العشر الأواخر 1443

عبدالرحمن القحطاني
1443/09/21 - 2022/04/22 00:18AM

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾

﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾

﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا ۝ يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المؤمنون

حينما ذكر الله تعالى شهر رمضان قال عنه أياماً معدودات وهاهي تلكم الأيام المعدودات تمضي وتنقضي ولم يبقى منها إلا القليل، عباد الله اليوم أول أيام العشر الأواخر وهي أفضل أيام رمضان ولياليها أفضل ليالي السنة وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها اكثر من غيرها جاء في البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ)

لا كما يفعل أكثرنا اليوم فإذا دخلت العشر ودنى من الرحيل الشهر أصابنا الفتور والكسل وقلت قراءة القرآن والدعاء وضعف النشاط في صلاة القيام واصبح الكثير من الوقت يهدر في الأسواق، وهكذا تضاع الأوقات الفاضلة التي يعتق الله فيها من النار ويجيب الداعين ويعطي السائلين ويقبل التائبين فياحسرة الغافلين وياندامة اللاهين.

 

فأكثروا من طلب العفو من الله تعالى في هذه الليالي فلربما وافقتم ليلة القدر وشملكم الله بعفوه فقد جاء في الحديث الصحيح أن عائشة رضي الله عنها قالت  قلتُ : يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علمتُ أيَّ ليلةِ القدرِ ما أقولُ فيها ؟ قال : قولي : اللهمَّ إنك عفوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي.

عباد الله:

نسمع كثيراً عن فضائل العشر الأواخر وخصائصها وعن ليلة القدر وأنها خير من ألف شهر وفيها نزل القرآن وأن من قامها إيماناً واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه إلى غير ذلك من الفضائل والخصائص الكثيرة ولكن ،،، ولكن عباد الله مافائدة هذا العلم إذا لم يكن نتيجته العمل فالعلم بلا عمل حجة علينا، ألم تسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر من حرم خيرها فقد حرم؟!  كيف تكون هذه الليلة المباركة من ضمن عشر ليالٍ فقط ولا ندركها؟ ألا يستطيع الواحد منا أن يجعل هذه العشر أيام ذكر ودعاء وصلاة وأن يبتعد فيها عن الملهيات والشواغل فإنما هي شواغل عن العتق من النيران وملهيات عن الفوز بجنة الرحمن.

ألا فاتقوا الله عباد الله واجتهدوا في أيام قليلة لعلكم تفوزون بسعادة الدارين

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد ألا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه،، صلى الله عليه وعلى أله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماًكثيراً.

أما بعد فاتقوا الله عباد الله فإن التقوى خير زاد ليوم المعاد.

واعلموا أن من الأعمال التي سنها نبينا صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر الإعتكاف وقد قرر جمهور العلماء أن الاعتكاف ليس له حد محدود ولكن يشترط له النية فلو مكث في المسجد بهذه النية ساعة للتعبد والقراءة كان ذلك اعتكافاً.

عباد الله:

استكثروا في هذه العشر من الطاعات والقربات فإنها أيام مباركات وإحذروا فيها من المعاصي والمنكرات فليس أسوأ من أن تعصي الله تعالى في وقتٍ يتقرب فيه إليه الناس، وإذا أردت أن تعرف عند الله مقامك فانظر فيما أقامك،

وأذكركم بقول الله تعالى في الحديث القدسي (يا عِبَادِي إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فمَن وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَن وَجَدَ غيرَ ذلكَ، فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ)

ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة عليه فقال عز من قائل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله أجمعين وارضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين وعن سائر الصحابة أجمعين ، وعن التابعين، ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين.

اللهم وفق ولى أمرنا لهداك والعمل برضاك وَارْزُقْهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ التي تدله على الخير وتعينه عليه.

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ماظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين يارب العالمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

المرفقات

1650586679_العشر الأواخر 1443.docx

المشاهدات 946 | التعليقات 0