحمد الله - على محبة العُلماء وتوقيرهم والاعتراف بفضلهم ومنزلتهم، فسمعتهم الطيبة على الألسن مذكورة، وهيبتهم في صُدُور الناس محفوظة، ولكننا في هذه الأيام بلينا بنابتة سوء يظهرون عبر وسائل الاعلام المختلفة والتواصل الاجتماعي ساعد على ذلك وأظهرهم ظهور الجماعات المنحرفة وقد تجرأ بعضهم وزين لهم الشيطان النَّيل من علماء الشَّريعة، وزعزعة مكانتهم ومنزلتهم لدى النَّاس، ثم تَجرَّؤوا على انتقاصهم، وتجريحهم بما لا يليقُ أن يوصفَ به عامَّةُ الناس فضلاً عن العلماء.
عباد الله :إنَّ أولئك الناقمين والمستهزئين، الذين تنهش ألسنتُهم وأقلامُهم أعراضَ العلماء، إنَّهم لا يستهدفون بذلك كله العلماءَ بذواتِهم فحسب، وإنَّما يخفون وقيعتهم في الدِّين بالوقيعة في علمائه وحملته؛ لأنَّهم يعلمون أن الطعن في العلماء وتشويه سمعتهم بحقٍّ أو بغير حق، يُورث الشك والارتياب فيهم، وإذا تطرق الشكُّ إلى أهْل العلم، فُقِدَت الثقةُ في بيانهم لكتاب الله وسنة رسوله صلَّى الله عليه وسلم ونزعت الثِّقة من العلماء وتسلَّط الجُهَّال، فأَفْتَوا بغير علم، فضَلُّوا وأضلُّوا .
عباد الله :إنَّ النيل منَ العلماء والتزهيد في فتاواهم وإسقاط حقهم وكرامتهم، يُحَقِّقُ ما يسعى إليه أعداءُ أهل التوحيد والسنة ، وإذا استخفَّ الناسُ بعلمائهم، فحَدِّث عن الفوضى ولا حرج، وحدِّث عن فساد الأخلاق ولا حرج، وحدِّث عن نشوء المنكرات والمخالفات ولا حرج، ويصبح الشباب لقمة سائغة أمام دعاة الفتن والضلال .
فَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ»، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ»، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: «نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
عبادَ الله: ما كُنَّا نظنُّ - والله - أنَّنا سنرى في هذه البلاد التي قامتْ على المنهج السَّلفي، واستمدتْ شرعيتها السياسيَّة والتاريخيَّة منه النيل من علمائه والتنقيص من قدرهم فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ » قيل: وما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: «الرجلُ التافهُ يتكلمُ في أمرِ العامَّةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وقد رأينا - للأسف - في هذا الزَّمان تخوينَ العُلماء الصَّادقين، وائتمانَ الخَوَنَة لدينِهم ووطنهم وولاة أمرهم .
أقول قولي هذا ... 
الخطبة الثانية :
عباد الله : إن وجود العلماء ضروري لتعليم الناس الدين ، وللأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ولإظهار السنة ، وقمع البدعة .
فالعلماء إذا ذهب احترامهم من قلوب الناس هان عليهم فتواهم ، واتبع الناس هواهم !
ولأصبح الناس فوضى وهذا حال كثير من الشباب الحماسيين الذين استبدلوا العلماء بالجهال!
واستبدلوا الحق بالباطل. والله المستعان .
فالواجب احترام العلماء، وإنزالهم منازلهم، وعدم تحقيرهم، ولا الغلو فيهم ورفعهم فوق منزلتهم .

الا وصلوا ....
[/align]
المشاهدات 1041 | التعليقات 0