العشر الأواخر من رمضان

أبامحمد أبامحمد
1443/09/17 - 2022/04/18 06:57AM
خطبة مختصرة ومفيدة 
المرفقات

1650265015_العشر الأواخر19-9-1437هـ.doc

1650265015_العشر الأواخر19-9-1437هـ.pdf

المشاهدات 824 | التعليقات 1

بسم الله الرحمن الرحيم

العشر الأواخر  19-9-1429هـ 19-9-1437هـ

الخطبة الأولى    

الحمد لله رب العالمين وفق من شاء لطاعته فهداه واجتباه، وأضل من شاء عن سلوكِ صراطهِ السوي فأتعسه وأشقاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بيده مفاتيح الخير لا مانع لما أعطى، ولا راد لما قضى، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله أنقى البشرية وأزكاها نفساً وأطيبُها خُلُقاً، اللهم صلي وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى آله المؤمنين الطاهرين، وارض اللهم عن صحابته الغرِّ الميامين، وعن التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد: فأوصيكم أيها الصائمون ونفسي الخاطئة بتقوى الله عز وجل، فتقوى الله أكرم ما أسررتم، وأجمل ما أظهرتم، وأفضل ما ادخرتم، أعاني الله وإياكم الله على لزومها، وأوجب لنا ثوابها.

عباد الله هذه أيام شهركم تتقلص، ولياليه الشريفة تتقضَّى، شاهدة بما عملنا، وحافظة لما أودعنا، هي لأعمالنا خزائن محصنة، ومستودعات محفوظة،

( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )

هذا هو شهركم، وهذه هي نهاياته، كم من مستقبل له لم يستكمله... وكم من مؤمل بعود إليه لم يدركه... هلا تأملتم الأجل ومسيره، وهلا تبينتم خداع الأمل وغروره.

أيها الإخوة، إن كان في النفوس زاجر، وإن كان في القلوب واعظ، فقد بقيت من أيام شهركم بقيةٌ. بقية وأي بقية، إنها عشره الأخيرة. كان يحتفي بها نبيكم محمد  أيما احتفاء. في العشرين قبلها كان يخلطها بصلاة ونوم، فإذا دخلت العشر شمر وجد وشد المئزر. هجر فراشه، أيقظ أهله، يطرق الباب على فاطمة وعلي رضي الله عنهما قائلاً: ((ألا تقومان فتصليان)) يطرق الباب امتثالا لقوله تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ)،

يتجه إلى حجرات نسائه آمرا: ((أيقظوا صواحب الحجر فرب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة)).

((كان عليه الصلاة والسلام إذا بقي من رمضان عشرة أيام لا يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه)).

أيها المسلمون، اعرفوا شرف زمانكم، واقدروا أفضل أوقاتكم، وقدموا لأنفسكم لا تضيعوا فرصة في غير قربة.

إحسان الظن ليس بالتمني، ولكن إحسان الظن بحسن العمل، والرجاء في رحمة مع العصيان ضرب من الحمق والخذلان، والخوف ليس بالبكاء ومسح الدموع ولكن الخوف بترك ما يخاف منه العقوبة.

أيها الأحبة، قدموا لأنفسكم وجدوا وتضرعوا. تقول أم المؤمنين رضي الله عنها: يا رسول الله: أرأيت إن علمت ليلة القدر ماذا أقول فيها ؟ قال قولي: ((اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى)).

نعم أيها الإخوة: الدعاء الدعاء. عُجُّوا في عشركم هذه بالدعاء. فقد قال ربكم عز شأنه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) . أتعلمون من هم هؤلاء العباد؟

الخلائق كلهم عباد الله. ولكن هؤلاء عباد مخصوصون إنهم عباد الدعاء،

عباد الإجابة، إنهم السائلون المتضرعون سائلون مع عظم رجاء ومتضرعون في رغبة وإلحاح: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ .

إن للدعاء ـ أيها الإخوة ـ شأنا عجيبا، وأثرا عظيما في حسن العاقبة، وصلاح الحال والمآل والتوفيق في الأعمال والبركة في الأرزاق.

أرأيتم هذا الموفق الذي أدركه حظه من الدعاء ونال نصيبه من التضرع والالتجاء يلجأ إلى الله في كل حالاته، ويفزع إليه في جميع حاجاته ،يدعو ويدعى له، نال حظه من الدعاء بنفسه وبغيره، أحبه مولاه فوضع له القبول، فحسن منه الخُلُق وزان منه العمل، فامتدت له الأيدي وارتفعت له الألسن تدعو له وتحوطه، ملحوظ من الله بالعناية والتسديد، وإصلاح الشأن مع التوفيق.

أين هذا من محروم مخذول لم يذق حلاوة المناجاة يستنكف عن عبادة ربه، ويستكبر عن دعاء مولاه. محروم سد على نفسه باب الرحمة، واكتسى بحجب الغفلة.

أيها الإخوة، إن نزع حلاوة المناجاة من القلب أشد ألوان العقوبات والحرمان. ألم يستعذ النبي  من قلب لا يخشع وعين لا تدمع ودعاء لا يسمع؟؟؟.

إن أهل الدعاء الموفقين حين يعُجُّون إلى ربهم بالدعاء، يعلمون أن جميع الأبواب قد توصد في وجوههم إلا بابا واحدا هو باب السماء. باب مفتوح لا يغلق أبدا، فتحه من لا يرد داعيا ولا يخيب راجيا. فهو غياث المستغيثين، وناصر المستنصرين، ومجيب الداعين.

أيها المجتهدون، يجتمع في هذه الأيام أوقات فاضلة وأحوال شريفة. العشر الأخيرة، جوف الليل من رمضان، والأسحار من رمضان، دبر الأذان والمكتوبات، أحوال السجود، وتلاوة القرآن، مجامع المسلمين في الخير والذكر، كلها تجتمع في أيامكم هذه. فأين المتنافسون؟؟؟.

ألظوا بالدعاء – رحمكم الله – سلوا ولا تعجزوا ولا تستبطؤا الإجابة. فيعقوب عليه السلام فقد ولده الأول ثم فقد الثاني في مدد متطاولة، ما زاده ذلك بربه إلا تعلقا: عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ ونبي الله زكريا عليه السلام؛ كبر سنه واشتعل بالشيب رأسه ولم يزل عظيم الرجاء في ربه حتى قال محققا: وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيّاً .

لا تستبطئ الإجابة ـ يا عبد الله ـ فربك يحب تضرعك، ويحب صبرك، ويحب رضاك بأقدراه، رضا بلا قنوط، يبتليك بالتأخير لتدفع وسواس الشيطان، وتصرف هاجس النفس الأمارة بالسوء، وقد قال نبيك محمد صلى الله عليه وسلم : ((يستجاب لأحدكم مالم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي)).

أيها الإخوة، يجمل الدعاء وتتوافر أسباب الخير ويعظم الرجاء حين يقترن بالاعتكاف، فقد اعتكف رسول الله  هذه الأيام حتى توفاه الله.

عجيب هذا الاعتكاف في أسراره ودروسه؟

المعتكف ذكر الله أنيسه، والقرآن جليسه، والصلاة راحته، ومناجات الحبيب متعته، والدعاء والتضرع لذته.

إذ أوى الناس إلى بيوتهم وأهليهم، ورجعوا إلى أموالهم وأولادهم لازم هذا المعتكف بيت ربه وحبس من أجله نفسه، يقف عند أعتابه يرجوا رحمته ويخشى عذابه، لا يطلق لسانه في لغو ولا يفتح عينه لفحش ولا تتصنت أذنه لبذاءٍ. سلم من الغيبة والنميمة جانب التنابز بالألقاب، والقدح في الأعراض، ومسارقة الطبع من الأخلاق الرديئة، استغنى عن الناس وانقطع عن الأطماع، علم واستيقن أن رضا الناس غاية لا تدرك.

في درس الاعتكاف انصرف المتعبد إلى التفكير في زاد الرحيل وأسباب السلامة، السلامة من فضول الكلام، وفضول النظر، وفضول المخالطة.

في مدرسة الاعتكاف يتبين للعابد أن الوقت أغلى من الذهب فلا يبذله في غير حق، ولا يشتري به ما ليس بحمد، يحفظه عن مجامع سيئة، بضاعتها أقوال لا خير في سماعها، ويتباعد به عن لقاء وجوه لا يسر لقاؤها.

أيها المسلمون، أوقاتكم فاضلة تشغل بالدعاء والاعتكاف، وتستغل فيها فرص الخير وإن من أعظم ما يرجى فيها ويتحرى ليلة القدر: وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ  من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.

ليلة خير من ألف شهر، خفي تعينها اختبارا وابتلاء، ليتبين العاملون وينكشف المقصرون، فمن حرص على شيء جد في طلبه، وهان عليه ما يلقى من عظيم تعبه.

إنها ليلة تجري فيها أقلام القضاء بإسعاد السعداء وشقاء الأشقياء: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ  ولا يهلك على الله إلا هالك.

فاتقوا الله رحمكم الله واعملوا وجددوا وأبشروا وأملوا.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:  (إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مّن كُلّ أَمْرٍ سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ) .

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أقول قولي هذا واستغفرالله لي ولكم إنه هوالغفور الرحيم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية

 الحمد لله عظم شأنه ودام سلطانه، أحمده سبحانه وأشكره عم امتنانه وجزل إحسانه، أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله به علا منار الإسلام وارتفع بنيانه، صلى الله وسلم  وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد أيها الناس: أوصيكم بتقوى الله عز وجل فإن تقوى الله خلف من كل شيء، وليس من تقوى الله خلفٌ: إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ .

أيها المسلمون، لياليكم هذه أعظم الليالي فضلا وأكثرها أجرا، تصفو فيها لذيذ المناجاة، وتسكب فيها غزير العبرات، كم لله فيها من عتيق من النار؟؟ وكم فيها من منقطع قد وصلته توبته؟؟.

المغبون من انصرف عن طاعة الله، والمحروم من حرم رحمة الله، والمأسوف عليه من فاتت فرص الشهر، وفرط في فضل العشر، وخاب رجاؤه في ليلة القدر، مغبون من لم يرفع يديه بدعوة، ولم تذرف عينه بدمعة، ولم يخشع قلبه لله لحظة. ويحه ثم ويحه أدرك الشهر ألم يحظ بمغفرة؟؟ ألم ينل رحمة؟؟ يا بؤسه ألم تقل له عثرة؟ ساءت خليقته وأحاطت به خطيئته، قطع شهره في البطالة وكأنه لم يبق للصلاح عنده موضع، ولا لحب الخير في قلبه منزع. طال رقاده حين قام الناس؟؟ هذا والله غاية الإفلاس والإبلاس؟؟ عصى رب العالمين، واتبع غير سبيل المؤمنين؟؟ أمر بالصلاة فضيعها، ووجبت عليه الزكاة فانتقصها ومنعها؟؟ دعته دواعي الخير فأعرض عنها، مسؤولياته قصر فيها، وقصر فيمن تحت يديه من بنين وبنات يفرط في مسئولياته وقد علم أن من سنة رسول الله أنه يوقظ أهله. أما هذا فقد اشتغل بالملهيات وقطع أوقاته في الجلبة في الأسواق والتعرض للفتن.

فاتقوا الله رحمكم الله وقوا أنفسكم وأهليكم نارا فإن الشقي من حرم رحمة الله

 

هذَا وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على محمّد بن عبد الله صاحِب الحوض والشفاعة، فقد أمَركم الله بذلك، فقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا 

اللهمّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد 

اللهم ظلمنا أنفسنا فاغفر  لنا ذنوبنا وهب لنا تقواك واهدنا بهداك ولا تكلنا إلى أحدٍ سواك واجعل لنا من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً اللهم اغننا بمعافاتك من عقوبتك وبرضاك من سخطك واحفظ جوارحنا من مخالفة أمرك اللهم يا من خلق الإنسان وبناه واللسان وأجراه، يا من لا يُخيب من دعاه، هب لكلٍ منا ما رجاه، وبلغه من الدارين مُناه، اللهم اغفر لنا جميع الزلات، واستر علينا كل الخطيئات وسامحنا يوم السؤال والمناقشات، وانفعنا وجميع المسلمين بما أنزلته من الكلمات ، اللهم اجعلنا ووالدينا والمسلمين من عتقائك من النار يا أرحم الراحمين

اللهم اعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين واجعل هذاالبلد آمنا رخاء مطمئنا وسائر بلاد المسلمين اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى اللهم انصر اخوننا المجاهدين الذين يجاهدون لإعلاء دينك يارب العلمين

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين